لقيت رواجا بنكهة إنسانية مغلفة بالجودة
التجارة العادلة.. آفاق لترويج المنتج المحلي عبر العالم
نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
التجارة العادلة تستقطب آلاف المزارعين سيما بقطاع الزيت والزيتوننقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

جنين - صفايتجمعون في لجان تضامنية وينظمون شئونهم بسلاسة ويلتزمون بقواعد صارمة من عملية الإنتاج.. إنها لجان تضامن جمعيات "التجارة العادلة" في الضفة الغربية والتي تتزايد سنويا وتستقطب آلاف المزارعين سيما في قطاع الزيت والزيتون.

فقد راج في الأعوام الأخيرة مصطلح "التجارة العادلة" وأنشأت له شركات وجمعيات تقوم على فكرة التضامن وفتح آفاق الأسواق العالمية أمام المنتج الفلسطيني العضوي (الخالي من الكيماويات) سيما "زيت الزيتون".

وتنشط في محافظة جنين جهتان رئيسيتان تعملان في "التجارة العادلة" هما شركة فلسطين للتجارة العادلة والإغاثة الزراعية.

السعر الاجتماعي
مدير جمعية فلسطين للتجارة العادلة محمود عباس أوضح أن "التِّجارة العادلة حركة عالمية هدفها حماية المنتجين الصغار من خلال تسويق بضائعهم بأسعار عادلة، ويهدف لتحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية والحفاظ على البيئة".

وتستهدف مفاهيم التجارة العادلة أيضا المرأة من خلال العمل على تطوير إنتاجها ومساعدتها في التسويق كما تسهم هذه التجارة في الحفاظ على الأرض وزيادة الإهتمام بها وتحسين مستوى الإنتاج وجودته، إضافة إلى تحقيق عوائد مالية أكبر، وفقا لعباس.

ونجحت شركات التجارة العادلة، حسب عباس، في الحصول على علامات تجارية للمنتج الفلسطيني من ماركات عالمية مسجلة؛ لافتا إلى أن هذا يفتح الباب واسعا أمام التصدير لدول أوروبا وأمريكا وغيرهما.

ويبرز زيت الزيتون، والزعتر ، والمفتول، والقطين كأهم المحاصيل التي تصدرها فلسطين في إطار التجارة العادلة، وأغلب هذه المنتجات يذهب لأمريكا وأوربا واليابان.

ويؤكد عباس أن سعر زيت الزيتون -وهو المنتج الرئيس الذي يتم تصديره- يتم تحديده بناء على دراسات ميدانية.

وأوضح "في عام 2008 تم تحديد تكلفة الإنتاج ب14 شيقل للكيلو، وتم إضافة 4.5 شيقل لكل كيلو صافي أرباح فأصبح السعر 19 شيقل كسعر أدنى لشركات التجارة العادلة الذي يجب أن تشتريه من المزارع ثم يضاف 2.5 شيقل كعلاوة للمجتمع الإنتاجي وفي العام الجاري نعكف حاليا على تحديد الأسعار".

دورة إنتاجية نموذجية
منسق لجنة التضامن في شركة فلسطين للتجارة العادلة في قرية رمانة محمد أبو حماد ينوه إلى أن البعض قد يتوقع أن التجارة العادلة تعنى فقط بتحسين الأسعار وكأنها مجرد عملية شراء من المزارعين وبيع إلى المستهلكين في الخارج.

لكنه يوضح أنها مفهوم أوسع من ذلك بكثير وتبدأ من تشكيل لجنة تضامن في كل موقع يضم المزارعين المنتسبين ويسمون نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
أنشأت شركات وجمعيات تقوم على فكرة التضامن (صفا)
"المزارعون العضويون" حيث إن من شروط الانتساب أنه يحظر على أي مزارع مشارك أن يستخدم الأسمدة الكيماوية، فقط العضوية ( الزبل الطبيعي).


ويضيف "هناك متابعة طوال العام من حيث القضاء على الحشرات الضارة وتقليم الأشجار، والتزييل العضوي وآلية القطف؛ وأي مزارع يخالف يتم إنذاره ومن ثم فصله".

ولا يتم شراء الزيت من المزارع الجديد، حسب أبو حماد، في العام الأول لانتسابه خوفا من أن يكون قد استخدم أسمدة ومبيدات كيماوية في سنوات سابقة، وينتظر للعام القادم في ظل تطبيقه لشروط المجموعة.

ويستطرد أبو حماد قائلا: "نحن لا نقوم بالعصر في أي معصرة زيتون، فلدينا ما نسميه "العصر الجماعي للأعضاء" حيث نتفق مع معاصر محددة تستوفي شروط ومواصفات معينة، وفي يوم العصر يذهب المزارعون في كل موقع للمعصرة في ساعة محددة".

"وحتى لا يختلط الزيت الخاص بنا مع الزيت الذي يحضره مزارعون آخرون غير مشتركين معنا نقوم بالتخلص مع أول جالون من زيتنا والذي من الممكن أن يكون قد اختلط مع زيت آخر في أنابيب المعصرة" كما قال.

ويشير إلى أنه "حتى المعاصر التي نعصر بها تبيع الزيت الذي تأخذه منا لقاء العصر بسعر خاص ومرتفع عن الزيت الذي يأتي به مزارعون آخرون على اعتبار أنه زيت عضوي خالي من الكيماويات والأسمدة وضمن دورة إنتاجية معتبرة".

ويقول: "الزيت الذي تنتجه جمعيات التجارة العادلة في فلسطين حصل على شهادات جودة عالمية أهلته لدخول الأسواق الأمريكية والأوروبية واليابانية بكل جدارة وبنسب حموضة متدنية للغاية وقد وصلت نسب الحموضة في بعض الأحيان إلى أقل من واحد في الألف".

ولكل مزارع من المزارعين المشمولين في "التجارة العادلة" ملف خاص به كل التفاصيل: متى حرث، ومتى قطف وماذا فعل خلال الموسم.

ليس هذا فحسب
ولا يقف الأمر عن هذا الحد، حسب قول هدى مرعي والمنضوية تحت إحدى اللجان النسوية في جمعية التجارة العادلة؛ حيث تقول: "لدينا نوادي نسوية في مواقع مختلفة تقوم على إنتاج المفتول والزعتر والمخللات بأنواعها والقطين والأشغال اليدوية من السلال والتطريز بمواصفات تجعلها جاهزة للتصدير".

ويعد المفتول الفلسطيني، حسب مرعي، من أشهر المأكولات التي نصدرها لأوروبا وأمريكا وتلقى رواجا كبيرا، "ونحن نصنعه في أدوات خاصة، فالغربال على سبيل المثال له مواصفات محددة للفتحات ثم يعبأ بغلاف خاص".

وتشير إلى أن مئات النساء على مستوى الضفة الغربية يعملن ويستفدن من هذا المشروع الذي يدر عليهن دخلا جيدا، والأهم أننا ننتج منتجات فلسطينية تحمل اسم فلسطين وهويتها عبر العالم في الوقت الذي يأخذ فيه الإسرائيليون منتجات الشعب الفلسطيني ويسوقونها على أنها لهم.

وتقول مرعي إن أي منتج يكتب عليه عبارة "التجارة العادلة " في أوربا وأمريكا له زبائنه الخاصون الذين يعرفون أن هذا المنتج هو دعم لشرائح اجتماعية مهمشة عبر العالم، مثل مزارعي البن في البرازيل، والزيت وغيره في فلسطين وغيرهم الكثير.

وتؤكد أن هذا المفهوم العالمي الإنساني أنصف كثيرا من الفقراء في ظل المنافسة الشرسة من قبل الشركات التي تهدف للربح فقط، وهو ما يجعل بعض الناس لا يلتفتون للسعر بمقدار ما يلتفتون للبعد الاجتماعي والإنساني.
المصدر
http://www.safa.ps/ara/index.php?act...ail&seid=35076