"جابي أشكنازي" يدرس شعر التفعيلة
د. فايز أبو شمالة
سألتني مراسلة إحدى وكالات الأنباء: هل هنالك علاقة مباشرة بين تصفية رجال المقاومة في الخليل وبين زيارة "جابي أشكنازي" رئيس الأركان الإسرائيلي لمدينة بيت لحم؟. تحيرت في الجواب، فلو كنت من حركة حماس لقلت: نعم هنالك علاقة، فإن لم تكن مباشرة، فإنها غير مباشرة. ولو كنت من رجال السلطة الفلسطينية لقلت: لا ليس هنالك أي علاقة، لقد جاءت تصفية رجال المقاومة نتيجة اختراقات أمنية في صفوف حركة حماس ذاتها، ولا علاقة للأجهزة الأمنية من قريب أو بعيد بذلك!
مسألة التنسيق الأمني صارت جزءاً من الثقافة الفلسطينية، وصارت لفظة لها مدلولاتها السياسية، وارتجاجاتها النفسية، فالبعض يرفض التنسيق الأمني مطلقاً، ويعتبره خيانة وطنية، والبعض الآخر ينكره نهائياً، ويصر أن لا تنسيق أمني بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، وأن الذي يجري من لقاءات ميدانية تهدف إلى حل مشاكل المواطنين الحياتية. والبعض الآخر يبرر التنسيق الأمني، ويعتبره جزءاً من الاتفاقيات الأمنية الموقعة مع إسرائيل، والهدف منه محاربة الإرهاب كما جاء في خارطة الطريق.
غيرت صيغة سؤال المراسلة الصحفية، وسألت التالي: لماذا زار "جابي أشكنازي" مدينة بيت لحم، ومع من التقى هنالك من الرجال؟ وهل جاء "أشكنازي" إلى بيت لحم ليتعلم شعر التفعيلة في فلسطين، ويدرس الفرق بين الشعر الحديث والشعر العمودي؟ أم جاء ليدرس أسباب نقص المياه في الضفة الغربية؟ أم جاء أشكنازي" رئيس الأركان الإسرائيلي ليناقش أسباب انخفاض قيمة الدولار الأمريكي؟
لمن يتحسب من لفظة التنسيق الأمني، ويتقزز منها، يقول الناس في فلسطين: اتقوا مواطن الشبهات، وراجعوا تاريخ الثورة الفلسطينية، وأشيروا بأصابعكم على الأسماء التي تمت تصفيتها قبل عشرات السنين لأنها التقت مع ضابط مخابرات إسرائيلي صغير في قرية أو مدينة فلسطينية، وأقرءوا على أرواح كل الذين تمت تصفيتهم الفاتحة، فبعضهم تم استدعاؤه لمقابلة رجل المخابرات رغم أنفه، وبعضهم تمت تصفيته لأنه ذهب للعمل في إسرائيل لتحصيل قوت يومه، أو تعامل تجارياً مع بعض اليهود، وبعضهم تمت تصفيته للشبهة، والقاسم المشترك الذي عبأ الرشاش بالطلقات، وأصاب جميعهم بالموت هو حب الوطن، وكراهية العلاقة مع العدو الإسرائيلي، ومن يتشكك في كلامي ليستمع إلى مئات قصص الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، وإلى حكايات الوجع التي يرويها أولئك الذين ما زالوا في السجن حتى يومنا هذا! وعن الذي أصدر لهم الأوامر؟!