صدقوا عن غزة وهم الكاذبون
د. فايز أبو شمالة
كلام قادة إسرائيل عن غزة لا يجوز طيه، ولا يصح أن يمر على الفلسطينيين دون دراسة وتمحيص، ولاسيما أن رئيس وزراء إسرائيل السابق أهود أولمرت قد كشف بعض الأسرار عن حرب غزة، وطعن في صلاحية وزير الأمن الإسرائيلي إهود بارك حين قال: "إن باراك قد رفض إطالة الحرب على قطاع غزة، وبذلك منع تنفيذ خطة اجتياح أراض واسعة في القطاع، هدفها إسقاط حكم حماس. وإنه لولا موقف باراك، لكانت غزة اليوم حرة من حكم حماس، والقيادة الشرعية الفلسطينية أقوى وأكثر ثباتا.
انتبهوا، رئيس الوزراء الإسرائيلي لا ينفي أن هدف الحرب على غزة هو اجتياح مناطق واسعة منها، ولم ينف أن هدف الحرب هو إسقاط حكم حماس، وأن هدف الحرب هو إرجاع القيادة الشرعية من وجهة نظر "أولمرت" والمتمثلة بالسيد محمود عباس.
رئيس جهاز المخابرات العامة "الشاباك" أفي ديختر الذي شغل منصب وزير الأمن الداخلي، أثناء الحرب على غزة، لم ينف بدوره وجود خطة حربية لإسقاط حكم حماس، ولكن من جهة أخرى نفى أقوال أولمرت، وقال: «لقد كان واضحا من البداية أن هدف الحرب على غزة ليس إعادة احتلالها وليس إسقاط حكم حماس. وإن أولمرت عديم الخبرة في الشؤون العسكرية. فالذي يريد إسقاط حكم حماس، عليه أن يدير حربا طويلة ومريرة!
فكيف نفهم عدم إنكار "آفي ديختر" وجود خطة حربية لإسقاط حكم حماس، وفي الوقت نفسه ينفي أقوال "رئيس الوزراء أولمرت بهذا الشأن! وأيهما نصدق؟
سنصدق مدير عام حزب العمل، شيري فايتسمان، في دفاعه عن "براك"؛ وتأكيده على وجود خطة عسكرية إسرائيلية لإسقاط حكم حماس، ولكن الذي حال دون تنفيذها أمور أخرى لما تزل سرية، ولن يفضح أمرها براك، فقال: "لو أراد باراك أن يرد على "أولمرت"، فسيكون مضطرا إلى كشف كامل الأسرار، حتى يظهر زيف أقوال أولمرت. ولكنه يتمتع بالمسؤولية ويمتنع عن الرد حتى لا يكشف أمام العدو أسرارا أمنية حساسة".
الأسرار الأمنية الحساسة التي يتهرب منها قادة إسرائيل، ولا يمكنهم كشفها على الملأ، تفضح ضعف طاقتهم، وعدم قدرتهم على تنفيذ خطتهم في اجتياح غزة بالكامل، وإسقاط حكم حماس، وإعادة شرعية عباس كما يزعمون، رغم رغبتهم في ذلك، ورغم إعدادهم الخطة لذلك. ولكنهم عجزوا عن تنفيذها، لهذا لا يرغب "باراك" في الرد على أولمرت، ونفي تهمة الضعف والتردد والعجز عن شخصه ليلحقها بالجيش، ولو فعل ذلك لكسر مجاديف المجتمع الإسرائيلي الذي ما زال واهماً بقدرات جيشه الذي يحسبونه لا يقهر!.
لقد أفصح عن ذلك بوضوح "آفي ديختر" حين تحدث عن شخصية "باراك" قائلاً: "وأشهد بصدق أنه لم يكن مهزوزاً كما وصفه أولمرت، بل بالعكس. فقد كان دائما قائدا حازماً وذا رأي سديد. يتخذ قراراته بعد دراسة. وعندما يحتاج الأمر إلى حسم فوري، فلا يتردد أبداً في اتخاذ القرار وتحمل مسؤوليته".
إن حديث القادة الإسرائيليين هو اعتراف بانعدام القدرة العسكرية على اجتياح غزة، وتصفية حكم حماس، واعتراف بأن لا طاقة لجيش إسرائيل لهزيمة غزة لا في حرب رصاص مصبوب، ولا في حروب قادمة، تطول لها ألسنة القادة العسكريين الإسرائيليين بالتهديد فقط، ولكنهم لا يجرؤون على فعل الحرب المحكوم بعجزهم وفشلهم.