السلام عليكم
حقيقة جرى النزاع بين الأدباء والشعراء على ترجح احداها على الأخرى والاحرى ان تكونا معا متشابهة ومتماثلة.
ثانيا ينقد اساطين الشعر كلمة الدنى والدنا وكثرة استعمالها وقد استعملها العرب قديما فما حجتهم في ذلك؟
لتوضيح الامر اورد لاحقا رابط وانشره للتوضيح واشكر الشاعر الكبير محمود مرعي لرفدي به.

مضمون الرابط للنشر:
مدخل إلى شعر المتنبي عدد القراء : 1693 .

من منا لم يسمع بالمتنبي، ومن منا لم يعجبه شعره، وان اختلف معه في بعض من الآراء ولكني اجزم بانه سيلتقي معه بكثير من الجوانب والآراء، انه عالم غريب الاطوار توافرت له مقومات الشعر بالاضافة الى ثقافته في جوانب الفلسفة والحكمة ودرايته بالتأريخ لذلك جاء نتاجه لا يضاهى وذلك لانه اطعم شعره حصيلة فكره وجسد رؤاه عبر الانتاج الزاهر عطاء ابداعياً فاق به شعراء عصره ببون شاسع (انه شاغل الناس)

كمال عبد الرحمن

هو الذي يقول بثقة تامة لمعرفته ببراعة صنعته وقوة تأثيره على السامع والرائي.
أنا الذي نظر الاعمى الى أدبي
وأسمعت كلماتي من به صممُ
فبات لزاماً دراسته دراسة مستفيضة عبر نتاجه الشعري والدخول مباشرة لنتناول نماذج من شعره نحاول من خلالها معرفة قوة شخصيته وحصيلته الثقافية والينابيع المعرفية التي استقى منها فلسفته في علوم الحكمة والتي اصبحت اغلبها تجري مجرى المثل تستعمل وتقاس عليها تلك الشواهد التي ستبقى شامخة في دنيا المعرفة والادب.
لم يكن هو الوحيد المتفرد بثقافته المتنوعة بين شعراء عصره او من سبقوه ولكنه استطاع ان يوظف هذه المعرفة ويجسدها ابياتاً تصل الى المتلقي بكل سهولة لا بل يجعله يتفاعل معها تفاعلاً حياً.
ومن ضروب هذه المعرفة ثقافته الدينية واطلاعه على قصص الانبياء واخبار الدعوات والمذاهب واغلب المدارس الفكرية ابان عصره وعصر من سبقوه واكاد اجزم انه لا يوجد واحد من الشعراء استطاع ان يضمن هذه الاسماء شعره بالشكل الذي فعله هو وان كانت ليست ذات علاقة بعقيدته ودينه فهو يقول في قصيدة من شعر المديح:
لو كان (ذو القرنين) اعمل رأيه
لما رأى الظلمات صرنا شموسا
او كان صادق رأس (عازر) سيفه
في يوم معركة الاعياء (عيسى)
او كان لج البحر مثل يمينه
ما انشق حتى جاز فيه (موسى)
ويقول:
فاجراك الاله على عليلٍ
بعثت الى المسيح به صليبا
ما مقل بارض نخلة الا
كمقام المسيح بين اليهود
انا في أمة تداركها الله
غريب كصالح (في ثمود)
ويقول: مادحاً
انى يكون ابا البرية آدم
وابوك والثقلان انت محمد
ويقول مستعطفاً:
فلا تسمعن من الكاشحين
ولا تعبأن بعجل اليهود
وفي شعره ما يدل على احاطته بمذاهب الفلسفة التي تنكر العقيدة التي لا يؤمن بها فقد عيّر بها اعداءه واتهمهم بالغباء وقلة العقل وسطحيته.
فهو يقول في قصيدة يهجو بها كافوراً الاخشيدي ملك مصر في ذلك الوقت
فانه حجة يؤذي القلوب بها
من دينه الشك والتعطيل والقدم
اذا كان جميع الفلاسفة لا يخرجون على واحد من هذه المذاهب الثلاثة (الشك، الالحاد، والقول بقدم العالم من غير فاعل) واشار الى مصادر الفلسفة اليونانية اشارة قارئ متعمق يعرف من اين وكيف جاءت اذ كانت تنسب تارة الى ارسطو واخرى الى افلاطون بينما هي من عمل (الاسكندر الافروديسي) تلميذ (افلاطون) ملخص كتاب الانتولوجيا (الربوبية).
من مبلغ الاعراب اني بعدهم
جالست ارسطاليس والاسكندرا
وسمعت بطليموس دارس كتبه
متملكاً، مبتدياً، متحضراً
وعند قراءتك ادبه تصل الى نتيجة ايمانه بفلسفة القوة الاخلاقية الانسانية التي تؤمن بسيادة العقل ورجحان كفة المعقول التي تجعل صاحبها سيداً تهبه الحكمة والقوة باتخاذ القرار الشجاع في الوقت المناسب وكيف ان كرامة النفس هي في الاعتراف بفضل الآخرين وان اللئامة هي في التمرد ونكران ذلك الفضل
اذا انت اكرمت الكريم ملكته
وان انت اكرمت اللئيم تمردا
وهو يأنف من القناعة لمجرد البقاء فليس معنى حب البقاء عند طالب المجد انه يبقى معطلا عن اي عمل انساني او معرفي وسيكلفه هذا الوجود تضحية كبيرة قد تصل الى تضحيته بروحه ودخوله حرباً لا بد منها لاثبات الذات
ارى كلنا يبقي الحياة لنفسه
حريصاً مستهاماً بها حباً
فحب الجبان النفس اورثه التقى
وحب شجاع النفس اورثه الحربا
ويقول ايضاً:
ومن طلب الفتح الجليل فانما
مفاتيحه البيض الخفاف الصوارم
وكيف ان مذاق الموت اطيب من مذاق الذل والهوان عند طالب العزة والكرامة.
غير ان الفتى يلاقي المنايا
كالحات ولا يلاقي الهوانا
اود ان اشير الى ان الله سبحانه وتعالى وهبه قوة جبارة وقابلية رائعة باختيار المفردة الشمولية والعميقة لذلك جاء كل بيت من ابياته قصيدة كاملة مستوفية شروط الموضوع المراد توصيله.
على قدر أهل العزم تأتي العزائم
وتأتي على قدر الكرام المكارم
ويقول ايضاً:
ومن يجعل الضرغام بازاً لصيده
تصيده الضرغام فيما تصيدا
الشجاعة هي في تحكيم العقل وغلبة الحكمة وليس في عشوائية استعمال القوة المفرطة وغير المتوازنة والا لكانت الوحوش والضواري هي سادة الموقف واحق بالحياة من الانسان.
لولا العقول لكان ادنى ضيغم
ادنى الى شرف من الانسان
يكون سرج الحصان في بعض الاحيان مفتاح المعالي لنوال الحق وتحقيق المطلوب لانه رد فعل انساني صادق يحمل ايجابية التضحية المطلوبة وعلى الوجه الثاني تكمن قيمة المعرفة الانسانية التي تنظم الوجه الاول والتي يحصل عليها من القراء، والاطلاع التي تهبه اياها بوابات المعرفة الانسانية التي تعمق فيه قيم الاصالة والتضحية والاخلاق.
اعز مكان في الدنا سرج سابح
وخير جليس في الزمان كتاب
قد تضحك في مواقف لا تستحسنها وفي اماكن لا ترضاها وتفرض عليك صداقة من لا تريد ولا تحب فانظر عمق المأساة التي تعيشها والتي يصفها حين يقول:
ومن نكد الدنيا على الحر ان يرى
عدواً له ما من صداقته بد

http://www.basaernews.com/news2784.htm

السلام عليكم
نعم ودنيا يَ /دنياها/دنيانا / دنياهم الخ..اظنها كثيرة في الشعر العربي كذلك, أو لنقل الأدب العربي عموما.
فهل هناك إذا : دناهم ودنانا الخ..
أرجو التصويب ..
لك جل شكري وامتناني

اعتقد ان الامر هنا يشبه ( لقا ) و ( لُقى)

اللقى جمع لقية ..اللقا هو اللقاء

الدنا والدنيا - مقصورا وممدودا - جمع ( دنيا )

وقد أورد هذا الجمع ممدودا ابن منظور في اللسان

وأورده مقصورا الفيروزآبادي في القاموس المحيط ، والجوهري في الصحاح .

و ( الدُّنا ) - ممدودا - : ما قرب من خير أوشر كما في اللسان أيضا

فعلى هذا يجب التفريق في نظري

فيقال : يجوز في جمع الدنيا القصر والمد

فإذا ورد هذا الاسم ممدودا فلا يراد به إلا المعنى الآخر

ولا أرى المتنبي رحمه الله قاصدا إلا هذا المعنى الأخير

لأن تصور قصده اسم جمع ( الدنيا ) بعيد بالنظر إلى السياق

والله أعلم .