الشعبية لتقليل الأخطار، وتأخير الانزلاق
د. فايز أبو شمالة
في الندوة التي أقامها "مركز الدراسات السياسية والتنموية" في فندق القدس الدولي في مدينة غزة تحت عنوان: المفاوضات المباشرة ـ هل من جديد؟ وفي معرض رده على السؤال المحيّر: لماذا تصر الجبهة الشعبية على تغطية قرارات السيد عباس باستئناف المفاوضات العقيمة تسعة عشر عاماً، رغم رفضكم إياها؟ لماذا لا تعلنوا انسحابكم من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وها أنت تعلن هنا أن اللجنة التنفيذية ستوافق على استئناف المفاوضات المباشرة، رغم عدم تحديد مرجعية سياسية للمفاوضات، ورغم عدم توقف الاستيطان، ستوافق اللجنة التنفيذية رغم اعتراض بعض المعترضين؟ أليس من الأجدر بكم الاصطفاف في الخندق الذي تلتقون معه في الحفاظ على الثوابت الوطنية، ورفض التفريط بالحقوق التاريخية، ولاسيما أنك لم تكف عن شن الهجوم على استئناف المفاوضات المباشرة، وعلى سياسية التنازلات، وما نجم عنها من أخطار على فلسطين والأمة العربية؟
عن كل ذلك أجاب السيد جميل المجدلاوي، عضو المكتب السياسي، وقال بالحرف الواحد: "نعتبر أن وجودنا في اللجنة التنفيذية "يقلل الأخطار، ويؤخر الانزلاق"!.
من هذا الاعتراف نستنتج أن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين لا تنكر وجود الأخطار المحدقة بصلب القضية الفلسطينية، ورغم هذا الإدراك إلا أنها تعمل على تقليلها فقط من خلال وجودها عضواً في اللجنة التنفيذية، بينما الواجب الوطني يقضي بأن تدرأ الجبهة الشعبية الأخطار من خلال موقف جريء، لا يلقي العباءة الوطنية على قرار اللجنة التنفيذية. ومما يؤسف له أيضاً؛ أن تكتفي الجبهة الشعبية بأن يكون دورها السياسي هو تأخير الانزلاق. وفي تقدير الشعب الفلسطيني أن واجب الجبهة الشعبية، وغيرها من فصائل منظمة التحرير الفلسطينية هو أن تسهم مع الآخرين في منع الانزلاق!.
كان السيد جميل المجدلاوي نجم اللقاء الذي ضم إلى جانبه الدكتور يوسف رزقه الذي عبر عن موقف حركة حماس الرافض بجلاء للمفاوضات المباشرة وغير المباشرة، لقد عبر الرجل نظرياً عما تمارسه حركة حماس عملياً، لذلك لم يكن حديثه مدار نقاش، أو حوار، وترك الجو لممثل الجبهة الشعبية الذي كان على يمين حركة حماس في التنظير السياسي، ولكن عند التطبيق العملي للشعار يصطف في اللجنة التنفيذية خلف قرار السيد عباس، لذلك كان عليه أن يرد على الاستفسار، والسؤال، والاستهجان، والمداخلة، و الاعتراض والحيرة من مواقف الشعبية الذي عبر عنها المتحدثون.
لقد استمعت في الندوة إلى أصوات فلسطينية جريئة تصدح بالوطن، ولا تخشى في الحق ملامة لائم، أصوات تقول للجبهة الشعبية، ولغيرها من فصائل منظمة التحرير الفلسطينية: تسعة عشر عاماً عبرت من المفاوضات العبثية التي حظيت بتغطيتكم، ومشاركتكم في مؤسسات منظمة التحرير، هل قللتم الأخطار المحدقة بالقضية الفلسطينية؟ وهل أخرتم الانزلاق، أم تضاعف خلالها عدد المستوطنين ثلاث مرات في الضفة الغربية، ونجحت إسرائيل في الاستحواذ على 42% من أراضي الضفة وهي تُعِدُّ طاولة المفاوضات؟