بلهاء مفيدون ويهود فاشيون

محمد اسحق الريفي

في مقال له بعنوان "الفاشية تليق عند الحديث عن حماس" يوم الاثنين (28/6)، وصف كاتب عمود الافتتاحية في صحيفة "واشنطن بوست"، "ريتشارد كوهين"، المتضامنين الإنسانيين الذين يشاركون في أسطول الحرية لكسر حصار غزة، بأنهم "بلهاء مفيدون"، نسبة إلى الغربيين الذين كانوا يؤيدون الاتحاد السوفيتي إبان الحرب الباردة، متهماً حماس بالفاشية، ومدافعاً عن الحصار والعدوان الصهيوني، مدللاً بذلك على أنه أحد اليهود الفاشيين الذين لا يفتئون يبثون حقدهم وأكاذيبهم ضد كل من يدافع عن الشعب الفلسطيني وأرضه.

وكعادة الفاشيين اليهود والصهاينة، الذين يستهدفون عقول الغربيين، عبر الدعاية الصهيونية، ويحقنونها بجرعات مسكرة ومخدرة، ويحشونها بالأكاذيب المعززة للإسلاموفوبيا، لتبرير فاشية الكيان الصهيوني وعدوانه المتواصل على الشعب الفلسطيني، يربط كوهين بين النازية وبين حماس، وبين ما يصفه الغربيون والصهاينة بالتطرف الإسلامي وبين حماس، ويتحدث عن مثلث فاشي أطرافه الثلاثة هي: حماس، النازية، التطرف الإسلامي. ويستعين كوهين في تمرير دعايته الصهيونية الكاذبة بكتاب جديد كتبه الصهيوني "بول بيرمان" بعنوان "رحلة (أو طيران) المفكرين"، والذي ربط فيه بين الحاج أمين الحسيني وهتلر، وزعم فيه أن الشهيد حسن البنا كان معجباً بالحاج الحسيني، ثم ربط بين الشهيد البنا وحماس، ثم زعم أن ميثاق حماس يقوم على فكر الشهيد سيد قطب. وبذلك يكون بيرمان قد ربط بين حماس وبين النازية وما وصفه بالتطرف الإسلامي، ليستنتج أن حماس فاشية!

يطلق كوهين على المتضامنين الإنسانيين مع غزة وصف "بلهاء مفيدون"، لأنهم إنسانيون يساهمون بوسائل سلمية في رفع الظلم الصهيوني عن غزة، وذلك لأن كوهين وأمثاله من اليهود، المفعمة صدورهم بالحقد على العرب والمسلمين، يتحولون فوراً إلى أعداء للقيم والمبادئ الإنسانية عندما يتعلق الأمر بالكيان الصهيوني وإجرامه، ويعادون كل من ينتقد الممارسات الصهيونية الإجرامية. وهذه هي الفاشية بعينها، التي تبرر للكيان الصهيوني، وكل من يدعمه من اليهود والصهاينة، استباحة دماء الفلسطينيين، واستحلال أرضهم وحقوقهم، وامتهان كرامتهم، والاعتداء على مقدساتهم، وزيادة معاناتهم. والفكر الذي يمثل هذه الفاشية اللعينة هو الأيديولوجية الصهيونية، التي تجسدت في المشروع الصهيوني، الذي يهدف إلى إقامة دولة يهودية على أنقاض فلسطين، بعد طرد أهلها الأصليين منها.

وليس غريباً أن يتهم كوهين في مقالاته الحكومة الشرعية التي تقودها حماس بأنها غارقة في العنف والقتل، وأنها تضطهد المرأة، وتمنع الحريات الدينية، وغيرها من الاتهامات الباطلة، التي لا وجود لها إلا في عقول الفاشيين اليهود والصهاينة. وليس غريباً أن يغض كوهين طرفه عن فاشية الكيان الصهيوني، والولايات المتحدة الأمريكية، والأنظمة المستبدة التي تدعمها. فقد سيطرت الفاشية اليهودية على عقل كوهين ووجدانه، وملأته بالحقد الأعمى، حتى فقد عقله، وكره الأخلاق الإنسانية، وأدمن افتراء الأكاذيب، وبات الحق عنده تأييد الكيان الصهيوني رغم وحشيته ودمويته، وبات الباطل والبله عنده التضامن مع غزة المحاصرة، وتقديم المساعدات لأهلها، والمشاركة في أسطول الحرية، الذي فضح الكيان الصهيوني وكشف عن إجرامه، عندما ارتكب مجزرة مرمرة، فقتل تسعة من المتضامنين الأتراك.

يريد الفاشي كوهين وأمثاله من الشعب الفلسطيني ألا يقاوم العصابات الصهيونية التي استولت على أرضه وطردته منها، تحت سطوة المذابح الدموية البشعة التي ارتكبتها، وسامته سوء العذاب، وما زالت تعتدي عليه وتنهب أرضه وتهود القدس المحتلة وتهجر أهلها الفلسطينيين منها. فإذا قاوم الشعب الفلسطيني هذه العصابات، اتهم بالفاشية، وإذا فضحها وكشف عن إجرامها، اتهم بمعاداة السامية، وإذا رفض الاستسلام لها، اتهم بالتطرف... إنها الفاشية اليهودية والصهيونية التي تبرر الممارسات العدوانية لتلك العصابات الصهيونية المتعطشة لدماء الفلسطينيين، والتي تقتلهم بهدف القتل، وتعذبهم تعذيباً سادياً بدوافع أيديلوجية، وتسعى لطردهم من فلسطين بالإرهاب، لإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين.

إن اليهود الفاشيين يطمعون في أن تغير حماس ميثاقها كما فعلت منظمة التحرير الفلسطينية، لتتنازل عن الأراضي التي احتلها الصهاينة، ولتؤيد فكرة التعايش السلمي مع من اغتصب أرضنا وشرد شعبنا وانتهك حقوقنا وكرامتنا، ولكن هذا لن يكون أبداً ما دامت السماوات والأرض. ولا عيب في أن يعمل الشعب الفلسطيني جاهداً بقيادة حركة حماس على التخلص من الكيان الصهيوني الذي أقامته العصابات الصهيونية المجرمة في فلسطين، فهذا حق لنا لا يمكن أن نتنازل عنه. ونحن هنا لا نسعى لتدمير فرنسا أو بريطانيا أو الولايات المتحدة الأمريكية أو أية دولة أخرى، إنما نسعى لتحرير أرضنا فلسطين، من بحرها إلى نهرها، وإعادة الفلسطينيين الذي هجرتهم العصابات الصهيونية إلى بيوتهم ومدنهم وقراهم، لنقيم دولتنا الفلسطينية على أرضنا فلسطين، رغم أنف "ريتشارد كوهين" و"بول بريمان" وأمثالهما من اليهود والصهاينة الفاشيين.

29/6/2010