منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 3 من 3
  1. #1

    حماس وحدود الزمان والمكان (1/2)

    حماس وحدود الزمان والمكان (1/2)

    محمد اسحق الريفي

    عندما شاركت حركة حماس في السلطة الوطنية؛ بعد فوزها في الانتخابات التشريعية عام 2006، قيل إنها جاءت في الوقت غير المناسب، وأنها انطلقت من المكان غير المناسب؛ بسبب التزامات السلطة تجاه الكيان الصهيوني وفق اتفاقيات أوسلو، حتى رأى كثير من المحللين السياسيين استحالة إنجاز برنامج حماس للتغيير والإصلاح. وكان أصحاب هذا القول يعلمون جيداً أن برنامج حماس يتجاوز حدود الزمان والمكان الذي انطلقت منه، بسبب طبيعة المرحلة التي وصلت إليها القضية الفلسطينية، فبرنامج حماس للتغيير يقتضي تغيير قواعد الصراع العربي–الصهيوني، وهي مسألة ذات بعد إقليمي، وبعد عالمي أيضاً. ولذلك فالتغيير في فلسطين مرهون بتغيير واسع في منطقتنا، وليس في فلسطين فحسب.

    ورغم صحة تقديرات المتابعين السياسيين للظروف التي في ظلها وصلت حماس إلى السلطة، ولطبيعة التغيير الذي اضطلعت به حماس، ولارتباط ذلك بالوضع العربي والإقليمي والعالمي، فإن حركة حماس جاءت في الوقت المناسب، الذي وُضعت فيه منطقتنا أمام نوعين رئيسين من التغيير؛ تغيير تطمع فيه الولايات المتحدة الأمريكية ويحقق مصالحها الاستعمارية ويمكنها من الهيمنة على منطقتنا، وتغيير تطمح إليه الشعوب العربية والإسلامية ويساعدها على التخلص من الاستبداد والنفوذ الغربي على حدا سواء. وهناك علاقة واضحة بين الاستبداد الذي تعاني منه شعوبنا وبين التبعية للغرب الذي له نفوذ كبير في منطقتنا.

    ويبدأ التغيير الإصلاحي دائماً بفكرة يتبناها تيار إصلاحي، سياسي أو ديني، ويؤمن بها، فيناضل من أجل تحقيقها وإنجاز التغيير والإصلاح المنشودين. وفي ظل الضعف الشديد والتوجس الكبير الذي يسود عالمنا العربي، بسبب الاستبداد السياسي، وبسبب النكسات الكبيرة والخبرات السلبية الناجمة عن فشل محاولات تغيير حدثت في عدد من البلاد العربية، فإن فكرة التغيير التي تطمح إليها شعوبنا تحتاج إلى من يدفعها إلى الأمام، ويعزز في الوعي الجمعي العربي ثقافتها، ويبعث في النفوس الأمل في إمكانية نجاحها، ويجسد مقدرة أمتنا على الصمود في وجه أعدائها العتاة، ولا سيما العدو الصهيوني، والولايات المتحدة وحلفائها الغربيين، لتقول لهم: لا للهيمنة، ولا للعدوان، ولتشتبك معهم بشتى الوسائل وفي كل الميادين.

    جاءت حركة حماس في هذا الزمن الصعب نموذجاً للتغيير المنشود؛ التغيير الذي يحفظ وجود أمتنا، ويخلصها من الاستبداد والفساد ومن التبعية للغرب. وجاءت كمحفز للتغيير في منطقتنا، وصار نضال الشعب الفلسطيني بقيادة حماس ضد العدو الصهيوني، وضد أذنابه المفرطين بحقوق شعبنا وثوابته، وضد المتخاذلين والمتواطئين، بمثابة عملية نضالية تؤثر بعمق كبير على الوعي الجمعي العربي، وتبعث الأمل في النفوس، وتوقظ الغافلين، وتكسر الجمود الذي أحاط بالقضية الفلسطينية لعدة عقود، وتكسر الجمود الذي تعاني منه منطقتنا العربية، وتوفر البديل المنافس للتغيير الذي تريده الولايات المتحدة، والذي يخدم مصالحها ومصالح الدول الغربية ومصلحة الكيان الصهيوني، ويضع منطقتنا تحت الهيمنة الصهيوأمريكية.

    ولذلك كانت الهجمة العدائية الصهيوأمريكية ضد حماس والحكومة الشرعية التي تولتها شرسة وكبيرة، حتى أنها شملت كل أبناء الشعب الفلسطيني في الضفة وغزة. وذلك لأن برنامج التغيير والإصلاح تجاوز فلسطين إلى منطقتنا بأسرها، ولأن مشروع التغيير الأمريكي بات يلفظ أنفاسه الأخيرة، ولأن المشروع الصهيوني آخذ في الانحسار والتقهقر. فحتى ينجح كلا المشروعين الأمريكي والصهيوني، لا بد من استمرار التسوية السياسية للقضية الفلسطينية، بهدف وقف المقاومة ضد الكيان الصهيوني، وتمكينه من توسيع دائرة التطبيع في العلاقات بينه وبين الدول العربية والإسلامية. ولكن تمسك حماس بالثوابت الفلسطينية، ورفضها الانصياع لشروط اللجنة الرباعية الدولية، وتمسكها بخيار المقاومة، ووقوفها ضد المفاوضات العبثية والتيار المتصهين الذي يجريها مع العدو، واستعصاء حماس على محاولات الترويض والإسقاط والاجتثاث، كل ذلك شكل حالة انتصار في منطقتنا ضد الصهاينة والأمريكيين، ما عزز إمكانية التخلص من الهيمنة الأمريكية وإنقاذ أمتنا من خطر المشروع الصهيوني.

    صحيح أن حركة حماس جاءت إلى السلطة في الوقت الذي وصل فيه منحنى ضعف أمتنا العربية إلى أدنى نقطة، ولكنها جاءت في الوقت المناسب، وما كان لها أن تأتي إلا في هذه الظروف الحالكة، لتكون رمح الله الذي لا يُقهر، وحربة المسلمين التي لا تُكسر، وغضبة الأمة التي لا تَفتر قبل قطع رأس الأفعى التي تترّست في عقر دارنا، وبنت لها ترسانة وكياناً.

    4/6/2010


  2. #2

    رد: حماس وحدود الزمان والمكان (1/2)

    السلام عليكم
    تغيير تطمع فيه الولايات المتحدة الأمريكية ويحقق مصالحها الاستعمارية ويمكنها من الهيمنة على منطقتنا، وتغيير تطمح إليه الشعوب العربية والإسلامية

    أصحاب المبدأ مهما جرت من أمور لايمكن ان نقول غير كلمة الحق عنهم خاصة ان لم يحيدوا عن الخط والمنهج...
    ومن المؤسف حقيقة ان تتضارب الإيميلات والمقالات في ذبذبتها وتأرجحها وتعقيباتها حول كل مايجري في الساحة.ومن بقي على الدرب سيصل بإذن الله
    بوركت أستاذنا الكريم
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  3. #3

    رد: حماس وحدود الزمان والمكان (1/2)


    الأستاذ د . الريفي الغالي
    تحليل ناضج تماما رغم الخطأ التكتيكي
    غير أن الطريق لا يزال محفوفا بالمخاطر
    فالصعوبات كبيرة والاستقطابات خطرة للغاية
    والحسابات ليست سهلة لأن كل طرف يضع
    مصلحته الذاتية حتى فوق مبادئه ومصالح
    حلفائه / تحيتي واحترامي لفكرك العميق .

المواضيع المتشابهه

  1. التاريخ يكتب الزمان والمكان
    بواسطة أبو فراس في المنتدى فرسان الأبحاث التاريخية
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 08-31-2019, 05:42 AM
  2. المعراج واختراق حاجز الزمان والمكان
    بواسطة حسن العجوز في المنتدى فرسان الإسلام العام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 03-08-2016, 02:57 AM
  3. هل اخترق رسول الله صلى الله عليه وسلم حاجز الزمان والمكان فى الإسراء والمعراج
    بواسطة طيف الخيال في المنتدى فرسان السيرة النبوية
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 05-24-2015, 04:30 PM
  4. حنان يهودي وجحود عربي إسلامي
    بواسطة د. فايز أبو شمالة في المنتدى فرسان المواضيع الساخنة.
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 05-04-2013, 04:37 PM
  5. الزمان والمكان في القرآن الكريم/ عدنان أبوشعر
    بواسطة عدنان أبوشعر في المنتدى فرسان الإسلام العام
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 10-22-2011, 04:25 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •