منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 6 من 6
  1. #1

    Arrow من روائع البلاغة في كلم الرسول الكريم ( سلسلة متتابعة )

    من روائع البلاغة في كلم الرسول الكريم

    نتناول حديثاً قليلاً في كلماته ضخماً في معناه وأطروحاته لنثبت بما لايدعو للشك أن الرسول الكريم قد أوتي جوامع الكلم
    قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

    ( اتق الله حيثما كنت, وأتبع السيئة الحسنة تمحها, وخالق الناس بخلقٍ حسن ) .

    أو كما قال صلى الله عليه وسلم .
    ثلاث جمل بثلاث أوامر واضحة ولكن لي معها شأن آخر وهو البلاغة
    لقد أقام الرسول الكريم بهذا الحديث بناءً على ثلاث مراحل
    1 ـ مرحلة وضع الأساس : ( اتق الله حيثما كنت ) والتقوى هي أساس بناء شخصية المسلم ودعامته القوية التي بدونها ينهار البناء
    وهنا تأتي لفظة : ( حيثما ) التي تسبق كلمة كنت وهي تدل على الزمان والمكان معاً , أي في أي مكان تكون وفي أي زمان يظلك أمام الناس أم بعيداً عن عيونهم , في الليل أو بالنهار ثم أنها تدل على روعة أخرى وهي اشتمالها على الحال الذي أنت عليه . اتق الله على أي حال أنت فيه ضعيف أو قوي مالك أو مسلوب الحق معافى أو مريض خالي أو مشغول. نلاحظ أن الرسول الكريم لم يقل :
    ( أينما كنت ) أو :
    ( وقتما كنت )
    أو: ( كيفما كنت ) ولكن قال : ( حيثما كنت )
    ولم أجد في اللغة العربية ظرف شمل الزمان والمكان والحال غير تلك اللفظة في ذلك الموضع فقد خصصت ذلك المعنى بعدما أتت بعدها كلمة كنت : ( حيثما كنت ) أي على أي حالٍ تكون وفي أي مكانٍ تكون وفي أي زمانٍ تكون ياللروعة ويا للجمال أن نتحدث عن كلمتين :
    ( حيثما كنت ) بكل ماقلت ولم أوفيهما . ألم أقل لكم لقد أوتي الرسول الكريم جوامع الكلم ؟
    2 ـ نأتي للمرحلة الثانية بعد وضع الأساس لشخصية المسلم بالتقوى : ( اتق الله حيثما كنت ) وهي مرحلة بناء البنيان وهي مرحلة تتسم بالعمل الظاهر للخارج مع اتسام المرحلة الأولى بالعمل الباطن للداخل
    ويكون إقامة البنيان هنا بالسلوك الإيجابي : ( واتبع السيئة الحسنة تمحها )
    لاتتوقف عند الحسرة على السيئات واقتراف الذنوب بل هناك ممحاة عظيمة لها وهي الحسنات بالعمل الصالح فلا تنظر للوراء أبداً ولكن تقدم
    أ ـ هنا نجد أن قول الذي لاينطق عن الهوى يطابق قول المولى عز وجل : ( إن الحسنات يذهبن السيئات . ذلك ذكرى للذاكرين ).
    ب ـ يتسم النصح بالإيجابية : ( واتبع السيئة الحسنة تمحها ) هناك عمل يتم
    ج ـ تأمل معي لفظة : ( واتبع ) التي تدل على الملاصقة والملاحقة الفورية. أي فور قيامك بالسيئة وندمك عليها اتبعها بالحسنة التي تؤجر عليها فيعفو الله بها عنك ويغفر بها لك وقد ضمت لروعة اللفظة العمل والنتيجة في أربع كلمات فقط وجاءت كلمة واتبع مناسبة تماماً للموضع التي وضعت فيه
    د ـ تحمل الكلمات التقرير الواضح بأن الإنسان خطاء لأنه يأتي بالسيئات وهذه دعوة من الرسول بالتوبة وعدم ازدراء الذات أو تحقيرها لأن : ( كل ابن أدم خطاء وخير الخطائين التوابون )
    3 ـ هنا نكون قد وضعنا الأساس وأقمنا البناء ولكن بقي التجميل لذلك الصرح الشامخ ( المسلم ) فيضع الرسول الكريم المرحلة الثالثة لتجميل البناء وإتمامه : ( وخالق الناس بخلق حسن ) ويالها من رائعة تلك الكلمات
    أ ـ قال الناس على إطلاقها :أي أخلاقك للجميع الفقير والغني , الشريف والوضيع . فالأخلاق جزء لايتجزأ من بنائك , أخلاقك للعامة والخاصة
    ب ـ بخلق حسن جاء بها مفردة: ليدلل على عدم تحديد أي خلق يقصد فهو يرمي على أي خلق حسن كالصبر والحلم والتواضع والأناة والإيثار و...
    قال : ( وخالق الناس ) ولم يقل وتخلق للناس وهذا له مغزى وهو أن تصبح الأخلاق أصيلة بك جزء منك لاتتصنعها ولاتتجمل لأجل غرض ما إنما هي ديدنك وطبيعتك : ( وخالق ) يالها من كلمة رائعة وضعت في الموضع المناسب تماماً فأكملت البناء لشخصية المسلم التي تبنى على مراحل ثلاث وهي
    1 ـ مرحلة وضع الأساس : ( اتق الله حيثما كنت )
    2 ـ مرحلة إعلاء البنيان: ( واتبع السيئة الحسنة تمحها )
    3 ـ مرحلة تجميل البنيان: ( وخالق الناس بخلقٍ حسن )

    صدقت يارسول الله فحقاً: ( وماينطق عن الهوى إن هو إلا وحيٌ يوحى ) .
    ومع حديث آخر إن شاء الله لنتناول روائع البلاغة في كلم الرسول الكريم

    إسماعيل إبراهيم

  2. #2

    رد: من روائع البلاغة في كلم الرسول الكريم ( سلسلة متتابعة )

    الف الثلاة على خير البشر
    مادامت سلسلة فلنثبتها
    جزاك الله خيرا
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  3. #3

    رد: من روائع البلاغة في كلم الرسول الكريم ( سلسلة متتابعة )

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ريمه الخاني مشاهدة المشاركة
    الف الصلاة على خير البشر
    مادامت سلسلة فلنثبتها
    جزاك الله خيرا
    بارك الله فيكِ أختي الكريمة على ذلك الاعتناء
    وجزاكِ الله خيراً على تحفيزكِ لي بتثبيت المتصفح
    وأرجو أن أكون عند حسن الظن بي
    وهي بالفعل يوجد منها لدي حلقات عديدة ولكني سوف أضعها على فترات ليتاح للمتلقي الاطلاع على كل موضوع من موضوعاتها
    تقبلي تحياتي وتقديري
    إسماعيل إبراهيم

  4. #4

    رد: من روائع البلاغة في كلم الرسول الكريم ( سلسلة متتابعة )



    من دلالات البلاغة في كلم الرسول الكريم

    قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم :

    ( إن الحلال بين وإن الحرام بين وبينهما مشتبهات لايعلمهن كثيرٌ من الناس, فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه , ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام. كالراعيٍ يرعى حول الحمى يوشك أن يقع فيه. ألا وإن لكل ملكٍ حمى, ألا وإن حمى الله محارمه, ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله, ألا وهي القلب ).

    أو كما قال صلى الله عليه وسلم

    ( إن الحلال بين وإن الحرام بين ) :

    تجد رسولنا الكريم يأتي بكلمة : ( بين ) ولم يقل واضح للدلالة على شدة الوضوح وعدم وجود اللبس بين الحلال والحرام حتى عند العوام ويستطيع أي مسلم التفريق بين الحلال والحرام بسهولة ويسر وهو تصنيف يصنف الرسول فيه الأقوال والفعال الصادرة عن الفرد المسلم إلى صنفين متمايزين شديدي التمايز هما : ( الحلال ) و: ( الحرام )

    ( وبينهما مشتبهات لايعلمهن كثيرٌ من الناس ) :

    ينقلنا من المعنوي إلى المحسوس في : ( بينهما ) وكأن المتشابهات تقع في مفترق الطرق بين الحلال والحرام الذين هما طريقين واضحي المعالم

    ( فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ) :

    وهذا التوجيه النبوي بالابتعاد عن الشبهات حماية لديننا وعرضنا به من البلاغة الشيء الكثير , لاحظ : ( اتقى ) لم يقل ابتعد عن للدلالة على أن الاقتراب من الشبهات يحمل للمسلم الأذية التي يجب أن يحمي نفسه منها ببعده عنها تماماً فقد أتى بالنتيجة من عدم اقترابه منها وهي : ( اتقى ) أي حمى نفسه ولايحمي الإنسان نفسه إلا من سوء أو مكروه
    ثم تأتي لفظة : ( استبرأ ) أي يجعل دينه نقياً من كل شائبة منزهاً من كل عيب وكلمة : ( استبرأ ) تحمل دلالة على تحري المسلم الدائم لتنقية دينه وعرضه من كل شائبة أي بريئاً من كل نقيصة تلحق به إذا أتى الشبهات

    ( ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام. كالراعيٍ يرعى حول الحمى يوشك أن يقع فيه ) :

    يأتي ذلك التشبيه الرائع في لفظة : ( وقع ) فالشبهات هنا وحل يجب على المسلم أن يبتعد عنها لكي لايقع فيها وهي كلمة ذات دلالة واضحة تتضح عندما نتساءل لماذا قال الرسول الكريم : ( وقع ) ولم يقل : ( أتى ) التي تحمل نفس المعنى ولكن تتميز الأولى عن الأخرى بكثير من أوجه البلاغة ومنها أنها تشبيه المعنوي : ( الشبهات ) بالمحسوس : ( الوحل الذي نقع فيه )
    واللفظ أتى لايدل على أن الشبهات خطر يجب على المسلم الابتعاد عنه لأن يتقيه كما سلف , ولكن :
    ( وقع ) هنا ذات دلالة واضحة على ذلك
    ثم يأتي تشبيه ذلك الرجل الذي وقع في الشبهات بالراعي الذي يرعى بغنمه أو غنم سيده بالقرب من حقل أو حديقة غيره : ( الحمى ) وتجد هذه اللفظة قوية الدلالة على أن ملك الغير هو حمى يحميه الإسلام ولايجب الأخذ منه إلا بإذن صاحبه هل استطعتم تذوق البلاغة في كلمة : (الحمى ) ؟
    ثم تأتي رائعة أخرى : ( يوشك ) للدلالة على أنه على خطر من الوقوع في الحرام كما ستأكل الأغنام من ملك الغير إذا تركتها ترعى حوله, لم يقل المصطفى : ( لربما يقع فيه ) بل قال : ( يوشك أن يقع فيه ) أو في رواية أخرى : ( يوشك أن يواقعه ) لإظهار مدى الخطر المحدق بالمسلم الذي يأتي الشبهات ولاينزه نفسه عنها ,
    وهذه هي النتيجة الحتمية التي يريدنا أن نستوعبها الرسول الكريم في معرض نهينا عن الاقتراب من الشبهات وهي : أن من يأتي الشبهات ولايتحرز منها سوف يقع حتماً في المحرمات المنهي عنها ولذلك علينا الابتعاد عنها تماماً
    حاولوا إخواني التدقيق في بلاغة الكلمات : ( بين ) و:
    ( بينهما ) و: ( اتقى ) و: ( استبرأ ) و: ( وقع )
    و : ( يوشك ) لسوف تجدونها تحمل دلالات بلاغية غاية في الروعة في انتقاء اللفظ ليوضع في مكانه ولايصلح لفظ آخر أن يحل محله وتلك بلاغة الرسول الكريم فحقاً : ( وماينطق عن الهوى , إن هو إلا وحيٌ يوحى ) .
    وموعدنا مع تناول البلاغة في بقية الحديث في جزء ثاني بعون الله .

    ]

  5. #5

    رد: من روائع البلاغة في كلم الرسول الكريم ( سلسلة متتابعة )

    جوزيت خيرا أخى فى الله/عبدالله
    ولك محبتى فى الله
    اللهم صلِّ وسلم على سيدنا محمدٍ وعلى آلهِ وصحبهِ ،صلاة
    ً كما هى فى عِلمِِك المكنون،عددَ ما كان وعددَمايكون،وعددَ
    ما سيكون،وعددَالحركات والسكون،وجازنى عنها أجرًا غيرَ
    ممنون
    تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها
    عبدالوهاب موسى(بيرم المصرى)
    شاعر وناقد وكاتب وباحث

    http://i459.photobucket.com/albums/q...5/890cd7b8.gif

  6. #6

    رد: من روائع البلاغة في كلم الرسول الكريم ( سلسلة متتابعة )

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبدالوهاب موسى مشاهدة المشاركة
    جوزيت خيرا أخى فى الله/عبدالله
    ولك محبتى فى الله

    أشكرك أخي الكريم عبد الوهاب على التفاعل مع الموضوع
    أجمل مافي مداخلتك أنك نعتني بعبد الله الذي أرجو أن أكون هو
    هذه سلسلة متلاحقة من الأحاديث النبوية الشريفة
    فكلي أمل أن تكون في الجوار لأحوز على تفاعلك معي فيها
    تقبل الله منا صالح الأعمال
    وتقبل تحياتي وتقديري
    إسماعيل إبراهيم

المواضيع المتشابهه

  1. من البلاغة إلى النقد إلى البلاغة
    بواسطة ريمه الخاني في المنتدى فرسان الأبحاث والدراسات النقدية
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 01-20-2017, 06:17 PM
  2. ومن روائع كلام الرسول الكريم
    بواسطة محمد حبش في المنتدى فرسان السيرة النبوية
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 08-17-2014, 05:55 PM
  3. من روائع أخلاق الرسول عليه الصلاة والسلام
    بواسطة فراس الحكيم في المنتدى فرسان السيرة النبوية
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 08-15-2013, 03:04 PM
  4. من سلسلة نساء حول الرسول صل الله عليه وسلم
    بواسطة فراس الحكيم في المنتدى فرسان الإسلام العام
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 02-09-2012, 06:43 AM
  5. مجلة عسكرية أمريكية تعرض دراسة عن عبقرية الرسول الكريم العسكرية
    بواسطة بنان دركل في المنتدى فرسان الأخبار.
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 05-05-2008, 09:56 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •