أختاه ريمة الخاني ، لك الشكر موصولا بالإحترام
وإني إذ ألج موضوعك ، رغم حساسيته المفرطة، ورغم كون العقل العربي في أغلبه عقل غير نقدي ،تغلب عليه انطباعية ، إلا أنني سأدخل على الخط ، أقدم قراءة للصراع ، وحسبي الله الله بعد ذلك على التأولات التي قد ترهن هذه القراءة ، جراء النظرة الإنطباعية السالفة الذكر .
إن الأحداث المؤلمة التي يشهدها اليمن السعيد ، عبر عدد من الحروب المدوية ، فما إن تبدأ حتى تتوقف ، وماإن تتوقف حتى تبدأ ، وكأن الدولة اليمنية عاجزة عن إنهائها بطريقة تفاوضية ، أو حسم عسكريواضح ، وهذاالتردد والتلكؤ هو الذي يُشعر أن السلطات اليمنية هي من تفتعل هذه الحروب لأسباب سياسوية تغطي بها على مشاكلها بعيداًَعن مصلحة الشعب اليمني .
إن اليمن ليست سعيدة كما وسمت من قبل ،بل أين السعادة وحراكها في الجنوب ، وحوثييها في الشمال ، والوحدة مهددة ، والفساد منتشر ، والتوريث يلوّح بمواصلة المشروع العربي الملكي ، في الأنظمة ذات الواجهة الديمقراطية ، في الحكم الجمهوري .كما هي حال كل البلدان العربية ، لكل رئيس دستور ، ولكل رئيس وريث يخلفه من بعده .
إن اليمن تهدد أمنه واستقراره مجموعة عوامل متحدة قد تنهك قواه، فمن انتشار تنظيم القاعدة ، وحراك الجنوب ، وحرب صعدة ، والخصاص الشعبي ، وتصدير الأزمة نحو الجار في الشمال ،للإستقواء به على أبناء الداخل ، رغم خطورته على السيادة اليمنية ، ولكن من أجل تدويل القضية لأثبات التدخل غير العربي في الجسم العربي ، فكل شيىء مباح.
أعتقد ـ وأتمنى أن أكون مخطئا ـ أن قضية الحوثيين مفتعلة إلى حد بعيد ، ورغم إقراري بتداخل النسيج اليمني القبلي وتعقده ،وتميزه من جهة أخرى ، إلى درجة أن الحوثين ، تراودهم مطامح سياسية ، أولها العيش تحت غطاء المذهب الزيدي الذي عمر طويلا في اليمن ،بدل الإنخراط في نظام ريعي يشوبه الفساد ، ولا يراقب حق الشعب ولا حقوق الأقليات .
سمعت كثيرا أن اليمن اقترح من قبل على الخصوم ممارسة السياسة بدل العنف ، لكنني أعتقد أن العمل السياسي يخنق كما يخنق العسكري الآن في الشمال بطريقة قديمة مارستها كل الأنظمة العربية ذات الحكم الجمهوري ، بيد أن الصناديق المعبرة عن الحقيقة ، لا تخرج أرصدتها عن النسبة الشهيرة :99.99% لصالح الزعيم الذ يسبغ شعره ، ويلمع وجهه بالمرهمات ، لعل العطار يصلح ما أفسده الدهر .
إن اليمن السعيد على صفيح ساخن ، الشعب يعاني كل المعناة من نظام شاخ وعجز عن التجدد ،والحراك في كل مكان ، من الجنوب للإنفصال ، ومن البقية تذمرا من الأوضاع المعيشية الداخلية
ولا أخال اليمن إلا يصدر مشاكله الداخلية ـ بإرادته أو رغما عنه ـ لتحل على صفيح القصف في الشمال ، لكن الحل اليمني الحالي ، لن يجدي نفعه ، ولن تحل البندقية إختلافات التفكير ورجات العقل غير الرشيد ، ورغم أن هذه قناعتي ، إلا أنني أتمنى أن أكون مخطئا .
حب اليمن السعيد ـ يمن الحكمة والإيمان والشعر ـ في قلوبنا .
لكن ماقلناه قراءة هادئة من الخارج ، بعيدة عن أرض المعركة ، التي تختلط فيها رجاحة العقل بجنون الأنا
أتمنى كل الخير لليمن الغالي .
تحياتي