السلام عليكم
تتعالى في أيامنا نداءات لتغيير الخطاب الديني!
هل نحن فعلا بحاجة للتغيير؟
وهل بعض التغيير الحاصل في الرداء العام للخطاب أعطى ثماره؟
هل يحتاج لحشد طاقات اكبر امام الهجمة المضادة؟
وماهي محاور التغيير ان كنا لم نجد ما يكفي؟
**************
الفكرة العامة التي نراها هي ان الثوابت هي اساسيات لايمكننا العبث بها إنما تقديمها بثوب محبب ذكي وعصري
اما ما يضاف اليه امام التقنيات الحديثة وضرورة تحديث الخطاب تقنيا وطرائقيا لو صح التعبير ليعبر فكر جيل نزق يحب الوجبة السريعة سهلة التناول والهضم.
كيف يمكننا هنا تبويب الطرق والاساليب وماهي المحاور التي نحتاجها فعلا كي تكون جسرا ايجابيا نعبر خلاله لحماية جيلنا الجديد من العبث به فكريا وعقائديا ومن خلال الحاجة الملحة لها الان؟
اسوق مقالا اعجبني للداعية الدكتور طارق سويدان ربما قدم لنا بعض ما نبحث؟ :

*************************

التغيير في الخطاب الإعلامي الديني

توسعت نظريات التغيير الحديثة وتعمقت وشملت جوانب كثيرة من أهمها تغيير المنظمات وبالذات في جانبها الإداري والمالي والجانب التخطيطي على وجه الخصوص، كما تناولت تغيير الإنسان وتعليمه أساليب النجاح والتميز والطموح والاستقرار النفسي ونحوها. وسأطرح في هذه السلسلة من المقالات بعض الاقتراحات لتطوير الخطاب الإعلامي الديني لأجل توجيه نظريات التغيير نحو مجالات جديدة، ومن جهة أخرى للاستفادة من هذا العلم الحديث في أرض الواقع في مجال هام أهملته نظريات التغيير وهو مجال الإعلام. ولن أتحدث عن المجال الإعلامي بشكل عام فهو من جهة مجال واسع ومن جهة أخرى هو ليس من مجالات تخصصي أو تميزي، ولكني سأركز على الجانب الذي شاركت فيه وهو مجال الخطاب الإعلامي الديني. تبدأ نظريات التغيير عادة بطرح الواقع المراد تغييره ثم تحديد الرؤية أو المستقبل المراد الوصول إليه ومن ثم تحديد الطرق أو الآليات والخطوات التي ينبغي السير عليها نحو تلك الرؤية. والموضوع واسع ويستحق البحث ولكني سأركز على جانب واحد من أهداف الخطاب الإعلامي وهو (بناء الإنسان المستقيم الفعال)، وواضح أن واقعنا اليوم يشير إلى ضعف واضح في هذ الجانب، كما أن خطابنا الإعلامي (عدا بعض الأطروحات الحديثة) غير مناسب وغير فعال في تحقيق هذه الرؤية وهذا الهدف. ودعوني أختصر القول وأطرح الموضوع مباشرة فألخص بأن المطلوب لأجل (بناء الإنسان المستقيم والفعال) هو العمل على تغيير الإنسان في خمس جوانب هي: 1. تغيير الفكر والقناعات 2. تغيير الاهتمامات 3. تغيير المهارات 4. تغيير العلاقات 5. تغيير القدوات ولكل منها تفصيل سأتناوله في المقالات التالية: تغيير الإنسان ليتحول إلى (إنسان مستقيم وفعال) هو هدف عملية التغيير الإسلامي والتي تتم من خلال عملية شاملة تربوياً ومجتمعياً وإعلامياً وتركز على تغيير خمسة أمور هي: 1. القناعات والفكر. 2. الاهتمامات. 3. المهارات. 4. العلاقات. 5. القدوات. وسنتناول في هذا الجزء أحد هذه الجوانب ودور الخطاب الإعلامي الديني فيها. أولا : تغيير الفكر والقناعات 1. السلوك والمشاعر مصدرها الفكر والقناعات . 2. محاولة معالجة السلوك والمشاعر دون معالجة الفكر تعالج الظواهر وليس الأسباب. 3. الفكر يتعلق بنظرة الإنسان وفهمه للدين والحياة ودوره فيها كما يتعلق بطموحاته واهتماماته وعلاقاته ومهاراته وقدواته، فالفكر هو الأساس لكل شيء. 4. يشمل ذلك التحليلات السياسية والمواقف التي يتبناها بناء على فهمه وقناعاته وتحليلاته. 5. الفكر والقناعات هي أساس البناء الأخلاقي للإنسان، فتعديل الأخلاق يبنى على تغيير الفكر والقناعات وليس الخطاب العاطفي الوعظي فقط. 6. من أهم قضايا الفكر نظرة الإنسان لعلاقته بربه وفهمه لدوره في الحياة بناء على ذلك وهذا هو أساس العقيدة. 7. فهم الإنسان للحياة ودوره فيها سيبنى عليه اهتماماته وعلاقاته وقدواته، وهذه بدورها ستشكل شخصية الإنسان وهويته وطموحاته. 8. من هنا نرى أن أهم تغيير يجب أن يتم في الخطاب الإعلامي بشكل عام والديني بشكل خاص هو التغيير الفكري. 9. وعليه فإن الخطاب الديني الوعظي أو العاطفي أو القصصي أو الاجتماعي الذي لا يبنى على أهداف تغيير فكري وتعديل قناعات المستمع أو المشاهد سيكون تغييراً مؤقتاً محدود التأثير. 10. التوصية : قبل إعداد أي برنامج إعلامي لا بد من الإجابة على السؤال التالي: ما هي الأفكار والقناعات التي نود زرعها من خلال هذا البرنامج؟

د. طارق محمد السويدان
القسم الثاني:
تغيير الاهتمامات

قلنا في العدد السابق إن تغيير الإنسان ليتحول إلى (إنسان مستقيم وفعال) هو هدف عملية التغيير الإسلامي، والتي تتم من خلال عملية شاملة تربوياً ومجتمعياً وإعلامياً، وتركز على تغيير خمس أمور هي: القناعات والفكر . الاهتمامات . المهارات . العلاقات . القدوات . وتحدثنا في العدد الماضي عن الجزء الأول وهو تغيير القناعات، وسنتحدث اليوم عن الجزء الثاني وهو: ثانيا : تغيير الاهتمامات 1. أيسر طريقة لمعرفة اهتمامات أي إنسان هي رؤيته كيف يقضي وقت فراغه (مثلاً: رياضة، موضة، قراءة، أسواق، نشاط شبابي، كمبيوتر، دعوة... الخ). 2. اهتمامات الإنسان هي انعكاس لفكره ونظرته لدوره في الحياة وطموحاته فيها. 3. الطموحون والفاعلون نجدهم ذووا اهتمامات مفيدة، بينما الذين يعيشون على هامش الحياة اهتماماتهم تافهة. 4. فهم الإنسان لقيمة الوقت وأن الوقت هو الحياة (هذا الفهم ودرجة عمقه في النفس) سيؤدي إلى توجيه الاهتمامات نحو النافع المفيد وعدم تضييعها بالتفاهات. 5. وضوح أهداف الحياة وحتى الأهداف قصيرة المدى سيؤثر على اهتمامات الإنسان، فالذي يطمح لإنشاء مشروع تجاري سيبذل جهده ووقته في دراسة المشروع والإعداد له، فهذا الاهتمام سيشغل وقته، أما الذي ليس له أهداف أو مشاريع فسيشغل وقت فراغه بما لا طائل من ورائه في الغالب. 6. لاشك أن جدية المجتمع أو الجهة التي يعمل فيها الإنسان أو يدرس فيها، بل حتى جدية الأصدقاء والأهل ستنعكس في الغالب على جدية اهتمامات الإنسان وفعاليته. 7. الخطاب الإعلامي بشكل عام والديني بشكل خاص يجب أن يساهم في توجيه الاهتمامات وبالذات عند فئة الشباب، ومن ذلك: - التركيز على أهمية الوقت وقيمته وأنه هو أثمن ما يملك الإنسان وأن تضييعه إهدار للحياة. - تشجيع الاهتمامات المفيدة وتعليم الشباب كيفية ممارستها وعلى رأسها القراءة. - التحذير من مصاحبة التافهين والفاسدين وتشجيع مصاحبة الجادين وهذا أساس تغيير الاهتمامات. - ضرب المثل بالقدوات من الأحياء والأموات من الذين برزوا في مجالات معينة والتعلم منهم كيف ساهمت اهتماماتهم المفيدة في تغيير حياتهم وحياة الناس. وهكذا نرى أن تغيير الاهتمامات هو أحد أسس التربية التي تصنع الإنسان الفعال، وتمهد لصنع قادة المستقبل. وفي العدد القادم بإذن الله تعالى نتحدث عن تغيير المهارات.
د. طارق محمد السويدان

تغيير المهارات
قلنا في الأعداد السابقة إن تغيير الإنسان ليتحول إلى (إنسان مستقيم وفعال) هو هدف عملية التغيير الإسلامي، والتي تتم من خلال عملية شاملة تربوياً ومجتمعياً وإعلامياً، وتركز على تغيير خمس أمور هي: القناعات والفكر. الاهتمامات. المهارات. العلاقات. القدوات. وتحدثنا في العددين الماضين عن الجزء الأول والثاني وهما: تغيير القناعات، وتغيير الاهتمامات، وسنتحدث اليوم عن الجزء الثالث وهو: ثالثا : تغيير المهارات : 1. مهارات الإنسان هي ما يحسنه ويتقنه وفي العادة تكون ضمن اهتماماته ورغباته وميوله (وإن كان بعض الناس قد يتقن أموراً ولا يهواها). 2. قليل من الناس تكون لديه هذه المهارة فطرية وهبة ربانية دون جهد منه أو تعليم من الآخرين، ولكن هؤلاء قلة بل ندرة في البشر. 3. معظم الناس يكتسبون هذه المهارات بالتعلم وصقل المهارة وبالتمرن والتعود عليها على مر السنين حتى يتقنوها وتصبح ممارستها سهلة ويسيرة عليهم بالمقارنة بغيرهم. 4. المهارات قد تكون لغوية كالتأليف والإلقاء والأدب والشعر ونحوها، أو حركية كالرياضات البدنية، أو فنية كالرسم والأداء الصوتي والتمثيلي والفن التشكيلي ونحوها، أو علمية كالاختراعات والكمبيوتر، وغيرها من المهارات في جوانب الحياة المختلفة.. 5. وكلما زادت مهارات الإنسان فتحت له أبواب جديدة من العطاء والإنتاج وزاد أثره بين الناس، وتكونت له علاقات جديدة، وتيسرت له أصناف جديدة من الرزق لم تكن له من قبل. 6. إن تنمية المهارات الجديدة وصقلها باستمرار سيتطلب وقتاً وجهداً سيملأ فراغ الإنسان، فلا يبقى لديه وقت للتسكع وقتل الوقت والانشغال بتوافه الأمور. 7. لأجل هذا كله يجب أن يساهم الخطاب الإعلامي والديني منه بشكل خاص نحو تشجيع تعلم المهارات الجديدة وتنمية المهارات الحالية وتطويرها. 8. كما ينبغي أن تتنوع البرامج المباشرة وغير المباشرة التي تتحدث عن مهارة معينة ورموزها وكيفية اكتسابها وتنميتها ومجالات الاستفادة منها، أو الحديث عن كيفية مساهمة هذه المهارة في تغيير حياة إنسان، أو تطوير مجتمع ما، أو ما نفع منها البشرية في القديم أو الحديث. 9. رصد الجوائز وعقد المسابقات التي تشجع على تنمية المهارات والهوايات لما فيها من منافع ذكرناها، ولما فيها كذلك من إيجاد البديل للانحراف والفساد الذي مبدؤه من الفراغ والصحبة التافهة الفاسدة. إن تطوير المهارات وتنميتها ونشرها بين الشباب، تطوير للأمة وتنمية للإنسان، وحفظ لشباب الأمة من الانحراف والضياع. وفي العدد القادم بإذن الله تعالى نتحدث عن تغيير العلاقات.
د. طارق محمد السويدان

تغيير العلاقات

قلنا في الأعداد السابقة إن تغيير الإنسان ليتحول إلى (إنسان مستقيم وفعال) هو هدف عملية التغيير الإسلامي، والتي تتم من خلال عملية شاملة تربوياً ومجتمعياً وإعلامياً، وتركز على تغيير خمس أمور هي: القناعات والفكر، الاهتمامات، المهارات، العلاقات، والقدوات. وتحدثنا في الأعداد الماضية عن الأجزاء الأولى من هذا التغيير، وسنتحدث اليوم عن الجزء الرابع وهو: رابعا : تغيير العلاقات: من المعروف أن الإنسان يتأثر بمن حوله وخاصة الشباب من الذين ليست لهم حصانة تربوية أو فكرية عميقة، ومن هنا يكون تغيير العلاقات أساساً لتغيير شخصية الإنسان. 1. اكتساب السلوك والأخلاق يتأثر كثيراً بالشكل المحيط، وكثير من الناس اكتسبوا العادات الحميدة أو السيئة تقليداً لمن حولهم. 2. الفكر والقناعات والعقيدة أيضاً يكتسبها الإنسان ممن حوله، ألا ترى أن الإنسان يولد على الفطرة، وأبواه يهوّدانه أو ينصّرانه أو يمجّسانه، وعندما يكبر الإنسان يتضاءل مع الأيام تأثير الوالدين ويزداد تأثير الأصحاب، ومع الأيام يتعلم الشاب أو الفتاة ممن حولهم الفكر والهوايات والمهارات المختلفة. 3. من أهم مسائل التربية أن يتأكد الأبوان والمربون أن أولادهم أو من يربونهم قد أحيطوا بصحبة صالحة يشرف عليها من يثقون بدينهم وخلقهم وفكرهم، وعندي هذا أهم من تحفيظهم سوراً من القرآن يرددونها دون غرس لمعانيها في نفوسهم. 4. من هنا يكون للخطاب الإعلامي، والديني بشكل خاص دور رئيسي في التنبيه إلى أهمية اختيار الأصحاب والأصدقاء وتحديد وتوجيه معايير هذا الاختيار. 5. إن للمجتمع دوراً في إنشاء المراكز ودور الأنشطة التي تحتضن الشباب والفتيات وتحيطهم بالصحبة الصالحة تأكيداً لدور العلاقات في المحافظة على القيم والأخلاق وبناء الهوية السليمة. 6. يأتي دور الخطاب الإعلامي والديني منه بشكل رئيسي لتبيان أثر العلاقات السيئة والصالحة، وأسس الاختيار، والأنشطة الجماعية ومراكز تنمية الهوايات والمهارات، وهيئات صناعة القادة، وتشجيع الرحلات الجماعية النافعة، وطرح بدائل للأنشطة المفسدة، والإبداع في تعليم الشباب فن بناء العلاقات والتاثير في الناس وتجنب التاثير السلبي عليهم، والتفنن في الاستفادة من الأوقات الجماعية لتبادل المنافع بينهم. وأخيراً أقول: إن كل ما تبنيه الأسرة ويحرص على زراعته الوالدان من قيم وأخلاق وعقيدة قد تهدمه العلاقات السيئة، فهذا العنصر له أثر حاسم على كل الجوانب الأخرى.

د. طارق محمد السويدان