قطر.. هواية من خشب تساوي ذهبا
"الأخشاب تلقى دون أن يستفيد أحد منها، وفي الوقت نفسه الموبيليا مرتفعة الثمن، فلم لا أستغل هذه الأخشاب لأوفر ما أحتاجه في بيتي؟".. هكذا فكر المواطن القطري أحمد محمد السيد عندما وجد كميات الأخشاب التي تقوم البلدية بنقلها للدفن في مقبرة أم الأفاعي للنفايات، مفضلا الاستفادة بهذه الموارد المهدرة في صناعات مفيدة لاسيما أن قطر تعد من مستوردي الأخشاب. ولأنه لم يكن يملك المعلومات الكافية عن الأخشاب والنجارة اشترك في عدد من منتديات الإنترنت المهتمة بهذا الشأن لتطوير ذاته واكتساب المزيد من الخبرات، والآن أصبح يملك ورشة خاصة في منزله -بالوكرة جنوب العاصمة الدوحة- لتصنيع عدد من المنتجات الخشبية التي يتم استخدامها ضمن أغراض المنزل.
المهندس أحمد السيد أوضح لـ"إسلام أون لاين.نت" أنه اتخذ هذا الأمر كهواية له، حيث آثر أن يستفيد بالأشجار والأخشاب التي قد تلقى في النفايات حتى تتلف بفعل الحرارة الشديدة دون أن يستفيد أحد منها.
وبين أن الفكرة جاءته في البداية حينما كان يتردد قبل عشر سنوات على دول جنوب شرق آسيا وأمريكا، حيث وجدهم يستفيدون استفادة كبيرة من الأخشاب التي يتم تقطيعها، أو الزائدة عن الحاجة ويقومون بإعادة تصنيعها بشكل مفيد، يأتي هذا في الوقت الذي كنت أجد فيه الأخشاب تلقى لدينا دون أن يستفيد أحد منها، وفي الوقت نفسه الموبيليا مرتفعة الثمن، ففكرت في استغلال هذه الأخشاب.
وتابع: آنذاك لم تكن لدي خبرة في فهم أنواع الأخشاب أو التعامل معها، فلجأت للاستشارات إضافة إلى شراء عدة مجلات أجنبية تتناول التعريف بمجال الأخشاب والغابات، لكن هذا الأمر لم أجده يكفي فاشتركت في منتدى الغابات الأمريكية لكي أطلع على جميع الأمور المتعلقة بالأخشاب وأنواعها، ثم شبكة الأخشاب التي تختص بمشاكل التصنيع والأخشاب.
وتابع: وكنت كلما واجهتني عقبة في هذا المجال أقوم بالسؤال عنها في المنتدى وكانت العقبات كثيرة، خاصة في البداية، لكنني استطعت الإلمام بالكثير من المعلومات المهمة في هذا الشأن.
وحول كيفية الاستفادة من هذه المنتديات، قال فيما بتعلق بأنواع الأخشاب، كانوا يطلبون مني أن أصور لهم جذع الشجرة وورقتها، ومن خلالها يتعرفون على نوع الخشب، وكان تجاوبهم معي ممتازا.
وتابع: أما كيفية تقطيع الأخشاب، فتعلمتها من خلال استشارات البعض إضافة إلى المنتدى أيضا، واستغرق مني تعلم كيفية تقطيع الأخشاب حوالي عام تقريبا كي أتعلمه على النحو السليم عن طريق الفيديو من خلال "الإنترنت".
وبين أنه من بين الأمور الأخرى الذي تعلمها من خلال "الإنترنت" كيفية استخدام وسائل الأمان وأمور السلامة التي يجب اتباعها أثناء العمل، ومنها ضرورة ارتداء سماعات للأذن وكمامات على الأنف والفم ونظارة لحماية العين وارتداء واق للساقين أثناء التقطيع، والآن أنشأ ورشة صغيرة ملحقة بمنزلة.
وأشار إلى أنه داخل الورشة ذاتها أشياء قام بصنعها بنفسها مثل المنضدة التي يستخدمها في العمل.

مراحل العمل

شاهد:
الأخشاب من مهملات إلى منتجات
وعن مراحل العمل، يقول السيد: تبدأ فور تلقي اتصال من أحد الأصدقاء أن لديه شجرة بمنزله يريد قطعها لسبب أو لآخر، أو أن البلدية ستقوم بتوسعة أحد الشوارع وستقوم أيضا بقطع أشجار، حينها أتوجه للمكان المقصود للحصول عليها لأنهم غالبا ما يتخلصون منها بإلقائها في النفايات، ولهذا قمت بشراء مقطورة صغيرة يتم وصلها بالسيارة لأحمل عليها الشجرة.
وتابع: ولكن قبل عملية القطع أو النقل أعاين الشجر أولا، فلا بد أن يكون لها مواصفات معينة حتى يمكن الاستفادة منها، فمثلا سمك الشجرة لا يجب أن يقل عن قدم واحد، كذلك نوع الخشب يجب أن يكون صالحا مثل خشب القرط والأكاسيا والكافور "الكيني" وخشب السنط لأن هناك أشجارا لا يمكن الاستفادة منها.
وأضاف: في حال التأكد من صلاحية الشجرة أقوم بقطعها ونقلها إلى ساحة أعددتها لهذا الغرض، حيث تتم عملية القطع أولا، ثم عملية التجفيف عبر فرن بسيط أنشأته بنفسي أستفيد فيه من حرارة الشمس العالية بالبلاد، مشيرا في هذا الصدد أن نسبة الماء في الأشجار تتراوح من 35 إلى 60% وهي نسبة عالية، لذا فيتم التجفيف حتى تصل النسبة إلى 8% على ألا تقل عن 4%، مشيرا إلى أن الخشب لو لم يتم تجفيفه فسيتشقق بعد فترة، ويتحقق من هذه النسبة عبر جهاز اشتراه لهذا الغرض اشتراه أيضا عبر الإنترنت بـ300 دولار.
وأوضح أنه بعد الانتهاء من عملية التجفيف التي تستغرق نحو شهرين في فصل الصيف، يبدأ عملية التنعيم لإزالة أي اعوجاج في الخشب ثم يبدأ قص الأخشاب بالمقاسات المطلوبة.
ويبين السيد أنه قبل البدء في المشروع، سواء كان طاولة أو دولابا أو مكتبة أو أي شيء، لا يرتجل العمل بعشوائية، بل يقوم أولا برسم المشروع الذي يود تنفيذه على برنامج اسكتش أب، ويحدد الشكل والتصميم والمقاسات المطلوبة، ثم بعد ذلك يقوم بتنفيذ الرسومات على أرض الواقع.
وأشار إلى أن لديه عددا من الماكينات التي يستخدمها في تقطيع الأشجار الواقفة أو الماكينات التي تستخدم في شق الأخشاب وتقطيعها كما لديه أنواع متعددة من الأدوات التي تستخدم في تهذيب القطع الخشبية وتجهيزها للاستعمال.
وعن المنتجات التي قام بتصنيعها يقول المهندس أحمد السيد: استطعت تصنيع عدد من المنتجات الخشبية التي يتم استخدامها ضمن أغراض المنزل ومنها الأبواب والخزانات الخشبية وعلاقات الملابس والأسرّة وبعض الطاولات المختلفة الأحجام التي تستخدم لتناول الطعام أو التي يتم وضع أجهزة التلفزيون عليها.

معوقات واقتراحات

وحول نيته الاستفادة من هذه الهواية بشكل اقتصادي، قال السيد إن أمله الحصول على قطعة أرض في المنطقة الصناعية، ولكنه بين أن لديه معوقات إدارية ومالية، حيث يستلزم الحصول على قطعة أرض ووجود سجل تجاري، والسجل التجاري يحتاج أن يكون لديك نشاط وعمال وأنا لا أملك هذا، كما أن المشروع سيتكلف أموالا لا تتوافر لدي حالا.
ومن خلال تجربته أعرب عن أمنيته في أن يتم إنشاء مؤسسة لتعليم الشباب كيفية التعامل مع الأخشاب وفنون النجارة خاصة في أوقات العطلات الصيفية لكي يكتسبوا مهارات التعامل مع هذه الأشياء.
وقال السيد: "بموازاة اهتمام الدولة بالكمبيوتر والسباحة، يجب أن تهتم بتعليم الشباب الصناعة ولا سيما خلال عطلة الصيف".
كما دعا المسئولين في وزارة البلدية إلى زراعة أنواع عديدة من فصائل الأشجار التي كانت تزرع منذ حوالي 20 سنة ولم يعد هناك كثير من تلك الأنواع من الأخشاب مثل الخشب الكيني والذي يسمي "كافور" والخشب الأحمر الذي يسمى في العامية "القرد" وخشب "الأكاسيا" وخشب السدر وخشب "يوكليبتوس"، مشيرا إلى أنها أشجار مهمة وبها أنواع نافعة من الأخشاب التي يمكن استخدامها في كثير من الأغراض المهمة في حياتنا.

<A id=***1 name=***1>صحفي من أسرة إسلام أون لاين.نت-مكتب الدوحة