صدورالعدد الجديد من مجلة الجوبة الفصلية
أحمد الدمناتي/المغرب
شاعر وناقد من المغرب
Demnati_ahmed@yahoo.fr









الجوبة 21 تبحث شرعية قصيدة النثر و تخصص ملفا للأزمة المالية العالمية و
تحاور فاروق شوشة و جمال الموساوي

ضمن برنامج النشر ودعم الأبحاث بمؤسسة عبد الرحمن السد يري الخيرية بمنطقة الجوف صدر العدد 21 لخريف 2008م من مجلة الجوبة الثقافية حاملا معه العديد من المواد الثقافية والأدبية وملفا خاصا عن دورة منتدى الأمير عبدالرحمن السديري الثانية بمنطقة الجوف والخاصة بالأزمة المالية العالمية وتداعياتها على الاقتصاد السعودي خلال الفترة من 26 - 28نوفمبر 2008م .
وتقدم لنا الجوبه ملفا خاصا عن هذا المنتدى- في دورته الثانية - الذي استضافته المنطقة بمشاركة وحضور نحو (50)شخصية اقتصادية من مختلف مناطق المملكة. ، وشمل فعاليات متنوعة على مدى ثلاثة أيام، أبرزها الندوة التي تناولت موضوعاً له أهميته البارزة والمؤثرة في المجتمع السعودي على وجه الخصوص، وما له من امتدادات وتأثيرات قد تتجاوز حدود هذا المجتمع. كما تم خلاله -ولأول مرة - تكريم شخصية متميزة، لها إسهاماتها الواضحة في القطاع الذي تتناول موضوعه الندوة ، إنه "المخطط والاقتصادي السعودي البارز والمعروف الدكتور/ فيصل بن صفوق البشير".
وتضمنت الجوبة دراسة عن "التربية الجمالية عند الطفل" لسامي دقاقي خلص فيها إلى القول بأن الذائقة الجمالية عموما، والذوق الفني خصوصا، تبقى أهم تركيب في شخصية الإنسان، منذ الولادة وحتى الموت، ذلك أنها تحقق في شطر كبير وجود هذا الإنسان ( الوجود الوجداني والمعرفي والسيكولوجي على وجه التحديد)، كما أنها تقوم في شطر آخر على هذا الوجود كي تتمظهر، وتتطوّر،وتتهذب.وفي هذا يتساءل..أليس الإنسان كائنا اجتماعيا؟ إذاً فهو بالضرورة كائن تفاعلي/ انفعالي، يقوم وجوده كله على ثنائية القبول والرفض، الفعل والانفعال، التأثير والتأثر، وهي ثنائيات تخدم الذوق، ويخدمها الذوق أيضا عبر مستويات من الاستقبال والتلقي . ، أي أن الذوق ينتقل من مستوى الانفعال الوجداني والعاطفي، إلى مستوى الاكتساب المعرفي، أو بتعبير آخر من مستوى القراءة والتلقي المنفعلين إلى مستوى الإنتاج وإعادة الإنتاج الفاعلين.
وفي الجوبة دراسة أخرى في" قصيدة النثر بين شرعية الهوية والتهميش" للدكتورة وجدان الصائغ رئيسة قسم اللغة العربية والدراسات الإسلامية بجامعة ذمار باليمن، أوردت فيها مجموعة من الرؤى والشهادات خلصت منها للقول بأنه يستقى من عمومها الانفتاح على قصيدة النثر، بوصفها شكلا طريفا ولد جراء الرغبة الجامحة في التحرر، والانعتاق من سلاسل العروض وأعراف اللغة وتقاليد المكرور، وعبر مخاضات متوالية رفدتها المواهب الحقيقية مثل (أدو نيس ومحمد الماغوط وانسي الحاج وعبد العزيز المقالح وقاسم حداد )، عصارة نتاجها الباحث عن الشكل الأجد والقولبة الطريفة اللافتة، فحفرت لها نقوشا مميزة في أفقنا الثقافي المعاصر، وهو ما جعلنا نردد ما أوردته سوزان بيرنار وهي تنظر لقصيدة النثر على لسان فكتور هيغو: (ليذهب الشاعر اذاً حيثما شاء ، ويعمل ما يحلو له ، هذا هو قانونه ... وسواء كتب نثرا أم شعرا ، سواء نحت في المرمر أم صب تماثيله من البرونز ... فهذا رائع ، والشاعر حر). ويأتي فوز الشاعر البحريني قاسم حداد بجائزة العويس عام 2001م ليؤكد حقيقة مفادها أن الومضة الإبداعية التي تفلح في أن تخترق الحواجز الفاصلة بين المرسل ( المبدع ) ،والمرسل إليه ( القارئ )، تسمو على قولبتها الشكلية وقوانينها المعمارية . وهو ما يعكس ضمنا مباركة المشهد الثقافي العربي لواقع قصيدة النثر ومستقبلها.
و تدخل الجوبة في مواجهتين.. الأولى مع الشاعر العربي الكبير فاروق شوشة الذي يحتل موقعا بارزا في الوجدان المصري والعربي منذ أن انطلق صوته شاعرا وإذاعيا عاشقا للغة العربية وجمالياتها ، وهو الذي قدم من الأعمال الشعرية والأدبية والنقدية- عبر رحلته التي تربو على الأربعين عاما- ما يمثل كنزا للمكتبة العربية . ويشغل حاليا منصب أمين عام مجمع اللغة العربية ، ورئيس لجنتي النصوص في الإذاعة والتلفزيون, وعضو لجنة الشعر في المجلس الأعلى للثقافة, ورئيس لجنة المؤلفين والملحنين. شارك في عدة مهرجانات شعرية عربية وعالمية. وحصل على العديد من الجوائز منها جائزة الدولة في الشعر, وجائزة محمد حسن الفقي,
يقول شاعرنا أن اللغة القرآنية قادته إلى الشعر ، وأن الشعر قاده إلى حب اللغة ، وبالتالي لولا الشعر لما كانت علاقته مع اللغة علاقة حميمية ، و يقول أننا بحاجة إلى نقد تفسيري‏,‏ تنويري‏,‏ يضيء العمل الأدبي الإبداعي ويثريه‏,‏ ويقربه من قارئه‏,‏ ويفتح أبواب الحوار معه اتفاقا واختلافا‏.‏
أما المواجهة الثانية فكانت مع الشاعر المغربي جمال الموساوي الذي تنقل من كتاب "الظل "إلى "مدين للصدفة"، وهي مجموعات شعرية نحت من خلالها مجرى صوته الشعري مغربيا وعربيا. يتحدث بكل جرأة عن الأمراض الثقافية وحالات الوصاية، ويحتفل بكل جمال بالأصوات الشعرية هنا وهناك تأكيدا منه على أن الأدب درس محبة.
تحدث عن قصيدة النثر ..وتساءل..لماذا يستنكرها البعض في وقت كل الأشياء تتداخل فيه فيما بينها، فأصبح للشعر إقامة في النثر - في الرواية والقصة وحتى في المقال النقدي، وأحيانا الصحفي، ثم في التجلي الأكبر للنثر، أي قصيدة النثر- وكذلك صار للنثر مثل تلك الإقامة في الشعر، فيحضر السرد في القصيدة، وتحضر القصة والحكي والحوار، وربما تحضر أشكال أخرى للنثر. وفي النهاية يتعلق الأمر باختيار شكل للكتابة يستجيب للانفعال الداخلي للشاعر، وهذا الاختيار متعدد بتعدد الشعراء.
وعن تطور القصيدة المغربية يقول الموساوي أنها قطعت حتى الآن مراحل مهمة، وتطورت مع التحولات التي عرفها المجتمع المغربي منذ خمسينيات القرن الماضي، فأثرت وتأثرت.
وتنشر الجوبة قصصا لبشاير فارس وإيمان مرزوق وفاطمة المزروعي وشمس علي وحنان الرويلي ومحمد صوانه وقصة مترجمة لخلف سرحان القرشي.كما تنشر قصائد لفهد الخليوي ود. عثمان مكانسي وطارق فراج وفيصل أكرم وملاك الخالدي والسماح عبدالله والتجاني بولعوالي .
وتتناول الجوبة مقالات نقدية لمحمد الفوز ، و د. عبد الناصر محمود عيسى وعبدالحق ميفراني ودجلة السماوي..
وفي باب نوافذ تناولت الجوبة ( تكاملية السلوك الإبداعي للكاتبة والفنانة التشكيلية السعودية ليلى جوهر. والزواج عند المماليك للدكتور محمد حسن .
وفي مجال الفنون تناولت موضوعا عن خط الثلث باعتباره عبقرية أمة وإعجاز قلم للخطاط السوري معصوم محمد خلف. كما تناولت مسرح الستينيات في مصر – سعد الدين وهبة للكاتب سعيد نوح،
كما قدمت الجوبة قراءة في كتاب" فتنة السؤال " تأليف سيد محمود الذي تناوله الكاتب عصام أبو زيد وقراءة في رسائل (ريلكة – يوسا ) تناولها الكاتب السعودي عبد الله العقيبي.
وعلى هامش الأزمة المالية العالمية تحدث رئيس التحرير الأستاذ إبراهيم الحميد في افتتاحيته عن معاناة العالم من مشكلة التضخم الذي أدى إلى ارتفاع الأسعار والخدمات لمستويات غير مسبوقة ، و الأزمة المالية العالمية -بكل تداعياتها - التي بدأت مقدماتها منذ بضعة أشهر، لتكشف عن وجهها في نهاية شهر رمضان الماضي ، ولتنعكس بشكل مريع على وضع السوق المالية السعودية في شكل انحدار ثم انهيار أدى إلى فقدان السوق المالية لكل مكاسبها التي جنتها خلال العشر سنوات الماضية ، وفي هذا الأثناء عمل القائمون على منتدى الأمير عبدالرحمن السديري للدراسات السعودية بالتخطيط، ودعوة الخبراء الاقتصاديين للمشاركة فيه بما يثري أروقته بطروحاتهم ، و دراساتهم ، وأبحاثهم ، ومداخلاتهم التي جعلت منه حدثا غير مسبوق ، رغم تتالي المؤتمرات المشابهة في أماكن مختلفة من هذا العالم .
فقد كانت أيام المنتدى - بمن شارك فيها من شخصيات اقتصادية وثقافية بارزة، وعلى رأسها الشخصية المكرمة الدكتور فيصل بن صفوق البشير ، وإن لم تمتلك تلك الشخصيات عصا سحرية لإعطاء الوصفة المناسبة لتقليل اثر الأزمة العالمية على المملكة- فرصة مهمة لمعرفة رؤى تلك الشخصيات حول هذه الأزمة وأثرها ، ويقول الحميد إن الدكتور البشير كان شفافا وواضحا إلى أبعد الحدود ، وهو يتحدث عن مراحل عاشتها المملكة وعايشها هو نفسه ، وكانت الفرص مواتية فيها لتحقيق إنجازات بدت كفيلة بحماية اقتصادنا ، ومنها تحقيق التنمية المتوازنة ، لولا أن بعض الأصوات المؤثرة رجحت فكرة محددة ، مما أدى إلى تحولنا إلى بلدٍ ذي " قدرات هائلة "" ولكن " بإنجازات اقتصادية متواضعة " .
كذلك كان واضحا وهو يصف العلاج لبعض أزماتنا الاقتصادية ، ومنها ضرورة التدخل لكبح بعض الأزمات المفتعلة كأزمة سوق الأسهم ، والوضع الاقتصادي السعودي، وكان صريحا عندما تحدث عن أصحاب الفكر الاقتصادي الضال والمضلل، الذين اعتبرهم سببا رئيسا من أسباب تردي وضعنا الاقتصادي ،إن لم يكونوا السبب الوحيد في ذلك .
ويتعرض الحميد في افتتاحيته للدور الذي تضطلع به المؤسسات الثقافية، فيصفه بالمهم في توعية المجتمع ، لإحداث الحراك ، واخذ الدروس والعبر ، وما هذا المنتدى الذي جاء ليختار موضوعا يعتبره الجميع موضوع الساعة ، إلا دليل على أهمية الدور الذي تقوم به هذه المؤسسات ومنها هذه المؤسسة الخيرية التي رعت المنتدى ، لتكون مظلة تنطوي تحتها تفاصيل نحن بأمس الحاجة إليها كتعميق ثقافة الحوار، والتفاهم ، و البحث العلمي ،والانفتاح على العصر، وفق أسس من الاعتزاز بالذات ، وتحصينها بثقافة التسامح و القوة المستمدة من الحق .
ويستطرد الحميد قائلا إن إقامة مثل هذه الندوة في منطقة الجوف ، سيكون لها أهمية كبرى على طريق التنمية في المملكة بشكل عام ، وفي منطقة الجوف على وجه الخصوص ، والتي تنكبتها سنوات التنمية لعقود طويلة ، لَتَتَطلَّعُ إلى أن تنفيذ التنمية المتوازنة ، سيؤدي إلى تحقق النمو المنشود الذي ينعكس إيجابا عليها ، بسبب وجود هذا العدد من الخبراء الاقتصاديين ومتخذي القرار في وطننا ، وبسبب إيمانهم بما جاء في المنتدى من طروحات ورؤى لامست جراحنا الاقتصادية والتنموية الغائرة.
والجدير ذكره أن الجوبة مجلة ثقافية تصدر كل ثلاثة أشهر عن مؤسسة عبد الرحمن السدير ي الخيرية ويمكن التواصل معها عبر بريدها الالكتروني :
Aljoubah@gmail.com