منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 3 من 3
  1. #1

    إلى أمهات غرقى زرزر ... بقلم: آرا سوفاليان

    إلى أمهات غرقى زرزر ... بقلم: آرا سوفاليان
    مقالات واراء

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعيقبل عيد الأم بثلاثة أيام، عشر باقات من زهر البنفسج تم رميها في بحيرة زرزر وظهرت كلها على السطح ترسم نظرة أسى وعتب وعلى شفاه البنفسج سؤال قديم جديد انطلق من زرزر فأحدث عشر دوائر تشبه تلك الدوائر التي تنتج عن رميّ حجر في الماء، وكثرت الدوائر وتقاطعت ووصلت إلى مسامع كل نفسٍ تسبح الخالق في مشاتل البنفسج وخارجها بفضل الفضائيات، وكل دائرة تحوي سؤال واحد مؤلف من كلمتين وإشارة تعجب... والسؤال هو :إلى متى!

    وصعدت الأنفس إلى باريها بعد أن تمت المحاورة الغريبة بينها، والمُقل تتجه إلى السماء حيث الرحمة، من زرزر حيث ضاعت الرحمة.
    آذار موسم الورود والفرح، حولته الحماقة إلى موسم حزن ودموع وألم!... فإلى متى!
    قالت الباقة الأولى باكية: أهكذا نكافئ أمهاتنا، وقبل عيد الأم بثلاثة أيام، ومن سيجرؤ على الاقتراب من الحصّالة التي جمعنا فيها ما جمعنا لشراء هدية عيد الأم؟... لهفي على أمي المفجوعة وأبي المقتول الذي لم ولن يعرف غريمه.
    قالت الباقة الثانية: كل شيء يمر أمامي بسرعة، أخجل من أمي ومن دمع أمي المدمّى الآن بعد الذي حدث، أمي التي ولدتني وأرضعتني وكافأتها بحرمانها من النوم ببكائي حتى الفجر، ورجوتها أن أذهب فسمحت لي لأكافئها بالبكاء طول العمر.
    قالت الباقة الثالثة: في عمر السنتين علمتني المشي، وكافأتها بالهروب منها فكانت تركض خلفي وتعيدني، ولكن من يعيدني الآن، والخوف يعتصر روحي التي غادرت جسدي من مجرد التفكير بأنها قد تحاول الركض خلفي؟
    قالت الباقة الرابعة: في عمر الثلاث سنوات أجهدت نفسها في صنع الوجبات الخفيفة التي تناسب سنيّ، وكافأتها يومذاك برمي الصحون على الأرض، والبارحة حضّرت لي آخر وجبة، لم أذق منها لقمة واحدة وهي لا زالت هناك على مقعدي في الباص، لن يجرؤ أحد على الاقتراب منها فليس لأحد مأرب في طعام الأموات، ولا بد أن ترمى على الأرض وتضيع كما ضاع جهد أمي ومات حلم أبي.
    قالت الباقة الخامسة: قالت لي أمي: البسي ما يلائم الرحلات، قلت لها: بل سألبس أجمل ما عندي، قالت اتركي ملابس العيد للعيد، ولا ترهقي والدك بشراء ملابس أخرى للعيد، قلت لها: بل سألبس ملابس العيد، ولم أكن أعرف أنني سأمسي وأهلي في عيد وأي عيد، وسأعايد أهلي أجمل معايدة، أما ملابسي فلقد اتسخت بوحول أهل زرزر قبل وحول زرزر.
    قالت الباقة السادسة: عندما كنت صغيرة، وبعد أن سجلتني أمي في المدرسة، كنت أصرخ في وجهها... لا أريد الذهاب... لا أريد الذهاب إلى المدرسة، وعندما كبرت صرت أخجل من البوح بذلك، إلاَّ في الأمس فلقد عدت للصراخ في وجهها وقلت لها بل سأذهب فلقد وعدت صديقاتي أن أكون معهنَّ في الرحلة، قالت لي: سنذهب كلنا في سيارة والدك، وسيلغى هذا المشروع إن لم تكوني معنا،فما ذنب اخوتك... فأجبتها: إن سيارة والدي لا تتسع لصديقاتي!... والآن كم أحنُّ لسيارة والدي وقد حرمت منها ومن رؤية ناسها، وحُرموا هم من رؤيتي... دون أن يكون ذلك على خاطري.
    قالت الباقة السابعة: كانت تنتظرني كل يوم لتعانقني بعد رجوعي من المدرسة، وعقارب الساعة المثبتة فوق خزن المطبخ تحفّز لديها الأمل للقاء الأحبّة، فكانت أمي تحثُّ الساعة على التقدم، والساعة تبطئ ليزيد الشوق في صدر أمي، وبعد اليوم، من سيجرؤ على النظر إلى تلك الساعة، وماذا سيحدث في مثل تلك الساعة؟
    قالت الباقة الثامنة: في العام الماضي بكت أمي بعد أن استلمت جلائي وقلت لها: أريد هدية تناسب ما ورد في هذا الجلاء، فقالت لي: ما ورد في الجلاء هو لك ولقلبك أما ما بقي معي فهو لمعيشتك ومعيشة اخوتك... فبكيت وبكيت وبكيت وأجبرتها فاشترته لي وهو في قاع زرزر الآن يرنّ ولا أجيب.
    قالت الباقة التاسعة:
    أما أنا فابن مشاتل البنفسج... رُبيت في بيت أبي على المروءة والشهامة والشجاعة والإقدام، قذفت بنفسي إلى حيث قذفت بها، لأعرف بعد ذلك أني لا أعرف السباحة!.
    هذا ما فطرت عليه أنفس أبناء مشاتل البنفسج... الشجاعة والإقدام وإغاثة الملهوف إلى درجة التهور، لم أربَّ على الدناءة ولم أعرفها ولن... هناك الكثيرين مثلي بل هم الأكثرية الساحقة، ابحثوا عنهم وعاملوهم بكرامة واتركوهم حيث لن تلزمهم السباحة، اتركوهم ليفعلوا ما فعلت في مواجهة إسرائيل الجبانة التي تحارب من الجوّ بأسلحة حديثة محرمة، تبتر أطراف الأطفال وتخترق شظاياها أجساد النساء، وتعمي بالفوسفور أعين الأطفال، فليس هناك دناءة تفوق قتل العزّل من النساء والأطفال وهدم البيوت فوق رؤوس أصحابها الآمنين.
    لقد ذهبت، وهم بقوا، تجدونهم في مشاتل البنفسج، تعرفونهم من نفوسهم التي فطرت على الشجاعة والإقدام وإغاثة الملهوف إلى درجة التهور، هم أهل الشام، ابحثوا عنهم ولكن حذار...حذار...عاملوهم بكرامة.
    أنا الباقة العاشرة: أنا باقة العار... أنا صاحب المركب... أنا من أعماني الغرور والطمع والجشع، ورمى بكم إلى التهلكة،....من الذي صورني على شكل باقة؟؟؟. والله أني أخجل من نفسي كما حدث لآدم!... أنا من أخذ أرواحكم قبل وصول ملاك الموت، أنتم تحلقّون نحو الأعالي وأنا أضعف من أحمل نفسي...وهذا منذ أمدٍ طويل، منذ أن فتحت عيناي والفقر يلازم دار والديَّ فلم أذهب إلى أي مدرسة، أنا من نام على الطوى وهو يحلم بكسرة خبز وهو يراقب السيارات الفارهة تذهب إلى وتجيء من حيث ينتهي هذا الشارع القريب الذي دلفتم منه إلى حتفكم،والموصل إلى المصايف والقصور في تلك البقعة من أرض مشاتل البنفسج التي استملكت لصالح من استملكت من أجلهم، ليتبين فيما بعد أن من استملكت الأرض من أجلهم هم الشعب ونحن الشِعب وشتان بين الاثنين، لأن سعر المتر في أرض الشعب التي آلت إلى من آلت إليه صار يباع بالملايين لبناء القصور والفلل، وأرضنا مثوى لمن لا قيمة لهم على الإطلاق.
    لماذا تنظرون إليَّ بعين الريبة... الحساب هو وقت الحساب، وأنا واثق من البراءة، نعم لقد استدنت واشتريت أجزاء هذا القارب وجمعتها بشق النفس... لقد كان هذا القارب جديداً ولكنه تآكل الآن وفسد كما تتآكل أحلامنا وتفسد على الدوام... لماذا تنظرون إليَّ بعين الشك والريبة؟
    موتي لم ينجين من نظراتكم القاسية التي تخترق ما بقي مني!!!، هل موتي لم يشفع لي أبداً!!!، نعم لقد غرقت لأني لا أعرف السباحة... نعم أقود مركب ولا أعرف السباحة، وماذا في الأمر ولماذا نظرات الاستغراب والشماته؟؟؟، ألم تصعدوا إلى سيارة تكسي يقودها مهندس مدني لم يجد له عملاً أفضل من هذا؟؟؟، ألم يصدمكم ميكرو أعمت الشرطة قلب من يقوده بعد أن ترك أرضه وجاء العاصمة يبحث عن دريهمات؟؟؟، ألم يدهن مهندس زراعي جدران منازلكم؟؟؟، ألم تشتروا الخضار من على عربة خضار يعمل عليها معلم مدرسة؟؟؟، وبعد هذا فهل تفرَّد مركبي وصاحبه المهلهل في قتلكم؟؟؟.
    أنا وكل رجال مشاتل البنفسج عدا القلة الذين ولدوا وفي فمهم ملاعق من الدعم المذهب، يجب أن نعمل بالكدر لنؤمن معيشة أولادنا، فهناك الكثيرين مثلي وكلّهم في المكان المناسب وبشكل أكثر من مناسب والنتائج كارثية وزرزرية فلماذا نظرات الاحتقار والشماته؟؟؟.
    لماذا تستكثرون عليَّ النصف دولار أجرة الراكب في الجزء الثاني من فلم التيتانيك ولا تستكثرون مليارات الدولارات التي عثر عليها في منزل فلان، والذي حوّل رجال مشاتل البنفسج إلى متسولين، هو وأمثاله الذين يرزحون تحت ثقل الدوالير والاسترلينيات واليورويات والمصكوكات والمحكوكات، والبقية تنوء تحت ثقل الضرائب والمعيشة الغالية، اتركوني لأنام هنا و أيقظوني إن بقيتْ في مشاتل البنفسج أماكن مناسبة لأشخاص غير مناسبين، أو توقفوا فخذوني معكم... حسناً سأبقى هنا وحدي ولكن تذكروا أنه عندما يأتي يوم الحساب... أريد أن اسمع منكم مقولة حق... أرجو أن تقولوا أنه... لم يتفرد مركبي وصاحبه المهلهل بقتلكم بل هناك قتلة آخرين.
    Ara Souvalian
    ara@scs-net.org


    http://www.syria-news.com/readnews.php?sy_seq=92326
    إذا كنتَ لا تقرأ إلا ما تُوافق عليـه فقط، فإنكَ إذاً لن تتعلم أبداً!
    ************
    إحسـاس مخيف جـدا

    أن تكتشف موت لسانك
    عند حاجتك للكلام ..
    وتكتشف موت قلبك
    عند حاجتك للحب والحياة..
    وتكتشف جفاف عينيك عند حاجتك للبكاء ..
    وتكتشف أنك وحدك كأغصان الخريف
    عند حاجتك للآخرين ؟؟

  2. #2
    إذا كنتَ لا تقرأ إلا ما تُوافق عليـه فقط، فإنكَ إذاً لن تتعلم أبداً!
    ************
    إحسـاس مخيف جـدا

    أن تكتشف موت لسانك
    عند حاجتك للكلام ..
    وتكتشف موت قلبك
    عند حاجتك للحب والحياة..
    وتكتشف جفاف عينيك عند حاجتك للبكاء ..
    وتكتشف أنك وحدك كأغصان الخريف
    عند حاجتك للآخرين ؟؟

  3. #3
    شكراً لإستضافة مقالتي في موقعكم... لا بد أننا نعمل في نفس الخط والاتجاه... محبة سوريا ... تحية محبة مني لموقعكم ورواده آرا سوفاليان ara@scs-net.org

المواضيع المتشابهه

  1. درب يسد وما يرد...بقلم آرا سوفاليان
    بواسطة arasouvalian في المنتدى فرسان المقالة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 01-03-2014, 05:10 PM
  2. جيراير سوفاليان... بقلم آرا سوفاليان
    بواسطة arasouvalian في المنتدى فرسان الفني
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 06-25-2013, 02:35 AM
  3. شجر الكينا...بقلم آرا سوفاليان
    بواسطة arasouvalian في المنتدى فرسان المقالة
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 06-16-2013, 10:45 PM
  4. حشيش...بقلم آرا سوفاليان
    بواسطة arasouvalian في المنتدى فرسان المقالة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 03-30-2013, 02:52 PM
  5. على شجرةشاهقة...بقلم آرا سوفاليان
    بواسطة arasouvalian في المنتدى فرسان المقالة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 08-28-2012, 12:01 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •