في رحاب آية
)) وَسَارِعُوۤاْ إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ من رَّبكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا ٱلسَّمَاوَاتُ وَٱلأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * ٱلَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّآءِ وَٱلضَّرَّآءِ وَٱلْكَاظِمِينَ ٱلْغَيْظَ وَٱلْعَافِينَ عَنِ ٱلنَّاسِ وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلْمُحْسِنِينَ * وَٱلَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ ٱللَّهَ فَٱسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ ٱلذُّنُوبَ إِلاَّ ٱللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَىٰ مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أُوْلَـٰئِكَ جَزَآؤُهُمْ مَّغْفِرَةٌ من رَّبهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ ٱلْعَامِلِينَ ((
آل عمران الآيات: 133 * 136
يأمرنا رب العزة بالمبادرة _ دون تأخير أو تردد _ و القيام بالأعمال الموصلة لمغفرته و رحمته و دخول جنة عرضها السموات و الأرض و هنا خص سبحانه و تعالى ذكر العرض دون الطول ليكون أبلغ في وصف الجنة فإذا كان هذا العرض فما بالنا بالطول و هو أكثر
و هذه الجنة هيئت و جملت و جهزت للمتقين الذين صانوا أنفسهم عن الخبائث و جعلوا بينهم و بينها حاجزاً و واقياً
ثم ذكر الله صفات المتقين بأربع صفات :
الأولى : الإنفاق في السراء و الضراء ، في حال اليسر و العسر ، السرور و الحزن ، فهم في جميع أحوالهم ينفقون مرضاة لله
الثانية : كظم الغيظ مع القدرة على إمضاءه ، فهو يغضب لله و يرضى لله
الثالثة : يعفو عمن أخطأ بحقه طلباً للعفو من رب العالمين و يرحم طلباً للرحمة
الرابعة : إذا ما أزلهم الشيطان و أوقعهم بمعصية ذكروا الله و خافوا عقابه و طمعوا بجنته فاستغفروه و طمعوا بكرمه و فضله و لم يقنطوا من رحمة الله و لم يستهينوا بحقه و يستمروا بمعصيته
فالموصوفون بهذه الصفات سيغفر الله لهم و يدخلهم الله جنات فيها ما لا عين رأت و لا خطر على قلب بشر

في رياض الحديث
عن عمرو بن عوف (( أن النبي -صلى الله عليه وسلم- بعث أبا عبيدة إلى البحرين فأتى بجزيتها، وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صالح أهل البحرين وأمَّر عليهم العلاء بن الحضرمي، فقدم أبو عبيدة بمال من البحرين، فسمعت الأنصار بقدوم أبي عبيدة، فوافوا صلاة الفجر مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فلما صلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- انصرف، فتعرضوا له، فتبسم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين رآهم ثم قال: أظنكم سمعتم أبا عبيدة قدم بشيء من البحرين؟ قالوا: أجل يا رسول الله، قال: فأبشروا وأمّلوا ما يسركم، فوالله ما الفقر أخشى عليكم، ولكن أخشى عليكم أن تُبْسَط عليكم الدنيا كما بسطت على من كان قبلكم، فتنافسوا فيها كما تنافسوها، فتهلككم كما أهلكتهم ))
نرى في هذا الحديث صراحة الأنصار و قولهم الحق عندما سألهم الرسول صلى الله عليه و سلم (( أظنكم سمعتم أبا عبيدة قدم بشيء من البحرين؟ )) فقالوا (( أجل يا رسول الله )) و لم يقولوا لا إنما جئنا للقائك و السلام عليك
نرى لطف الرسول صلى الله عليه و سلم بأصحابه و مراعاة أحوالهم
عندما قال لهم (( فأبشروا وأمّلوا ما يسركم )) هذه الكلمة التي أثلجت صدور الصحابة ، و لم يلمهم على حب منافع الدنيا و شهواتها ما لم تتعارض مع الدين
حرص الرسول الكريم على تعليم الصحابة الخير و استغلال المناسبات لذلك ليكون الأثر أكبر حيث قال لم معلماً (( فوالله ما الفقر أخشى عليكم، ولكن أخشى عليكم أن تُبْسَط عليكم الدنيا كما بسطت على من كان قبلكم، فتنافسوا فيها كما تنافسوها، فتهلككم كما أهلكتهم ))
نتعلم من هذا الحديث أيضاً أن بسط الدنيا هو من الفتن التي يُبتلَى بها الناس، والفقر أيضا هو ابتلاء، لكن فتنة البسط أخطر من فتنة القَدْر والتضييق في المعيشة في الفقر، الابتلاء بالثراء والغنى والبسط في حظوظ الدنيا هو الخطر.
قال بعض السلف: ابتلينا بالضراء فصبرنا، وابتلينا بالسراء فلم نصبر.
و أن التنافس على الدنيا مذموم و مهلك ، فالتنافس على الشيء هو التغالب و التسابق إليه و الحرص على الإكثار منه و إيثاره على غيره و بالتالي إيثار الدنيا على الآخرة و هذا هو المذموم

بقعة ضوء
أبو موسى الأشعري
أَبُو مُوْسَى الأَشْعَرِيُّ، عَبْدُ اللهِ بنُ قَيْسِ ابْنِ سُلَيْمِ بنِ حَضَّارِ بنِ حَرْبٍ.
الإِمَامُ الكَبِيْرُ، صَاحِبُ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَبُو مُوْسَى الأَشْعَرِيُّ، التَّمِيْمِيُّ، الفَقِيْهُ، المُقْرِئُ.
وَهُوَ مَعْدُوْدٌ فِيْمَنْ قَرَأَ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَقْرَأَ أَهْلَ البَصْرَةِ، وَفَقَّهَهُمْ فِي الدِّيْنِ.
وَقَدِ اسْتَعْمَلَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَمُعَاذاً عَلَى زَبِيْدٍ، وَعَدَنَ.
وَوَلِيَ إِمْرَةَ الكُوْفَةِ لِعُمَرَ، وَإِمْرَةَ البَصْرَةِ، وَقَدِمَ لَيَالِيَ فَتْحِ خَيْبَرَ، وَغَزَا، وَجَاهَدَ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَحَمَلَ عَنْهُ عِلْماً كَثِيْراً.
اسلامه و هجرته
أَسْلَمَ أَبُو مُوْسَى بِمَكَّةَ، وَهَاجَرَ إِلَى الحَبَشَةِ، وَأَوَّلُ مَشَاهِدِهِ خَيْبَرُ
عَنْ أَبِي مُوْسَى، قَالَ: خَرَجْنَا مِنَ اليَمَنِ فِي بضْعٍ وَخَمْسِيْنَ مِنْ قَوْمِي، وَنَحْنُ ثَلاَثَةُ إِخْوَةٍ: أَنَا، وَأَبُو رُهْمٍ، وَأَبُو عَامِرٍ، فَأَخْرَجَتْنَا سَفِيْنَتُنَا إِلَى النَّجَاشِيِّ، وَعِنْدَهُ جَعْفَرٌ وَأَصْحَابُهُ، فَأَقْبَلْنَا حِيْنَ افْتُتِحَتْ خَيْبَرُ.
فَقَالَ رَسُوْل اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (لَكُمُ الهِجْرَةُ مَرَّتَيْنِ، هَاجَرْتُمْ إِلَى النَّجَاشِيِّ، وَهَاجَرْتُمْ إِلَيَّ).
أوتى مزمار من مزامير آل داود
عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
خَرَجْتُ لَيْلَةً مِنَ المَسْجِدِ، فَإِذَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عِنْدَ بَابِ المَسْجِدِ قَائِمٌ، وَإِذَا رَجُلٌ يُصَلِّي، فَقَالَ لِي: (يَا بُرَيْدَةَ، أَتَرَاهُ يُرَائِي؟).
قُلْتُ: اللهُ وَرَسُوْلُهُ أَعْلَمُ.
قَالَ: (بَلْ هُوَ مُؤْمِنٌ مُنِيْبٌ، لَقَدْ أُعْطِيَ مِزْمَاراً مِنْ مَزَامِيْرِ آلِ دَاوُدَ).
فَأَتَيْتُهُ، فَإِذَا هُوَ أَبُو مُوْسَى؛ فَأَخْبَرْتُهُ.
من أقواله رضي الله عنه
ان الجليس الصالح خير من الوحدة والوحدة خير من الجليس السوء ومثل الجليس الصالح كمثل صاحب العطر إلا يحذك يعبق بك من ريحه ألا وان مثل الجليس السوء كمثل صاحب الكير إلا يحرق ثيابك يعبق من ريحه إلا وإنما سمي القلب من تقلبه وان مثله القلب كمثل ريشة بأرض فضاء تضربها الريح ظهرا لبطن إلا وان من ورائكم فتنا كقطع الليل المظلم يصبح الرجل فيها مؤمنا ويمسي كفارا والقاعد فيها خير من القائم والقائم خير من الماشي خير من الراكب. قالوا فما تأمرنا قال كونوا احلاس البيوت.

اني لاغتسل في البيت المظلم فما اقيم صلبي حتى أخذ ثوبي حياء من ربي عز وجل
ايها الناس ابكوا فان لم تبكوا فتباكوا فان أهل النار يبكون الدموع حتى تنقطع ثم يبكون الدماء حتى لو ارسلت فيها السفن لجرت

هل تعلم
أنه إذا رتب الفضل على عمل قولي أو فعلي فإنه يكون مندوبا،ً إذا لم يُقرن بأمر. فإن قرن بأمر، فعلى الأصل أن الأمر للوجوب.
والمندوب هو: ما يثاب على فعله ولا يعاقب على تركه.

و إذا ورد عن النبي r فعل بدون أمر فهو للندب إذا ظهر منه قصد التعبد به، إلا إذا كان فعله r وقع بياناً لأمر أمر الله به فحكم ذلك الفعل حكم ذلك الأمر.
فإن كان الأمر المبين للوجوب كان ذلك الفعل واجباً، وإن كان ذلك الأمر للندب كان ذلك الفعل للندب.

من خير الشعر
وَكُـــلُّ مَـــا رُتِّـبَ فِيــهِ الفَضْـلُ مِــنْ غَـيـرِ أَمْــرٍ فَهْـوَ نَـدْبٌ يَجْلُو
وَكُـــلُّ فِعْـــلٍ لِلنَّبِـــيِّ جُــرِّدَا عَــنْ أَمْــرِهِ فَغَــيرُ وَاجِــبٍ بَـدَا
منقول من ايميلي