أحياء وتعاويذ ورموز
في قــــراءات تشكيليــــــة حلبيــــــة
نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
تمنح المعارض الجماعية المتلقي فرصة ثمينة للاطلاع على تجارب فنية متنوعة تتناول موضوعات فنية مختلفة او قراءات مختلفة لموضوعات محددة وقد حرصت صالة فري هاند للفنون التشكيلية على تنظيم مثل هذه المعارض بخصوصية معينة تجعل منها احتفالية تشكيلية هامة.
ففي معرضها الاخير، جمعت فري هاند سبعة من الفنانين الحلبيين يشاركون بأكثر من ثلاثين لوحة وهم عصام حتيتو ، كميران حاجي، ابراهيم الحسون، غسان صباغ، مانينا سيوفي، عبد المحسن خانجي ، منذر شرابه.

نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
عصام حتيتو
يقدم عصام حتيتو سبع لوحات ينتقل فيها بين الطبيعة الصامتة عبر لوحتي المزهرية، وبين التصوير التعبيري لملامح انسانية حياتية تعود الى فترات زمانية مختلفة مثل لوحة عامل التنظيفات وهو يكنس الشارع، او لوحة البورتريه الشخصية المتميزة ببراعة تقديم تفاصيلها الصغيرة بأسلوب واقعي يميل نحو التعبيرية.
يستخدم حتيتو في لوحاته الواناً محددة وفق معالجات فنية تأخذ شكل الضربات واللمسات اللونية في محاولة للتخلص من الصياغة الواقعية وخلق حوارية درامية تتجه تارة الى الواقعية الحرفية القريبة من الواقعية الفوتوغرافية، واحياناً أخرى الى التعبيرية اللونية الانفعالية من خلال استخدام السكين في ابراز الخطوط والتقاطيع النافرة في اللوحة عبر اضفاء حركات هندسية فراغية على المشهد الواقعي، كما هو الحال في لوحة المقطع العرضي لمشهد القرية التي يتوسطها جامع بمآذنه العديدة.
عبد المحسن خانجي
يغرق عبد المحسن خانجي في الرمزية المعبرة عن الموروثات الشعبية المتعلقة احياناً بالاساطير والمعتقدات، عبر حوارية السمكة والمرأة في اللوحة الواحدة مستخدماً ذات الألوان الترابية في تداخل حركي بارز يجعل من لوحاته تعاويذ شرقية لصد العين الحاسدة، فالعين الزرقاء للسمكة، والخرزة الزرقاء المتدلية من الاعلى تعيدنا الى علاقة المرأة وارتباطها الفكري بالموروثات الاسطورية اكثر من الرجل.
ابراهيم الحسون
يجنح ابراهيم الحسون في لوحاته نحو التجريد المتمثل في اطلاق العنان لادواته التشكيلية لتفرغ فيض خياله المتقد انفعالاً وفكراً فهو يستخدم الابيض والاسود في تداخل مشهدي معبر عن صراع التضاد او الافكار، من خلال الضربات العشوائية البارزة في حركة الخطوط والفراغات على امتداد المساحة اللونية لتحميلها ايقاعاً حسياً محركاً للموضوعات الهائمة في فضاء اللوحة.
غسان الصباغ
يغوص غسان في تفاصيل البيئة الشعبية ليبرز انماط الحياة فيها عبر لوحات يتداخل فيها القديم ببعض الحديث كأعمدة الكهرباء، وحبال نشر الغسيل والشاخصات المرورية وغيرها من الملامح المعبرة عن ضجيج الحياة واستمرارية تفاعل الانسان بالمكان من خلال حركات تعبيرية يستخدمها للاشارة الى شقاء الانسان وارتباطه بالمكان بأسلوب واقعي لايخلو من التعبير، خاصة عندما يتناول جماليات الحي وتفاصيله الصغيرة عبر تناغم الضوء والظل وتوزيع الألوان بشكل متوازن على الكتل المتداخلة مع بعض الضربات العشوائية بأدوات متعددة تعكس حالات انفعالية نفسية لعلاقة الفنان بالمكان وتفاعله معه.
منذر شرابه
تأثير الحياة الحلبية بكل معالمها واضحة عنده اكثر من باقي اللوحات حيث يقدم الفنان منذر شرابه بروتريهات عديدة لفنانين معروفين انطلقوا من المدينة وحققوا انجازات طيبة في مجالاتهم ومنهم الفنان صباح فخري الذي يصوره في لوحة يجود بها بوصلة طربية من وصلاته المعروفة يبرز من خلالها تقاطيع وجهه من خلال البقع اللونية التي تبرز الانفعالات المعبرة عن ذوبان الفنان بالغناء.
ولوحة أخرى للفنان هيثم حقي في وضعية حركية تبرز انفعالات ذات تعبيرية محركة للوحة.
وفي لوحة المخرج العالمي الراحل مصطفى العقاد تزداد الضربات اللونية الموزعة على تقاطيع الوجه والجسد، وفي الخلفية ، لكنها تبدو اكثر واقعية ومحاكاة للشخصية.
كم يرسم الحي القديم بممراته الضيقة ونوافذ بيوته وابوابها مبدياً اهتماماً بالجانب المعماري للعناصر التشكيلية، عبر حركات لونية في المسطحات الهندسية المستوية والفراغية في مشهد واقعي للمكان.
مانينا سيوفي
مواضيع مانينا سيوفي تتوزع بين التعبير الواقعي والتعبير الحسي مستخدمة الألوان الصاخبة المتداخلة مع الداكنة لاسيما في لوحة اوراق الورود الموزعة بشكل متناسق ومتوازن في حوارية درامية تضفي عليها جمالية بصرية عبر الحركات الانفعالية السريعة وتوزع الظل والنور في تفاصيل المكان، ففي لوحة الجسد تأخذ الألوان والخطوط حركة واحدة متوازية تتعاكس واندفاع الجسد نحو الامام للتعبير عن ردة فعل الاندفاع والانطلاق .
الألوان النارية المبعثرة تتوضع في توزيع دلالي يوحي بمشهدية انفعالية خاصة عند التقائها مع الاخضر في تقابل بصري يعطي الجسد الانثوي بعده الحقيقي في الرغبة المشتعلة والاخصاب في اخضراره ونمائه وعطائه.
معظم لوحاتها تضج بالحركة والتجدد فيها القطار البخاري القديم ينطلق مسرعاً والرجل الشاب يندفع الى الامام في حركة واثقة متوثبة .
كاميران حجو
يلجأ كاميران حجو الى رسم المرأة وفق قراءات متعددة يحاول في بعضها العمل على المفاتن والانوثة ويعمل في بعضها الآخر على الشقاء من خلال حوارية رمزية تعبيرية تتجسد في الاشكال الهندسية الموزعة في خلفية اللوحة عبر تداخل لوني متناسق مستخدماً تقنيات مختلفة في رسم اللوحة خاصة العجوز بالقلم الاسود فقط على مسطع لوني واحد يؤكد فيه براعته في التقاط التفاصيل الدقيقة بأدوات بسيطة.


آصف ابراهيم