منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 6 من 6
  1. #1

    قضية فلسطين .. من جديد

    قضية فلسطين .. من جديد


    بمناسبة مرور ستون عاما على احتلال فلسطين وإنشاء الكيان الصهيوني على أرضها والتي تشكل قلب الوطن العربي حيث تربط شرق الوطن العربي بغربه، وشماله بجنوبه. وسنسهم مساهمة بسيطة في هذه المناسبة، خصوصا أنه ظهر هناك أصوات تشكك بعروبة فلسطين وهي نفس الأصوات التي مرنت نفسها وجاهرت بقبول فكرة التنازل عن عكا وحيفا والأراضي التي أغتصبت عام 1948، وستكون مساهمتنا لتوكيد المعلومات التي تخص القضية الفلسطينية، جغرافيا وتاريخيا وسياسيا، وسنعرج على التغيير الذي طرأ على واقع تلك القضية خلال ستة عقود.

    تمهيد جغرافي

    تقع فلسطين في الجزء الآسيوي من الوطن العربي الكبير، على الشاطئ الشرقي للبحر الأبيض المتوسط، يحدها من الشرق الأردن (قطرا ونهرا) ومن الجنوب سيناء(مصر) وخليج العقبة (البحر الأحمر) وشمالا جبل الشيخ وهضبة الجولان (سوريا ولبنان). وتبلغ مساحة فلسطين 26320كم2 وتقسم من الناحية الجغرافية الى:

    1ـ السهل الساحلي الذي يتكون من جيب سهلي يقع بين الناقورة وحيفا (شمالا) ويمتد الى رفح، ويعرف بسهل (عكا) ومن مدنه الرئيسة غزة و يافا وعكا.

    2ـ سلسلة الجبال الوسطى وتشكل حوالي ثلثي عرض فلسطين، وتضم جبال الجليل والسامرة، مع جبل الكرمل و جبال القدس والخليل، وتضم هذه المنطقة أماكن لها قدسيتها لدى المسلمين والمسيحيين واليهود، ومنها القدس والخليل وبيت لحم والناصرة وصفد ونابلس. والى الغرب من تلك المنطقة تقع تلال تربط بين الجبال والسهل الساحلي. ويفصل مرتفعات الجليل عن جبال السامرة سهل مرج ابن عامر الذي يقع على وجه التقريب بين ضواحي حيفا والناصرة وجنين وهناك امتداد شرقي جنوبي يمتد الى (بيسان) يعرف باسم وادي (عين جالوت).

    3ـ منطقة منخفض الأردن وتشمل غور الأردن والبحر الميت ووادي عربة. ويخترقها نهر الأردن من بحيرة الحولة ثم بحيرة طبرية التي تنخفض نحو 200 متر عن سطح البحر حتى يصل الى البحر الميت الذي ينخفض حوالي 400 متر ويعد وادي عربة جزءا من انخفاض الأردن أو غوره. ومن أشهر مدن هذه المنطقة (بيسان وأريحا).

    4ـ المنطقة التي يطلق عليها (صحراء النقب) أو منطقة بئر السبع، وهي هضبة ترتفع بين 300 و600 مترا عن سطح البحر وهي تشكل حوالي نصف مساحة فلسطين، بهيئة مثلث رأسه عند خليج (العقبة) أو (أم الرشراش) [إيلات]. وكانت على مر التاريخ معبرا بين مصر وآسيا.

    تمهيد تاريخي

    للأهمية الجغرافية لفلسطين، فقد كانت على مر التاريخ منطقة تنافس وحروب وقبلة للهجرة. ففي عام 3500 ق م خرجت من الجزيرة العربية وبالتعاقب موجات بشرية ـ أطلق عليها البعض الموجات السامية ـ انتشرت ثم استقرت في هذه المناطق، ومنهم الأكديون والآشوريون والعمونيون والمؤابيون والأموريون.

    وفي حدود عام 2500 ق م نزحت من جزيرة العرب أيضا، قبائل عربية أخرى، لكنها استقرت في فلسطين وعرفوا ب (الكنعانيين) وقد ظلت لهم السيادة حوالي 1500 سنة، وكانوا أصحاب حضارة، انتقلت حضارتهم حتى وصلت الى شواطئ المحيط الأطلسي وأوروبا. وقد أخذت فلسطين اسم أرض كنعان نسبة لهم.

    في القرن الثامن عشر قبل الميلاد، وصل ابراهيم عليه السلام الى فلسطين، ونزح أولاده الى مصر بحوالي عام 1656 ق م بسبب القحط والمجاعة، وهناك من يرجع أسباب النزوح الى غزو القبائل الهمجية (الهكسوس) لمصر. وبعد أن عادت قوة الفراعنة طردوا الهكسوس ومن جاء معهم من أبناء يعقوب، وكان هؤلاء تحت قيادة موسى عليه السلام في حدود عام 1290 ق م. في عهد فرعون مصر (منفتاح بن رمسيس).

    ولن نخوض في أسباب غزو هؤلاء الذين تاهوا في سيناء قرابة 40 عاما، ولكن حركتهم التي قادها (يوشع بن نون) على رأس 6000 مقاتل حسب رأي بعض الروايات*1، وكانت مدينة أريحا أول المدن التي وقعت ضحية هذا الغزو والذي اتخذ شكل المجزرة الرهيبة عام 1187 ق م . ثم امتد الى باقي المدن الكنعانية.

    عهد القضاة والملوك

    بعد موت يشوع بن نون انتقل الحكم الى شيوخ قبائلهم، وعرف عهدهم هذا بعهد القضاة واستمر الى عام 1020 ق م حيث تحول الحكم الى ملكي واختاروا ملكا اسمه (شاؤول) والذي قتل في إحدى المعارك مع الفلسطينيين، فخلفه ابنه (داؤود) عام 1004 ق م واستولى على مدينة اليبوسيين (القدس) واتخذها عاصمة لمملكته التي سماها المملكة اليهودية، وبقي حتى وفاته عام 963 ق م حيث خلفه ابنه سليمان الذي بقي في الحكم حتى وفاته عام 923 ق م.

    في أواخر عهد سليمان انقسمت المملكة اليهودية الى قسمين : مملكة إسرائيل في الشمال وعاصمتها (السامرة) ومملكة (يهوذا) في الجنوب وعاصمتها (القدس). وقد اتتهت الأولى على يد (الملك الآشوري سرجون الثاني) عام 722 ق م والثانية أصبحت ولاية تابعة للحكم المصري عام 608 ق م. ثم انتهى عهدها على يد (نبوخذ نصر) الملك البابلي عام 586 ق م حيث دمر الهيكل وسبى اليهود ورحلهم الى بابل.

    خلاصة:

    لم يسيطر اليهود ـ حتى في حكمهم القصير لفلسطين ـ على الساحل الفلسطيني نهائيا، بل كانت ممالكهم صغيرة استمرت لقرنين أو أكثر قليلا، على أجزاء صغيرة من فلسطين.

    يتبع

  2. #2
    السلام عليكم

    سلمت يداك خي الكريم

    فلسطين محفورة في القلب ...موضوع في توقيتة في ذكري النكبة التي تصادف
    منتصف ليلة 15 مايو 1948 .

    ابو يحي /فلسطين ومقيم فيها
    لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين

  3. #3

    المبدع الكاتب عبد الغفور الخطيب
    أجدت في التمهيد التاريخي والجغرافي
    لدولة عربية إسلامية
    دمت فخراً لفلسطين

    اللهم صل على النبي محمد

    "وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب

    ينقلبون"

  4. #4
    أشكر تفضلكما بالمرور

    وأتمنى من الله أن يكون مثل هذا العمل نافعا ذات يوم

    لكما احترامي وتقديري

  5. #5
    الصهيونية .. حركة وفكرا

    في البداية، نشير الى ما وصل إليه الباحث (عبد الوهاب المسيري) في أن اليهود الحاليين ليسوا أمة، ولكنهم مجتمع وظيفي تشابهت طرقهم ووسائلهم في التعامل مع المحيط الذي كانوا يعيشون فيه ـ أينما كان ـ فكان التشابه هذا هو ما جمعهم حوله حتى بدوا وكأنهم مجتمع له هويته القومية والدينية، في حين أن هذه الرؤية خاطئة وغير متوفرة لدى اليهود.

    فاليهود كأصحاب دين آمنوا بما جاء فيه رسل الله، انتقلوا من الإيمان بما جاء به هؤلاء الرسل تباعا، أي أن هناك الكثير منهم من انتقل الى المسيحية، والإسلام، ومن تبقى وهم القلة كانت صفاتهم تتلخص بما يلي:

    1ـ إنهم أينما وجدوا ينغلقون على أنفسهم (غيتو) ويتمسكون بتقاليدهم، وتبقى أفكارهم وما ينتج عنها تنسجم مع الصفة الانغلاقية، وتنتج عنهم تشكيلات وهيئات مغلقة أيضا، كالماسونية والصهيونية ومعظم الهيئات السرية في العالم بعكس باقي الأمم التي تميل الى الانفتاح والتعامل مع غيرها بوضوح.

    2ـ إنهم يقومون بأعمال، ترفع المجتمع الذي يعيشون في وسطه عن القيام بها، كالربا وبيع الخمر وبيوت الدعارة وغيرها، وهذا أتاح لهم فرصة أن يلتقوا بنماذج تحسب على علية القوم في المجتمعات التي يعيشون بينها، فقد يتسترون على موظف كبير يلتقي بعشيقة تحت مرأى اليهود، وعلمهم (فقط) أو يؤمنون مالا له أو يبتكرون له وسائل ترفيه وعربدة، لا يحب أن يطلع عليها غيرهم، ويتكتمون على أوضاع ذلك المسئول الكبير، ولا يفرطون بأي معلومة يرونها، إلا وقت الحاجة وبثمن غير قليل. هذا في كل بلدان العالم التي تواجدوا بها، وكانت معظم الدول وقادتها يعرفون عنهم تلك الخاصية، لذا كان 63% من سفراء الدول الغربية بين عامي 1870 و 1935 من اليهود، الذين يتبادلون المعلومات فيما بينهم لإضفاء صفة الجدارة على السفراء منهم.

    ما هي الصهيونية؟ ومتى نشأت؟

    الصهيونية بجوهرها فكرة ودعوة وحركة سياسية عنصرية توسعية ثيوقراطية. اعتمدت على مقولات وأهداف ظاهرها ديني وباطنها استعماري استيطاني توسعي. فقد مارست التحايل على الماضي معتبرة اليهود (أمة أو شعبا من الأعراق النقية) ولذا ادعت وجوب لم شملهم مما وصفته ب (المنفى ـ الشتات) في كل أصقاع العالم ورجوعهم الى (الأرض الموعودة)، أي الاستيلاء على فلسطين واستعمارها لإقامة (الدولة اليهودية ـ الصهيونية).

    لقد ظهر مفهوم الصهيونية في العصر الحديث، على هامش المشروع الإمبريالي الغربي والذي تحالف معها في النهاية لتكامل دوري المشروعين الصهيوني والإمبريالي. لقد كانت الأجواء التي نتجت عن الثورة الفرنسية والتي كان شعارها (الحرية والإخاء والمساواة) فاستغل اليهود ذلك أسوأ استغلال، وبالذات بعد غزو نابليون لمصر، فواجهوا القائمين على الثورة الفرنسية بما جاءت به الثور من (أنه لا يجوز الاستيلاء على ممتلكات الغير إلا بقانون يبين وجه الحق في هذا الاستيلاء) فتساءل اليهود بخبث : أليس مصر أرض (غير) فبأي حق تم الاستيلاء عليها، وهنا جاءت أجوبة القائمين على الثورة الفرنسية بأن مبادئها تخص الفرنسيين فقط ولا تشمل المصريين.. فتصاعدت أشكال تجميع اليهود وتنظيماتهم لتكون مرافقة لما كان يجري في أوروبا من تغييرات وبالذات فرنسا، وسنذكر من تلك الأشكال ما يلي:

    1ـ حركة (الهاسكالا) أي حركة التنوير

    أسسها (موسى مندلسون) يهودي ألماني، دعا فيها الى إنهاء اليهود لعزلتهم والاندماج مع الشعوب الأوروبية والغرف من معين علمها وتقنياتها، كانت حركة هذا الإصلاحي اليهودي محفزا لمن يناقض مثل تلك الأفكار .. فقام عليه كل من: (زكريا فرانكل) و (سمولنسكين) و(ماكس نوردو) و (خام رفائيل هرش) وغيرهم وهم فلاسفة متعصبين كبار، فشتموه وحرضوا اليهود عليه وعلى حركته، ودعوا الى تنظيم اليهود بما يعيق مثل تلك الدعوات.

    2ـ الحلف الإسرائيلي العالمي، ونشأ في فرنسا عام 1860 ثم تلاه (الاتحاد الإنجليزي اليهودي) عام 1871 ، والجدير بالذكر أن السباق على نيل رضا اليهود قد سبق ذلك التاريخ، ففي عام 1839 أقامت بريطانيا قنصلية لها في القدس كان جل عملها حماية الجالية اليهودية التي لم يكن عدد أفرادها أكثر من تسعة آلاف يهودي، وقد بادرت ألمانيا في إنشاء قنصلية مماثلة (في القدس) للغرض نفسه عام 1842، وهكذا حذت الدول الأوروبية الأخرى هذا الحذو، ومن هنا كان عدد السفراء اليهود في الدول الغربية يتزايد شيئا فشيئا.

    3ـ بعد وضع القيود على اليهود في (بروسيا) [ألمانيا الحالية] في تنقلاتهم وحركتهم الداخلية بإجبارهم على لبس ملابس تختلف عن ملابس الألمان وإجبارهم على دفع رسوم (تعادل 4 أضعاف ما يدفع الثور) في التنقل من مكان الى مكان، ظهرت الدعوة للتفكير بالهجرة من أوروبا الى خارجها. وبعد أن كان اليهود يقدمون خدمات (استخبارية) للدول الاستعمارية، تطورت الدعوة لإنشاء الحركة الصهيونية.. وهناك من يرجع فكرة الصهيونية الى عدد من الفلاسفة والمفكرين اليهود منهم:

    أ ـ يهودا الكلعي (1798ـ 1878)

    حاخام يوغسلافي، دعا الى تجميع اليهود وترحيلهم الى فلسطين، وإحياء لغتهم العبرية الميتة، لا بل انتهج طريقا لتدريس اللغة العبرية لكل اليهود في العالم، فطاف في بريطانيا وفرنسا وباقي الدول الغربية. وحاول إيجاد نشاط استيطاني في فلسطين لكنه أخفق، فهاجر في أواخر أيامه الى فلسطين ومات فيها.

    ب ـ زفي هيرش كاليشر (1795ـ 1874)

    حاخام الطائفة اليهودية في مدينة (تورين) الألمانية، كان متزمتا عنصريا يفوق الكلعي بتشدده، وقد دعا لاستيطان فلسطين، واتصل بأثرياء اليهود ومنهم (روتشيلد) و (مونتفيوري) لإقامة مستوطنات ليهود أوروبا الشرقية المضطهدين في فلسطين. ونشر كتابه المعروف (البحث عن صهيون) عام 1862، دعا فيه لعقد مؤتمر لوجهاء اليهود غرضه تأسيس جمعية يهودية صهيونية لتمويل عملية استيطان اليهود في فلسطين. واستجابة له تأسست في برلين عام 1864 (جمعية استعمار أرض إسرائيل) وتجاوبت الجمعية اليهودية الفرنسية فبادرت الى تأسيس أول مدرسة زراعية يهودية في فلسطين قرب يافا.

    ج ـ موشي هيس (1812ـ 1875)

    يهودي ألماني من (بون) تلقى ثقافة تلمودية، ويعد أول من ربط بين الصهيونية واليهودية. نشر في عام 1862 كتاب (روما والقدس)، بين فيه أن حل مشكلة اليهود في أوروبا تكمن في إنشاء وطن قومي لهم في فلسطين.

    د ـ ليون بينسكر (1821ـ 1891)

    يهودي روسي كان من دعاة الاندماج مع الأوروبيين، لكن بعد مقتل قيصر روسيا (الاسكندر الثاني) عام 1881 والتنكيل باليهود كمتهمين بقتله، انقلب على موقفه السابق وبينه في كتابه (التحرر الذاتي) عام 1882 دعا فيه لتكوين أمة لليهود وإنشاء وطن لهم سواء في فلسطين أو غيرها. وقد لاقت أفكاره رواجا واسعا.

    هـ ـ جمعية (أحباء صهيون):

    نشأت هذه الجمعية في (أوديسا ـ روسيا) عام 1881 على إثر التنكيل باليهود، وكان شعارها (الى فلسطين) .. وقد عملت على تهجير يهود من روسيا وبولندا ورومانيا الى فلسطين وإقامة مستوطنات لهم.

    و ـ آحاد هعام (1856ـ 1927)

    هو أحد أعضاء جمعية أحباء صهيون، واسمه الحقيقي (آشر غينزبيرغ) ويعرف باسمه الحركي (آحاد هعام) أي واحد من الناس. وقد تعرض بالنقد الى المطالبين بالذهاب الى فلسطين كوطن يتسع لليهود، فشكك بإمكانية استيعاب فلسطين لكل يهود العالم، فطالب بإحياء الروح اليهودية والتركيز على أن تكون فلسطين مركزا لتنظيم تلك الروحية اليهودية.

    ز ـ أليعازر بن يهودا (1857ـ 1922)

    أحد المغالين اليهود، الذي دعا الى توحيد اليهود من خلال تعليمهم كلهم العبرية وفي آن واحد حتى يكونوا على اتصال مع منظماتهم. وقد سافر الى فلسطين ولاقى مشروعه نجاحا كبيرا.

    هذه هي الأفكار التي مهدت لقيام الصهيونية

    يتبع

  6. #6
    الصهيونية فكرة سياسية

    كان المفكرون الصهاينة قد اعتنقوا في خضم أفكارهم الآراء السياسية بشكل أو بآخر. لكن سرعان ما انتقلت هذه الفكرة الى بلورة مشروع واسع لتأسيس (كيان سياسي) خاص باليهود يستند على أسس تنظيمية وأيديولوجية.

    ثيودور هرتزل ومشروع (الدولة اليهودية) :

    يُعد هرتزل (1860ـ1904) أبرز اليهود الصهيونيين الذين ساهموا في وضع اللبنات الأولى لهذا المشروع وقدموا خدمة واسعة لنصرة الفكرة الصهيونية ثم تحويلها الى حركة سياسية. ولد (هرتزل) في بودابست/المجر لأبوين يهوديين موسرين. وقد عمل مراسلا لإحدى الصحف النمساوية الشهيرة. ولم يكن له في البداية علاقة بالدين أو حتى فكرة الصهيونية، لكن بعد تدفق اليهود الشرقيين الى أوروبا الغربية في أواخر القرن التاسع عشر، وما رافق ذلك من احتقار دفين لهم من قبل الأوروبيين، انتبه للكيفية التي يمكن بها استغلال مهارات اليهود واستثمار الخدمات الاستخبارية التي يقدمها اليهود للغرب. فوضع أفكاره تلك بكتاب (الدولة اليهودية) الذي نشره عام 1895 فأثار جدلا واهتماما بين أوساط اليهود، حول اعتبار مشكلة اليهود ليست دينية ولا اجتماعية إنما هي مسألة قومية ولا يمكن حلها إلا بدولة خاصة بهم فوق رقعة معينة.

    المؤتمر الصهيوني الأول في (بازل) آب/أغسطس 1897

    لقد اصطف اليهود الشرقيون وراء (هرتزل) في مشروعه، واعتبروه منقذا لليهود، في حين لم يكن اليهود الغربيون بنفس حماس الشرقيين. مع ذلك دعا هرتزل حوالي 200 مندوب من مختلف يهود العالم الى (بازل/سويسرا) ليعقدوا أول مؤتمر لهم بين 29 و31/8/1897.

    لقد تمخض هذا المؤتمر عن تحديد أهداف الحركة الصهيونية لما عرف ب (برنامج بازل) ثم تأسيس الأداة التنظيمية لتنفيذ هذا البرنامج وهي (المنظمة الصهيونية) برئاسة هرتزل نفسه. وتم الاتفاق على استعمار فلسطين بواسطة العمال الزراعيين والصناعيين اليهود ضمن أسس مناسبة. إضافة الى ربط يهود العالم بمنظمات يهودية محلية في كل بلد لترتبط في النهاية بالمنظمة الصهيونية.

    مساعي هرتزل لتطبيق برنامج بازل

    في نهاية المؤتمر الصهيوني الأول صرح هرتزل قائلا: (في بازل أسست الدولة اليهودية) .. وبعدها انصب نشاطه لتقوية المنظمات اليهودية. والاتصال بالسلطان (عبد الحميد الثاني) حيث عرض عليه بتسوية ديون الدولة العثمانية ومنحها القروض مقابل السماح لليهود بالاستيطان بالأراضي الفلسطينية، وقد رحبت الحكومة العثمانية بهذا العرض، شريطة تجنس اليهود بالجنسية العثمانية وعدم استيطانهم في مكان معين يعطيهم صفة الأكثرية.

    ولما فشلت جهود هرتزل مع السلطان، حاول الاستعانة بقيصر ألمانيا (وليم الثاني) للتوسط والضغط على العثمانيين .. ثم اتصل هرتزل ب (جوزيف تشمبرلن) وزير المستعمرات البريطاني مقترحا عليه توطين اليهود في مكان قريب من فلسطين، قبرص، أو العريش، وبعد أن عارضت الحكومة المصرية هذا الاقتراح، اقترح وزير المستعمرات البريطاني على هرتزل (موزنبيق) أو (أوغندا) .

    استغل هرتزل الاضطرابات في روسيا عام 1903 وطلب مساعدة منها أن تعمل على قبول العثمانيين لهجرة يهود روسيا الى فلسطين، فتم له ذلك واعتبر موقف روسيا صيدا ثمينا.

    وفي الوقت الذي كانت فيه سيول المهاجرين تتدفق الى فلسطين، اقترح هرتزل على الحكومة العثمانية تأجيرهم (سنجق عكا) مقابل 100ألف ليرة تركية سنويا، إلا أن جهوده باءت بالفشل، ومات هرتزل عام 1904.

    تصاعد النشاط الصهيوني (1904ـ 1914)

    تخلت الحركة الصهيونية عن مشروعها في استعمار شرق إفريقيا، ذلك المشروع الذي أوجد انقساما حادا في صفوف الحركة، ووحدت جهودها وركزتها نحو فلسطين، وانتخبت في مؤتمر (بازل) السابع (دافيد ولفسون) خلفا لهرتزل والذي كرس جهده لإيجاد ميثاق دولي لمساعدة اليهود في احتلال فلسطين.

    وخلال المؤتمر الصهيوني الثامن في (لاهاي) 14ـ21/8/1907 تقرر إقامة دائرة خاصة سميت (دائرة شؤون أرض إسرائيل). ثم جرت أبحاث حول إقامة تعاونيات في فلسطين. وكلف الدكتور (آرثر روبين) بالسفر الى فلسطين وتنظيم عمليات شراء الأراضي هناك. واتخذت الأراضي المشتراة صفة الأرض المقدسة التي لا يجوز بيعها إلا لليهود. وأنشئ في فلسطين بنك لتلك الغاية اسمه (شركة أنجلو ـ فلسطين).

    بعد الانقلاب الذي قامت به (جمعية الاتحاد والترقي) في تركيا أواخر تموز/ يوليو 1908 استغل الصهاينة هذا الحدث، فعاودوا نشاطهم مع تركيا حيث أنشئوا مصرفا باستانبول واتخذوه ذريعة للقاء بالمسئولين الأتراك. وحاولوا انتزاع ما لم يستطيعوا انتزاعه من السلطان عبد الحميد، لكنهم باءوا بالفشل، وقد شددت الحكومة التركية التي كانت فلسطين تحت حكمها باسم (سوريا الجنوبية) على موضوع الهجرة، فمنعته بكل وسائلها، لكن الترهل الإداري والفساد المتفشي بين المسئولين لم يوقف الهجرة اليهودية الى فلسطين، كما أن القنصليات الأوروبية كانت تمنح اليهود تسهيلات وحماية كافية لمزاولة نشاطهم الصهيوني ..

    يتبع

المواضيع المتشابهه

  1. مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 06-14-2015, 05:35 PM
  2. خطة كيري لتصفية قضية فلسطين
    بواسطة د.غازي حسين في المنتدى الدراسات الاسرائيلية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 04-16-2014, 03:00 PM
  3. المفاوضات و تصفية قضية فلسطين
    بواسطة د.غازي حسين في المنتدى الدراسات الاسرائيلية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 10-18-2013, 03:47 AM
  4. المفاوضات وتصفية قضية فلسطين
    بواسطة د.غازي حسين في المنتدى الدراسات الاسرائيلية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 09-22-2013, 07:10 PM
  5. قضية فلسطين من جديد
    بواسطة عبدالغفور الخطيب في المنتدى فرسان الأبحاث التاريخية
    مشاركات: 29
    آخر مشاركة: 08-25-2009, 08:33 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •