سئلت عن حكم التداوي بدم الوطواط لإزالة الشعر وجعل الجلد أملسَ . وهو طريقة تستعمل في بعض الدول العربية ومنها مصر ، حيث يدهن جلد الأنثى وهي وليد (بعمر شهر) في كل الجسم أو المناطق التي لا يرغب فيها نبت الشعر مستقبلاً.. ويقال أنه فعلاً يجدي في هذه المسألة .
وهنا لا بد أن نعلم حكم التداوي بالمحرمات ثم نبين حكم التداوي بدم الوطواط :
حكم التداوي بالمحرمات (مأخوذ عن كتابي : المرشد الفقهي في الطب باختصار
)
نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
تشير الأحاديث الشريفة إلى حرمة التداوي بالمحرمات ، فقد روى أبو داود في سننه من حديث أبي الدرداء قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
إنَّ الله أنزل الداء والدواء وجعل لكل داء دواء ، فتداووا ولا تداووا بالمحرم "وذكر البخاري في صحيحه عن ابن مسعود :
" إنَّ الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم " . وفي السنن عن أبي هريرة قال :
" نهى رسول الله عن الدواء الخبيث ." وفي صحيح مسلم عن طارق بن سويد الجعفي
أنه سأل النبي عن الخمرفنهاه أو كره أن يصنعها . فقال إنما أصنعها للدواء ، فقال : إنه ليس بدواء ولكنه داء " . وفي سنن النسائي :
" أن طبيباً ذكر ضفدعاً في دواءٍ عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فنهاه عن قتلها . "
وبناء على هذه الأحاديث الشريفة حرَّمت المذاهب كلها التداوي بالمحرم وخصوصاً الخمر وسائر المسكرات لأنه لم تثبت فائدتها في المعالجة ، و أجاز بعض الفقهاء التداوي بالمحرم بشروط :
قال الحنفية :
يجوز التداوي بالمُحَرَّمِ إنْ عُلِمَ يقيناً أنَّ فيه شفاءً ، ولا يقوم غيرُه مقامَه .
وقال الشافعية :
يجوز التداوي بالخمر إنْ لم تكنْ صافيةً وإذا أكد طبيب مسلم فائدتها .
وقال العز بن عبد السلام :
يجوز التداوي بالنجس إذا لم يجد طاهراً يقوم مقامه ، لأن مصلحة العافية والسلامة أكمل من مصلحة اجتناب النجاسة . ولا يجوز التداوي بالخمر على الأصح إلا إذا عَلِم المصابِ أن الشفاء يحصل بها ولم يجد دواء غيرها .
وقال القرطبي وابن العربي ( وهما مالكيا المذهب ) :
يجوز الانتفاع بالخمر للضرورة لقوله تعالى :
{ فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه }
فالضرورة ترفع التحريم . وإهمال الدواء قد يسبب الوفاة .
والحقيقة أن الشرع قد أباح تناول لحم الخنزير في الانقطاع في فلاة ولم يجد غيره ليسد رمقه ، فلا بأس بتناول المحرم إذا كان فيه حفظ الحياة ما لم يكن هناك غيره يسد مسده .
ولقد رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم لعبد الرحمن بن عوف والزبير بن العوام لبس الحرير لمعالجة حكة كانت بهما . رغم أن الحرير محرم على ذكور المسلمين وفق السنة المطهرة .
واتباعاً وتطبيقاً لما ذكرنا نقول :
يمكن استعمال المواد المخدرة في العمليات الجراحية ، وتسكين آلام الصدر في الاحتشاء القلبي والصدري وغير ذلك من الأمراض التي لا تخضع آلامها للمسكنات العادية .
كما يجوز استخدام الإنسولين الخنزيري لمعالجة السكري ما لم يتوفر غيره (كالإنسولين البشري أو البقري أو المستخرج من حيوانات أخرى أو خافضات السكر الكيماوية. )
والطبيب المسلم الحاذق هو الذي يدرك تماماً مدى الفائدة والضرر من استعمال أي نوع منها ، فيرجح ما كانت فائدته يقينية ومنقذة للحياة (أو الأعضاء) . ولو كان الدواء المستعمل مستخرجاً من مادة محرمة أصلاً .
والخلاصة فيما يتعلق بالعلاج بدم الوطواط في إزالة الشعر (وهي معالجة سطحية لا يتم فيها شرب الدم) والدم مادة نجسة سواء دم حيوان أو إنسان ، والوليد عندما يولد يتلطخ جسمه بدم أمه أو مشيمته .. وتزول هذه المادة النجسة بالغسل ، واستخدامها بتلطيخ جسم المولودة بقصد تمليس جلدها وإزالة الشعر عنه حتى في المستقبل وهو مرغوب عند الإناث (والعلاج مدة 24 ساعة) فهو بهذه الحالة من طرق المعالجات الشعبية التي إن ثبتت فائدتها بالتجربة جائزة ولا ضرر فيها لأنها معالجة سطحية تزول بالغسل . ولا يترتب على الوليد من أحكام شرعية في هذه السن . وكذلك حكم أي مادة ولو كانت نجسة في الاستعمال السطحي دون تحقق أي ضرر مع ثبوت الفائدة الطبية اليقينية .
وحول تفسير فائدة دم الوطواط فأعتقد أن دم الوطواط بحكم اعتياد هذا الحيوان على أكل الحشرات فقد يكون محتوياً على مواد قاتلة لبصلة الشعرة وخاصة في هذه السن الباكرة من حياة الإنسان التي تكون فيها الخلايا سهلة التأثر بالمواد السمية أو القاتلة للخلايا كفعل المواد الكيميائية القاتلة لها (كمضادات السرطانات) . والمهم التحقق تجربياً من نجاعة هذا الدم في تحقيق نعومة الجلد وخلوه من الأشعار دون ضرر.