جمعيات النسب عند الأبقار (أجلَكم الله)

عندما يقوم أحد المستوردين بشراء مجموعة من أبقار الحليب من ألمانيا أو هولندا، فإن تقليد البلدين أن يطلعوا الشاري على شهادات للأبقار تم تحريرها من جمعية تسمى (جمعية النسب)، وفي الشهادة تظهر 3 صور للبقرة من جنبها اليمين والشمال والجبهة (إن كان بها نجمة أو هلال) .. ويكون اسم البقرة المستحدث لها من صاحبها، واسم أمها وأبوها، وكمية إنتاج الحليب لجدتها وأمها ولها خلال 305 يوم في كل مواسم الحليب، كذلك يتم ذكر نسبة الدهن والبروتين بالحليب الخ.

وتتم عمليات التدوين بانتساب مزارعي الأبقار لتلك الجمعية مقابل مبلغ معلوم يُدفع عن كل رأس من الأبقار، فتقوم الجمعية بوزن حليب البقرة في (حلبة) الصباح والمساء مرتين أو ثلاثة بالشهر، وتزود المزارع بشهادتها المعترف بها من قبل اتحاد المزارعين في البلاد، ويستفيد من تلك العملية كل من البائع حيث تتعزز الثقة عند المشتري فيقبل على الشراء دون تردد ودون بخل في دفع الثمن المطلوب منه، كما يستفيد الشاري بأنه لم يدفع ثمنا لبقرة غير مضمونة.

تأملت تلك الحالة وقارنتها بالطرق التي يتم بها البيع والشراء في معظم بلداننا العربية، ورأيت أنه في كثير من الأحيان يقع المشتري في شباك حيل البائعين، كأن (يُحَيِن) البائع بقرته، أي يمتنع عن حلبها لمدة يومين أو أكثر ويعطشها ثم يكثر من الملح على عليقتها، ويسقيها قبل أخذها للسوق، فيبدو ضرعها الممتلئ أنها بقرة معطاءة غزيرة الإنتاج، وتكثر الأيمان ويتبرع شهود تم الاتفاق معهم مسبقا لصيد ضالتهم، الذي بنا أحلاما على شراء مثل تلك البقرة، ويشتريها بثمن أعلى من حقها، ويأخذها لداره ويفاجأ بعدم صدق ما قيل له، وهنا تكثر التبريرات: تغير عليها الجو.. يمكن ما عرفتم كيفية التعامل معها .. لقد تغيرت خلطة العلف الخ .. وليس هناك جهة تحكم بتجريم البائع ..

وبالمقابل، فإن هناك من يربي وينتخب أفضل السلالات، ولكن لن يدفع له ثمنا يعادل اجتهاده وتحسينه للنسل، حيث تتساوى الأسعار في حالات عدم المعرفة الدقيقة للسلعة، ويبقى السعر الأقل هو ما يحدد عمليات البيع.

ماذا لو تأسست مثل تلك الجمعيات في بلادنا؟ فهي ستصب في مصلحة أطراف العملية الإنتاجية، كما تصب في مصلحة تطوير الناتج القومي.