بحث أنماط الشخصية

بقلم أ.د. أمل المخزومي

Prof Dr. Amal Al-Makhzoumi

توصل فريدمان و روزنمان بعد دراسة 3000 شخص إلى إن الناس ينقسمون قسمين حسب النمط( أ ) والنمط ( ب )وتختلف مميزاتهم اختلافا كبيرا . المميزات ما يأتي :
أولا ـ يتميز الفرد ذي الشخصية ( أ ) بأنه يميل إلى الحركة والنشاط ويعمل عدة أعمال في آن واحد كأن يسوق الحافلة ويحلق ذقنه أو يأكل ويقرأ . كما إن طموحاته عالية جدا ويندفع لتحقيقها ولديه مغامرات لا تعد ولا تحصى ولو كلفته حياته ، إن متسلقي الجبال وغواصي البحار من هذه المجموعة كثيرا ما يصابون بالتوتر وأمراض القلب وارتفاع ضغط الدم . كما انهم كثيري الشجار ، وان تقلدوا القيادة أو المناصب فانهم لن يستمروا لفترة طويلة بسبب المشاحنات التي يفتعلوها . يتسلقوا سلم التقدم بسرعة . سريعي الفهم كثيري النسيان . عندما يمارسون نشاطا أو مباريات فانهم يلعبون من اجل الربح وليس من أجل الاستجمام . لا يتحملوا الانتظار مطلقا .
ثانيا ـ مجموعة نمط ( ب ) فانهم يتحركون ببطيء ، ويأكلون بمراسيم ، يلعبون من اجل الاستجمام لا من اجل الربح . إن تقلدوا القيادة فانهم يستمرون لفترة طويلة بسبب هدوئهم . يطمحون إلى السكون ، ويكرهون الضجيج . يمارسون عملا واحدا فقط وعند الانتهاء منه يباشرون بعمل آخر أعصابهم هادئة . قلما يصابون بالتوتر وامراض القلب . طموحاتهم حسب قابليتهم وإنها محدودة . لهم القدرة على الانتظار والتحمل .

ثالثا ـ من ملاحظات أ.د. امل المخزومي التي بدأت بها منذ 10 سنوات واختبار الطلبة والأصدقاء وأفراد العائلة ، وتوجيه بعض الأسئلة عن رأيهم بذلك وعن نظرتهم إلى نوع الشخصية التي يحملونها توصلت إلى إن هناك مجموعة ثالثة أطلقت عليها نمط (جـ) والتي تتميز بسلوكها الذي يمتزج بين الشخصيتين( ا) و( ب ) وإنها تسلك حسب الموقف الذي هي عليه .

--------------------------------------------------------------------------------

الشخصية
الشخصية هي عبارة عن وحدة متكاملة ومتفاعلة من النزعات الوراثية الذاتية الممزوجة مع المؤثرات الديناميكية الصادرة من المحيط الذي يعيش فيه الفرد والمحصلة من ذلك الخليط نوعية السلوك الذي يؤديه الفرد تجاه نفسه وتجاه الاخرين .
يولد الفرد وهو مزود بطاقات وراثية مستعدة الاستعداد الكامل للصقل والتعديل والتغيير تبعا للظروف البيئية التي يتعامل معها فان كانت البيئة ايجابية كان الحاصل شخصية ايجابية والعكس بالعكس ، وهكذا تلعب عوامل التكوين الجسمي والتكوين النفسي للفرد والتنشئة الاجتماعية والظروف الاجتماعية المختلفة دورها في تكوين شخصية الفرد من جميع الاوجه .

تعمل الوظائف العقلية والقدرات المختلفة والعمليات العقلية ووسائل التعلم المختلفة التي يتلقاها الفرد على اعانته على اكتساب المهارات العقلية المتعددة والتي تعتبر من مؤشرات شخصيته ، ولا ننسى دور الحالة المزاجية التي يتصف بها الفرد من انفعال ونزوع ووجدان القادمة من العوامل الفطرية الممزوجة بالعوامل المكتسبة خلال مراحل النمو المختلفة التي يمر بها الفرد في تحديد سلوكه وتنويعه . اذن تتكون شخصية الفرد من الصفات الموروثة التي تتضمن السمات الفطرية والاستعدادات المعرفية الخاصة به ويضيف عليها الصفات المكتسبة من عقلية ومهارات ثقافية مختلفة ومتنوعه وابداعت عقلية ، كما تضاف الصفات المزاجية الموروثة من انفعالات عامة وخاصة ومكتسبة التي تضم الدوافع المزاجية الشعورية والاشعورية . وللتنشئة الاجتماعية بمحاورها المختلفة التي تبدأ بالعائلة والمدرسة والمجتمع والاعلام يد الطولى في صقل تلك الشخصية وتقويتها او تشويهها واضعافها فان واجه الفرد تنشئة اجتماعية سليمة خلال مراحل النمو حاز على شخصية سليمة والعكس يكون حاصلا اذا واجه تنشئة اجتماعية خاطئة .
لقد سالت دكتورنا الفاضل ( الدكتور ضياء الدين الجماس ) عن مرض الفصام او الشيزوفرينيا ، ينتج هذا المرض عن اضطراب في وظيفة مراكز السيطرة الدماغية وتلعب الوراثة دورا في ظهور المرض اضافة للعوامل الكيماوية والفيزيولوجية والخلل الحاصل في الجهاز العصبي لحدث ما ، اضافة الى الصراع النفسي والاحباطات التي يتعرض لها الفرد والتي يمر بها منذ الطفولة بحيث تتازم في فترة المراهقة ، كما ان الاضطراب العائلي والمشاكل المختلفة التي يواجهها الفرد ... الخ من عوامل متفاعلة وتكون نتيجتها الاصابة بهذا المرض . اما الكآبة فانها تظهر نتيجة للتغييرات الحاصلة في كيميائية المخ وانخفاض الموصلات العصبية الكيماوية الحيوية التي تعمل على تنظيم مزاج الفرد . اما الهستريا فهـو اضطراب انفعالي ليس له اساس عضوي وانما السبب نفسي بحت و هدف المريض من الحالة هي الهروب من موقف مزعج بسبطر عليه ويكون السلوك في هذه الحالة بعيدا عن ادراك الفرد لان السبب الاساسي هو بيئي ناتج عن الفشل والاحباط ـ وتكون اعراض الهستيريا كثيرة منها العمى الهستيري والشلل والصمم وفقدان الذاكرة ...الخ من الاعراض .
كما ذكرنا هناك فروق فردية في الاستعدادات والقدرات على تحمل الضغوطات الاجتماعية والبيئية ، على سبيل المثال لو تعرض شخصان لموقف مثير معين فلا نتوقع ان تكون استجابتهما لذلك الموقف متطابقة كما لو تعرض الفرد نفسه لموقف معين باوقات مختلفة ايضا تكون استجابته لذلك الموقف مختلفة ويعود السبب في ذلك الى الحالة المزاجية التي هو عليها ، على سبيل المثال لو واجهت جماعة من الناس حادثا مثيرا هناك من يبكي وآخر يهب لمساعدة الاخرين و آخر يرتجف من الرعب ولا تستطيع ارجله حمله وهكذا تختلف ردود الافعال لموقف واحد ، اذن هناك فروق فردية واضحة لتلك الاستجابات بين الافراد بسبب اختلاف الامزجة والقدرات على التحمل والاستعدادات على مواجهة المواقف ، كما ان الافراد يختلفون من حيث درجة التوتر ونوعية السلوك الناتج عنه فهناك من يعبر عنه بالغضب والشكوى وآخر يعبر عنه بالحزن والانطواء ومن يعبر عنه باللامبالاة ...الخ من سلوكيات . كما تكون ردود افعال المراة مختلفة عن ردود افعال الرجل وردود افعال الصغير مختلفة عن ردود افعال الكبير وهكذا .
تلعب استعدادات الافراد وامزجتهم وتفاعلهم مع البيئة المحيطة بهم دورا فعالا في نوعية الاصابة بالامراض النفسية ، على سبيل المثال الذين يتعرضون للافلاس هناك من لا يتحمل النكسة فانه ينتحر وآخر يصاب بالكآبة واخر يشد العزم ويقف على ارجله مرة اخرى ويصمم على ان يعيد نفسه من جديد والامثلة كثيرة على ذلك كالفشل في الامتحان او الزواج او الحب ...الخ من امور . يتميز بعض الافراد بضعف المقاومة الداخلية وصعوبة في التعامل مع الضغوط الخارجية ومواجهة المشاكل وتحمل الصدمات التي تؤدي احيانا بهم الى الانهيار العصبي والاصابة باضطرابات نفسية وجسمية وذلك بسبب عجز ميكامزمات الجسم على مواجهة تلك الصدمات والمشاكل .

أما يتعلق بسؤالك عن الاصابة بالامراض النفسية لكل نمط من انماط الشخصية فهذا يحتاج الى بحوث لتثبيت ذلك من الناحية العلمية اما من الناحية النظرية يمكن ان نقول بان نمط الشخصية ( أ ) قد يصاب بمرض القلق وذلك لانه يريد الوصول الى تحقيق اهدافه بسرعة ، وبما انه يتميز بالعصبية والتوتر والغضب ربما يتشاجر مع احد فيندم على ذلك مما يثير قلقه ايضا ، ومن ناحيتي فإني اعتبر القلق اساس او خميرة الامراض النفسية ، اضافة الى انه لا يقتنع بما لديه وهذا يثير لديه عدم الراحة والتمتع بالحياة بشكل هاديء .
ونمط الشخصية ( ب ) قد يصاب بالانطوائية لانه يفضل ان يعمل وحده وبهدوء وبشكل منظم فلا يميل للتجمع والضوضاء .
قد تكون الشخصية ( ج ) اكثر حظا في التمتع بالراحة والاستقرار . ولكن لا نستطيع ان نقول انها خالية من الصراعات النفسية بل يمكن ان نقول بان درجة تلك الصراعات لديه قد تكون اقل .
تحتاج مناقشة هذا الموضوع صفحات وصفحات فعليه اكتفي بهذا القدر .

--------------------------------------------------------------------------------
أضافه:
1. مفهوم الشخصية:
تعتبر الشخصية بمثابة أطراً عامة شاملة لكل خصائص الشخص في صورة دينامية . وتشتمل علي كل صفات الفرد وتجعله فريداً مميزاً عن الآخرين مع الاعتراف بوجود قدر من التشابه بين الخصائص العامة للشخصية بين الأفراد ولكن الشخصية تشبه البصمة فهناك أوجه تميز الفرد عن غيره. فهي تعتبر جملة الخصائص الجسدية والعقلية والمعرفية والمزاجية والوجدانية والخلقية والبدنية والحركية والفسيولوجية أي الجانب البنائي والنفسي أي الأجهزة العضوية والنفسية في صورة تكاملية دينامية .وخصائص الشخصية تكمل بعضها البعض وليست وحدات منفصلة. وبعض خصائص الشخصية يمكن التعرف عليها من خلال علاقة الفرد مع الآخرين أو من خلال مواقف معدة بطريقة علمية. والتالف والتناسق بين خصائص الفرد يعطي الشخصية مظهر عام سلوكي مميز ناتج عن الوحدة الاندماجية بين ما هو وراثي استعدادي وما هو مكتسب وبيئي وما هو كامن وباعث ومحرك لما هو ظاهر ويمكن قياسه للفرد لا يستطيع التعبير أو إظهار مسلك محدد إلا من خلال المنظمة العامة أو الإطار العام لمحددات الشخصية أي عند الإتيان بأي فعل أو تفكير في موضوع ما يتم من خلال الإطار العام لضوابط الشخصية سواء كانت هذه الضوابط الذاتية بعضها داخلي أم خارجي فهي تنبثق عن شخصية محددة.
وهناك بعض الخصائص التي تظهر في صورة واضحة لدي الفرد مما يجعلنا نصفه بها. وتخفي ورائها كثير من الصفات مثل سرعة التذكر ، الانبساط في الشخصية ، الذكاء ، وكذلك غالبية الصفات الاجتماعية ، وقدم ألبورت تعريف مبسط وشامل للشخصية جمع وألف بين الدينامية والوظيفية في تعريفه للشخصية فهو ينظر إلي الشخصية كانتظام دينامي عند الفرد لجميع الأجهزة النفسية والفسيولوجية الذي يحدد توافقاته الأصلية مع بيئته.
وهنا يلح علي الدينامية وليس علي الثابت في شكل نهائي بل التغير الدائم والمحاولة الدائمة لإقامة التوازن النسبي بين جوانب الشخصية كما جمع بين جميع جوانب الشخصية كما جمع بين الجانب الجسدي والفسيولوجي والنفسي كل بمحتوياته وعملياته التي لا يمكن الفصل بينها ولا يغفل البيئة من حيث علاقاتها بالفرد كموقف يعيشه الفرد. ويجدد سلوك الفرد خبرته وحاجاته وطموحاته ونظرته المستقبلية بالإضافة إلي المحددات التي تفرضها البيئة.
ويؤكد علي الغاية من السلوك أو الشخصية بصفة عامة هي لإقامة الاتزان بين متطلبات البيئة وحاجات الفرد ، وتشير أيضاً إلي الوظيفية للسلوك وما ينطوي عليه من دلالة وغاية. وإقامة هذا التوازن ليس له بداية ونهاية بل هو موقف سواء جزء خاص بالفرد أو البيئة كوحدة متناسقة في علاقة بموقف محدد.
2. العوامل المؤثرة في تكوين الشخصية
تتأثر الشخصية بمؤثرات داخلية وخارجية أي أن بعضها مصدره داخلي من الفرد ذاته وبعضها خارجي من العوامل والمتغيرات المحيطة بالفرد ومن تفاعله معها وتأثره بها. ويلاحظ أنه لا يمكن فصل تأثير أي منها عن الآخر فالعلاقة تبادلية التأثير وتكاملية النتائج التي تظهر في السلوك والأداء والمظهر المورفولوجي أو الفسيولوجي وبعضها كامن لا يمكن ملاحظته. ويستدل عليه من نتائجه وآثاره والبعض الآخر يمكن قياسه وملاحظته وتسجيله بصورة مباشرة . ويعتبر أهم عاملين أساسين هما الوراثة والبيئة بالمعني العام الواسع.
3. طرق دراسة الشخصية:
تشترك أقسام علم النفس وتخصصاته في استخدامها أساليب البحث ومناهج الدراسة بها إلا أن هناك فروقا بسيطة في التركيز علي منهج أو طريقة دون الأخرى في بعض التخصصات تبعا للهدف من الدراسة وطبيعية الظاهرة المدروسة وطبيعة موقف الدراسة وعينة الدراسة المستخدمة وطبيعة العينة من حيث المرض والسواء وغيرها.
يمكن تقديم تصنيف لطرق البحث ، ثم نتناول كل منها علي حدة:

أولا: الطريقة الوصفية
ثانيا:الطريقة التجريبية
ثالثا:الطريقة السيسومترية
رابعا:الطريقة الكلينيكية

§ يلاحظ من التصنيف السابق أنه عند دراسة أي ظاهرة نفسية لا يتم باستخدام طريقة واحدة بل بتعدد الطرق ووسائل القياس ، وذلك لصعوبة دراسة الظاهرة النفسية.
§ تستعين الطرق السابقة بأسلوب إحصائي يتناسب مع عدد العينة والهدف من الدراسة هي علاقة ارتباطية أم فروق أم تنبأ أو تحليل عاملي لاستخراج بعض العوامل وهكذا.
§ لا يفضل طريقة علي أخري عند إجراء البحث ، بل تتكامل معطيات الطرق لتعطي صورة كلية عن الشخصية. وكذلك تتعاون الطرق في إظهار وتحقيق أهداف البحث وتحقيق الفروض.
§ تحدد طرق البحث خطوات الدراسة وإجراءاتها ولذلك يصلح أحد الطرق لمرحلة معينة ولا يصلح طريقة أخري لهذه المرحلة وهكذا.
4. الحكم علي سوية الشخصية:
تعتبر المظاهر السوية لدي الأفراد نسبية وتعني السوية قدرة الشخص علي التكيف والتوازن بين المتطلبات البيئية والشخصية وتحقيق إمكانياته والشعور بالسعادة مع الذات والآخرين ، وهناك أطر عامة في غالبية المجتمعات تعتبر محددات لسوية السلوك لدي الأفراد مثل الحدود الدينية والخلقية والقانون وما يعاقب عليه أم لا، والمعايير الاجتماعية والتقاليد والعرف والعادات السلوكية التي أصبحت مألوفة لدي أي جماعة أو أسرة أو قرية أو دولة ما .
كما يظهر ذلك من الدراسات التي يطلق عليها الدراسات عبر الحضارية المقارنة. فعند قيام الفرد بمسلك يتساءل عن الحكم الديني والخلقي له ثم موقفه من القانون ثم مدي مقبوليته اجتماعيا بين المجتمع ثم الأسرة . واتجاهه ذاتيا نحو هذا المسلك أيضا . وهل يصاحبه رضا وارتياح أم توتر وخوف مع أن مشاعر الفرد نحو نتيجة أي مسلك ليست هي المعيار الدقيق ، فمشاعر الذنب الحقيقية تعتبر مغير ومهذب لمسار السلوكيات غير المرغوب فيها عند الأسوياء وتنخفض مشاعر الذنب ويحل محلها لامبالاة لدي بعض الفئات مما يؤدي إلي ارتكابهم الكثير من الأخطاء والمخالفات ثم تكرارها بدون ألم داخلي أو حساب للذات. وكذلك المرحلة العمرية التي يمر بها الفرد وما تميز بها من خصائص فبعض المظاهر المصاحبة لمرحلة نمو محدودة تعتبر سوية في تلك المرحلة وإذا اجتازت تلك المرحلة وتعدتها إلي مرحلة لاحقة ربما يعتبر ذلك سويا.
وتوضح فيما يلي بعض معايير الحكم علي السلوك السوي والسلوك اللاسوي:
1. المعيار الديني والخلقي. 2. المعيار الشخصي (الذاتي).
3. المعيار التشخيصي النفسي. 4. المعيار السيكومتري (الإحصائي).
5. المعيار الاجتماعي. 6. المعيار القانوني أو الجنائي.
منقول