ملاحظات على ترجمة د. محمد غنيمى هلال لــ"بحيرة" لامارتين
بقلم د. إبراهيم عوض

Ibrahim_awad9@yahoo.com
http://awad.phpnet.us/
http://www.maktoobblog.com/ibrahim_awad9


Le Lac par Lamartine

Ainsi, toujours poussés vers de nouveaux rivages,
Dans la nuit éternelle emportés sans retour,
Ne pourrons-nous jamais sur l'océan des âges
Jeter l'ancre un seul jour ?

Ô lac ! l'année à peine a fini sa carrière,
Et près des flots chéris qu'elle devait revoir,
Regarde ! je viens seul m'asseoir sur cette pierre
Où tu la vis s'asseoir !

Tu mugissais ainsi sous ces roches profondes,
Ainsi tu te brisais sur leurs flancs déchirés,
Ainsi le vent jetait l'écume de tes ondes
Sur ses pieds adorés.

Un soir, t'en souvient-il ? nous voguions en silence ;
On n'entendait au loin, sur l'onde et sous les cieux,
Que le bruit des rameurs qui frappaient en cadence
Tes flots harmonieux.

Tout à coup des accents inconnus à la terre
Du rivage charmé frappèrent les échos ;
Le flot fut attentif, et la voix qui m'est chère
Laissa tomber ces mots :

"Ô temps ! suspends ton vol, et vous, heures propices !
Suspendez votre cours :
Laissez-nous savourer les rapides délices
Des plus beaux de nos jours !

"Assez de malheureux ici-bas vous implorent,
Coulez, coulez pour eux ;
Prenez avec leurs jours les soins qui les dévorent ;
Oubliez les heureux.

"Mais je demande en vain quelques moments encore,
Le temps m'échappe et fuit ;
Je dis à cette nuit : Sois plus lente ; et l'aurore
Va dissiper la nuit.

"Aimons donc, aimons donc ! de l'heure fugitive,
Hâtons-nous, jouissons !
L'homme n'a point de port, le temps n'a point de rive ;
Il coule, et nous passons ! "

Temps jaloux, se peut-il que ces moments d'ivresse,
Où l'amour à longs flots nous verse le bonheur,
S'envolent loin de nous de la même vitesse
Que les jours de malheur ?

Eh quoi ! n'en pourrons-nous fixer au moins la trace ?
Quoi ! passés pour jamais ! quoi ! tout entiers perdus !
Ce temps qui les donna, ce temps qui les efface,
Ne nous les rendra plus !

Éternité, néant, passé, sombres abîmes,
Que faites-vous des jours que vous engloutissez ?
Parlez : nous rendrez-vous ces extases sublimes
Que vous nous ravissez ?

Ô lac ! rochers muets ! grottes ! forêt obscure !
Vous, que le temps épargne ou qu'il peut rajeunir,
Gardez de cette nuit, gardez, belle nature,
Au moins le souvenir !

Qu'il soit dans ton repos, qu'il soit dans tes orages,
Beau lac, et dans l'aspect de tes riants coteaux,
Et dans ces noirs sapins, et dans ces rocs sauvages
Qui pendent sur tes eaux.

Qu'il soit dans le zéphyr qui frémit et qui passe,
Dans les bruits de tes bords par tes bords répétés,
Dans l'astre au front d'argent qui blanchit ta surface
De ses molles clartés.

Que le vent qui gémit, le roseau qui soupire,
Que les parfums légers de ton air embaumé,
Que tout ce qu'on entend, l'on voit ou l'on respire,
Tout dise : Ils ont aimé !
************************************************** **
وهكذا نظل مندفعين نحو شطآن جديدة
نضرب في ليل الأبد
إلى غير عودة
أفلا نستطيع أبدًا
فوق محيط السنين
أن نرسي القلاع يومًا
** كثير ممن ترجموا قصيدة لامارتين جعلوا من هذه الجملة الطويلة التى تستغرق المقطع كله جملتين مثلما فعل المرحوم غنيمى هلال هنا. ورغم أن مثل هذا الصنيع يشيع جدا فى الترجمات ويحلو، بل كثيرا ما يكون مطلوبا، فلكم وددتُ فى هذه الجملة بالذات لو أن الترجمة قد حافظت عليها جملة واحدة كما هى فى الأصل ولم تقسمها إلى جملتين. وبناء على هذا قد يصح أن نقول: "أفلا نستطيع أن نلقى بمرساتنا فوق أوقيانوس الحقب ولو يوما واحدا بدلا من أن نظل هكذا مدفوعين نحو شواطئ جديدة يحملنا الليل السرمدى دونما عودة؟". وليلاحظ القارئ كيف قدمت فى ترجمتى وأخرت، فجعلت آخر المقطع أولا، وأوله آخرا. ويمكن مترجما آخر أن يحافظ على ترتيب المقطع الأصلى، فكل شيخ وله طريقة. وإذا كان الدكتور هلال قد جعل الإرساء للقلاع، وهو غير مستعمل فيما أظن، وإن كان رغم ذلك ممكنا على أساس من الاستخدام المجازى للكلمة، فلو كنت أنا المترجم لقلت على الفور كما صنعت آنفا: "نلقى بمرساتنا" اتباعا لما قاله الشاعر الفرنسى. ويبدو لى أن ثمة فرقا غير هين بين قول المترجم: "ليل الأبد" وقول الشاعر: "الليل الأبدى": فالأول يدل على أن الأبد بطبيعته ليل، أى ظلام، أما الثانى فلا يتكلم عن الأبد بل عن الليل، الذى يصفه بأنه ممتد دونما نهاية، فهو ليل أبدى. وبالمثل هناك فرق غير قلل بين "أفلا نستطيع أبدًا فوق محيط السنين أن نرسي القلاع يومًا؟" وبين "أفلا نستطيع أبدًا فوق محيط السنين أن نرسي القلاع يومًا واحدا؟". ذلك أن ترجمة غنيمى هلال تعنى تمنى الشاعر وقوع الإرساء واستمراره على الدوام، أما "يوما واحدا" فمعناه اقتصار التمنى على الإرساء يوما واحدا لا يعطل استئناف الرحيل بعده. وهو ما يدل على تواضع أمنية الشاعر بسبب من فداحة المعاناة، فكل ما يريده إذن هو الراحة ليوم واحد ليس إلا. وقد تكرر هذا فى بعض الترجمات الأخرى.

كاد العام ينتهي
أيتها البحيرة.. فانظري!
.. هأنذا آتي إليك وحيدا
أجلس فوق هذه الصخرة
حيث رأيتِها تجلس
قريباً من الأمواج الحبيبة
التي كانت ستراها من جديد
** يقول المترجم: "كاد العام أن ينتهى"، أما الشاعر فيقول إن العام انتهى فعلا، وإن لم يمر على انتهائه وقت طويل. وعلى هذا كان ينبغى أن يقال مثلا: "ها هو ذا العام قد انتهى لتوه". أما "كاد" فهى ترجمة لــ"presque"، وليس لــ"à peine". وبالنسبة إلى السطر الأخير فى المقطع المترجَم فقد كنت أوثر أن تكون ترجمته هكذا: "التى كان ينبغى أن تراها من جديد". قلت: "أوثر" لأنه أدق لا لأنه هو الصواب الذى لا صواب سواه.

وهكذا كنت تهدرين
تحت هذه الصخور العميقة
وعلى جوانب هذه الصخور
كنت تتكسرين
وهكذا كانت الريح ترمي بزبد موجاتك
على أقدامها العزيزة
** لعل "قدميها الحبيبتين" (ولا داعى لصيغة الجمع) تكون أدنى إلى الأصل وأوفى بالمراد لأن القدمين وصفتا بأنهما معبودتان، والعبادة هنا تعبير عن الوله لا الإعزاز. ويمكن أيضا أن نقول مباشرة: "لعل قدميها الجديرتين بالعبادة..."، وهو تعبير أجنبى فيما يخيل لى كما قلت فى حلقة مسابقة من هذه الدراسات. كذلك لو أن المترجم وصف "جوانب الصخور" بأنها "متثلمة" لكان أفضل، إذ هى هكذا فى الأصل اللامارتينى. وأخيرا فإنى أرى أن تأخير "هكذا" إلى درج الجملة على النحو التالى: "لقد كنت تهدرين هكذا..." أدق فى التقاط ما يريد الشاعر الفرنسى قوله. أما "وهكذا كنت تهدرين..." فيوحى بأن هناك كلاما سابقا عن طريقة فى الهدير يريد الشاعر تشبيه هدير البحيرة به، وهو ما لا وجود له فى النص المترجَم.

ذات مساء، ألا تذكرين؟،
كنا نسبح في صمت
حيث لم يكن يسمع من بعيد
فوق الموج وتحت السموات
سوى خرير المجاديف
تضرب في إيقاعها
ألحان موجاتك
** الحق أنهما لم يكونا يسبحان، بل يجدفان. وهو سهو، ولا شك، من المترجم، إذ من المستبعد أن يجهل معنى "vougue". كذلك فالمجاديف ليس لها خرير، بل الخرير للماء. وبالمناسبة فليس فى النص مجاديف (des rames)، بل جدّافون (des rameurs). ومع هذا فمن الممكن مجازا الاستعاضة عنهم بمجاديفهم كما هو معروف فى البلاغة. وسبق أن أشرتُ، وأنا بصدد كتابة ملاحظاتى على ترجمة الأستاذ الجندوبى، إلى أن استخدام صيغة الجمع بالألف والتاء يدل عموما على قلة العدد، على حين أن أمواج البحيرة، حتى لو اقتصرنا فيها على تلك التى تضرب صخورها المتثلمة، أكثر من أن تحصى، بَلْهَ أن تكون قليلة. وفضلا عن ذلك فليس المراد أن ضرب المجاديف لم يكن يُسْمَع من بعيد، إذ إن ضرب المجاديف لسطح الماء لم يكن يأتى من بعيد (de loin)، بل المراد أنه لم يكن يسمع حولهما داخل النطاق الذى يضمهما ويمتد إلى بعيد (au loin). أى أن البعد لا ينتهى إليهما، بل يبدأ منهما. وفى الختام فإن المجاديف لا تضرب ألحان الموجات، فالألحان لا تُضْرَب، بل الذى فى النص أن المجاديف تضرب الأمواج المنغمة.

أيتها البحيرة
والصخور الصماء والكهوف والغابة المظلمة
أنتن في أمان من الزمن
بل إنه يعيد إليكن الشباب
فلا أقل من أن تحتفظن
وأن تحتفظي أيتها الطبيعة الجميلة
بذكرى هذه الليلة!
** فى الأصل الفرنسى: "يا من أعفاكن الزمن من أفاعيله، وقد يعيد لكن الشباب"، فالجملة جملة نداء كما نرى، وليست جملة خبرية. كما أن إعادة الزمن شباب البحيرة والصخور البكماء والغابة المظلمة ليست أمرا يقينيا أو مؤكدا حسبما ترجمها د. غنيمى هلال، بل فقط من الممكن أن يقع، وهذا كل ما هنالك. ثم إن لامارتين قد وصف الصخور بأنها بكماء (muets) لا صماء (sourds)، أى وصفها بالعجز عن النطق لا عن السمع.