1.3 مليون شخص يترددون على الموقع
لا سقف لأحلامك في الـ"سكند لايف"
فاطمة فايز
شعار سكند لايف
هل حلمت يومًا بالسفر إلى الفضاء في ثوان معدودة أو أن تكون من أغنياء العالم؟. هل اضطجعت يومًا على سريرك محلقًا في السماء مطلقًا لخيالك العنان وتخيلت أنك تلمس النجوم بيديك؟. هل فكرت أن تصبح شخصًا آخر في جسد آخر وشكل وهيئة أخرى؟.
هل اعترضت طريقك القواعد والقوانين واللوائح وعقبات الحياة وإخفاقاتها وودت أن تلغي كل هذا لتصنع لنفسك حياة أخرى تسير وفق أهوائك وميولك الشخصية؟... حياة خالية من أي تعقيد تحرك أنت كل ما فيها بيديك لتشكّل عالمًا خاصًّا بك وحدك.
يمكنك الآن تحقيق كل أحلامك تلك في دقائق قليلة، وكل ما عليك هو الجلوس أمام جهاز الكمبيوتر والانطلاق في عالم الإنترنت، وبضغطة "ماوس" شكِّل عالمك الخاص من بين كثير من العوالم الافتراضية على شبكة الإنترنت والتي تساعدك في ذلك.
فالواقع الافتراضي أو Virtual World الذي يتيحه الإنترنت سيساعدك على لمس أحلامك وتحويلها إلى حقيقة، فهو فضاء متخيل على شبكة الإنترنت يقطنه مستخدمو الإنترنت فيحوِّلون ما حلموا به وعجزوا عن تحقيقه على أرض الواقع إلى ماديات ملموسة، فيمكنهم فعل أي شيء دون أي عقبات أو مشكلات، فلا مصادرة لقول أو فعل ولا قيود ولا حدود ولا ضوابط.
فقط تخيل وحوِّل الماوس في يدك إلى عصا سحرية، وخط بها أحلامك لترى في ثوان معدودة أن الحلم أصبح حقيقة حتى إن كانت افتراضية، فالحلم تجسد والفكر تحرر.
قد يهيأ للبعض أن هذه العوالم الافتراضية لعبة، ولكنها ليست بلعبة كتلك الموجودة على جهاز الكمبيوتر، بل تختلف عنها بحيث لا يوجد مستوى معين تقف عنده أو وقت معين تنتهي فيه، أو أهداف معينة تقف عند تحقيقها.
مفهوم Second Life
تعتبر "Second Life" أو ما يسمى "بالحياة الثانية" من العوالم الافتراضية التي أتاحتها الإنترنت واختصارها SL. تم إنشاؤها بواسطة "ليندن لاب" في سان فرانسيسكو.
وتقوم فكرتها على تأسيس عالم افتراضي يبتكر المستخدمون خلاله شخصيات افتراضية تجسدهم تعرف بـ"avatars". ساعد على تأسيس الحياة الثانية المستوى (3) للشبكات والذي صُمّم ليعالج تطبيقات النطاق الترددي المكثف، وبالتالي سيوفر النمو السكاني لمقيمي الحياة الثانية مع إمكانية الوصول عبر وسائل أكثر موثوقية إلى هذا العالم ثلاثي الأبعاد.
ويسمى مستخدمو الحياة الثانية "residents"، ويقضي هؤلاء المقيمون وبخاصة الصغار منهم الكثير من الوقت داخل الحياة الثانية فيعيشون في هذا الفضاء الافتراضي، وتسود بينهم علاقات من التواصل والتفاعل، ويقومون بسلوكيات أقرب إلى تلك التي يمارسونها في الواقع الحقيقي فيشكلون علاقات صداقة ويتفاعلون مع بعضهم البعض، ويؤسسون شبكة علاقات اجتماعية واسعة مع غيرهم من المقيمين في الحياة الثانية، كما يقومون بعمليات بيع وشراء، ويمتلكون مقتنيات خاصة بهم ويمارسون العديد من الألعاب.
وإلى جانب ذلك يستطيع المقيمون ابتكار الشخصيات الخاصة بهم فيبتكرون أشكالا افتراضية تجسدهم في هذا الواقع المتخيل والتي تعرف بـ"avatars" أي مجسدون افتراضيون للأشخاص الطبيعيين، والشكل الرئيسي لهؤلاء المشخصين هو شكل الإنسان، ولكن هؤلاء المجسدين قد يتشكلون من أي جنس، ويحملون الكثير من الصفات المميزة للبشر الطبيعيين، قد يرتدون ملابس أو يتم تجزئتهم لتجسيد أنواع عديدة من الجنس البشري، وتتفاعل هذه الأشخاص الافتراضية مع بعضها البعض. وهناك أسلوبان للاتصال بين المقيمين داخل الحياة الثانية، فهناك المحادثة المحلية، والمحادثة العالمية "الإرسال المباشر" ويعرف بـ"IM".
وتستخدم المحادثة في الحوارات العامة التي تحدث بين واحد أو اثنين من المجسدين، ويمكنها أن تسمع على بعد 20 مترًا. ويستطيع هؤلاء المجسدون الصراخ أيضًا ويكون الصوت مسموعًا حتى 96 مترًا.
كما يستخدم الإرسال المباشر في المحادثات الخاصة، سواء كانت بين اثنين فقط من المجسدين أم بين جمع من أعضاء المجموعة، وبخلاف الدردشة فالإرسال المباشر لا يتطلب أن يكون المشاركون على بُعد مسافة معينة من بعضهم البعض.
ونجد المحادثة الصوتية متاحة على الشبكة الرئيسية مستخدمة تكنولوجيا حاصلة على ترخيص من Vivox، المزود لخدمات مماثلة إلى آخرين في الواقع الافتراضي.
كما أن هناك بعض المواقع الخارجية التي تسمح للمقيمين بجلب آخرين من خارج الواقع الافتراضي، وأخرى تضع وصلات على مواقع أخرى كموقع الحياة الثانية دوت كوم الذي يتيح وصلات خارجية على مواقع أخرى في العالم.
كما يمكن أيضًا لهؤلاء المجسدين أن يقودوا مركبات، فهناك العديد من المركبات المتاحة في الحياة الثانية، والمقيمون أنفسهم قد يصنعون المركبات ويعطونها لمقيمين آخرين إما مجانًا أو في مقابل مادي بحيث يتخذون منها حرفة، وكذلك الحال بالنسبة للطائرات الهليكوبتر، والغواصات، والبالون الهوائي، ويمكن لهذه المركبات الهوائية أن تطير على بعد4000 متر (وهو أقصى ارتفاع متاح).
ويتنقل المجسدون باستخدام أي من هذه الوسائل أو سيرًا على الأقدام، حيث إن الطريقة الرئيسية والأكثر شيوعًا للتنقل داخل الحياة الثانية تكون بالأقدام، كما أن بإمكان المجسدين Avatars" الجري والقفز أيضًا. والسفر بسرعة هائلة، فهؤلاء المجسدون يمكنهم الطيران حتى ارتفاع 170 مترًا فوق المرتفعات، ودون أن يتطلب ذلك منهم أي معدات، خاصة أنه لا توجد روابط نصية تحدد ارتفاعًا معينًا للطيران.
والمثير للاهتمام هو تلك الصورة التي يبدو عليها المجسدون عندما يتحدثون إلى بعضهم البعض، حيث يقف المجسدون الذكور بصورة تبدو خالية من الحميمية، بينما تتباين عنها باقي الأجناس في الصور التي تظهر عليها عند التحدث، حيث ذكرت دراسة بجامعة ستانفورد أن "avatars" الصور الكارتونية ثلاثية الأبعاد المجسدة لمستخدمي الحياة الثانية من الذكور تقف على متوسط 7.7 أقدام بعيدًا عن بعضها البعض، بينما يبعد ثنائي النوع 6.9 أقدام عن بعضهم البعض، ويقف الأزواج ذوو الميول الجنسية الأنثوية المتماثلة بصورة فيها نوع من الحميمية بالقرب من بعضهم البعض (بوضاعة) بدرجة قرب أكبر من تلك التي يقف فيها الأزواج ذوو الميول الجنسية الذكورية المتماثلة، ويفضلون الاتصال البصري في أثناء المحادثة، ويحدد المستخدم نوع المجسد "avatars".
استخدام الحياة الثانية
جزيرة معمرة في السكند لايف
ويبدو أن هذه الحياة الافتراضية قد أعجبت الكثيرين واستأثرت بوقتهم واهتمامهم، خاصة بالنسبة لأولئك الذين يخفقون في تحقيق أحلامهم في الواقع الحقيقي، أو يهربون من واقعهم الحقيقي إلى عالم آخر تذوب فيه كافة العوائق والقيود والتي قد تحول دون تنفيذ الإنسان لما يشاء في أي وقت شاء.
فنجد أن أعداد قاطني الحياة الثانية في زيادة مستمرة، فنجد أن 1.3 مليون شخص يدخلون إلى مواقع الـSecond Life خلال شهر مارس 2007 مسجلين بذلك زيادة ملحوظة في نسبة الدخول إلى مواقع الحياة الثانية بنحو 46% منذ يناير من نفس العام.
جاء ذلك في مسح أجراه comscore على مليوني مستخدم حول العالم ممن سمحوا لشركة "كوماس كور" برصد تعاملاتهم وسلوكهم التصفحي في مواقع الحياة الثانية، وكشف التحليل أن نسبة الدخول العالمية إلى مواقع الحياة الثانية بلغت نحو 1.283، وزار موقع "الحياة الثانية دوت كوم" نحو 3.6 ملايين زائر حول العالم في عمر 15 سنة أو يزيد، مما يشير إلى نمو أعداد مقيمي الموقع، خاصة مع إتاحة موقع الحياة الثانية استخدام تطبيقات البرمجيات للدخول إلى عالم الحياة الثانية.
ويتوقع بحلول مارس 2008 أن يصل إجمالي أعداد المقيمين إلى 25 مليونًا.
وهؤلاء المقيمون يقضون الكثير من الوقت داخل الحياة الثانية، ويختلفون فيما بينهم في مواعيد الدخول، فالبعض يدخل مع نهاية الأسبوع وفي الغالب يوم الأحد، أما المستخدمون الجدد فيدخلون من الواحدة ظهرًا إلى العاشرة مساءً. كما أن غالبية المستخدمين يتواجدون على الإنترنت ما بين الخامسة صباحًا إلى الخامسة مساء بتوقيت جرينتش.
كما يتزايد نشاط مستخدمي مواقع الحياة الثانية في الفترة من الخامسة مساءً إلى الواحدة صباحًا، وذلك يرجع إلى أن المقيمين يفضلون الدخول لمواقع الحياة الثانية بعد الانتهاء من أشغالهم.
جاء ذلك في دراسة استكشافية تناولت قبول المستخدمين للحياة الثانية، من خلال تحليل المقيمين على الإنترنت، وإجمالي عدد المقيمين كل ساعة خلال الفترة الزمنية للدراسة من أغسطس 2006 - مارس 2007.
ونظرًا لأن الحياة الثانية تُعَدّ جديدة إلى حد ما فإن خبرة أغلب مستخدميها لم تتعدّ السنة الواحدة على الأكثر، حيث أوضحت نتيجة الاستقصاء الذي تضمنتها إحدى الدراسات أن 90% من المستجيبين تقل خبرتهم في مجال الحياة الثانية عن سنة، و56% من النشطاء فيها لم تتجاوز خبرتهم 6 أشهر، وذلك على الرغم من ارتفاع المستوى التعليمي للمبحوثين، فالغالبية منهم حاصلون على مؤهل جامعي.
مستقبل الحياة الثانية
مشهد لقاعة في سكند لايف
العديد من التحديات أمام الحياة الثانية كي يتسع انتشارها على مستوى الأشخاص والمؤسسات، ولديها أيضًا منافسون معروفون مثل:weblo.com,active) (worlds, والقادمون الجدد مثل: (entopia universe,dotsul cyberpark , red light center ,and kaneva)
ولكن التجارب التكنولوجية السابقة تقول إن المنتجات الأكثر تنافسًا والأقل تنافسًا تتعايش مع بعضها البعض في السوق الواحدة، والمستخدمون المحتملون يختارون ما بين تلك المنتجات بدلا من تأجيل القرار، وفقًا للمبدأ المسمى tippiness، ولكن نتيجة لتأثيرات الشبكة، فإن منهجًا واحدًا للتنافس هو الذي سيسود كما هو الحال مع موقع e-bay or Amazon.
وحتى لو كانت مشاهد برمجيات الحياة الثانية مجانية، وممكنة الدخول دون أجرة فاتباع مثل هذا النهج سيتطلب تحمل تكاليف للحد من التأثيرات، ذلك أنه إذا فكر المستخدم في التحول إلى نهج آخر خلاف "ليندن لاب" فإن عليه أن يتكبد نفقات كبيرة حقيقية كانت أو متصورة.
وفي النهاية، فإنه إذا حظيت الحياة الثانية بقبول المستخدمين كطريق ومنفذ جديد يحقق لهم عملية التفاعل والتعاون والمشاركة فيما بينهم، وإذا ما استطاعت المؤسسات تقديم قيم مضافة للمستخدمين من خلاله، فإنه من الممكن أن يصبح العالم الافتراضي نهج الجيل القادم من مستخدمي الإنترنت، وذلك على الرغم من أنه لكي يصبح العالم الافتراضي اتجاهًا سائدًا فإن العوالم الافتراضية كالحياة الثانية لديها العديد من التحديات التي عليها أن تجتازها، حيث إن قبول المستخدمين للحياة الثانية ربما يكون أهم شيء.
--------------------------------------------------------------------------------
باحث مساعد بوحدة التطوير والبحوث بموقع إسلام أون لاين.
المرفق:
شعار سكند لايف
جزيرة معمرة في السكند لايف
مشهد لقاعة في سكند لايف