مسألة فقهية
في إلقاء خطبة الجمعة بغير العربية:
انتشر في بلادنا (نيجيريا) إلقاءُ خطبة الجمعة بغير العربية، مما أفقَد الجمعةَ طعمَها وحوّل الخطبة إلى مجلسِ وعظٍ عام يلقى فيه الكلامُ المرسل بعواهنه.
والجمعة على هذه البدعة لا تصح على مذهب الإمام مالك؛ لأنّ مِن شروطِ صحّةِ الجمعة الخطبةَ بلا خلاف، ومِن شروطِ صحة الخطبة في المذهب المالكي أن تكونَ بالعربية، وأن تكون مما تُسَمِّيه العربُ خطبةً، وشرط الشرط بمنزلة الشرط في الحكم.
يقول أبو البركات الدردير في الحديث عن شروطِ الخطبة: "مِن شروطِها وصلُ الصَّلاةِ بها، وكونُها عربيّةً، والجهرُ بها"، اه من (الشرح الكبير على مختصر الخليل)، وعلّق الدسوقي على كلامه: "قوله: (وكونُها عربيّةً) أي: ولو كان الجماعةُ عجما لا يعرِفون العربيّةَ، فلو كان ليس فيهم مَن يُحسِن الإتيانَ بالخطبةِ عربيّةً لم يلزمهم جُمعةٌ".
وقال أبو البركات الدردير أيضا: "...، وبقي شرطان أن يُجهَر بهما، وأن يكونا بالعربية، ولو لِأَعْجَمِين" اه مِنَ (الشرح الصغير على أقرب المسالك إلى مذهب الإمام مالك).
وعلّق الشيخ أحمد الصاوي على كلامه بقوله: "قوله: (وأن يكونا بالعربية) فلو كان ليس فيهم مَن يُحسِن الإتيانَ بالخطبة لم يلزمهم جمعةٌ" اه مِن (حاشية الصاوي على الشرح الصغير).
وقال الشيخ علي المنوفي المالكي: "وأقلُّ ما يُجزِئ مِنَ الخطبة على المشهور ما يقع عليه اسمُ الخطبةِ عند العرب"، اه من (كفاية الطالب الرباني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني)
وعلّق الشيخ علي العدوي على عبارته بقوله: "...، ووقوعُها بغيرِ العربيّةِ لغوٌ، فإن لم يكن في الجماعةِ مَن يعرِف العربيّةَ، والخطيبُ يعرفها وجبتْ أيضا، فإن لم يعرف العربيةَ لم تَجِبْ". اه من حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني.
وبهذا يظهر للمتفقه المالكي أن الجمعة في مسجد لا يُخطَب بالعربية مطلقا باطلة، والأقرب إلى الصواب أن تلقى الخطبة باللغة المحلية أولا ثم تلقى بالعربية ثانيا متصلةً بالصلاةِ على ما هو العرفُ السائد في مساجد (زاريا).
والله تعالى أعلى وأعلم
#أحمد التجاني الأزهري