الزمن/الجودة


الزمن هو الآن.. اليوم، ليس الأمس الذي مضى، ولا الغد الذي هو في علم الغيب ولا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى.
المعادلة الحقيقية التي تعني وجود الإنسان في بيئته، هي بقدر ما يعطي ويأخذ، وهي تبادلية الواجبات والحقوق، وعملية توازن كونية تعطي الإنسان قيمته الحقيقية.
الإنسان هنا، هو قمة مثلث العطاء (الإنسان، الزمان، المكان) والذي يعكس مثلثاً آخر (الفكرة، الهدف، النتيجة) وهذا ما يوصلنا في النهاية إلى الجودة/الانتاج.
فإذا كان هناك توازن بين الأخذ والعطاء، الآن في هذا اليوم بالذات، يكون الإنسان كغيره في منظومة عادية، تتعاقب عليه الأيام كما هو، ضمن مجموعته، بينما نلاحظ أن هناك رؤوساً تطل بشكل واضح من بين هذه المجموعة تقول إن هناك أشخاصاً متميزين، في الأخذ والعطاء، في تقديم رسالتهم الإنسانية الكونية.
الأنبياء والرسل على قمة هؤلاء، ثم نقرأ أسماء وصوراً وأحداثاً قام بها أشخاص بعينهم (مكتشفون، فلاسفة، ومحاربون، وزعماء دول..).
هؤلاء، جميعاً كانوا مؤثرين في (لحظة ما) قدموا للبشرية حدثا بعينه في مكان بعينه، قدموا بأفكارهم وبأيديهم، وبأنفسهم.. ومنهم من قُتل لأجل ذلك.. تقديم باليد، وتقديم بالنفس.. ونلاحظ تكرار صيغة وطبيعة هذاالتقديم في القرآن الكريم، في كثير من الآيات، ضمن توصيف التقديم باليد، والتقديم بالنفس.. هنا تكمن نوعية وجودة هذا التقديم/التميز.
الله سبحانه وتعالى، أمرنا بالعمل، لأنه يراقب أعمالنا، وكذلك الرسول والمؤمنون.. هذا العمل يجب أن يكون لافتاً فنرضي الله ورسوله والمؤمنين، ونرضي أنفسنا بالتالي.
ما نقدمه يجب أن يكون متميزاً، مؤثراً، وأن يكتب له البقاء ، يقول الله سبحانه وتعالى {نحن نحيي الموتى ونكتب ما قدموا وآثارهم} (يس: 21).
ما قدموا.. في حياتهم المحددة بزمن معين، ربما في يوم معين، وقد يكون حدثاً معيناً في لحظة ، قد تكون فاصلة بين الجنة والنار.
النتيجة تأتي فيما بعد.. أي بعد انقضاء الفرصة الزمنية، الوقت المحدد، الذي يهدره بعض الناس في ما لا ينفع.. هنا تبرز أقصى حالات الندم، إذ يقول هؤلاء {ليتني قدمت لحياتي}. (الفجر: 42).
الزمن، له علاقة مباشرة بصنع اللحظات، في مكان محدد، لذلك فإن المتميزين سادة أوقاتهم، وأعلام أمكنتهم ، فهم الذين قدموا ويقدمون للبشرية كل هذا التاريخ المحدد، على أرض محددة.
هل يستطيع الواحد منا أن يكون ضمن هؤلاء ؟
بالطبع، فإن العطاء اليومي، الذي يمارسه الانسان هو الذي يحدد ذلك، لأنه سمة الإنسان السوي، الذي خلقه الله سبحانه وتعالى في أحسن تقويم، وأمهله إلى حين.

حسن