هذه الفقرة عن المربي الكبير العلامة الفقيه النحوي المفسر عمي الشيخ نذير حامد رحمه الله في ذكرى وفاته
وكتب تلميذه الأخ عاطف البيانوني أبو السعود
إن العين لتدمع وإن القلب ليخفق ويخشع، والحزن يملؤ الكيان، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا الرحمن إنا لله وإنا إليه راجعون.
اللهم ارحم شيخنا وأسكنه الفردوس الأعلى مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا فقد كان يحبهم وربانا على حبهم، وقدم لنا صورة عنهم فكان نعم الأسوة الحسنة .
لقد تعرفت على فضيلة الشيخ عندما جاءنا مدرسا للتربية الإسلامية في ثانوية فلسطين، وكانت محدثة نترقب مجيء المعلمين، فلما جاءنا وكنا شلة طلاب في الصف متميزين جدا تردد على ألسنتنا عبارات الحسرة والأسى لأن مدرس التربية الإسلامية ( شيخ ) . كنا نتمنى شابا مصارعا ملاكما حاذقا بأساليب الخبثاء قادرا على مقارعتهم .هكذا أملى علينا طيش الشباب .لكن بعد عدة دروس علمنا فضل الله علينا بأن منَّ علينا بفضيلة الشيخ نذير حامد .
كان مربيا رحيما وداعية قلَّ مثيله وعالما فذا مع ما يتحلى به من أخلاق النبوة .
أثَّر في الطلاب تأثيرا بليغا . ولا بد لي من تقديم عينات من أساليبه التربوية الراقية .
1) أول ما دخل إلينا أجرى التعارف فكان يسأل الطالب عن اسمه ، ثم أسرته، ثم عمل والده ...وهكذا مجموعة من الأسئلة .
جاء دور طالب متميز في الكوميديا فهب واقفا وانطلق يتكلم : اسمي غسان مكانسي عمري كذا اسم أبي كذا .....وزاد ما شاءت قريحته حتى طوله واسم جدته، وأطال السرد ونحن معتادون على فكاهاته، ثم التفت إلينا وقال : بقي شيء يا شباب ؟؟؟ أقول قولي هذا وأستغفر الله .فضحكنا وضحك الأستاذ الفاضل معنا . وكنا نظن أن الأستاذ قد أثبت أستاذيته في كل مجال لكنه لن يكون له في هذا المجال نصيب وكما ذكرت كنا شلة متميزة لكلٍّ منا تميزه .لكن بعد هذا قال الأستاذ له : أتظن أني أطرح عليكم أسئلتي تلك عبثا ؟ لا يا حبيبي .أنا أسأل السؤال وأضعه في مكانه من ذاكرتي، وبعد أن آخذ من وقتك خمس دقائق لك عليَّ حق أن تسألني بعد عشر سنوات : من أنا؟ فأقول لك: أنت طالبي فلان درستك في ثانوية فلسطين . لذا طريقتك لم تنجح معي . تفضل أعد من الأول . ما اسمك ؟ فضجَّ الطلاب بالتصفيق والضحك والسرور. لقد تحداه حتى في الفكاهة ونجح عليه وأسعدنا . ثم تبين لنا باعه العلمي في شتى المجالات فهو أقوى من مدرس اللغة العربية ، وأقوى من مدرس الفلسفة ، وحتى اللغة الإنجليزية شرح للطلاب بعض قواعدها فحلفوا أنه أفهمهم أكثر من المعلم المتخصص لكني كنت أدرس الفرنسية . لقد اجتزئ من الدرس وقتا فأثبت للطلاب وجود الله بالبراهين العلمية ، تحمل رعوناتهم بصدر تربوي لامثيل له فلازمته بعد ذلك أزوره في البيت وأشعر بأن مجلسه منجما للمعادن الثمينة . سمعنا منه ردودا على شبهات لم أسمعها من غيره هي قمة الحجة والمنطق .
لقد كنت في عملي في الإشراف التربوي متألقا مما استفدته من والدي ومن فضيلته في الأساليب التربوية الراقية ّ.
رحمة الله عليه لقد تكلمت بجزء مما يخصني والحديث عنه مع الشواهد يطول. أرجو الله أن يمكنني من عرضه .
وأحر تعازي لولده الحبيب السيد بشير أبو اليمان ولأسرته الكريمة وأصهاره الكرام ولاحول ولاقوة الابالله .