لافتات بين غِلافيْن
(خاطرة)

بقلم الروائي - محمد فتحي المقداد

لافتاتٌ عبرتُها في صغري، ما زالت ملامحُها عالقةً في ذهني.
- (قف دون رأيك في الحياة مجاهدًا// إنّ الحياة عقيدةٌ وجهاد).
- (قُم للمعلّم وفّه التبجيلا//كاد المعلّم أن يكون رسولًا)
- (من طلب العُلا سهر اللّيالي//بحسب الجدّ تُكتسَبُ المعالي)
-(مَنْ جدّ وَجَد//ومن سار على الدرب وصل).
عبارات قيّمة تركت أثرًا في نفسي منذ تفتّح وعيي مع بداية دخولي المدرسة في الصفّ الأوّل العام ١٩٧١م.
أغلفة الدفاتر التي نشتريها من الدكاكين المختلفة كانت تبث في الطُّلّاب العزيمة والإصرار في وقت لم تكن سُبُل متابعة الدراسة أمرًا هيّنًا أبدًا خاصّة في الأرياف، الفقر وأعمال الفلاحين المُتوالدة على مدار السّنة بلا انقطاع.
تبدّل الحال تمامًا بعد حرب تشرين ١٩٧٣، واتّفاقيّة فصل القُوّات ١٩٧٤بين سورية وإسرائيل برعاية (هنري كيسنجر) وزير خارجية أمريكا آنذاك، وتأسيس مُنظمّة الطلائع ١٩٧٥م، جاءت كمنهج تربويّ فكريّ تسلسليّ تصاعديّ للتلاميذ في المرحلة الابتدائيّة، وفي الإعداديّة مرحلة شبيبة الثورة، ومع الانتهاء من الثانويّة يستقبلُك الحزب بعضويّة أوليّة عند الانتساب(نصير) بعد تقديم الطلب، والحصول على تزكية عُضويْن عامليْن فاعليْن من أجل ضمان دخول الجامعة.
انْتبَهوا لتأميم التعليم، وتشكيله وفق عقيدة الحزب القائد؛
فبدأ استُبدال الدفاتر القديمة التي كانت أحد العبارات السابقة على غلافها الأمامي، والخلفي كان مُخصّصًا لجدول الضرب للعمليّات الحسابيّة الذهنيّة. بالدفتر الجديدة ذات الغلاف الأمامي الذي يحمل صورة رئيس الجمهوريّة، والغلاف الخلفي صورة الشّعلة، وعبارة (أمّة عربيّة واحدة.. ذات رسالة خالدة).
فيما قد حفظتُ جدول الضّرب عن ظهر قلب، وبعد خمسة عقود أستطيع إجراء أيّة عمليّة حسابية ذهنيّة بسيطة بسرعة.
...
من كتابي (من أول السطر)