الدمعِ في كهفِ عينيهِ وما هطلا
كناسكٍ لزمَ المحرابَ وانعزلا

مقيّدا يسألُ المرآة ما عكستْ؟
ولم يسلْ خطوةً كي يعبرَ الأملا

كانَ التلوّثُ عذرًا كي يظلَّ هنا
فليسَ في الجوّ كفُّ تلمسُ النّبلا

كأنّ قلبي أبو ذرٍّ بقولته:
( لا حاجةٌ لي بدنياكم ) إذا ارتحلا

ومهجتي لغةُ الجنّاتِ ذاهبةٌ
ولم تفارقْ سوى مُستنكَحٍ جهلا

مفارقٌ أمةً يزني الكلابُ بها
أبكي عليّ ولا أبكي لها طللا

هذا الهواءُ انتهتْ أعذارُ خيبَتِهِ
وكلُّ بيتٍ يُجافي من بهِ نزلا

( إنّ العيون التي في طرفِها حورٌ )
نامتْ ولم تستفقْ مذْ أنشدوا الغزلا

مشوّهونَ وفي جيناتِهم خللٌ
فليس تعرفُ أشعارًا ولا قبلا

على الترابِ بقايا من هرائهمِ
وما لديهم أمينٌ صاحَ أو غسلا

تغتابُهمْ أنهرٌ ظمأى وتلعنُهم
مذْ أفسدوا الماءَ راحَ الماءُ وانتقلا

مهما غزا جَحْفلُ النيرانِ تشغلُهم
خرافةٌ تخمدُ العارَ الذي اشتعلا