منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 3 من 3
  1. #1

    جسر الوصول الأخضر



    د. ريمه عبد الإله الخاني




    مازلت أهذب له ذقنه، فهو لم يعد قادرا على النهوض، نعم ..لم يعد قادرا على إعالتنا بعد الآن، فقد وقع من على البناء وهو يعمل في الإسمنت والحجارة، فانكسر ظهرُه، وانكسرت حياتي معه..وفشلت كل المحاولات لعلاجه، وانتهت معها كل المدخرات التي خبأتهُا للزمن الأسود، بل كان أكثر حلكة من السواد ذاتِه، كانت لحظة فاصلة في حياتي..لايشعر بألمها إلا من ذاقها. فهو مازال شابا في الثلاثينيات من عمره، وفي قمة العطاء...بكيت حتى جفت الدموع.و يعيبون عليّ أنني أنجبت منه وهو على هذه الحال؟، مالهم ومالي؟ هذا شأني لاشأنهم، الثرثرة عَيبُ مجتمع عاطل عن العمل، فالحياة تستمر بكل أحوالها...لكن السؤال الأهم الآن والذي يجب أن نسأله بقوة الضمير الحي والشفقة الكبيرة على أطفالٍ صغار جدا:

    -كيف سنأكل لقمتنَا بعد ماحصل؟.

    أخرجت كل مالدي من أعمال نسوية مخبأة قديمة، أتذكر فيها ماكنت أحسنه من هوايات، إنها أمي..الأم ليست مدرسة بل عالم كامل من الفعاليات والعلم والفهم...مالهم ومالي.؟ نعم مالهم ومالي؟...هل يرضيهم أن أشتهي الرجال؟، من هذا الذي يثرثر ولايفعل؟ يعيب ولا يُرقع؟ ينظر للقذى في عين الناس ولايرى قذى عينه؟.أين كانوا عندما كنت أمر بذاك البناء الذي كنت يوما ما أعمل في منازله، أنظفها قبل أن أتزوج به وأغطي طلاقي القديم العقيم، بعد أن توفي لي زوجا يكبرني بعشرين سنة؟.ومازلت أحمل رقم ثلاثين! ومازلت قادرة على العمل..فليصمتوا..لاأستطيع الوقوف أمام المرآة الآن ، فأنا أدرك أنه تزوجني ، شهامة وقرابة وأعرف جيدا أنني لاأحمل من الجمال شيئا، لكنني أحب نفسي كثيرا، هذا هو الواقع الذي يقويني ويجعلني أقوم بما يقوم به الرجال رغما عني، ولأجل أسرتي، أحب أن أكون شيئا مهما في هذه الحياة لذا سأصم أذنيّ وأبحث عن طفل يملأ علي حياتي من جديد.أضحك أحيانا عندما أكتب على دفتر صغير يخصني وحدي أكتب مافي نفسي من تعب في السعي لجلب لقمة العيش فأخفق، وأدري أنه كراس مليئ بالأخطاء، أمحو وأكتب أمحو وأكتب، التي أخجل أن أريها لأحد، ولكن سيكون أفضل يوماما، أنا على يقين من ذلك، مازلت أدق الباب عليها كي تعطيني مهام أكسب منها نقودا، يرتقها بعض زاد تعطيني إياه، تلك النبيلة.

    -أنا جائعة، والله جائعة...أرى أولادي يتناولون الطعام فأسعد، ولكن عندما ينفذ الزاد من المنزل...أنظر إليه. أنظر إلى حالي، مالهذا تزوجت..أبكي بعيدا عنه، خاصة عندما يشعر بأنه معطل عاجز، فيصرخ مناديا بشراسة الجوع الذي لايؤمن أبدا..فأجلب ماتبقى، والجوع يطحنني...ما توقعت يوما أن أصير رجلا وامرأة بنفس الوقت..أنام وظهري المتعبَ يئن ويصرخ، أسكته بعدة أقراص من المهدئ التي وصفتها لي الدكتورة صفية القاطنة في حينا القريب، ولكن...أين كنت يا زوجي..عندما كنت أشتهي الرجال في الطريق؟، أين كنت عندما كنت تهملني فتسهر مع أصدقاءك مساء..ودخانك أهم من اللقمة؟...لاأستطيع أن أكونك الآن أبدا ...لقد كنت حينهامتعبة ووحيدة..ليتك تفهم كم كنت أبكي في الطريق، وأنا أحاول كسب أي مال بطريقتي الخاصة،كم تمنيت أن تكفيني يوما...ألستَ رجلا؟.لم تعد الكلمات تكفي لتمتص غضبي ويأسي..مزقت الدفتر، نعم مزقته..فالكلمات لاتباع في السوق البائرة اليوم...ولاتفيد إلا بثرثرة يقال لها كتب!!...كنت شاهدت أكوامها في منزل، باعه ورثته وباعوا الكتب بأرخص الأسعار، العلم فعل قبل أن يسطرَعلى الورق...وإلا فسيبقى ورقا على ورق...أي علم يودي للفقر ليس بعلم...
    -الجواد بالحرف يحتاج قوتا يزدرده كي يستمر..
    هكذا كان الناس يتبادلون الأحاديث حولها..وتلك الغرفة المستأجرة التي أعيش فيها، تشبه إلى حد كبير قن الدجاج، حيث كنت أرتبها وأنظفها لأبو نظمي، لكنه بدأ يقوم بحركات حيوانية جعلتني أعدل عن العمل عنده لأفيد ببعض قروش من عمل آخر، زوجته من أجمل الجميلات، فماذا كان يرى فيّ؟.فأنا بالكاد تزوجت ومازالت بنت معلمتني الجميلة تنتظر عريسا فماوصل، الدنيا مقادير، هل هي شروط مدينة تترفع على بعضها؟ أم هو صوت النقود الذي يصرخ في آذاننا حتى الصمم؟.أم هو الفراغ والصفاقة؟. بكل الأحوال..مازلت أحتفظ بعبارتين كتبتهم لي امرأة عملت عندها يوماما ونظفت لها منزلها ، كانت تقرأ كثيرا حتى تعجبت من إدمانها ومواظبتها!، ألا تمل السكون في منزلها بعدما رحل الصغار إلى بلاد الغربة؟ أما أنا فلا...قالت لي احفظيها جيدا واجعليها واقعا تغنمي.. شرحتها لي بقدر الإمكان وفهمتها حسب مقدرتي كانت عبارتان:

    -الهزيمة للشجعان فقط، الجبناء لايخوضون المعارك.
    -أنت مكلف بالسير نحو هدفك، لا بالوصول إليه.
    ذهبت لأم حياة، تلك الأرملة الذكية في حينا، التي خرجت من محنة شهادة زوجها أكثر قوة، وأكثر عزيمة وأنا أحب النساء القويات، خرجت لحياتها الجديدة مع وحيدتها الصغيرة، لاتعرف سوى مهنة الخياطة وتحاول جعل ابنتها من المثقفات المرموقات، فهي دوما تقرأّ..قلت لها:
    -هل تعلمينني الخياطة؟
    - أين أنت؟، كنت بحاجة لواحدة مثلك، مجدة وصبورة، فهل تقبلين؟.
    نظرت ابنتها إلي من بعيد قائلة:
    -وسوف أعلمك كل ماتعلمته..لأنك تستحقين.

    7-4-2020


    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  2. #2
    -هل تعلمينني الخياطة؟
    - أين أنت؟، كنت بحاجة لواحدة مثلك، مجدة وصبورة، فهل تقبلين؟.
    نظرت ابنتها إلي قائلة:
    -وسوف أعلمك كل ماتعلمته..لأنك تستحقين.

    انتهت القصة الرائعة ملخصة للحال


    الفقر يصطحب رفيقه الجهل عند زيارته لأي مكان ،عندها سيصبح ما يحكى في الكتب مجرد ثرثرة لأنها ببساطه عمله لا قيمة لها
    ومن الصعب على من يقيم في تلك الارض الاختيار غير مسلك وحيد
    نعم سيعاني من الاوجاع سيتعرض للنصب والاحتيال وسيبارك لمن فعل ذلك لأنه مسكين لا يملك من امره شيء
    فخارج الدار مثل داخل الدار هنالك كلاب تنهش الحي والميت
    الغني هو وحده يغرد خارج السرب فهو من يملك سلاح المال الذي يرفع من شان الانسان ،ويصم الاذان، وبه يصفع كل لسان
    ويبقى شيء واحد هو الصبر والايمان فصاحبه دوما في امان لكنه صعب يحتاج للكثير من اليقين

    شكرا سيدتي الأديبة الدكتورة ريمه الخاني على هذا النص الذي عكس لنا واقعا وحمل مغزى اكثر من رائع
    وتقبلي تحياتي-هل تعلمينني الخياطة؟
    - أين أنت؟، كنت بحاجة لواحدة مثلك، مجدة وصبورة، فهل تقبلين؟.
    نظرت ابنتها إلي قائلة:
    -وسوف أعلمك كل ماتعلمته..لأنك تستحقين.


    انتهت القصة الرائعة ملخصة للحال




    الفقر يصطحب رفيقه الجهل عند زيارته لأي مكان ،عندها سيصبح ما يحكى في الكتب مجرد ثرثرة لأنها ببساطه عمله لا قيمة لها
    ومن الصعب على من يقيم في تلك الارض الاختيار غير مسلك وحيد
    نعم سيعاني من الاوجاع سيتعرض للنصب والاحتيال وسيبارك لمن فعل ذلك لأنه مسكين لا يملك من امره شيء
    فخارج الدار مثل داخل الدار هنالك كلاب تنهش الحي والميت
    الغني هو وحده يغرد خارج السرب فهو من يملك سلاح المال الذي يرفع من شان الانسان ،ويصم الاذان، وبه يصفع كل لسان
    ويبقى شيء واحد هو الصبر والايمان فصاحبه دوما في امان لكنه صعب يحتاج للكثير من اليقين


    شكرا سيدتي الأديبة الدكتورة ريمه الخاني على هذا النص الذي عكس لنا واقعا وحمل مغزى اكثر من رائع
    وتقبلي تحياتي
    عبد العزيز صالح الظاهري
    منتديات منابر ثقافية
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  3. #3
    الغني هو وحده يغرد خارج السرب فهو من يملك سلاح المال الذي يرفع من شان الانسان ،ويصم الاذان، وبه يصفع كل لسان


    لا أتفق معك هنا
    التعميم ظلم
    الكثير منهم أياديهم بيضاء في الخفى
    صورت الأغنياء على أنهم الشر المحض الذي
    يتربص دائماً بالفقراء ويخطط للاستيلاء
    على ما في أيديهم من نِعم قليلة.
    حصرت الشهامة والنخوة على الفقراء فقط


    ذقت مرارة الإحباط هنا
    لا عليك هناك رب فوقنا وفي دواخلنا يعلم السر وما أخفى


    احترامي وتقديري اخ عبد العزيز


    لي عودة للأديبة الأريبة ريمه
    ياسمين الحمود ، منابر ثقافية.
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •