عبد الله الخاني (1925)
** ** ** ** ** ** ** **
هو قاضٍ سوري ورجل دولة، تولى الأمانة العامة للرئاسة السورية في عهد (الرئيس شكري القوتلي) وشارك في مفاوضات الوحدة السورية المصرية سنة 1958، وعمل في وزارة الخارجية السورية، وأصبح أول وزير للسياحة، وتم انتخابه عضواً في محكمة العدل الدولية عام 1980.
ولد "عبد الله فكري الخاني" عام 1925، والده (الشيخ محمد سعيد) كان إماماً للطريقة النقشبندية، وقاضياً شرعياً، دَرس "عبد الله" في (مدرسة الفرير) والتحق بـ(الجامعة الأميركية) في بيروت، قبل أن يعود ليُكمل دراسته في (جامعة دمشق) التي نال فيها شهادة الحقوق، وتدرب على المحاماة في مطلع حياته بمكتب المحامي "نعيم أنطاكي"، أحد رموز الحركة الوطنية في سوريا.
ونظراً لإتقانه اللغتين الفرنسية والإنكليزية، فقد طُلب منه في عام 1948، الانتقال إلى القصر الجمهوري، وكُلّف بمتابعة مباحثات الأمم المتحدة المتعلقة بقضية فلسطين ونقلها إلى رئيس الجمهورية "شكري القوتلي"، حيث نشأت علاقة متينة بينه وبين الرئيس "القوتلي"، الذي صار يعتمد عليه كثيراً في إدارة شؤون القصر وتحديداً في الأمور المتعلقة بالمكتب الصحفي.
عقب انقلاب "حسني الزعيم" في آذار 1949، تمت الإطاحة بحكم الرئيس "القوتلي" وأغلق القصر الجمهوري، فتوقف "عبد الله الخاني" عن العمل لمدة خمسة أشهر وهي الفترة التي تربع فيها "الزعيم" على سدة الحكم حتى تمت الإطاحة به في شهر آب 1949، حيث عاد "الخاني" إلى عمله.
ثم حصل على بعثة من الأمم المتحدة في عام 1953 فسافر إلى فرنسا لدراسة شؤون المراسم في النظام الجمهوري، ثم إلى بريطانيا لدراستها في النظام الملكي، وعاد إلى دمشق مع نهاية عهد (الرئيس أديب الشيشكلي).
وكان "عبد الله الخاني" قد تدرج في المناصب الإدارية، ليصبح مديراً للبروتوكول، ثم أميناً عاماً بالوكالة في عهد (الرئيس هاشم الأتاسي)، الذي أحبه كثيراً ووثق به نظراً لأمانته وصدقه وتفانيه بالعمل.
ومع عودة "شكري القوتلي" رئيساً للجمهورية عقب انتخابه في عام 1955، نظّم "الخاني" عملية انتقال السلطات له من الرئيس المغادر "هاشم الأتاسي"، وبقي قريباً من الرئيس "القوتلي" وكان شاهداً على كل الأحداث التي عصفت بسوريا، وشارك بمفاوضات الوحدة السورية المصرية عام 1958، وعند قيام الجمهورية العربية المتحدة نُقل إلى ملاك وزارة الخارجية.
وفي وزارة الخارجية، تنقل "عبد الله الخاني" بين عدد من البعثات الدبلوماسية السورية، من (لندن)، إلى (مدريد)، و(بروكسل)، و(أنقرة)، و(باريس)، ولاحقاً في (الهند)، وعمل في (منظمة اليونيسكو)، وانضم إلى وفد سورية الدائم في الأمم المتحدة خلال حرب عام 1967، وعُيّن أميناً عاماً لوزارة الخارجية عام 1969، وفي عام 1971 صار معاوناً لوزير الخارجية السورية وشارك في مفاوضات الرئيس "حافظ الأسد" مع الرئيسين الأميركيين "ريتشارد نيكسون" في دمشق عام 1974، و"جيمي كارتر" في جينيف عام 1977.
وفي عام 1972 قام بتأسيس وزارة للسياحة، بعد أن كانت السياحة مديرية تابعة لـ(وزارة الثقافة والسياحة والإرشاد القومي)، وسُمّي "عبد الله الخاني" كأول وزير للسياحة في حكومة "محمود الأيوبي" في عام 1972، وهو المنصب الذي بقي فيه حتى عام 1976، وتخللت ولايته حرب تشرين عام 1973، كما شهدت فترته افتتاح فنادق الميريديان في دمشق، ووضع أساسات فندق الشيراتون، وجرى التأسيس لبناء فنادق الميريديان في كل من حلب، واللاذقية، وتدمر والتي افتتحت لاحقاً، كما جرت مفاوضات لافتتاح فندق هيلتون دمشق.
وفي عام 1980 انتُخب "عبد الله الخاني" عضواً في (محكمة العدل الدولية)، وباشر العمل فيها في عام 1981، وبقي حتى عام 1986، وفي عام 1990 صار عضوا بالهيئة الدولية للتحكيم التابعة لـ(غرفة التجارة الدولية) في باريس، وتم انتخابه عضواً مستقلاً في (مجلس التحكيم الدولي في مجال الرياضة)، من عام 1994 حتى 2013 وكان حكماً في كل دورات الألعاب الأولمبية خلال هذه الفترة، وفي عام 1993، أصبح عضواً في (المركز الدولي للتحكيم التجاري) بالبحرين، وفي (المحكمة الدستورية لاتحاد البوسنة والهرسك) بين عامي 1993 و1999.
ولـ"عبد الله الخاني" عدد من المؤلفات، منها مذكراته وكتبه عن تاريخ سوريا الحديث، وكتاب عن حياة الرئيس "شكري القوتلي" بعنوان (جهاد شكري القوتلي) الصادر عام 2003، تلاه كتاب عن سنوات عمله في الأمانة العامة للرئاسة السورية بعنوان (سورية بين الديمقراطية والحكم الفردي) وصدر ببيروت عام 2004، وكتاب عن تجربته في وزارة السياحة بعنوان (ولادة السياحة في سورية) عام 2008، أما عن عمله في وزارة الخارجية، فقد أصدر كتاباً بعنوان (مهمات سياسية ودبلوماسية) عام 2009، وتحدث عن عمله في (محكمة العدل الدولية)، في كتاب (المحكام الدولية والحضور السوري والعربي) الذي صدر في لبنان سنة 2009، و"عبد الله الخاني" يحمل وسام الاستحقاق السوري من الدرجة الممتازة، ووسام الاستحقاق المصري.
واليوم، يعيش "عبد الله الخاني" حياة هادئة هانئة في دمشق، لا يغادرها، بل يتعشقها ويتألم لحالها، وشأنه شأن المنتمين الحقيقيين لها، إذ يأنس للشام ويقول متندراً عن حياته التي قضاها بالأسفار: لم يبق سوى القارة المتجمدة لم أزرها، وما من بلد أعظم من دمشق، لذلك أعيش فيها بما يأتيني من تقاعدي في محكمة العدل الدولية، وثروتي الحقيقية هي صحتي وأسرتي وأصدقائي وسمعتي.
***** (أعلام ومعارف) *****