في مهنة الطب الحديث يتعلم المرء مجبراً أن وضع التشخيص الصحيح هو حجر الزاوية في وضع العلاج الأنجع. والأهم يتعلم أن فهم أساس المرض و جواب البدن هو مايفسر ظهوره و مساره و كيف و بماذا ينتهي.
الآن لنحاول مقاربة معضلة لماذا وعلى ماذا يتصارع البشر و يتقاتلون ومن أجل ماذا يفني بعضهم بعضاً بنفس الطريقة: ماهو الأساس أو ربما أساس الأساس في ذلك؟ أعداد لا تحصى من النظريات و الكتب التي تبحث سيكولوجية الشر لدى البشر. في النهاية نقف عند نزعة الإستمتاع أو المتعة. يستحيل قصر نزعة الإستمتاع بالنواقل العصبية للدماغ و لا مفر في النهاية من الإقرار بذات الإنسان المعنوية أي النفس البشرية لتفسيرها. لكن بصرف النظر عن ذلك لا يوجد عاقل يقبل بفكرة طمس الإستمتاع ولو دوائياً مثلاً بقصد طمس الشر بل ربما العكس صحيح! ما الذي يشد الكائن البشري نحو ذلك الشعور الغامض ليصل به لدى البعض لدرجة أنه يريد تجربة كل شيء، طرق كل باب، فعل أي أمر عسى يتولد عنه ذلك الشعور؟ ما مصدر هذا الشعور الذي قد تقتضي تلك النزعة نحوه و التركيز عليه حصول حالة من "العمى الحيثي" (أي المعنوي) يعني صرف النظر بل محاربة كل ما يمكن أن يعيقه أو يكبته و خط مسار السلوك على أساس ذلك؟ ثم لماذا يزول و يتلاشى بعد بلوغ ذروة الهدف ليبدأ البحث عن مصدر آخر جديد له؟! هل هناك نهاية؟ و أين هي؟
عذراً للإطالة.
د. مراد الخاني