قبسات من"أضواء البيان .." للإمام الشنقيطي (10)
*
كتب الشيخ،رحم الله والديّ ورحمه :
و الكلام عن حديث "ابن جدعان"،ونصه : "ألا إن قتيل الخطإ قتيل السوط والعصا فيه مائة من الإبل منها أربعون خلفة في بطونها أولادها"
(أخبرنا أبو عبد الله الحافظ (..) سمعت محمد بن إسحاق بن خزيمة يقول : حضرت مجلس المزني يوما وسأله سائل من العراقيين عن شبه العمد. . فقال السائل : إن الله تبارك وتعالى وصف القتل في كتابه صفتين : عمدا وخطأ،فلم قلتم : إنه على ثلاث أصناف؟ ولم قلتم : شبه العمد؟
فاحتج المزني بهذا الحديث فقال له مناظره : أتحتج بعلي بن زيد بن جدعان؟ فسكت المزني،فقلت لمناظره : قد روى هذا الخبر غير علي بن زيد،فقال : ومن رواه غير علي ؟ قلت : رواه أيوب السختياني وخالد الحذاء . قال لي : فمن عقبة بن أوس؟ فقلت : عقبة بن أوس رجل من أهل البصرة،وقد رواه عنه محمد ابن سيرين مع جلالته. فقال للمزني : أنت تناظر! أو هذا؟ فقال : إذا جاء الحديث فهو يناظر،لأنه أعلم بالحديث مني،ثم أتكلم أنا أ.هـ){ جـ 3 ص 613"أضواء البيان"}.
*
كتب الشيخ،رحم الله والديّ ورحمه :
(جمهور أهل العلم على أن الدية في الخطإ وشبه العمد مؤجلة في ثلاث سنين،يدفع ثلثها في كل واحدة من السنين الثلاث.
قال ابن قدامة في"المغني" : ولا خلاف بينهم في أنها مؤجلة في ثلاث سنين،فإن عمر وعليا رضي الله عنهما جعلا دية الخطإ على العاقلة في ثلاث سنين،ولا نعرف لهما في الصحابة مخالفا،فاتبعهم أهل العلم في ذلك){ جـ 3 ص 626"أضواء البيان" }
قال "مقتبسه"غفر الله لوالديه وله وللشيخ :
هل هذا التأجيل هو"المعمول"به؟ ثم هل "تُجبر العاقلة" على دية القتل الخطئ أم أنها اختيارية؟
*
كتب الشيخ،رحم الله والديّ ورحمه :
(الفرع الثاني : اختلف العلماء في نفس الجاني،هل يلزمه قسط من دية الخطإ كواحد من العاقلة،أو لا؟
فمذهب أبي حنيفة،ومشهور مذهب مالك : أن الجاني يلزمه قسط من الدية كواحد من العاقلة.
وذهب الإمام أحمد،والشافعي إلى أنه لا يلزمه من الدية شيء،لظاهر / حديث أبي هريرة المتفق عليه المتقدم أن النبي صلى الله عليه وسلم "قضى بالدية على عاقلة المرأة"وظاهره قضاؤه بجميع الدية على العاقلة.){ جـ 3 ص 627"أضواء البيان" }
*
كتب الشيخ،رحم الله والديّ ورحمه :
(الفرع الثالث : اختلف العلماء في تعيين العاقلة التي تحمل عن الجاني دية الخطإ . فمذهب الإمام أبي حنيفة رحمه الله : أن العاقلة هم أهل ديوان القاتل إن كان القاتل من أهل الديوان،وأهل الديوان أهل الرايات،وهم الجيش الذين كتبت أسماؤهم في الديوان لمناصرة بعضهم بعضا،تؤخذ الدية من عطاياهم في ثلاث سنين،وإن لم يكن من أهل ديوان فعاقلته قبيلته،وتقسم عليهم في ثلاث سنين،فإن لم تتسع القبيلة لذلك ضم إليهم أقرب القبائل نسبا على ترتيب العصبات(..) ومذهب الإمام مالك رحمه الله : البداءة بأهل الديوان أيضا (..) ولا يحمل النساء ولا الصبيان شيئا من العقل.(..) ومذهب أبي حنيفة رحمه الله : أنه لا يؤخذ من واحد من أفراد العصبة من الدية أكثر من درهم وثلث في كل سنة من السنين الثلاث،فالمجموع أربعة دراهم (..) ومذهب أحمد والشافعي : أن أهل الديوان لا مدخل لهم في القعل إلا إذا كانوا عصبة){ جـ 3 ص 627 – 638"أضواء البيان" }.
قال "مقتبسه"غفر الله لوالديه وله وللشيخ :
جزا الله فقهاءنا خير الجزاء .. على هذه الدقة في تقسيم الأمور .. وتنظيمها .. المنبثق من شرع الله سبحانه وتعلى،وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
*
كتب الشيخ،رحم الله والديّ ورحمه :
من حوار بين سعيد بن المسيب،وأبوعبد الرحمن بن أبي ربيعة – رحم الله والديّ ورحمهما،ورحم الشيخ الأمين - من حوار مكانه في "قبسات من "أضواء البيان" إن شاء الله :
(... فقال سعيد : أعراقي أنت؟ فقلت : بل عالم متثبت أو جاهل متعلم. فقال سعيد : هي السنة يا ابن أخي){ جـ 3 ص 632"أضواء البيان" }
قال "مقتبسه"غفر الله لوالديه وله وللشيخ :
هكذا "غردت"بهذا الكلام عبر حسابي في"تويتر" .. وكانت النية أن أكتب أو أطرح بعض الأسئلة .. حول الموضوع الذي دار حوله حوار الشيخين "ابن المسيب"و"ابن أبي ربيعة".. حول"عقل"المرأة .. ولا أقصد "ذكاءها" .. ثم صرفني صارف الفيل عن مكة .. عن الموضوع ! فبقيت هذه العبارة اللافتة :
" بل عالم متثبت أو جاهل متعلم. ".
*
كتب الشيخ،رحم الله والديّ ورحمه :
(وأما دية المجوسي : فأكثر أهل العلم على أنها ثلث خمس دية المسلم،فهي ثمانمائة درهم،ونساؤهم على النصف من ذلك.){ جـ 3 ص 637"أضواء البيان"}.
*
كتب الشيخ،رحم الله والديّ ورحمه :
عند قوله تعالى:" واذا مسكم الضر في البحر ضل من تدعون إلا إياه"
(لا يخفى على الناظر في هذه الآية الكريمة : أن الله ذم الكفار وعابهم بأنهم في وقت الشدائد والأهوال خاصة يخلصون العبادة له وحده،ولا يصرفون شيئا من حقه لمخلوق،وفي وقت الأمن والعافية يشركون به غيره في حقوقه الواجبة له وحده،التي هي عبادته وحده في جميع أنواع العبادة،ويعلم من ذلك أن بعض جهلة المتسمين باسم الإسلام أسوأ حالا من عبدة الأوثان،فإنهم إذا دهمتهم الشدائد وغشيتهم الأهوال والكروب التجئوا إلى غير الله ممن يعتقدون فيه الصلاح،في الوقت الذي يخلص فيه الكفار العبادة لله،مع أن الله جل وعلا أوضح في غير موضع : أن إجابة المضطر،ونجاءه من الكرب من حقوقه التي لا يشاركه فيها غيره.){ جـ ص 725 – 726"أضواء البيان"}.
*
كتب الشيخ،رحم الله والديّ ورحمه :
(وقول من قال :إن المراد "بإمامهم"كمحمد بن كعب "أمهاتهم"/ أي : يقال : يا فلان ابن فلانة = قول باطل بلا شك. وقد ثبت في الصحيح من حديث ابن عمر مرفوعا : "يرفع يوم القيامة لكل غادر لواء فيقال هذه غدرة فلان ابن فلان"){ جـ 3 ص 730"أضواء البيان"}.
*
كتب الشيخ،رحم الله والديّ ورحمه :
(وقوله في هذه الآية :"كتابا نقرؤه" أي : كتابا من الله إلى كل رجل منا.
ويوضح هذا قوله تعالى : (في المدثر) : "بل يريد كل امرئ منهم أن يؤتى صحفا منشرة" كما يشير إليه قوله تعالى :"وإذا جاءتهم آية قالوا لن نؤمن حتى نؤتى ما أوتي رسل الله .."الآية){ جـ 3 ص 741 – 742"أضواء البيان"}.
*
كتب الشيخ،رحم الله والديّ ورحمه :
(قوله تعالى" ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا "ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة : أن من حِكَم بعثه لأصحاب الكهف بعد هذه النومة الطويلة : أن يبين للناس أي الحزبين المختلفين في مدة لبثهم أحصى لذلك وأضبط له. ولم يبين هنا شيئا عن الحزبين المذكورين.
وأكثر المفسرين على أن أحد الحزبين : هم أصحاب الكهف. والحزب/ الثاني : هم أهل المدينة الذين بُعثَ الفتية على عهدهم حين كان عندهم التاريخ بأمر الفتية. وقيل : هما حزبان من أهل المدينة المذكورة،كان منهم مؤمنون وكافرون. وقيل : هما حزبان من المؤمنين في زمن أصحاب الكهف اختلفوا في مدة لبثهم،قاله الفراء. وعن ابن عباس : الملوك الذين تداولوا ملك المدينة حزب،وأصحاب الكهف حزب. إلى غير ذلك من والذي يدل عليه القرآن : أن الحزبين كليهما من أصحاب الكهف. وخير ما يفسر به القرآن القرآن،وذلك في قوله تعالى:"وكذلك بعثناهم ليتساءلوا بينهم قال قائل منهم كم لبثتم قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم قالوا ربكم أعلم بما لبثتم ". وكأن الذين قالوا : "ربكم أعلم بما لبثتم"هم الذين علموا أن لبثهم قد تطاول.
ولقائل أن يقول : قوله عنهم:" رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ "يدل على أنهم لم يحصوا مدة لبثهم. والله أعلم.){ جـ 4 ص 30 – 31"أضواء البيان"}
قال "مقتبسه"غفر الله لوالديه وله وللشيخ :
قول الشيخ – رحم الله والديّ ورحمه - :
(ولقائل أن يقول : قوله عنهم:" رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ "يدل على أنهم لم يحصوا مدة لبثهم. والله أعلم.)
ذكرني بمقولة لأخينا علي عزت بيجوفيتش – رحم الله والديّ ورحم الشيخ ورحمه - :
((لو قدر لي سأدخل في جميع مدارس الشرق الإسلامي دروسا عن"الفكر النقدي"فالشرق على خلاف الغرب،لم يمر بهذه المدرسة القاسية،وهذا هو مصدر معظم ظواهر قصوره).
أزعم أن عبارة"ولقائل أن يقول .." تمثل وجها من أوجه "النقد"للرأي المطروح .. رغم أنها قد تنقضه .. ولكن الأمر يتعلق بالبحث عن الحق .. وليس تغليب الرأي. والله أعلم.
أما قول"الشيخ" – رحم الله والديّ ورحمه - :
(وكأن الذين قالوا : " رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ "هم الذين علموا أن لبثهم قد تطاول).. فقد نظرت إليه من زاويتين :
الزاوية الأولى : قول الشيخ "الشعراوي"- رحم الله والديّ ورحم الشيخ ورحمه – أن "الزمن"هو"ابن الحدث" .. فإذا لم يوجد"حدث"فلا وجود للزمن .. والميت .. والنائم – والنوم هو الموتة الصغرى – لا يشعران بالزمن .. لانعدام الحدث.
الزاوية الثانية : قول أصحاب الكهف" لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ ".. عبارة تكررت في مدة أقصر من المدة التي نامها أصحاب الكهف ..
" فَأَمَاتَهُ اللهُ مِاْئَةَ عَام ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْم " البقرة 256
وحتى الذين لم يناموا ذلك النوم الطويل جدا .. ردوا أيضا بنفس الرد :
" قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ ï´؟112ï´¾ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلْ الْعَادِّينَ ï´؟113ï´¾ ": المؤمنون
هكذا تكررت عبارة"يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ "ممن ناموا نوما غير متصور .. ومن عاشوا حياة طبيعية.
وإلى اللقاء في الحلقة القادمة .. إذا أذن الله

محمود بن محمد للمختار الشنقيطي المدني