منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
صفحة 2 من 2 الأولىالأولى 12
النتائج 11 إلى 16 من 16
  1. #11
    فلسفة الأخلاق والسياسة
    (المدينة الفاضلة عند كونفشيوس) (9)
    تلخيص كتاب


    السياسة عند كونفوشيوس :

    من الصعب على من يقرأ لكونفوشيوس أن يجد فواصل بين الحديث عن الأخلاق أو التربية والتعليم وبين السياسة، فكلها مندمجة تقريبا فيما بينها...

    حتى نجعل الموضوع مُيسراً للقارئ، دعنا نبدأ بسؤال سأله أحد أمراء الصين لكونفوشيوس بعدما قرأ كتابه (التعاليم الكبرى)، سأل الأمير: ماذا تقصد بقولك( ماذا تقصد بقولك: من أجل أن تحكم الدولة بشكل صحيح، لا بُد أولاً من أن تنتظم الأسرة؟)...

    أجابه كونفوشيوس: (( من المستحيل أن يقوم المرء من تعليم الآخرين، بينما هو عاجزٌ عن تعليم وتثقيف أبناء أسرته، ولذلك فإن الحاكم لا يمكنه أن يُعلّم الشعب ويحثهم على الفضيلة، دون أن يكون ابتدأ بنفسه وأسرته، وينبغي عندها أن يتعامل أفراد الشعب مع حاكمهم وأفراد حكومته بطاعة كاملة والتفاف حوله، وهذا لن يتم إلا إذا تيقن الشعب من تغلغل الفضيلة في نفوس الحاكم ورجال حكومته)).

    لكن ما علاقة ذلك بالأسرة؟

    تعتبر الحكومة عند كونفوشيوس أمراً ضروريا على الإطلاق، وتستمد هذه الضرورة المطلقة من إيمانه بضرورة الاجتماع الإنساني، ذلك الذي لا يمكن أن يتحقق بشكل مثالي، إلا إذا كانت هناك سلطة عليا تنظم العلاقات بين الأفراد المكونين للمجتمع....

    ذلك لو ترك للأفراد والجماعات أن تتصرف وفق إرادتها وكيفما يحلو لها، فإن المجتمعات الإنسانية تتحول الى ما يشبه مجتمع الغابة،

    المجتمع الجيد يقوم على طاعة الأبناء للآباء، وطاعة الزوجة لزوجها، وطاعة الأخ الصغير للأخ الكبير.... وهذا النسق سينسحب على طاعة الموظف الصغير للموظف الأعلى منه حتى تصل لطاعة المدير العام، والجندي للضابط وحتى تصل رأس الحكم،، فإذا اختل نظام الطاعة في الأسرة امتد ذلك لكل مناحي الدولة...

    الحكومة التي لا تُطاع ليست حكومة، وإذا بدأت الطاعة تبتعد عن الحكومة، بدأ الفساد ينتشر والعدل يغيب...

    لكن، الطاعة ليست جبرية، بل تأتي بمحض إرادة الأفراد، فعندما يتفهم أفراد الأسرة محدودية إمكانات والدهم يلتزمون بتعليمات الوالدة بتفصيلات التدبير المنزلي، المهم أن يطلع رب المنزل أفراد الأسرة على تفاصيل أوضاعهم، لا يحجب عنهم المعلومات، عندها ستتفجر طاقات الأبناء لترميم أوضاع الأسرة....

    كذلك هي الحكومات التي تكون صادقة مع شعبها، تتجاوز مشاكلها بسرعة، أما أن تطلب من شعبها التقشف لكي تتجاوز أزمة اقتصادية ما، ويشاهد الشعب سلوك الحاكمين المتسم بالإسراف والتنعم، فهذا لا يحقق التفاف الشعب حول حكومته....

  2. #12
    (المدينة الفاضلة عند كونفوشيوس) (10)
    تلخيص كتاب

    شروط الحاكم المثالي (الملك الفيلسوف)

    إن إيمان كونفوشيوس بضرورة الحكومة لا يرجع الى أن الحكومة في ذاتها تحمل تلك الضرورة، ولكنها كونها تقوم بدور محدد تجاه المجتمع، ولا يعني هذا أن أي حكومة تستطيع القيام بهذا الدور، لأن هذا الدور لا تقوم به إلا حكومة تستمد شرعيتها من الشعب، ويتولى أمورها رجال أكفاء مؤهلون لهذا العمل.

    وإذا كان الحاكم هو قمة النظام الصالح، فإن كونفوشيوس اهتم اهتماما بالغا في مواصفات الحاكم، لأنه لو لم تكن به تلك المواصفات، فإنه لو بدّل كل يوم عشرات الوزراء والعسكريين والإداريين، فلن تستقيم حالة البلاد، طالما حاكمها فاسد...

    لقد شرح (لين يوتانج) أحد منظري (الكونفوشيوسية) أسمى القيم الأخلاقية التي تكون مناسبة للإنسان العادي ـ وليس الحاكم فقط ــ كما يراها المعلم (كونفوشيوس) وهي عشرة:
    أن يكون الإنسان عطوفا وهو أب، وأن يكون مطيعاً وهو ابن، وأن يكون رقيقاً وهو أخ أكبر، وأن يكون متواضعاً ومحترما لغيره وهو أخ أصغر، وأن يسلك سلوكاً حسناً وهو زوج، وأن يكون خيّراً وهو حاكم، وأن يتصف بالولاء وهو وزير...

    وأضاف لصفات الحاكم فوق ذلك: الإخلاص لشعبه وبلاده، وعدم تغليب رغباته الخاصة على الصالح العام، كما ينبغي أن يكون حي الضمير ذكيا وبارعا، وذا عزم لا يكل مهما صادف من مصاعب...

    إنه إن كان كذلك سيملك قلوب شعبه، وسيضحون بأرواحهم فداء له، وإن اكتفى برضا المتملقين والمحاطين به، سيفشل وينتهي لا محالة ...

    إن أخطاء الحاكم كما يقول كونفوشيوس تشبه كسوف الشمس وخسوف القمر يحس بها الشعب ويراها بوضوح ...

    أما ما على الحاكم أن ينتبه له:
    1ـــ تنظيم سلوكه الشخصي. 2ــ احترام الرجال الموهوبين. 3ــ إظهار عاطفته تجاه أقاربه وأسرته. 4 ــ إظهار الاحترام الى وزراء الدولة وكبار موظفيها الجادين.
    5ــ إظهار نفسه كأب للشعب. 6ــ تشجيع العلوم. 7ــ المشاركة في اهتمامات موظفي الدولة ومحاولة إسعادهم. 8ــ إظهار المودة للأغراب. 9ــ الاهتمام بسعادة أمراء الإمبراطورية.

    [] [] []

    الوزير:

    حرّم كونفوشيوس مناقشة شرعية الحاكم (الإمبراطور أو الملك)، وتركها محصورة في العائلة الحاكمة، وقد أثار هذا الرأي لغطاً بين تلاميذه، لكنه وضح ذلك الأمر باختيار وزراء أكفاء، هم من يديرون الدولة وليس الحاكم أو الإمبراطور... ويخضعون لمسائلة الشعب بممثليه، وهؤلاء الممثلون هم من ينزع الثقة عن الوزراء إذا ما أخطئوا ...

    و كونفوشيوس هو أول من نادى بأن الإمبراطور يملك ولا يحكم... وقد سبق أوروبا بأكثر من ألفي عام....

    ومن يتابع (تلخيص كتاب نهضة اليابان وعودة المايجي) سيجد تأثير كونفوشيوس في ثورة اليابان بين عامي 1834 و 1868 ، وكيف أبقى اليابانيون على الإمبراطور، رغم استطاعتهم قتله أو نفيه، ولكن دون أن يحكم هو يملك نعم ولكن الشعب بأحزابه ونوابه من يديرون اليابان...

  3. #13
    فلسفة الأخلاق والسياسة

    (المدينة الفاضلة عند كونفشيوس) (11)


    تلخيص كتاب


    الشعب مصدر السلطات

    إن الحديث عن الشعب باعتباره مصدر السلطات عند كونفوشيوس، لن يكون بالمعنى المستخدم لهذا المصطلح في العصر الحديث، وإنما بمفهوم آخر متميز.

    فإذا كانت فلسفة كونفوشيوس تهدف الى إتاحة فرص التعلم أمام أبناء الشعب، واختيار الموظفين من بينهم، ثم خروج الوزراء من صفوة هؤلاء الموظفين، فهذا يعني أن الشعب مصدر السلطات، فالوزراء الذين سيتم اختيارهم هم في الأساس من بين طبقة الموظفين النابعين من الشعب...

    ولتوضيح ذلك لنعيد النسق الكامل للفلسفة السياسية عند كونفوشيوس، المتمثلة ب:
    1ــ أن الهدف الأساسي للحكومة هو تحقيق سعادة كل الشعب ورفاهيته.
    2ــ يمكن تحقيق هذا الهدف فقط عندما يتم إدارة الحكومة بواسطة أبناء الشعب الأكفاء المؤهلين وغير الفاسدين...
    3ــ إن القدرة على الحكم لا ترتبط بالانتماء لأسرة ما أو بالثروة أو المكانة الاجتماعية، إنما تعتمد فقط على الشخصية النزيهة والملمة بالمعرفة اللازمة لتسيير الحكم.
    4ــ يتم الحصول على مثل هذه الشخصية عن طريق عملية التعلم المستمرة.
    5ــ يجب على الحكومة نتيجة ذلك أن يتولى هؤلاء الأفراد شئونها، بعد أن يتم اختيارهم من وسط العامة...

    [] [] []

    إعاقة التعليم عند الشعب:
    هناك قوى لا يسرّها أن يكون الشعب متعلما، لماذا؟
    لأنه لا يسهل عليه تمييز الشخص المؤهل من غير المؤهل... وإن كان الجهل هو السائد، فيمكن شراء ولاءات الناس بالمغريات (المال، الخدمات الشخصية للمتنفذين من العائلات) فتمنح الثقة لنفس الطبقات الكارهة لتعليم الشعب...

    وعندما تنوي القوى الكارهة لتعلم الشعب، فإنها تزيد رسوم التعليم أو إجبار المعلمين على الانحدار بالتعليم، أو رفع يد الدولة عن تأمين حق التعليم، وإحالته لجهات تعيق وصول أبناء عموم الشعب للحصول على التعليم ... عندها تحتكر الطبقة الحاكمة فرص التعليم الجيد لأبنائها...

    وعند ذلك يصبح أبناء الشعب أشبه بالعبيد، وبناتهم تندفع للترفيه عن أبناء الطبقة الحاكمة...

    [] [] []

    [تشبيه: لنفرض أن كبار موظفي الدولة كلاعبين كرة القدم، فمن سيختار أعضاء فريق كرة القدم لمباراة مهمة؟ إنهم المدربون الأكفاء الذين لعبوا سابقا وأخذوا دورات بفنون التدريب... وعند تبديل أحد اللاعبين يكون السبب عدم تطبيقه للخطة أو تدني لياقته البدنية....

    لن يقوم باختيار اللاعبين جمهور الفريق، أو النقاد والمحللين الرياضيين... بل من أنيط بهم مهمة التدريب فقط....

    هنا المدربون في اختيار أعضاء البرلمان أو المرشحين لمراكز مهمة، هم الشعب! فإذا كان الشعب جاهلا لا يعرف الغث من السمين سيختار أعضاء برلمانات من التعاسة بمكان.]

    هذا المثال فقط لتقريب الصورة عند كونفوشيوس

  4. #14
    تلخيص مهم وجهد مشكور
    تحية وتقدير

  5. #15
    أشكر مروركم الكريم ... احترامي وتقديري

  6. #16
    فلسفة الأخلاق والسياسة
    (المدينة الفاضلة عند كونفشيوس) (12)

    تلخيص كتاب

    القدوة الحسنة

    إن نظام الحكم ــ مثل الضمير ــ يصبح عقلياً ومستساغاً بمجموعة من المبادئ منها القدوة الحسنة، وهي المبدأ الأول الأساسي الذي تنتظم الأمور داخل الإمبراطورية كلها بناءً على تحققه وفاعليته.

    فرجل الدولة الفاضل، يجعل ما دونه من المأمورين يتجنبون الرشوة والرذيلة والتقاعس بالعمل، ويجعلهم يتسابقون في الإبداع والسلوك الحسن، من أجل إرضاء سيدهم أو مسئولهم الذي سيرفع درجة المبدع والمستقيم منهم لترقيته لمنصب أعلى، فقد عرف هؤلاء الموظفون طبيعة مسئولهم والطرق التي يفكر بها...

    والحاكم أو رأس الدولة، يُعتبر أفضل مدرسة وجامعة وأسرع من كل المؤسسات التعليمية في جعل الناس يسلكون السلوك الحسن إذا كان سلوك الحاكم حسناً، أو العكس، فإن كان سلوكه سيء، فإن الفساد سيسيل من قمة جبل الحكم الى أسفل وديان العاملين فيه، فتجد الوزراء والمدراء العامين وحتى الفراشين قد تعلموا فن الفساد كل واحد يتعلم من مسئوله...

    كما أن الحاكم هو محط أنظار موظفي دوائر دولته وشعبه، فإنه أيضاً محط أنظار العالم، فالدولة الخارجية التي ستوّرِد بضائع أو خدمات، تعلم منافذ الفساد فترشي من ترشي ليقوم بزيادة الكلف العامة أو غض النظر عن المواصفات الرديئة للبضاعة أو الخدمة...

    يرى (هـ . ج . كريل) الدكتور في جامعة شيكاغو، ومؤلف كتاب (الفكر الصيني من كونفوشيوس الى ماو سي تونج) والذي ألفه عام 1963 ونشرته بالعربية الهيئة المصرية للكتاب عام 1971، يرى أن قوة المثال للقدوة الحسنة تمثل السحر في فلسفة كونفوشيوس *1

    إن مهمة الحكومة في التاريخ الصيني أن تحكم، فإن الحكم عند كونفوشيوس يعني الإصلاح، والقدوة الحسنة (عنده) أقوى من كل الأسلحة... فالحاكم الصالح صاحب القدوة الحسنة يستطيع أن يتقدم بالبلاد ويقطع الطريق الذي يحتاج عشر سنوات لقطعه أن يقطعه بسنة... في حين أن الحاكم الذي لا يصلح أن يكون قدوة حسنة يؤخر البلاد في كل سنة عشر سنوات للوراء...


    لن يستطيع القاضي أن يتلاعب بقضايا الناس إذا كان له حاكم صاحب قدوة حسنة، ولن يتهاون جامعو الضرائب مع من يحاولون تقديم الرشاوى على حساب واردات الدولة، وكذلك رجال الجمارك والشرطة وغيرهم إذا كان حاكمهم صاحب قدوة حسنة....

    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    هوامش:
    *1ــ الفكر الصيني: من كونفوشيوس حتى ماوسيتونغ / هــ. ج . كريل/ ترجمة: عبد الحميد سليم/ الهيئة المصرية العامة للتأليف والنشر 1971نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

صفحة 2 من 2 الأولىالأولى 12

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •