عبد الستار قاسم
بشرتنا وسائل إعلام فلسطينية وغير فلسطينية بعد الاتفاق الصهيوني الإماراتي بأن القيادة الفلسطينية ستجتمع لمناقشة الوضع المستجد، وستشارك في الاجتماع فصائل المقاومة وعلى راسها حماس والجهاد الإسلامي. ومن كان يستمع لهذه الوسائل تولد عنده ظن بأن هذه القيادة ستسبب زلزالا في المنطقة، وستأخذ القضية الفلسطينية إلى مسار جديد مختلف عن مسار السنوات السبع والعشرين السالفة. لقد كان النقل الإعلامي حول هذه القيادة أكبر بكثير من حجمها، وكان أغلب الناس على ثقة بأنه لن يتولد عن هذه القيادة سوى فأر معوق.
بداية، الشعب الفلسطيني بدون قيادة. هؤلاء الذين يسمون أنفسهم قيادة سواء على مستوى منظمة التحريري أو السلطة الفلسطينية مغتصبون للسلطة ولا شرعية لهم، ولا يمثلون أحدا من الناحية القانونية. هم جميعا ينتهكون القوانين الفلسطينية سواء على مستوى المنظمة أو السلطة، ويجب أن يساقوا جميعا إلى المحكمة لمقاضاتهم على ما يرتكبون ضد الشعب الفلسطيني.
على أية حال، اجتمعت القيادة، وتمختر الجهابذة على اعتبار أنهم قادة حقيقيون، وأصدروا بيانا. وصف البيان الإنشائي الذي لا يساوي حبره ما قامت به الإمارات بالخطأ التاريخي دون أن يذكر اتفاق أوسلو وما أحدثه من جرائم بحق الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية. ودعا الإمارات إلى التراجع عن الاتفاق. ومن قلة عقل القيادة أنها دعت الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي إلى إلزام الدول العربية والإسلامية بالقرارات التي كانت تصدر ضد التطبيع وإقامة علاقات مع الصهاينة. هاتان منظمتان مصنفتان على أنهما أضعف منظمتين دوليتين على الساحة الدولية، ولا قدرة لهما على حل المشاكل التي تنشب بين أعضائهما، ولا مواجهة التحديات التي تعصف بالأمتين العربية والإسلامية. وتجاربنا مع هاتين المنظمتين كبيرة وكثيرة، ونحن نعلم تماما أن لا خير فيهما، وإن لم يلحقا بنا الأضرار، لا يلحقان المنافع. رئيس الجامعة العربية أحمد أبو الغيط صديق للصهاينة وإذا تركت الأمور للجامعة العربية فإنه سيطلب انضمام الكيان الصهيوني للجامعة إن أراد الصهاينة.
وبيان القيادة المظفرة أشار إلى وحدة الشعب الفلسطيني وتكاتفه، وبدل أن يطرح معالجات من أجل تحقيق وحدة وطنية فلسطينية، أشار البيان إلى وحدة الشعب في الملمات والمصائب التي تصيب كل الناس.
البيان كله على بعضه تافه وسخيف ولا يمس الحقائق القائمة في المنطقة. وما يسمى بالقيادة والذين شاركوها الاجتماع يتحملون مسؤولية الجرائم التي ما زال الأعداء وذوو القربي يمارسونها ضد الشعب والقضية.
ما يحتاجه الشعب الفلسطيني هو سياسات واستراتيجيات جديدة تُخرج الشعب الفلسطيني من ورطة أوسلو والتبعات الخطيرة والإجرامية التي ترتبت عليه، ومن ثم معالجة إشكالية الوحدة الوطنية الفلسطينية والشرعية والهوية الفلسطينية ومشاكل التوزيع المادي والمعنوي، وإصلاح القانون والقضاء والتعليم والتربية، وبعث التغيير الاقتصادي والاجتماعي والأمني والعسكري والثقافي، وفتح الباب أمام الجميع للمشاركة السياسية في مواجهة التحديات، واستعادة المكانة التاريخية للقضية الفلسطينية والحقوق الوطنية الفلسطينية الثابتة غير القابلة للمساومات. والمطلوب وضع ميثاق وطني فلسطيني يجمع عليه الجميع، وإعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية لتكون ممثلا شرعيا للشعب الفلسطيني ويجتمع الجميع في ظلال مظلتها. قيادة لم تكترث باحتياجات الشعب الفلسطيني وإعادة ترتيب الوضع الداخلي، والنهوض بالمجتمع والإنسان. خذوا بيانكم وبلوه، أراحنا الله منكم.