من درر الشيخ الغزالى رحمه الله:

هذا الزمان كفيل بتغيير أي قلب مهما كان ثبات صاحبه.
-هاتفت صاحبا ممن كنت أغار من صلاحه وعطائه للدين، فلمست في كلامه تهاونا وفي دينه كثيرا من اللين.
- وزارني أخ حبيب يقول أدركني فقد أصبحت أجمع صلواتي بعد أن كنت لا أقصّر في نافلتي.
- ورأيت حبيبا لم أره منذ زمن. فرأيت في وجهه انطفاءة لم أعهدها من قبل. فلم يتركني في حيرتي كثيرا، فقد أذهب بهاء وجهه طول النظر في الأجساد العارية والمشاهد الفاتنة عبر مواطن الفتنة ومشاهد الضياع.
ناهيك عن كثير من أحبتنا الذين زاد ترخُّصهم في أمر الربا والنساء والحقوق، حتى أصبح جل دعائي من فرط ما أرى: *رب سلم سلم..*

ولما رجعت إلى نفسي وجدت وراء الأمر علتين:
*أولاهما*: ترك بعضنا لنفسه حتى يلامس الأرض بلا حاجز من إيمان، ولا اتكاء على شيء يمنعه من التمرغ في وحلها..
*وثانيهما*: انشغال المصلحين عن بعضهم حتى لم تعد تهدهد قلوب بعضنا كلمات الأخوة المذكِّرة، ولا رسائلها الموقظة كما كانت في سابق عهدها.
فإذا بمصلح الأمس يتكئ اليوم على عصا ضعيفة إن احتملته يوما لن تحتمله آخر.
رحم الله السلف، كانوا يتفقدون إخوانهم.
فيسألون عن آخرتهم خوفا عليهم من ضياع الإيمان. ويسألون عن دنياهم خوفا عليهم من العوز وهم بين الأحباب والإخوان.
ورحم الله عمر، لما علم أن صاحبا له تدنى في إيمانه حتى شرب الخمر، أرسل إليه صدر سورة غافر، ولا زال يذكره بالله حتى عاد.
*اطمئنوا على بعضكم ، وتفقدوا إخوانكم*
فمن وجدتموه ما زال منهم على الجادة فثبتوه، ومن وجدتموه يوشك على السقوط فاسندوه وأعينوه حتى توقفوه،
ومن وجدتموه قد توحَّل من طين الأرض فطهروه وطيبوه.
فما آخاك أخوك لتلاطفه وتؤاكله وتمازحه عند النماء، وإنما لتؤازره في أمر دينه ودنياه عند الشدائد والأنواء.
*فتفقدوا أحبابكم، فهم والله من أجمل عطايا ربكم*. ويكفيكم ويكفيهم أن الجنة لا يطيب نعيمها إلا بهم.