عبد الستار قاسم
في فلسطين لا يوجد سلطة تشريعية، ولا يوجد مجلس تشريعي فلسطيني. تم انتخاب مجلس تشريعي عام 2006، لكن حماس حظيت بأغلبية مقاعد المجلس فغضب عليها أهل الغرب والصهاينة وبعض أهل فلسطين وعطلوا عمل المجلس، ثم قام رئيس السلطة الفلسطينية غير الشرعي من خلال المحكمة الدستورية غير الشرعية بحل المجلس. ولا يوجد ميثاق وطني فلسطيني يتم الاحتكام إليه، والقانون الأساسي للسلطة الفلسطينية منتهك بكافة جوانبه. يعني أن هناك فوضى تشريعية في فلسطين، والفلسطيني لا يطمئن للقانون ولا لتطبيقاته ما يجعله في كثير من الأحيان بعيدا عن الأمن والاطمئنان، ومتشككا في وجود ما يحمي حقوقه ويحرسها. وطبعا حقوق الفلسطيني منتهكة بشراسة من قبل الاحتلال الصهيوني، فيكون الفلسطيني بين همجية وشراسة الاحتلال وفوضى السلطة الفلسطينية.في خطوة غير موفقة ولا تمت للديمقراطية بصلة، نصب رئيس السلطة الفلسطينية غير الشرعي نفسه مشرعا، وأخذ يصدر فرمانات ويقدمها للمحاكم على اعتبار أنها قوانين يجب استخدامها لشرعنة قراراتهم عند البت في القضايا. وقد برر السلطان ومن حوله من المنافقين هذا العمل المسمى قرارات بقوانين غير الرشيد والمدمر إلى حد كبير في أن فلسطين تعيش حالة طوارئ، وأن القرارات بقوانين تحل مشكلة انعدام مجلس تشريعي يشرع للناس. وإذا كانت تعيش فلسطين حالة طوارئ، فلماذا يتم تعطيل المجلس التشريعي بداية، ولماذا يتم حله على الرغم من فقدانه الشرعية عام 2010؟ ولماذا يتم حل التشريعي ولا يتم إزاحة عباس من حيث أنه فقد شرعيته عام 2009؟ أما حالة الطوارئ فهي تمتد في الساحة الفلسطينية منذ عام 1948، ولم يمر يوم على فلسطين دون أن تتمثل فيه حالة طوارئ. لكن من الواضح أنه يتم استعمال هذه الحجة الواهية لتبرير بقاء عباس في السلطة وإزاحة حركة حماس. وإذا كانت حالة الطوارئ هي السائدة، فلماذا صبر المتنفذون على المجلس التشريعي الأول مدة عشر سنوات، من عام 1996 حتى العام 2006، واستمر في ممارسة أعماله على الرغم من عدم شرعيته؟ هذه هي العنصرية الفلسطينية المدمرة التي يمارسها فلسطينيون ضد أبناء بلدهم ووطنهم.المشكلة الأعظم أن المحامين والقضاة يتعاملون مع قرارات عباس بقوانين على أنها قوانين ويستعملونها في المحاكم. وفي هذا ظلم كبير للذين يشكون الظلم الذي يقع عليهم. قوانين عباس لا تقيم عدالة، ولا تخضع للفحص والتمحيص والدراسة العلمية والتدقيق. وكم من قانون أصدره عباس وتراجع عنه أو عمل على تعديله؟ القانون ليس وليد أحلام ليلية، ولا أوهام شخصية، ولا مزاجيات فصائلية. القانون أداة العدالة، ويجب خضوعه للنقاش والجدل والأخذ والرد والمراجعة من قبل جهات معنية متعددة، ومن ثم يعرض على المجلس التشريعي ليحظى بالقراءات المتتالية قبل أن يتم التصويت عليه.والأدهى أن عباس يشكل محاكم وفق مزاجه الخاص. أعلن عن إقامة محكمة دستورية، ومحكمة الجنايات الكبرى، وأصدر قوانين حول الجرائم الإليكترونية. لا حق له على الإطلاق بتشكيل هذه المحاكم، وتشكيلها يخالف القانون الأساسي للسلطة الفلسطينية، وهي غير شرعية ولا يؤخذ بقراراتها، وإذا كان الناس يلتزمون بقراراتها فإن ذلك بسبب وجود سلاح بيد السلطة يمكن أن تستخدمه لاعتقال الناس أو قتلهم، الخ. الناس يحترمون قرارات المحاكم ليس لقناعة منهم بإجراءات المحاكم أو عدالة القانون ولكن خوفا على أنفسهم من البطش والملاحقة.أما هذه المحاكم غير الدستورية وغير الشرعية فيقوم عليها قضاة وهم يعلمون أنها غير شرعية، ويتوجه إليها محامون وهم يعلمون أنها غير شرعية. فإذا كان القاضي والمحامي يطأطئ رأسه أمام فوضى المحاكم وفوضى القانون فماذا نتوقع من عامة الناس؟أما عن أداء المحاكم، فحدث ولا حرج. القضية التي تتطلب جلسة واحدة أو جلستين على أبعد تقدير تأخذنا أشهرا وسنوات قبل أن تنتهي. إجراءات القضاء مقيتة، وهي تدفع الناس دفعا نحو تحصيل حقوقهم بأيديهم. مماطلة القضاء، وتعقيد الإجراءات يسبب الكثير من الفوضى. فمثلا هناك دعوى قضائية ضدي حول عملية نصب لا علاقة لي بها، ولا علاقة للمدعى عليه الثاني بها. كان من المفروض أن تنتهي هذه القضية فورا من الجلسة الأولى بسبب الجهالات التي تعتور لائحة الدعوى، لكن القضية ما زالت تخض في المحكمة. وعلى هذا قس. إذا كان لك حق فيجب ألا تطمئن إلى عدالة القضاء. فالقاضي يتبع قانونا لا يحرص على حقوق الناس ويوفر أمنا للمعتدين والنصابين والمحتالين، أو على الأقل فرصا ووقتا طويلا لرد الحقوق إلى أصحابها..أعان الله شعب فلسطين ومكنهم من الثورة على ما هم فيه من هم وغم.