⭕ *منقوووول ...*
هذا ما جرى قبل الكارثة
(قصة الهزيمه)
بمناسبة بمرور 53 سنه على سقوط القدس
من كتاب الغيب للشيخ اسعد بيوض التميمي خطيب وامام المسجد الاقصى قبل 1967
الذي حدث في عام 1967 لم يحدث في تاريخ البشرية ، ثلاثة ملايين من البشر ( يغلبون ) (150) مليونا من العرب إنه لأمر يثير الدهشة والعجب ، هنا أروي قصة ( حدثت (الهزيمة) وأنا في بيروت في مهمة رسمية ، حيث كنت مديرا لدار الأيتام في القدس ، فقد ذهبنا نشتري ورقا لمطبعة دار الأيتام من السوق الحرة في بيروت ، وبعد ذلك حضرت إلى عمان ثالث يوم ( التسليم ) ، وبينما أنا سائر في أحد شوارع عمان الرئيسة ، التقيت بمدير المخابرات في ذلك الحين محمد رسول زيد الكيلاني فقال :" أنت قلت لأخي أبراهـيم في القدس قبـل أسبوع وأنـتم في الأقصى ، صل صـلاة مودع لهذا المسجد فإنك لن تعـود "، وكان الشيخ إبراهيم زيد الكيلاني قد زارني في القدس ، وكان مسؤولا عن الأحاديث الدينية في الإذاعــة ، فأراد أن يسجـل لي حديثــا ، وكانت أجــواء الـحرب تسيطر على المنطقة ، وكان عبد الناصر قد سحب البوليس الدولي من سيناء ، تمهيدا لما حدث لإحتــلال بقية فلسطين وسينــاء كلها والجــولان . فلما بدأ الشيخ إبراهيم في تسجيل الحديث ، قلت له :" يا شيخ إبراهيم ، والله لا تنتصر هذه الأمـة لا على أيدي الثوريــين ولا على أيدي الرجعيـين ، هي مهزومة لا محالة ، لإنها أمة لا تحارب بعقيدتها ، وقد أعلنت الحرب على ربها " ، فقـال :" هذا كلام لا يمكن أن يذاع " . فقلت :" سجله للتاريخ " . فنزلنا إلى الأقصى فصلينا الظهر ، ووضعت يدي على كتفــه فقلـت :" يا شـيخ إبراهــيم صل صلاة مودع لهذا المسجد فإنك لن تعود " . يذكر الشيخ إبراهيم هذه الحادثة بين الحين والحين في دروسه . وكان قد أستولى علي شعور بأني أودع الأقصى ، فكنت أرسمه في ذهني ، أتطلع إلى معالمه وإلى جدرانه ، وأقول في نفسي : " غدا سأذكر هذه وهذه . . وهذه " ، فلما قابلني محمد رسول في أحد شوارع عمان بعد الهزيمة قال :" أنت قلت لأخي الشيخ إبراهـيم صـل صـلاة مودع لهذا المسجد فإنك لن تعـود : ، قال لي :" كيف علمت ذلك ؟! " .. فقلت له بإنفعال :" والله لو نصرتم لكان القرآن من عند غير الله ، كيف تنتصرون ؟ ولم تنتصرون !!؟ . الحكومات إهترأت ، والشعوب اهـترأت على أيديهـا ، والمقدمات أعطت النتـائج ، والذي صار كان لا يمكن إلا أن يصير ، وكنت أعرف أنكم مهزومون لا محالـة ، ولكن الذي لم يدر في خلـدي ولا سجل في دفتري هو أنكم (ستهزمون) في ساعتين إثنتين فقط ، لا في ست سنوات ، ولا ستة أشهر ، ولا ستة أيام ، إذن الأيام الستة التي سميت بها هذه الحرب ، هي من باب التضليل أيضا " . ثم قلت له :" إني غير يائس ، وسيخرج الجوهر قريبــا من هذه الأمة ، فتقاتل في سبيل الله ، لا في سبيل قومية أو إشتراكية ، ولا رأسمالية ولا شرق ولا غرب ، وعند ذلك سيأتي النصر " .
وأشاع محمد رسول الكلمــة في الأوساط السياسيــة ، بأني قلت لو انتصر العرب في هذه الحرب لكان القرآن من عند غير الله ، وجــاء الأمير سلطـان بن عبد الـعزيـز ، ليتفقد القوات السعودية ( المظفرة ) (التي احتلت معان والكرك) وأقام له السفــير السعودي في ذلك الوقت أحمد الكحيمي حفل عشاء ، وكنت حاضرا لذلك الحفل ، وكان في مجلســه في تلك الحفلـة عدد من السياسيين من بينهم وصفي التــل ، فقـال وصفي التــل :" إن هنــاك شيخــا عندنا في الأردن يدعـى الشـيخ أسعد الـتميمي يقــول :" لو نصر العرب في هـذه الـحرب لكان الـقرآن من عند غـير الله " ، فقــال له السفـير الكحيمي :" إنه موجود في الحفلة "، وجاء وأخذني إلى مجلس الأمــير ، فقــام وسلم وقــال الأمــير :" كيف لو انتصر الـعرب لكان الـقرآن من عـند غير الله ؟!! " . فقلت له :" يا سيـدي إن القرآن وضــع شروطـا معينــة للنصر ، لا تنطبق عليكم " . فقــال الأمير :" المسؤول عبد الناصر ؟ " ، فقلت له :" والله إني لأعرف عبد الناصر حقيقة المعرفة ، ولكن ليس هو وحده المسؤول ، وكلكم مشتركون في الجريمة ، ولكنه كبيركم الذي علمكم السحر " .. وكان في مجلس الأمير أيضا المشير حابس المجالي (قائد الجيش العربي) ، فألتفت إليه ووضعت يدي على رأسه وقلت :"أسألك بالصـلاة على الرسول هل أنتم أهل للنصر ؟ " ، فقال :"لا"، فألتفت إلى الأمير وقلت هذا قائدهم " )) .
وكنت في الأقصى أحذر من النكبة في درس أسبوعي ، وأحذر الأمــة من الذي سيحدث ، وخصوصا تحدي الله كان في أوجه ، ففي المؤتمر الأول لمنظمــة التحـرير الذي عقـد في القدس سنة 1964 ، وهم يضعون بما يسمى بالميثاق الفلسطيني ، قالوا إن المسؤولين عن تحرير فلسطين هم الفلسطينيون والعرب ، فقام واحد من المؤتمر وقال " أضيفوا المسلمين أيضا " ، فقــامت أصوات الحمير تنهق :" هذه رجعية " وبعد نقاش حاد عرضوا الأمر على التصويت ، فالذين يريدون المسلمين حصلوا على (151) صوتا ، والذين لا يريدون المسلمين حصلوا على (162) صوتا ، (فسقط الإسلام) حسب زعمهم على جبل الزيتون . وأصابتني رعدة وأثارت أعصابي ، وتمنيت أن يكون غدا الجمعة لأقول كلمتي في الأقصى ، وكنت أهاجم المؤتمر والمؤتمرين في كل لحظة ، لأنني تصورت غضب الله على هؤلاء القوم وأنهم سيشردون بقية أهل فلسطين في هذا القرار الكافر الجائر .
وجاء يوم الجمعة ، فوقفت بعد الصلاة ، وكان مندوبوا الملوك والرؤساء قد جاءوا إلى الأقصى ليصلوا الصلاة التقليدية ، والتي تكون غالبا بغير وضوء ، إذ أن الصلاة لا تليق بهؤلاء الذين صنعوا الهزائم والسخائم لأمتهم ، وكان عدد هؤلاء المندوبين ثلاثة عشر مندوبا لا أكثر الله من عددهم ، فوقفت في الأقصى بعد الصلاة أقول ( ربنا لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا ، يا أخوتنا في الباكستان ، يا أخوتنا في أفغانستان ، يا أخوتنا في تركيا ، يا أخوتنا في نيجيريا .. أيها المسلمون في كل الأرض .. لا تؤاخذونا بما فعـل السفهــاء منا ، يا صلاح الدين وأنت الكردي ، أطل من وراء القـرون لتر ما فعل الصبية على جبـل الزيتون ، لقد رقـص البـابا طربا على قـرار الصبيـة ليلـة أمس ، وأبشركم بذهاب البقية من (فلسطين) بسبب غضب الله ، والتي لولا الإسلام لما كانت فلسطين عربية . لكنه العمى أصاب العيون وأصم الآذان وأغلق القلوب وكما قال الله تعالى (ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم ) [ البقرة : 7 ] ))
من كتاب الغيب في المعركة والتغيير الكوني
للشيخ اسعد بيوض التميمي رحمه الله