السلام عليكم ورحمة الله..
كتبت هذا البوست اليوم للموجودين داخل ألمانيا نظراً لتفشي المرض بشكل سريع خلال ثلاثة أيام..
أنشره هنا أيضاً للاطلاع على آخر مستجدات الوضع..
============
اليوم في المستشفى كان لدينا خبير على مستوى ألمانيا في مجال الأمراض المعدية وطبعاً الكورونا في الوقت الحالي. وقد ألقى محاضرة لمدة ساعة كاملة لجميع طاقم المستشفى.
وقد وجدت من واجبي أن أطلعكم على آخر المستجدات في الوضع الحالي بالإضافة إلى ما يجب أن تعرفونه وتنتبهون إليه في هذه المرحلة.
المعلومات مهمة جداً وقد شرحت الموضوع بشكل مبسط للغاية بحيث يفهمه أي شخص.
أرجو قراءة المعلومات بشكل جيد وشرح الموضوع لعائلاتكم وأطفالكم ومشاركة المنشور أو نسخه.
============
الوضع الحالي
============
حتى لحظة كتابة البوست هناك 157 حالة موثقة في ألمانيا، كانت كلها في الولايات الغربية واليوم تم تسجيل أول حالة في برلين.
ألمانيا تحتل الآن المرتبة السادسة بين دول العالم، وتسبقها الصين وكوريا الجنوبية وإيطاليا وإيران واليابان.
المرض اقترب بأن يصبح جائحة (Pandemie).
ربما تسمعوا هذه الكلمة من الآن فصاعداً في الإعلام.
الجائحة هو أي مرض "يجتاح" مساحات جغرافية واسعة بسرعة كبيرة.
حتى الآن لم يتم الإعلان عن المرض في ألمانيا كجائحة، ولكن من المحتمل أن يتم ذلك خلال الأيام القادمة.
حسب ما ذكره الخبير اليوم فمن المستبعد أن تتم السيطرة على المرض الآن، ومن الممكن أن ينتشر في أوروبا على نطاق واسع بشكل أو بآخر.
ولكن في الوقت نفسه لا داعي للفزع، فنسبة الوفيات حتى الآن تتراوح بين البلدان المختلفة بين 2% و3%. أي أن نسبة وفيات المرض ليست عالية كما هو الحال في الأمراض التي انتشرت سابقاً في السنوات الماضية مثل السارس أو الإيبولا.
يمكن اعتبارها موجة من الإنفلونزا القوية.
على سبيل التذكرة في شتاء عام 2017/2018 توفي أكثر من 25,000 شخص في ألمانيا بموجة قوية من فيروس الإنفلونزا.
===========
*ما الذي يجب أن تعرفه عن المرض نفسه؟*
===========
النقطة الأهم هي الفترات الزمنية. فترة الحضانة تصل إلى 14 يوماً وقد تكون أقل.
بعد ثلاثة أيام من العدوى يمكن أن تبدأ بنشر المرض وقبل أن تظهر الأعراض، وهي الفترة الحساسة.
*ماذا يعني ذلك؟*
لنقل إن الفيروس دخل إلى جسمك في اليوم الأول من الشهر، في اليوم الثالث من الشهر سوف تبدأ بنشر الفيروس من حولك بواسطة اللعاب والرذاذ التنفسي بدون أن تشعر، لن تظهر الأعراض لديك إلا خلال الأيام التالية. ربما تظهر في اليوم السابع وربما تتأخر حتى أسبوعين.
لذلك هنا يجب الانتباه. إذا تم تشخيص المرض لدى أحد معارفك وكان هناك احتكاك معه منذ أسبوع مثلاً فربما يكون المرض موجوداً لديك. وهنا يجب أن تعزل نفسك عن الآخرين حتى لا تنقل المرض إليهم إذا كنت مصاباً.
*ذكرت لك الإجراءات الضرورية في الأسفل.*
*النقطة الثانية هي: كيف ينتقل المرض؟*
ليس بواسطة الغبار مثل الأفلام الأجنبية حيث يتساقط الناس موتى في الشوارع. الانتشار يتم بشكل مباشر على مسافة قريبة بواسطة القطرات التنفسية الصغيرة، أي العطاس أو رذاذ اللعاب، وذلك على مسافة متر واحد. وجود مسافة تبلغ أكثر من متر واحد بينك وبين المصاب يمكن أن يحميك من التقاط العدوى.
حسب ما ذكره الخبير اليوم فإن أهم طريقة لانتقال المرض هي وضع اليدين على الوجه.
يعطس شخص مصاب بالمرض في مكان فيه طاولة، تجلس على الطاولة وتضع يديك عليها. ينتقل الفيروس مع قطرات اللعاب الصغيرة من الطاولة إلى يديك. بعد ذلك تضع يديك على وجهك فيدخل الفيروس من خلال الشفتين أو الأنف بسهولة إلى داخل الجسم وتحدث العدوى. *فهم هذه النقطة مهم جداً حتى تعرف كيف تتم الوقاية.*
بالنسبة للأعراض فهي معروفة للجميع وهي مثل أعراض الإنفلونزا المعروفة: تعب عام وحرارة وعطاس وسعال واحتقان في الأنف. السبب هو التهاب الطرق التنفسية العلوية. إذا وصل الفيروس إلى الطرق التنفسية السفلية فقد تتطور الحالة إلى التهاب رئوي: سعال شديد وضيق نفس وشعور بالاختناق. وهنا يمكن أن تتطور الحالة بشكل خطير.
===========
*ماذا تفعل إذا تطورت لديك أعراض؟*
===========
في الظروف الحالية عند ظهور أي أعراض رشح أو زكام لديك فعليك مباشرة أن تذهب إلى المستشفى.
ليس لحماية نفسك فقط وإنما أيضاً لحماية الآخرين من التقاط الإصابة منك. يمكنك الذهاب بسيارتك ولا داعي لطلب سيارة إسعاف.
المهم أن تضع الكمامة أو تحمي وجهك بأي شيء (منشفة، قطعة ثياب). المهم أن لا تنثر الفيروس في كل مكان في حال وجود إصابة.
*ما الذي سيتم إجراؤه؟*
سيتم أخذ عينات من الأنف والبلعوم (نسميها مسحات Abstrich) بالإضافة إلى عينة دموية، وسوف يتم إرسالها إلى المختبر.
إذا وجد الطبيب حسب الأعراض والفحص بأن احتمال إصابتك مرتفع فسوف تبقى في المستشفى تحت العزل إلى أن تظهر النتائج.
النتيجة تحتاج إلى 48 ساعة على الأكثر (حالياً إجراء التحليل غير ممكن في كل المستشفيات ويتم إرسال النتائج إلى المختبرات المركزية).
قد تكون طبعاً مصاباً بزكام عادي أو إنفلونزا، وتحدد نتيجة التحليل ذلك.
إذا أثبتت النتيجة إصابتك (لا سمح الله) فيجب أن تبقى في المستشفى.
سيقوم الأطباء بإرسال تقرير إلى وزارة الصحة بحيث يتم تسجيل المريض الجديد مع قائمة المصابين.
إذا كانت حالتك مستقرة ولا توجد أعراض شديدة فيمكن بعد أيام قليلة إرسالك إلى المنزل. أي ليس بالضرورة أن يبقى المريض تحت الحجر الصحي في المستشفى طوال فترة المرض وإنما يمكن إرساله إلى المنزل في حال التحسن.
القرار يختلف حسب السياسات المقررة من مستشفى لآخر.
*هل هناك علاج حالياً؟*
لا يتوفر علاج مضمون بعد. يعتمد العلاج بالدرجة الأولى على المعالجة الداعمة مثل خافضات الحرارة ومسكنات الألم وإعطاء السوائل.
هناك مضادات فيروسية تستخدم في العلاج على أمل القضاء على الفيروس في الجسم، ولكنها وسيلة مساعدة ولا تؤثر بالفيروس لدى جميع المرضى، مما يفسر حدوث الوفيات.
يمكن أن تحدث الوفاة إذا انتشر الفيروس إلى الرئتين.
في الحالات الشديدة المترافقة مع التهاب رئوي تصبح الرئة غير قادرة على تأمين الأوكسجين للجسم بما يكفي ويحتاج المريض للتنفس الاصطناعي في العناية المركزة.
يحدث ذلك بشكل خاص لدى المرضى المسنين أو الذين لديهم أمراض مرافقة (مثل السكري) أو يتناولون أدوية تضعف المناعة (مثل الكورتيزون) بشكل مزمن. هؤلاء معرضون أكثر من غيرهم للإصابات الخطيرة ويجب عليهم الانتباه بشكل كبير خلال هذه الفترة واتباع جميع إجراءات السلامة الممكنة.
===========
*هل سيتوقف انتشار المرض بحلول الصيف؟*
===========
الحرارة تضعف انتشار الفيروسات، ولكن لا يمكن التنبؤ بذلك. حسب ما ذكره الخبير اليوم فيمكن أن يستغرق الموضوع بضعة أشهر حتى حلول الصيف، ويمكن أن يستمر وجود المرض وانتشاره بين الأشخاص حتى نهاية هذه السنة أي حتى بداية الشتاء القادم. للأسف لا يمكن حالياً وضع أي توقعات أكيدة.
===========
*ما الذي يجب أن تفعله الآن؟*
===========
أولاً لا داعي لتخزين المواد الغذائية. المنشور الذي انتشر على الإنترنت خلال الفترة السابقة حول تخزين المواد الغذائية لمدة أسبوعين ينطبق على حالات الكوارث. والمقصود بالكوارث هو الكوارث الطبيعية مثل الأعاصير العاتية أو العواصف الجليدية التي تغمر المدن بالثلوج وما إلى ذلك.
الخبير اليوم أكد على هذه النقطة وقال إن آخر ما يجب أن تفكر به هو تخزين الطعام، ولا يوجد مشكلة على مستوى ألمانيا في تأمين المستلزمات الغذائية، فكل شيء متوفر في البلاد، ولكن النقص يأتي من سلوك الناس في الشراء المفرط وغير الضروري. ومن غير المتوقع على الإطلاق أن تحدث أزمات في المواد الغذائية حسب كلامه.
*الأمر الثاني المهم جداً الذي يجب أن تفعله الآن: تجنب التجمعات.* الفيروس قد يصبح في أي لحظة حولك وقد تلتقط العدوى من أي شخص يعطس أو يتحدث بالقرب منك. لا تقترب لأكثر من متر واحد من أي شخص، وإن كان لا بد (مثلاً في الباص أو الأوبان) فاجعل وجهك باتجاه النافذة. تجنب أي تجمع في الوقت الحالي: المطاعم، المسارح، مراكز التسوق الكثيفة بالناس.
موضوع إغلاق المدارس عائد لكل مدينة أو منطقة حسب ما ترى الحكومة الخاصة بها، وهو أيضاً أمر يمكن أن يحدث في أي لحظة كما ذكر الخبير اليوم، ولكنه لم يطرح بعد. ولكنه أكد أن الإصابة لدى الأطفال خفيفة عادة ومناعة الجسم لديهم كافية للتغلب على المرض.
كما ذكر أن الشركات الكبيرة (مثل شركات السيارات مثلاً) قد وضعت الآن خطة شاملة للتعامل مع المرض من خلال إلغاء التجمعات الكبيرة وربما إيقاف العمل في بعض الأقسام لتخفيف الاحتكاك بين الموظفين.
هل هناك داعي لارتداء كمامة في الشارع أو الباص؟
لا. حسب الخبير لا يوجد مبرر لذلك في الوقت الحالي، فالعدوى تحدث من مسافة قريبة في حال خروج الرذاذ أو العطاس مباشرة على وجهك، وذلك على مسافة متر واحد أو أقل. الأهم من ذلك بكثير هو أن تتجنب لمس وجهك بيديك وأن تغسل يديك بشكل متكرر بالماء والصابون، خصوصاً حين تتواجد في مكان عام.
لمس الوجه هو أمر يقوم به الإنسان بدون أن يشعر. حاول أن تمنع نفسك من هذه العادة في الوقت الحالي. بعد لمس أي شيء لا ينتمي إليك اغسل يديك بشكل جيد.
إجراءات أخرى مهمة للوقاية من المرض:
النصائح التي سوف أذكرها الآن مهمة جداً. مناعة الجسم هي الحلقة الرابحة في الموضوع. حين تكون مناعة جسمك وجهازك التنفسي جيدة فإن احتمال الإصابة سيكون أقل. وحتى لو أصبت فإن الإصابة ستكون خفيفة ولن تتطور إلى التهاب رئوي.
تقوية مناعة الجسم يتم من خلال ثلاثة أشياء: الأمر الأول انتبه إلى التغذية الجيدة، أكثر من الخضار والفواكه الطبيعية والغنية بالفيتامينات وتناول يومياً صحن من السلطة ووجبات متعددة من الفواكه. الأمر الثاني هو النوم الكافي وتجنب السهر، لأن نقص عدد ساعات النوم يضعف مناعة الجسم ويؤدي إلى اكتساب الأمراض بسهولة أكبر. الأمر الثالث هو التخفيف من التدخين أو الانقطاع عنه بشكل نهائي. في حال تدهور الإصابة وحدوث التهاب رئوي فإن نسبة الوفاة عند المدخنين أعلى منها عند غير المدخنين نظراً لأن التدخين يضعف مناعة الرئة والطرق التنفسية بشكل كبير ويسهل اختراق الفيروس. ينطبق نفس الكلام على الشيشة بطبيعة الحال.
===========
فإذاً هذه كانت المعلومات المهمة التي يجب أن تعرفها.
طبعاً يمكنكم مشاركة البوست أو نشره في أي مكان للفائدة. نرجو للجميع السلامة إن شاء الله.
د. فراس الصفدي

منقول