د . أمينة خلف


ذكرت في مقال سابق أني من خلال الكثير من الاستشارات مع شخصيات من ذوي الأخلاق الحميدة لاحظت انهم متفوقون جدا في العبادة ، حريصون على أن يلتزم أبناؤهم بتعاليم الدين لكن في المقابل ينفر الكثير من الأبناء منها .. ؟ !!


بل وظهرت حالات من الإلحاد ( أو يمكن أن نسميها التمرد على الدين ) في هذه الأسر !!


ما السر وراء ذلك ؟؟؟


بعد كثير من البحث وجدت أن القاسم المشترك بين هذه الأسر هو عدم الفهم للدور الأساسي الذي اختاره الله لنا مع أهلينا ( صالح أم مصلح) ؟




كلما طرحت هذا السؤال في محاضراتي
ما الدور الأساسي لك أيها الأب وأيتها الأم داخل البيت :
( صالح أم مصلح) ؟


هناك نسبة لا يستهان بها تقول صالح ومصلح


فأعيد عليهم السؤال :
دورك الأساسي ، مسموح لك باختيار واحد ؟


أغلب أحبابنا الذين لديهم علم شرعي بل ومنهم من يعمل في مجال الدعوة يقول : مصلح .




في الحقيقة هذا هو مفتاح السر ، ذلك المفتاح الذي لو أعدنا النظر فيه سنجده هو السبب الرئيسي وراء عدم تدين كثير من الشباب الذين نشؤوا في أسر متدينة !!


فى الحقيقة ، الدور الأساسي لنا داخل البيوت : صالح .




حينما كنت أقول هذا ، أجد الكثير من الاعتراض ، فأبتسم لهم


وأقول: الفيصل بيننا كتاب الله وسنة رسوله
كل العلاقات داخل البيوت وصفها القرآن ب(صالح) :


الأب " وكان أبوهما صالحا "


الزوج " ضرب الله مثلا امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين .




الزوجة " الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله "


الابن "رب هب لي من الصالحين "


فدورك الأساسي داخل بيت أن تكون صالحا .
دورك الحقيقي أن تفعل لتكون قدوة ، لا تأمر وتنهى وأنت في نفسك لا تفعل . ؟؟




ألف نصيحة عن الحلم والدفع بالتي هي أحسن لن تجدي من والد لا يعفو عن ابنه حين يخطئ. ؟


ألف نصيحة بترك الجدال لن تجدي من أم لا تمتنع عن الجدال . ؟


أغلب الزوجات التي يقدمن لأزواجهن النصيحة المباشرة لا يجدن منهم إلا العناد . ؟


كثير من العاملين في مجال الدعوة والخطابة لا يجدوا من أبنائهم نفس الحب والتوقير الذي يجدونه من تلامذتهم ومريديهم ، فيصيبهم الحزن والحسرة .




ولهؤلاء أقول :
هونوا على أنفسكم، في الحقيقة لقد قمتم بالدور الذي طلب منكم خارج البيت وهو الإصلاح
" كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر "
" وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون"


قمتم بالدور الصحيح خارج البيت فوجدتم ثماره
أما داخل البيت فكان المطلوب منكم أن تكونوا صالحين بالمقام الأول وبه سينصلحون.




كيف تكون الزوجة صالحة ؟


إن الإجابة في القرآن والسنة
في القرآن
" قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله
حتى تكوني صالحة يا سيدتي فإن صلاحك ٥٠% على طاعتك لزوجك
قانتة : شديدة الطاعة لزوجها ، طبعا في غير معصية .
و٥٠% على حفظك لماله وعرضه في غيابه .


ولهذا نجد الزوجة المطيعة برضى لزوجها محببة إليه أكثر من الجميلة العنيدة ، بل وأكثر من المرأة العابدة .


سبحان الله وهذا ما أشار إليه القرآن
" عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن مسلمات مؤمنات قانتات تائبات عابدات ..."
قانتات مقدمة على عابدات


فالمرأة المطيعة لزوجها والتي تؤدي فقط الفرائض هي عند الله خير من الصوامة القوامة والتي تقصر في طاعتها لزوجها ..


وسبحان الله ما هو خير عند الله هو ما ترتاح إليه الفطرة السوية .


والزوج الصالح كما أوضح النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي يرفق بزوجته


والأبوان الصالحان هما اللذان يطبقان قوله تعالى :
"وحنانا من لدنا وزكاة وكان تقيا "
الحنان قبل التزكية
حنان وتزكية = إنسان تقي
والحنان هنا يشمل كل المشاعر الإيجابية تجاه الابن من تقبل وإعجاب وحب غير مشروط
وغيرها وكذلك كل الأفعال الإيجابية من دعم عند الفشل وتشجيع عن النجاح واحتضان وتخصيص وقت وحوار وغيرها


إذا قدمنا الحنان ستؤتي التزكية ( افعل ولا تفعل ) ثمارها ، وسنجد ابنا تقيا بارا بوالديه .


ما هذا يا دكتورة ؟؟
هل سنتوقف عن نصح أبنائنا؟


بالطبع لا !!
ولكن علينا أن نكون نموذجا عمليا لما ننصح به أولا.




ثانيا إذا نصحنا علينا أن نسير على الخطوات التالية :


١- مراجعة النية قبل تقديم النصح ، هل هو حقا لله أم لأنفسنا؟ أم خوفا من كلام الناس ؟


٢- تأكد ان المشاعر التي تشعر بها وقت تقديم النصيحة مشاعر إيجابية نحو من تنصحه ، فإذا كنت غاضبا متضايقا فأجل النصيحة حتى تهدأ، فالنصيحة لا تقبل من قلب به غلظة وكل المشاعر السلبية غلظة للقلب .


٣- تأكد من أن هذا هو الوقت والمكان المناسب. فلا تنصح ابنك أمام أحد، فالنصيحة في الجهر فضيحة .


٤- تأكد من أنك تنصح بالطريقة المناسبة ، ولتكن مثلا طريقة الساندوتش ، مدح ودعاء - نصح - مدح ودعاء . مثلا ، حبيبي الله يسعدك ويبارك فيك ممكن تاخد بالك من كذا أن واثق انك خلوق وتحرص على كدا ربنا يحفظك يا أجمل ابن ف الدنيا .


٥- هل قدمت نصائح لنفس الشخص اليوم ، إذا كنت قدمت اليوم نصيحة فلا داعي الثانية اليوم ، أجلها حتى يتهيأ لها بعد يوم أو يومين .


٦- النصائح غير المباشرة أكثر نفعا مع الأزواج والمراهقين ، عن طريق فيديو فيه المعنى المطلوب توصيله ، قصة ، كتاب نقدمه له إن كان ممن يحب القراءة .




ملحوظة
إذا كنت تريد قلبا مليئا بالرحمة على من تنصح
تذكر ٥ ذنوب لك واستغفر الله عليها ، وتذكر ٥ مميزات في الشخص الذي ستقدم له النصيحة ، فهذا سيعينك كثيرا على الوصول لهدفك .


👍🏻


دمتم صالحين مصلحين


د . أمينة خلف