نشر اليوم موقع مشهور اتهاماً مباشراً لي بأنني أقوم بتزوير التاريخ وأنني أقدم الرسول الكريم بصورة الزعيم الديمقراطي المسالم مع أن تاريخه مليء بالاستبداد والحروب والمظالم..
ومن المؤسف أن الاتهامات الجديدة لرسول الله بالعنف والدموية والإرهاب لم تعد شأن خصوم المسلمين بل صارت خطاب عدد من الشباب المسلم اليائس الذي كان يوماً ما يدافع عن الإسلام ولكنه فقد الامل بعد سلسلة الاخفاقات المهينة....
ولكن.. هل نمارس ذلك بالفعل؟؟
إنني لا أنكر الانتقائية فيما أرويه... وأزيدك من الشعر بيتاً: كلنا انتقائيون!! فمنا من يختار تسامحه ومنا من يختار مظالمه.. (التي رواها عنه الواهمون)
ولكن احترام العقل يمنحنا القدرة على التمحيص، وبالتالي تبرير الانتقاء، وفي الواقع فإن المروي في سيرة هذا الرسول الكريم في معظمه قائم على العدل والتسامح، وهناك روايات قليلة عكس ذلك...
لقد كرر محاولته خمس مرات لبناء الدولة في مكة والطائف والحبشة والحيرة وأحفق في المحاولات الأربعة ونجح في الخامسة في يثرب، ولكن من المؤكد أنه لم يستخدم أي سلاح ولا حتى سكين مطبخ!!! وذلك بإجماع محبيه وكارهيه من المؤرخين بدون استثناء!!! فكيف يسوغ أن يقال إنه فرض أفكاره بالقوة؟؟؟
لقد أعلن أحكامه في الشعب باسم السماء (وحي يوحى).... ولكنه تراجع 47 مرة بناء على طلب الجمهور وحقق التعديل التشريعي المطلوب إضافة إلى 21 آية قرآنية قام بنسخها نهائياً بناء على اعتراض الجمهور، (جمعت ذلك كله في الكتاب) وهذا رأي 95 بالمائة من مفسري الإسلام وهناك من رفع العدد إلى 230 آية كالامام ابن الجوزي وابن حزم...
......
لو قرأت أن مهاتما غاندي شكل كتيبة فدائية انتحارية دموية لتطبيق أفكاره في اللاعنف فستقول على الفور احترموا عقولنا... ولا يمكن تصديق رواية كهذه احتراماً لقواعد المنطق والتاريخ.....
الكارثة هنا أن مشايخنا هم الذين يستميتون في الدفاع عن الاستبداد والعنف في حياة الرسول ويسمونه وحياً وجهاداً ... ويسوقون لذلك الروايات المتوحشة دون أدنى وعي بدلالاتها الخطيرة... ولا يقبلون أي إصلاح في الوعي الإسلامي ... ويصرون على القول : كله تمام!!!