منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 8 من 8
  1. #1
    محمد مزكتلي
    Guest

    حَبَنْظَل بَظاظا الفصلُ الثاني

    حَبَنْظَل بَظاظاْ الفصلُ الثاني

    حتى تتصوروا أيها السادة مُجْريات الحِكاية.
    لابُدَّ من وصفِ المكان الذي شهدَ أحداثَ الرواية.
    القاعَةُ الكبرى في قصرِ السلطانِ المعَظَّم، الذي هو أنا.
    خنزيرٌ بدينٌ جَلَسَ على كرسي العرشْ، والخنزيرُ وليسَ الكرسي، هو أنا.
    يقفُ على رأسِ الخنزير بَبَّغاء، وترقدُ بين قدَمَيهِ حِرباء، اللتانِ هما أنا.
    بالقربِ منهم يقفُ السَيَّافُ حاملاً سيفهُ، وتصوروا...السَيَّافُ أيضاً هو أنا.
    الخنزير:
    حينَ وَلَدَتني أُمي ورأتني أَخرُجُ من بينِ فَخذيها، شهَقَت بفزعٍ وأَغمضَت عينيها.
    دَفَنت رأسَها تحتَ الوِسادة، وكانت آخِرُ مرةً تَلمسني فيها.
    لم يُصدِّق أحد بأنَّ كُلَّ الحُسْنَ والجمالَ اللَّذانِ كانا لأُمي.
    يمكنُ أن يُنتِجا مخلوقاً بَشعاً مشوهاً مثْلي!.
    رفضت أُمي رفضاً قاطِعاً أن تُقرِّبَني إلى ثَديَيِها.
    وكانت كُلَّما سمِعَت بُكائي وصُراخي، تصُمُّ أذنيها.
    أَوكَلَت أمرَ رِضاعتي لجارِيةٍ أرمَلَةٍ عظيمَةُ الثديَين.
    التي كانت تستلقي على ظهرِها، وتضعُني فوقَ بطنها.
    وتتْرُكُني طوالَ النَهار أمتصُّ نبعَينِ نَضِحَين.
    ومع هذا كنتُ لا أشبع، أمُصُّ وأبلعُ كعلقةٍ وأمُصُّ وأبلعُ ولا أشبع.
    جَفَّفتُ ثديَيِها وشَقَقْتُ حُلْمَتيها، ولم أشبع.
    الببَّغاء:
    حينَ كَبِرْتُ أيها السادة، تزوجتُ من تلك الجارِية، لِأرُدَّ لها حليبها.
    لا تستغرِبوا، فهيَ لم تكن يوماً أُمي، ولم أكن أنا رضيعُها.
    فحدُّ الإحرام هو خمسُ رَضعاتٍ مُشبِعات، وأنا لم أشبع منها، حتى صُرتُ حليلُها.
    الخنزير:
    حارت أُمي كيف تُشبعُني، في حِرصِها على وحيدِها أن يعيش.
    أَرضَعَتني حليبَ الكِلابِ والخنازيرِ والحمير، والذئاب والرجال والخفافيش.
    وفعلا عِشتُ وكَبِرْتُ بعدَ ما أضنيتُ الجميع.
    فالسماءُ أرادت ليَ الحياة، لتجعلَني راعيَ القطيع.
    الحِرباء:
    كنتُ أتسَلَّلُ إلى غرفةِ نومِ أُمي، وأنتظرُ قابعاً تحتَ السرير.
    هذا الذي كانت تُعقدُ فوقَهُ المؤتمرات، وتُمررُ المؤامرات.
    وتُخْلَعُ سراويلَ الحرير.
    وكم كنت أتلَذَّذُ بسمَاعِ معزوفَةَ الآهات، خاصَّةً مقْطعَها الأخير.
    وبعدَ أَن يسودَ َالصمت، أعلَمُ أنَّ أُمي قد عَزَلَت قائداً أو خَلَعَت أمير.
    الخنزير:
    حينَ أصبحْتُ شابّاً، أرادت أُمي أن أكونَ فارسَ الفُرسان.
    فأجبرتني وأبي على ركوبِهِ، لِنلعبَ معاً لُعبةَ الفارسِ والحِصان.
    وما أن أتقنْتُ طريقةَ ركوبَ أبي، حتى خَلَعَت عليَّ لَقَبَ الفارسَ الذهبي.
    وطلبت مِنَ السلطان المعَظَّم أن يُعَيِّنُني في سِلاحِ الفُرسان.
    الذي سُرعان ما أصدَر أمرَهُ وهو يغتسلُ في الحمَّام.
    وملأْتُ فَمَ الحاقدِين والمتربصين والمتفيهقين والمتحذلِقين، بحِفنَةٍ من طين.
    صحيحٌ أنّي لم أقدر على رُكوبِ الحِصان بالقفزِ فوقَهُ كما يفعلُ الفُرسان.
    بل كنتُ أتعلقُ بِذَيلهِ وأتسَلَّقُ ظَهرَهُ، ثُمَّ أربُطُ خَصرِي بالعنان.
    وصحيحٌ أني لم أستطع حمْلَ السيفَ الذي يحمِلهُ الرجال.
    بَل عَلَّقْتُ سكيناً صغيراً تدَلَّت من رقبَتْي كالسِلسال.
    لكن، كُلَّ هذا لاَ يَهُم، المهمُ هو أنّي أصبحْتُ سيَّدَ القوم.
    الببَّغاء:
    لقد كانت أُمي تفتحُ أمامي كُلَّ الأبوابَ المُؤصدة.
    وتمهدُ ليَ الطريقَ نحوَ الأمجادَ المُرصدة.
    صحيحٌ أنها حَرمتني حليبها ووهبتْهُ للسلطان.
    وكرهتني وكرِهَت أبي، وأحبَّت المالَ والجَّاهَ والسلطان.
    إلا أنها لو ما فعلت ما فعلت، ما كنتُ الآنَ في هذا المكان.
    ولولا أنْ ضَحَّت، ما أَمسَيْتُ سَيَّدَ هذا الزمان.
    ألا تَرَون معي أنَّهُ مِنَ الواجبِ مكافأةَ أمّي على ما فَعلَتْهُ من أجلِ وحيدها.
    أليس عيباً أن أكون عاقّاً بالعجوزِ التي ما حَرمتني شيئاً إلا حليبَها.
    يجبُ أن أُضَحي كما ضَحَت، وأبذلُ كما بذَلَت كي تفخرُ أخيراً بعِظَمِ صنيعها.
    الحِرباء:
    أليس من البديهي، بَل مِنَ ألازمِ أن تكونَ التضحيةُ على مستوى القضية.
    عليَّ أن أتألَّمَ وأُقاسي، أضعافَ ما عانَتهُ هذه العجوزُ الغيرية.
    وأيُّ ألمٍ وأيُّ مرارٍ آلَمُ وأمَرُّ من فُقدانِ الأُم.
    إنهُ أبشَعُ من اجتثاثِ الأطراف، بَل حتى من تَجرُّعِ السُم.
    إنَّ الفداءَ أيها السادة، لا بدَّ أن يكونَ على مُستوى الفادي.
    وحَبَنْظَل بَظاظاْ رجلٌ ليسَ كَباقيَ الرجال، إنهُ رجلٌ غيرُ عادي.
    يا سَيَّاف، اقطَع رأسَ أُمّي، لكن أِرَفَّق، فالدَمُ الذي سيسيلُ هو دَمي.
    البَّبغاء:
    أرأيتم...أرأيتم أيها السادةُ عَظَمَةَ ما صنعت، وأيُّ قُربان قَدَّمْت.
    وأتحداكم...أتحداكُم أن يستطيعَ أيَّ واحدٌ منكم أن يفعلَ مثلَما فعلْت.
    ويُضحِّي بنصفِ ما ضحَّيْت.
    طبعاً هذا بديهي، أنا لستُ كأيَّ واحدٍ منكم...
    أنا حَبَنْظَل بَظاظاْ.

    وللحديثِ تَتمَّة

  2. #2

    رد: حَبَنْظَل بَظاظا الفصلُ الثاني

    ماهو مرماك من هذا النص الشهي الغريب العجيب؟
    أرفق معه رابط النص السابق:
    http://omferas.com/vb/t63181/
    واهلا بك معنا.

  3. #3
    محمد مزكتلي
    Guest

    رد: حَبَنْظَل بَظاظا الفصلُ الثاني

    د. غازي حسين المحترم:
    هي سلسلة من تسع حلقات أدرجها هنا.
    نسجت حبنظل بظاظا من الغرائز التي تعتمل في نفوس البشر.
    تهيمن وتسيطر وتحكم.
    ليس كل البشر...إنما الذين هانت عليهم نفوسهم وخضعوا لها.
    قراءة مفيدة ومسلية...صباح الخير.

  4. #4
    أديب ساخر ورسام مبدع
    تاريخ التسجيل
    Nov 2009
    الدولة
    عنياك يا شهباء تنـزف وردهـا** وتضـوع سحـرا بكـرة ومسـاء
    المشاركات
    633

    رد: حَبَنْظَل بَظاظا الفصلُ الثاني

    أعجبني السكب الدينامي الظريف. والكتابة الصحيحة السليمة.
    أهلا يامحمد معنا
    الحمد لله رب العالمين

  5. #5
    محمد مزكتلي
    Guest

    رد: حَبَنْظَل بَظاظا الفصلُ الثاني

    أخي فادي شعار المحترم:

    يسعدني أنك هنا...هذا يعني مواد طيبة للقراءة.
    أرجو أن تتابع هذه السلسلة وتتكرم عليها برأيك في النهاية.

    صباح الخير.

  6. #6

    رد: حَبَنْظَل بَظاظا الفصلُ الثاني

    سيكون نصك الموفق ضمن نشرة الفرسان القادمة وبالتوفيق:
    http://omferas.com/vb/t62993/
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  7. #7
    محمد مزكتلي
    Guest

    رد: حَبَنْظَل بَظاظا الفصلُ الثاني

    أشكركِ سيدتي ريمة الخاني على الدعم المادي والمعنوي.
    وأرجو أن أكون عند حسن الظن دوماً.

    مساء الخير.

  8. #8
    ميساء حلواني
    Guest

    (المشكلة ليست في المستحيل الذي نتمناه، ولكن في الممكن الذي ضيعناه).

    د عبدالكريم بكار :
    (المشكلة ليست في المستحيل الذي نتمناه، ولكن في الممكن الذي ضيعناه).
    الكارثة ليست في إيجاد المفقود..
    ولكن في عدم تفعيل الموجود..
    ● عقلية الممكن تعني أن تبدأ اﻵن وفي نفس المكان..
    ●عقلية الممكن تعني ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا استَطَعتُمَ﴾..
    ●عقلية الممكن تعني للفتية الذين آمنوا بربهم أن الممكن هو الكهف..
    ولصاحب الجنتين أن الممكن هو الحوار..
    ولموسى عليه السلام أن الممكن هو رحلة مجمع البحرين..
    ولذي القرنين أن الممكن هو ﴿قالَ ما مَكَّنّي فيهِ رَبّي خَيرٌ فَأَعينوني بِقُوَّةٍ﴾..
    ● عقلية الممكن تقول لنا:
    "إن لم نستطع أن نقوم بأشياء عظيمة،
    فلنقم بالمتاح الممكن
    ولكن بصورة عظيمة.."
    (عقلية الممكن) أن تُنَحِّيَ غصن شوك عن الطريق، فيشكر الله لك هذا الفعل فيدخلك الجنة.
    (عقلية الممكن) أن تسقي كلبًا فيغفر الله لك..
    (عقلية الممكن) أن تسأل نفسك كل يوم:
    ما هو الممكن والمتاح أمامي اﻵن؟
    وبعد أن أحدده أنطلق فيه بكل طاقتي..

    ما أسهل عقلية المستحيل!
    عقلية العجز المقنَّع والتقاعد المبرِّر!

    وما أصعب عقلية الممكن
    التي هي عقلية الفترة القادمة!

    لاتسأل نفسك نهاية كل يوم عن مستحيل لم تفعله ولكن اسألها عن ممكن ضيعته بسبب التفكير في المستحيل.

    📍دعوة صادقة للحوار مع النفس📍

المواضيع المتشابهه

  1. حَبَنْظَل بَظاظا...الفصلُ الرابع
    بواسطة محمد مزكتلي في المنتدى فرسان القصة القصيرة
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 04-07-2020, 08:47 PM
  2. حَبَنْظَل بَظاظا...الفصلُ الخامس
    بواسطة محمد مزكتلي في المنتدى فرسان القصة القصيرة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 01-04-2019, 12:32 PM
  3. حَبَنْظَل بَظاظاْ...الفصلُ الثّالث.
    بواسطة محمد مزكتلي في المنتدى فرسان القصة القصيرة
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 11-11-2018, 11:28 AM
  4. حَبَنْظَل بَظاظا الفصلُ الثاني
    بواسطة محمد مزكتلي في المنتدى فرسان القصة القصيرة
    مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 10-27-2018, 03:15 AM
  5. حَبَنْظَل بَظاظا
    بواسطة محمد مزكتلي في المنتدى فرسان القصة القصيرة
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 04-03-2018, 07:55 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •