نقد كتاب مفهوم النص لنصر حامد أبو زيد
كتاب مفهوم النص لنصر حامد أبو زيد كتاب احتوى على أمور حسنة أهمها هى تناوله لمنهج الغزالى الصوفى بالنقد فقد بين أخطاء هذا المنهج فأحسن البيان وهو ما يمثل أكثر من ثلث الكتاب فى آخره كما تناول فى كتابه بعض أخطاء الفقهاء والمحدثين ونتناول أهم الأخطاء فى كتابه الآن:
قال نصر: "القرآن نص لغوى يمكن أن نصفه بأنه يمثل فى تاريخ الثقافة العربية نصا محوريا وليس من قبيل التبسيط أن نصف الحضارة العربية الإسلامية بأنها حضارة النص بمعنى أنها حضارة أنبتت أسسها وقامت علومها وثقافتها على أساس لا يمكن تجاهل مركز النص فيه وليس معنى ذلك أن النص بمفرده هو الذى أنشأ الحضارة فإن النص أيا كان لا ينشىء حضارة ولا يقيم علوما وثقافة إن الذى انشأ الحضارة وأقام الثقافة جدل الإنسان مع الواقع من جهة وحواره مع النص من جهة أخرى "ص11 الخطأ كون القرآن نصا محوريا فى تاريخ الثقافة العربية وبالطبع لا يوجد فى الثقافة العربية وهى ثقافة كافرة ما يجعل القرآن نصا محوريا فالكفار تحولوا لمسلمين كما قال تعالى "ورأيت الناس يدخلون فى دين الله أفواجا"ومن ثم لم يعد لتلك الثقافة وجود عند المسلمين لأنهم تخلوا عن أديانهم السابقة القرآن هو النص المحورى الوحيد عند المسلمين ولو سلمنا بوجود ما يسمى العرب فإنهم كما فى الحاضر منهم من يدعى الإسلام ومنهم النصارى ومنهم اليهود ومنهم غير ذلك ومن ثم فالنصوص لديهم متعددة ومن ثم لا يمثل القرآن نصا محوريا لأنه واحد من ضمن عدة كتب محورية فالدول فى المنطقة أصبح لها دساتيرها المكتوبة كما كان لحكامها فى العصور السابقة دساتير شفوية تخلت عن تطبيق القرآن فى مقابل تنفيذ إرادة الحكام الخطأ الآخر هو تحاور الإنسان مع النص القرآنى وهو كلام لا أساس له فالإنسان لا يتحاور إلا مع مثله والنص ليس إنسان آخر نتحاور معه وإنما يفسره كل فرد حسب ما يريد فالنص لا ينبغى لأحد أن يفسره لأن مفسره الوحيد هو الله كما قال تعالى "ما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم" فليس لإنسان أن يفسر غير تفسير الله المنزل على رسوله(ص) وفى هذا قال تعالى "وما اختلفتم فيه من شىء فحكمه إلى الله" قال نصر: "إن النص حين يكون محورا لحضارة أو ثقافة لابد أن تتعدد تفسيراته وتأويلاته ويخضع هذا التعدد التأويلى لمتغيرات عديدة متنوعة "ص11 نصر هنا يقول بتعدد تفسيرات النص فى كل الحضارات أى الثقافات وهو ما يعارض أن القرآن كنص يمنع هذا التعدد ويجعل التفسير هو تفسير الله وحده كما قال تعالى "ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شىء"فالله بين كل قضية كما قال "إنا علينا جمعه وقرآنه فإذا قرأناه فاتبع قرآنه ثم إنا علينا بيانه" ما نعيشه حاليا هو ما أراده الكفار الذين هدموا الدولة الإسلامية الأخيرة حيث أبعدوا الناس عن الحق وأبعدوا عن تفكيرهم وجود القرآن بتفسيره وهو بيانه الإلهى فى الكعبة الحقيقية محفوظا فعندما قال الله تعالى " وما اختلفتم فيه من شىء فحكمه إلى الله" يعنى الذهاب إلى الكعبة حيث كتاب الله المحفوظ لمعرفة الحكم فالله ليس فى مكان حتى نذهب إليه وإنما كتابه وهو القرآن وتفسيره الإلهى موجود فى بيت الله الذى لا يستطيع أحد أن يفعل فيه ذنب كالتحريف أو غيره لأن العذاب ينزل عليه حين يرد أى يقرر الذنب وليس فعله وفى هذا قال تعالى "ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم" قال نصر: "فالقرآن كتاب الفن العربى الأقدس سواء نظر إليه الناظر على أنه كذلك فى الدين أم لا وهذا الدرس الأدبى للقرآن فى ذلك المستوى الفنى دون نظر إلى اعتبار دينى وهو ما نعتده وتعتده معنا الأمم العربية أصلا "ص12 الخطأ هنا هو أن نصر كان يظن أنه هناك شىء خارج الدين فيظن الأدبى خارج الدينى وهو ما يناقض القرآن نفسه حيث فصل كل شىء ولم يستثن شىء فقال تعالى "وكل شىء فصلناه تفصيلا" فدين الله لا يوجد شىء خارجه قال نصر: " ثم لكل ذى غرض أو صاحب مقصد بعد الوفاء بهذا الدرس الأدبى أن يعمد إلى ذلك الكتاب فيأخذ منه ما يشاء ويقتبس منه ما يريد ويرجع إليه فيما أحب من تشريع أو اعتقاد أو اصلاح اجتماعى أو غير ذلك وليس شىء من هذه الأغراض الثانية يتحقق على وجهه إلا حين يعتمد على تلك الدراسة الأدبية لكتاب العربية الأوحد دراسة صحيحة كاملة مفهمة له "ص13 الخطأ أن لا أحد يصل لغرضه من القرآن إلا بعد أن يدرسه دراسة أدبية وهو كلام جنونى فالغرض من القرآن هو فهم مراد الله ليس أكثر وأما الدراسة الأدبية فلا تؤدى لشىء من هذا الفهم إلا قليلا لأن الدراسة الأدبية تعتمد علم المعانى اللغوية وهو ما يؤدى لوجود تفسيرات متعددة تناقض كون مراد الله واحد من كل عبارة وليس أكثر كما تعتمد علم الأسلوب أو التركيب اللغوى ونتيجته تتشابه مع علم المعانى لأن النحاة والبديعيين علمهم مختلف فمثلا النحو الكوفى غير النحو البصرى غير البغدادى غير القاهرى وحتى داخل المدرسة الواحدة يتناقض الكل فى تفسيراتهم ومن ثم فأى دراسة تنبع من خارج النص هى دراسة فاشلة فالنص هو من يفسر نفسه قال نصر: "ومن منظور الثقافة فالإسلام دين عربى بل هو أهم مكونات العروبة وأساسها الحضارى والثقافى "ص26 وقال : " ولا نتوقف طويلا أمام من يصرون على اقامة تعارض زائف بين العروبة والإسلام " ص25 وقال: "فالإسلام دين عربى بل هو أهم مكونات العروبة وأساسها الحضارى الثقافى "ص26 الخطأ كون الإسلام دين عربى وهو ما يخالف النص نفسه فالإسلام دين الله الذى ارتضاه للبشر كما قال تعالى "إن الدين عند الله الإسلام" وقال "ورضيت لكم الإسلام دينا" والإسلام يتناقض مع العروبة المزعومة فلا يمكن أن يتفق الكفر الموحد بين أهل الأديان مع الإسلام فالإسلام يفرق بين المسلمين وغيرهم ولذا جعل المسلمين أمة واحدة وسط فقال "وكذلك جعلناكم أمة وسطا" ومن ثم فالأمة الإسلامية غير الأمة العربية المزعومة وقال نصر: "إن النص فى حقيقته وجوهره منتج ثقافى المقصود أنه تشكل فى الواقع والثقافة خلال فترة تزيد على العشرين عاما وإذا كانت هذه الحقيقة تبدو بديهية ومتفقا عليها "ص27 نلاحظ الجنون وهو أن النص تشكل فى الواقع والثقافة فالقرآن لم يتشكل بسبب الواقع والثقافة لأنه كان يعادى الواقع والثقافات فى العالم كله فهو علاج نزل من عند الله يراعى مصالح كل العباد سواء كانت تلك المصالح معروفة لدى من نزل عليهم أو مجهولة كما أن القرآن له وجود مسبق على محمد (ص) بقرون كثيرة بدليل أن علماء بنى إسرائيل كانوا يعرفونه قبل مبعث محمد (ص) بقرون وفى هذا قال النص القرآنى" ألم يكن لهم آية أن يعلمه علماء بنى إسرائيل " والكتابيون كانوا يعرفونه من قبل نزوله ويستفتحون به على المشركين قبل البعثة كما قال تعالى "وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِّنْ عِندِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُم مَّا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ " قال نصر: "فإن الإيمان بوجود ميتافيزيقى سابق للنص يعود لكى طمس هى الحقيقة البديهية ويعكر من ثم امكانية الفهم العمى لظاهر لنص"27 الخطأ هنا هو أن نصر ينكر الوجود السابق للقرآن وهو ما يخالف النص فى قوله" ألم يكن لهم آية أن يعلمه علماء بنى إسرائيل " والكتابيون كانوا يعرفونه من قبل نزوله ويستفتحون به على المشركين قبل البعثة كما قال تعالى "وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِّنْ عِندِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُم مَّا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ " قال نصر : "والاعتراض الذى يمكن أن يثار هنا كيف يمكن تطبيق منهج تحليل النصوص على نص إلهى وقد يتضمن الاعتراض بعض الاتهام والعياذ بالله من سوء النية حول تطبيق مفاهيم البشر ومناهجهم على نص غير بشرى من حيث أصله ومصدره والحقيقة أن هذا الاعتراض إن صدر فإنما يصدر عن ذلك النمط من الفكر التأملى المثالى الذى أشرنا إليه بوصف علمى باسم الحوار الهابط وإذا كان أصحاب هذا المنهج يتفقون معنا فى أن الله سبحانه وتعالى ليس موضوعا للدرس والتحليل وإذا كانوا يتفقون معنا كذلك فى أنه سبحانه وتعالى شاء أن يكون كلامه إلى البشر بلغتهم أى من خلال نظامهم الثقافى المركزى فإن المتاح الوحيد أمام الدرس العلمى هو درس الكلام الإلهى من خلال تحليل معطياته فى إطار النظام الثقافى الذى تجلى من خلاله ص28 أصر نصر هنا على تطبيق مناهج البشر على النص وهو القرآن وهو إصرار يعرف نصر وأمثاله أنه لن ينتج سوى نفس النتيجة التى آل إليها التفسير والمفسرون وهو الاختلاف فلو طبقنا منهجين على النص فالنتيجة هى اختلاف تفسيرهم ولو طبقنا ثالث فهى نفس النتيجة ما لم يفهمه الناس هو أن البشر لا يملكون حق التفسير فالله وحده من فسر اى فصل أى بين معنى كل جملة فى وحيه "وكل شىء فصلناه تفصيلا"و"تبيانا لكل شىء"و"غلا جئناك بالحق وأحسن تفسيرا" قال نصر: "وفى منهج تحليل النصوص تنبع مصداقية النص من دوره فى الثقافة فما ترفضه الثقافة وتنفيه لا يقع فى دائرة النصوص وما تتلقاه الثقافة بوصفه نصا دالا فهو كذلك وقد يختلف اتجاه الثقافة فى اختيار النصوص من مرحلة تاريخية إلى مرحلة تاريخية أخرى فتنفى ما سبق أن تقبلته أو تتقبل ما سبق أن نفته من النصوص ص29 هنا يجعل نصر مصداقية النص نابعة من دوره فى الثقافة فما ترفضه الثقافة وتنفيه لا يقع فى دائرة النصوص وما تتلقاه الثقافة بوصفه نصا دالا فهو كذلك وهو ما يناقض كون صدق أى مصداقية القرآن نابعة من داخله فى قوله: " إن ما يقوله ابن خلدون هنا عن اتحاد الدليل والمدلول يمكن التعبير عنه أخرى بالقول أن صدق الوحى لا يحتاج على دليل أخر خارجه بل الوحى ذاته بتضمن الدليل على صدقه ص156
وقال نصر: "فمن قبيل تحصيل الحاصل القول بأن مصداقية هذا النص القرآن لا تنبع من كثرة عدد المؤمنين به كما أن قلة عددهم لا تقلل من مصداقيته إن وجود النص فى الثقافة أخطر من وجوده فى عواطف المعتقدين والمؤمنين ص29 هنا تنبع مصداقية القرآن من وجود النص القرآنى فى الثقافة أى من شىء خارجى وهو ما يناقض كون مصداقيته نابعة من داخله فى قوله: " أن صدق الوحى لا يحتاج على دليل أخر خارجه بل الوحى ذاته بتضمن الدليل على صدقه ص156 وقال نصر : "وإذا كان اسم الكتاب واسم القرآن من الأسماء التى تعد بمثابة الأسماء الأعلام فإن اسم الوحى فى دلالته على القرآن ليس كذلك بل تتسع دلالته ليشمل كل النصوص الدينية الإسلامية وغير الإسلامية فهو مفهوم يستوعب كل النصوص الدالة على خطاب الله للبشر هذا من حيث الاستخدام القرآنى ص35 نلاحظ هنا جهل نصر بأن النص يستخدم لفظ الكتاب كلفظ الوحى فى الكتب المنزلة على الرسل ألآخرين فالتسمية الأشهر هى تسمية اليهود والنصارى وغيرهم الكتابيين أو أهل الكتاب فكل نبى اى رسول نزل عليه كتاب كما قال تعالى : " كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ" والخطأ الأخر هو أن الرجل سمى كتب الرسل الآخرين النصوص غير الإسلامية وهو ما يخالف النص ذاته فدين الرسل وهو الوحى المنزل عليهم واحد وهو الإسلام وفى هذا قال تعالى "إن الدين عند الله الإسلام" كما قال على لسان يعقوب(ص)أيضا "إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون" وقال نصر: "والرمز من الكلام هو الخفى الذى لا يدركه إلا المخاطب به جاء فى اللسان الرمز إشارة وإيماء بالعينين والحاجبين والشفتين والفم والرمز فى اللغة كل ما أشرت إليه مما يبان بلفظ بأى شىء أشرت إليه بيد أو بعين ص37 نلاحظ وجود تناقض فى تعريف الرمز فمرة إشارة وإيماء بالعينين والحاجبين والشفتين والفم ومرة أشرت إليه بيد أو بعين فالمشترك هو العين بينما المتناقض الحاجبين والشفتين والفم مع اليد والرمز هو كل ما فهم بغير الصوت البشرى من إشارة وقال نصر: "إن العربى الذى يدرك أن الجنى يخاطب الشاعر ويلهمه شعره ويدرك أن العراف والكاهن يستمدان نبوءاتهما من الجن لا يستحيل عليه أن يصدق بملك ينزل بكلام من بشر لذلك لا نجد من العرب المعاصرين لنزول القرآن اعتراضا على ظاهرة الوحى ذاتها وإنما انصب الاعتراض إما على مضمون كلام الوحى أو على شخص الموحى إليه ص38 الخطأ أن اعتراض العرب لم يكن على ظاهرة الوحى أو الشخص الموحى له وهو ما يناقض تكذيب القوم للنبى(ص) فى قوله تعالى "فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ جَاءُوا بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتَابِ الْمُنِيرِ" كما أنه من الطبيعى عندما يكذب الإنسان كلام إنسان أخر أن يكون قد اعتبره كاذبا لأن كلامه كذب قال نصر: "ولم يكن القرآن فى صياغته للواقع الثقافى بمعزل عن هذه التصورات فقد ذكر الجن فى مواضع كثيرة وخصص سورة كاملة تنبىء عن تحول فى طبيعة الجن وإيمانهم بالإسلام والقرآن بعد أن استمعوا له والسورة من ناحية أخرى لا تنفى ما كان مستقرا فى العقل العربى من اتصال الجن بالسماء ومن امكانية اتصال بعض البشر بالجن ص39 الخطأ هنا هو أن سورة الجن تنبىء عن تحول فى طبيعة الجن ولا يوجد فى السورة الحالية أى شىء يخبرنا بأن الجن يتحولون عن طبيعتهم ومن عنده عبارة أو جملة فليظهرها والخطأ أن السورة لا تنفى امكانية اتصال بعض البشر بالجن فلا يوجد فى السورة عبارة تقول بأن الاتصال ممكن فالقول "وإن كان رجل من افنس يعوذون برجال من الجن " لا تدل على الاتصال وغنما تدل على عبادة بعض البشر لبعض الجن حيث يطلبون منهم الحماية ولا حماية لهم من الجن لنهم لا يسمعونهم بدليل قوله فى نهاية الآية "فزادوهم رهقا" فالطالب يتعب اى يرهق نفسه بطلب العوذ وهو الحماية منهم ولكنهم لا يعرفون أنهم يطلبون حمايتهم لأنهم لا يسمعونهم قال نصر: "إن النص هنا وإن كان يمثل الواقع الذى ينتمى إليه يعيد تشكيل هذا الواقع من خلال آلياته اللغوية الخالصة لقد صار الجن فى النص جنا مؤمنا مسلما يدين سلوكه السابق ويدين البشر الذين كانوا يعوذون به"رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا" وفى سورة الناس نلاحظ تحول أحاديث الجن إلى وسوسة يستعاذ بالله منها ويوسف هذا الجن بأنه وسواس خناس فإذا عرفنا أن سورة الناس سابقة فى ترتيب النزول على سورة الجن أمكننا أن نميز بين هاتين الصورتين صورة الجن الخناس الموسوس الذى يستعاذ بالله منه وصورة الجن الذى يشبه البشر فى انقسامه إلى مؤمنين وكافرين ولا شك أن الصورة الثانية تعد نوعا من التطوير القرآنى النابع من التوافق مع معطيات الثقافة من جهة والهادف إلى تطويرها لمصلحة الإسلام من جهة أخرى ص40 الخطأ أن الجن يوسوسون لغيرهم فى سورة الناس ولو عقل نصر ألاية لعرف أن الجن مثل الإنس يوسوس لهم الوسواس الخناس بدليل قوله تعالى"من شر الوسواس الخناس الذى يوسوس فى صدور الناس من الجنة والناس" فالشيطان يوسوس للفريقين فالجن موسوس لهم كالبشر من جانب الشيطان الموسوس وليس الجن من يوسوسون قال نصر: "إن طرفى الاتصال الأساسيين فى عملية الوحى النبوى هما الله فى جانب والرسول البشر فى جانب أخر وقد عبر القرآن عن هذا الاتصال بأنه إلقاء وذلك فى السورة الثانية من حيث النزول وهى سورة المزمل "إنا سنلقى عليك قولا ثقيلا " ومن المعروف أن المتحدث المعبر عنه بالضمير نا فى هذه الآية هو ذات المذكور فى الآيات الأولى اقرأ باسم ربك من سورة العلق الاتصال إذن يتم من خلال الإلقاء والشفرة المستخدمة فى الاتصال هى القول وفى آيات أخرى من القرآن تم التعبير عن الإلقاء بالتنزيل وعن القول بالكلام ص45 هنا الشفرة عند نصر قول أى كلام صوتى مفهوم وهو ما يخالف كونها شفرة غير صوتية بلغة غير اللغة الطبيعية فى قوله: "وإذا كان الوحى فى الحالة الأولى كلاما لا يفهمه إلا طرفا الاتصال فهو كلام بدون قول أو لنقل هو كلام بشفرة غير صوتية بلغة غير اللغة الطبيعية وعلى عكس من ذلك يكون الخطأ ب المعبر عنه بالنداء فى حالة موسى كلاما باللغة التى يمكن أن يستوعبها موسى إنه قول لغوى ص46 قال نصر: أولى هذه الطرائق الوحى بالمعنى السالف الذى ناقشناه فى الفقرة السابقة وهو ما يطلق عليه العلماء الإلهام مثل الوحى إلى أم موسى وإلى النحل وإلى الملائكة وكل وحى يتميز بالخصوصية والسرية والطريقة الثانية من طرائق كلام الله للبشر الكلام من وراء حجاب وذلك كلامه لموسى من وراء حجاب الشجرة والنار والجبل ونلاحظ فى حالتين من حالات الكلام من وراء حجاب أنه قد عبر عن بداية الكلام بالنداء ص46 وقال: الطريقة الثالثة من طرائق كلام الله للبشر هى الوحى غير المباشر عن طريق الرسول الملك الذى يوحى للمستقبل بإذن الله ما يشاء وهذه الطريقة كانت هى الطريقة التى تم بها إلقاء القرآن أو تنزيله ص46 الخطأ فى الفقرات السابقة وجود ثلاث طرق لكلام الله للبشر فقد وضح الله أن ما كان لبشر والمراد لإنسان أن يكلمه أى يحدثه الله والمراد يفهمه الله ما يريد إلا عن طريقين :وحيا أى إلقاء مباشر بوسيط غير جبريل(ص)وهو الملك وفسر هذا بأنه من وراء حجاب أى من خلف حاجز والمراد أن الله لا يحدثه حديثا مباشرا كحديث الرجل أمام الرجل وإنما الله يحدثه بوسيط لا يتكلم كالبشر مثل الشجرة التى كلمت موسى(ص)،أو يرسل رسولا والمراد أو يبعث مبعوثا هو جبريل(ص) فيوحى بإذنه ما يشاء والمراد فيلقى فى قلب النبى (ص)بأمر الله ما يريد الله أن يفهمه إياه وما سبق هو تفسير قوله تعالى "وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحى بإذنه ما يشاء " والدليل على أن الكلام من وراء حجاب هو نفسه الوحى أن الله سمى كلامه لموسى (ص)عند الشجرة وحيا فقال "وأنا اخترتك فاستمع لما يوحى" قال نصر: "وإذا كان الرأى السابق يرى أن الشفرة اللغوية فى عملية الاتصال الوحى كانت هى اللغة العربية سواء فى مستوى الاتصال الرأسى الله جبريل أو فى المستوى الأفقى جبريل محمد (ص) فإن الرأى الثانى يفرق بين هذين المستويين فيجعل تحويل الوحى من مستوى الإلهام على مستوى الاتصال اللغوى أى يجعل الصياغة اللغوية للوحى مهمة جبريل مرة ويجعلها مهمة محمد (ص) مرة أخرى ص50 الخطأ هو أن صياغة الوحى اللغوية كانت مهمة جبريل(ص) ومحمد (ص) وهو ما يتنافى مع كون مهمة الرسول سواء كان ملائكيا أو بشريا هى البلاغ أى توصيل المنزل له كما قال تعالى "ما على الرسول إلا البلاغ" واعتبار من لم يبلغ المنزل غير مبلغ للرسالة كما فى قوله تعالى"يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته" فالمنزل منزل من الله باللفظ بدليل أن الله نزل عليه البيان أى الذكر ليبين المنزل الأول وهو القرآن فقال: "وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم" قال نصر: "إن حالة الوحى كما سبقت الإشارة حالة تتطلب استعدادا خاصا يكون فى حالة الأنبياء استعدادا فطريا نابعا من الاصطفاء الإلهى لهؤلاء البشر بهذا الاستعداد يمكن للنبى البشر أن ينسلخ من طبيعته ويتحول إلى الملأ الأعلى فيأخذ من الملك ما يوحيه إليه ص52 قال نصر: "فإن الذى يعنينا من هذا النص فى سياقنا هذا أن ابن خلدون فى هذه التسوية بين حالتى الوحى وفى اعتبارهما مجرد مرحلتين زمنيتين يتخلى عن تفرقته الأساسية بينهما من حيث طبيعة الشفرة المستخدمة التى أشار إليها باسم الرمز فى حالة انسلاخ النبى (ص)وباسم الكلام فى حالة تحول الملك إلى البشرية وإذا كان ابن خلدون قد فرق بين هاتين الحالتين من جهة أخرى على أساس أن حالة الانسلاخ إلى الملكية هى حالة النبوة حالة الأنبياء غير المرسلين وأن الحالة الثانية هى حالة الأنبياء المرسلين فهل يمكن أن نفترض أن المرحلة المبكرة من الوحى كانت مرحلة نبوة فقط غير متضمنة للرسالة ص55 الخطأ فى الفقرتين الاستعداد الفطرى الذى يعنى أن ينسلخ النبى(ص) من طبيعته ويتحول إلى الملأ الأعلى والمراد بهم الملائكة وهو ما يخالف أن النبوة لا تحتاج لتحول من البشرية للملائكية بدليل أن الله طالب رسوله (ص) أن ينفى كونه من الملائكة فقال: "قل لا أقول لكم عندى خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول أنى ملك" فالاستعداد الموجود هو قوة الإرادة الراغبة فى العدل بين الناس بما شرعه الله والخطأ الثانى فصل النبوة عن الرسالة وهو مفهوم خاطىء فالرسالة هى نفسها النبوة فالرسول هو نفسه النبى (ص)أيا كان اسمه وعصره فهى تفرقة تخالف النص نفسه والأدلة على كون الرسل هم أنفسهم الأنبياء هى:
1=قوله تعالى بسورة البقرة "كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين" فانظر كلمة بعث التى تعنى أرسل وأرسل من النبيين وبدليل أن الله أعاد نفس المعنى مفسرا مبينا معنى كلمة الأنبياء فوضع كلمة الرسل أو المرسلين مكان الأنبياء فقال بسورة الأنعام "وما نرسل الرسل إلا مبشرين ومنذرين " وقال بسورة الكهف " وما نرسل المرسلين إلا مبشرين ومنذرين"
2-قوله تعالى بسورة الزخرف " وكم أرسلنا من نبى فى الأولين "فهنا أرسل الله الأنبياء
3-قوله تعالى بسورة الأعراف "وما أرسلنا فى قرية من نبى "فهنا أرسلنا نبى فى كل قرية
4-قوله تعالى بسورة الحج " وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبى "فهنا أرسنا نبى وقد فسر الله رسول بنبى
5-قوله تعالى بسورة الإسراء " ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض "فقد فسره الله بقوله فى سورة البقرة "تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض" فهنا فسر الله النبيين بالرسل
6-فسر الله القتلى من أنبياء بنى إسرائيل كما فى قوله تعالى بسورة آل عمران " ويقتلون النبيين بغير حق " بأنهم رسل بقوله بسورة المائدة "لقد أخذنا ميثاق بنى إسرائيل وأرسلنا إليهم رسلا كلما جاءهم رسول بما لا تهوى أنفسهم فريقا كذبوا وفريقا يقتلون " فهل أنا مخطىء فى استدلالى هذا ؟
7-فسر الله النبى (ص)فى قوله تعالى بسورة الزخرف " وما يأتيهم من نبى إلا كانوا به يستهزءون" بأنه الرسول بقوله فى سورة الحجر" وما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزءون" فهل أنا هنا مخطىء؟
8-بين الله لنا أن البر يؤمن بالنبيين فقال "لكن البر من آمن بالله واليوم الأخر والملائكة والكتاب والنبيين " فهل معنى هذا أن نكفر بالرسل ؟قطعا لا أنه قصد أن النبيين هم أنفسهم الرسل
9=أن الله عرف رسوله بأنه النبى (ص)الأمى فقال بسورة الأعراف "فأمنوا بالله ورسوله النبى (ص)الأمى "
10-بين الله أن النبيين فى الجنة فقال بسورة النساء" ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا" ولا يوجد آية تقول أن الرسل فى الجنة ولو اعتبرنا الأنبياء غير الرسل فمعنى هذا هو أن الرسل فى النار وهو كلام غير معقول
11-عرف الله المسيح (ص) بكونه رسول فقال بسورة المائدة "ما المسيح ابن مريم إلا رسول " ومع هذا عرف المسيح(ص) نفسه بكونه نبى فقال بسورة مريم" وجعلنى نبيا "
وأكتفى بهذا القدر من الأدلة
ونأتى للنقطة الثانية وهى الوحى فهو ينزل على النبيين وهم الرسل بدليل ما جاء من آيات يؤتون فيها الوحى جميعا مثل قوله تعالى بسورة المائدة "إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده"وقوله تعالى بسورة البقرة "وما أوتى النبيون من ربهم"وقوله تعالى بسورة آل عمران "وما أوتى موسى وعيسى والنبيون من ربهم " وقد فسر الله هذه وغيرها بقوله بسورة الأنبياء"وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحى إليه "فهنا الوحى على الرسل مما يعنى أنهم الأنبياء الموحى لهم فى الآيات قبلها
ونأتى للنقطة الثالثة وهى أن النبى (ص)ينبىء بالغيب وحده فنجد أن كلمة النبأ ومشتقاتها تستعمل فى الإخبار بالغيب وغيره فمثلا قوله تعالى بسورة الحجر " نبىء عبادة إنى أنا الغفور الرحيم "تخبر بحكم وليس بحدث لم يحدث بعد وهو كون الله رحيم غفور ومثلا قوله تعالى بسورة الكهف"هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا" يخبرنا بحكم هو ماهية الأخسرين أعمالا قال نصر: إن مفهوم الانسلاخ عن البشرية والتحول إلى الملكية فى حالة الوحى الأولى ليس مقصودا معناه الحرفى بالتحول الفيزيقى كما يفهم من منطوقه فالتغير الذى كان يلاحظ على النبى (ص)تغير طارىء طفيف وليس تحولا بالمعنى الذى تنبىء عنه لفظة الانسلاخ أو الانخلاع ولعل هذا هو الذى مهد السبيل أمام الفلاسفة والمتصوفة لمناقشة مفهوم النبوة من خلال نظرية الخيال ص56 هنا الانسلاخ من البشرية تغير طارىء طفيف وهو ما يخالف كونه انسلاخ تام فى قوله: "إن حالة الوحى كما سبقت الإشارة حالة تتطلب استعدادا خاصا يكون فى حالة الأنبياء استعدادا فطريا نابعا من الاصطفاء الإلهى لهؤلاء البشر بهذا الاستعداد يمكن للنبى البشر أن ينسلخ من طبيعته ويتحول إلى الملأ الأعلى فيأخذ من الملك ما يوحيه إليه ص52 قال نصر: "وإذا كانت النفس الإنسانية تتلقى من الملأ الأعلى على قدر روحانيتها وصفائها فلاشك أن االأنبياء يصلون إلى الدرجة القصوى من الصفاء والروحانية ولكنهم لا يتحولون إلى ذوات من التعقل المحض تجعلهم ملائكة هل يمكن أن نقول إذن أن المرحلة الأولى من مراحل الوحى مرحلة الشدة والغط والتحول من جانب النبى (ص)كانت مرحلة أشبه بالرؤيا حيث تتلقى نفس النبى (ص)بناء على هذا التصور من الملك رسالة ذات شفرة خاصة يحولها النبى (ص)بعد ذلك إلى رسالة لغوية وهل يمكن أن نقول أن التعود والألفة مع توالى عملية الاتصال جعلت الوحى ممكنا فى حالة اليقظة بالكلام اللغوى العادى ص57 الخطأ المشترك بين الفقرتين هو التلقى من الملأ الأعلى فالملأ الأعلى هم الملائكة جميعا وهم من اختصوا فى خلق آدم (ص) وفى هذا قال تعالى ""قل هو نبأ عظيم أنتم عنه معرضون ما كان لى من علم بالملأ الأعلى إذ يختصمون" فالنبى(ص) تلقى من الروح القدس أى الأمين وحده أى شديد القوى كما قال تعالى "إن هو إلا وحى يوحى علمه شديد القوى " وقال "نزل به الروح الأمين على قلبك" والخطأ الأخر هو حمل الوحى رسالة ذات شفرة خاصة يحولها النبى (ص)بعد ذلك إلى رسالة لغويةوهو كلام يتناقض مع كونه قول والقول هو اللغة الصوتية كما قال تعالى " إنه لقول رسول كريم ذى قوة عند ذى العرش مكين" ومن ثم الوحى ليس شفرة وإنما قول عادى من أقوال اللغة وقال نصر: "وثمة دلالة أخرى هامة لاطلاق اسم الكتاب على النص وهى ترتبط بالوضع الدينى فى الجزيرة العربية قبل الإسلام فقد كانت صفة أهل الكتاب تقابل صفة الأميين تقابل التضاد والتناقض حيث تشير الصفة الأولى إلى اليهود والنصارى بينما تشير الثانية إلى مشركى العرب وعبدة الأوثان ص61 الخطأ هنا هو أن الأميين تعنى أمية القراءة والكتابة وهى مقولة شائعة تخالف النص نفسه وهو كون المشركين من قريش أميين بمعنى ينتمون لأم القرى مكة كما قال تعالى "وهذا كتاب أنزلناه مبارك مصدق الذى بين يديه ولتنذر أم القرى ومن حولها" ولو كانوا أميين فعلا فهذا معناه أنهم لم يكونوا تجارا فالتجارة تحتاج للكتابة كما أن وقائع السيرة ومعظمها للأسف كاذب مثلها كمثل الجهل بالقراءة والكتابة تدل على المعرفة بالكتابة فورقة كان كاتبا للإنجيل والتوراة وصحيفة المقاطعة وصحيفة المدينة وقال نصر: "وحين نقول أن النص قد ساهم فى تحويل الثقافة من مرحلة الشفاهية إلى مرحلة التدوين عن طريق اضفاء اسم الكتاب على نفسه وعن طريق نفى دلالة الوحى بما يرتبط به من سرية وغموض عن معنى الكتابة فإننا لا نقصد بالنص مجرد المعطى اللغوى بل نقصد فعالية النص من خلال مجموعة البشر الذين اعتبروه نصهم الأساسى وفى هذا الصدد يكفى أن نشير إلى أن النبى (ص)كان يجعل فدية الأسير من أهل مكة أن يعلم عشرة من المسلمين القراءة والكتابة وذلك من شدة حرصه وحرص الجماعة على تدوين النص وعلى احداث تغيير نوعى فى الثقافة إن النص هنا لا يفعل وحده بل تتحقق فعاليته بالإنسان الذى كان النص بالنسبة إليه رسالة وبلاغا ص63
الخطأ الأول أن اسم الكتاب لا يعنى المكتوب أى الرموز المكتوبة المقروءة وإنما يعنى الأحكام المفروضة كما فى قوله تعالى " كتب ربكم على نفسيه الرحمة" و"كتب عليكم الصيام " و"كتب عليكم القتال" فالكتابة تعنى الأحكام التى شرعها الله وأما إطلاق الاسم بمعنى الرمز المخطوط فينافى الواقع وهى تسمية خيالية لوجود كتب كثيرة غيره وإنما هو الحكم المفروض أى المشرع من الله والخطأ الثانى تصديق ما روى فى السيرة من أن النبى (ص)(ص)كان يجعل فدية الأسير من أهل مكة أن يعلم عشرة من المسلمين القراءة والكتابة فالنص وهو الكتاب ينفى هذه الحكاية المزعومة حيث أخذ الرسول (ص) من الأسرى المال جميعا وهو قوله تعالى "يا أيها النبى (ص)قل لمن فى أيديكم من الأسرى إن يعلم الله فى قلوبكم خيرا يؤتكم خيرا مما أخذ منكم" والمراد "خيرا مما أخذ منكم فالمأخوذ مال قال نصر: "لقد كان محمد (ص) المستقبل الأول للنص ومبلغه جزءا من الواقع والمجتمع كان ابن المجتمع ونتاجه .......هذا ما يحكيه التاريخ عن الرجل والإنسان الذى شاء الفكر الدينى السائد قديما وحديثا أن يحوله إلى حقيقة مثالية ذهنية مفارقة للواقع والتاريخ حقيقة لها وجود سابق على وجودها الإنسانى العيانى المادى وشاء هذا الفكر فى أشد مزاعمه إنسانية أن يجعل منه إنسانا مغمض العينين معزولا عن المجتمع والواقع يعيش هموما مفارقة مثالية ذهنية حتى حوله هذا الفكر إلى إنسان خال من كل شروط الإنسانية ص67 نصر هنا يتحدث عن الفكر الدينى وكأن كل من تحدثوا عن النبى(ص) كانوا فريقا واحدا فى حكاية العزلة وهو ما يناقض معظم الكتب خاصة كتب الحديث وكذلك ما يسمى كتب السيرة أو التاريخ ربما يكون بعض الصوفية هم من جعلوه فى كتبهم هو ذلك الإنسان المثالى المفارق للواقع قبل بعثته ولكن هذا لا ينفى أن بقية الكتب جعلته تاجرا وراعيا للغنم ومشاركا فى المجتمع كما فى بناء الكعبة المزعوم وكما فى حلف الفضول وهو ما اعترف به نصر فى قوله: "إن تصور النبى (ص)معزولا عن المجتمع والواقع منفردا دائما يتناقض مع ما اشتهر به من وصف الأمين إذ لا يشتهر بمثل هذه الصفة إلا من عامل الناس وانغمس فى شئونهم واختلط بهم اختلاطا يسمح لهم بالحكم عليه وكيف كان يمكن أن تخطبه على نفسها كريمة من كريمات العرب ذات منصب وجمال وحسب مرغوب فيها لا مرغوب عنها ولو كان محمد (ص) دائم الاعتزال للناس فى شعاب الجبال والأودية فكيف نال هذه الشهرة ص68 قال نصر: "سبقت لنا الإشارة إلى ما ذهب إليه علماء القرآن من أن سورة العلق أول ما نزل فى شأن النبوة وأن سورة المدثر هى أول ما نزل فى شأن الرسالة ص79 اطباق القوم ومعهم نصر وغيره على أن تلك الآيات فى العلق والمدثر هى أول ما نزل هو كلام ينافى الحقيقة فأول شىء فى رسالة أى رسول هو أن يعرفه صاحب الرسالة بنفسه وما هو المطلوب منه فالله لابد أن يعرف رسوله (ص) بنفسه كما فى قول القرآن " إننى أنا لا إله إلا أنا فاعبدنى" قال نصر: "من هنا يصعب أن نتقبل اجماع المفسرين على أن المقصود بتطهير الثياب تطهير النفس مما يستقذر من الفعال ويستهجن من العادات ذلك أن هذا التأويل المجازى يجعل من الأمر بهجر الرجز نوعا من التكرار والاطناب وهى ظاهرة لا يستدعيها الموقف كما سبقت الإشارة إن الأمر بتطهير الثياب أمر حقيقى فى مجتمع صحراوى يعانى من ندرة الماء وتعد نظافة الثياب فيه من علامات النبل وحسن المظهر الذى يجعل الشخص مقبولا فى أعين القوم ص83 الخطأ الأول هو أن القوم كانوا يعيشون فى الصحراء وهو ما ينافى النص نفسه فى العديد من المواضع كقوله "والتين والزيتون وطور سنين وهذا البلد الأمين" و"حرما آمنا يجبى إليه ثمرات كل شىء" ولو كان القوم فى صحراء لا يزرعون فلماذا شرعوا تشريعات فى الحرث كما فى سورة الأنعام ""وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيبا فقالوا هذا لله بزعمهم وهذا لشركائنا فما كان لشركائهم فلا يصل إلى الله وما كان لله فهو يصل إلى شركائهم ساء ما يحكمون" فالمجتمع الذى لا يزرع لا يشرع تشريعات زراعية أى فى الحرث والمجتمع الذى فيه الأنعام دون تحديد لنوعها لا يمكن أن يكون سوى مجتمع زراعى كما أن قوله فى سورة الواقعة "أفرأيتم ما تحرثون أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون" لا يقال لأهل مكة والواقعة سورة مكية إذا كانوا يعيشون فى بيئة صحراوية والله لا يكذب فى قوله ما تحرثون فهذا يعنى أن الكثير منهم كان يعمل بالحرث وهو الزراعة قال نصر: "إن السيرة هنا تطرح سبب النزول وتحدد من ثم مكية الآيات بطريقة أكثر ارتباطا بالنص من جهة وبالواقع من جهة أخرى بل إنها تتجاوز ذلك على التعليل النابع من الإحساس بجدلية العلاقة بين الواقع والنص لقد كان تأخر الوحى نوعا من التأديب لمحمد (ص) الذى وعدهم بالرد على جهة القطع والتأكيد فى الغد دون أن يستثنى كما تقول الرواية أى دون أن يشترط المشيئة الإلهية أو نزول الوحى عليه لقد كان من شأن الوحى لو أجاب عن أسئلتهم فى الغد كما وعدهم أن يؤكد فى نفوس قومه شكوكهم فى أنه ينقل عن كتاب أو فى أن ثمة من يملى عليه ما يزعم أنه يأتيه من ربه وهى اتهامات صارحوه بها فعلا قبل ذلك فى أكثر من مناسبة ص97 الخطأ أن نصر يصدق أن الوحى انقطع عن النبى(ص) بعد السؤال عن الروح وما شاكلها تأديبا له لأنه وعد الكفار بالرد على جهة القطع والتأكيد فى الغد دون أن يستثنى وبالطبع الروايات متناقضة وغير مقنعة الموجود فى المصحف لا يذكر انقطاع الوحى إلا فى مسألة أخرى حسب الروايات أيضا وإن كان يدل عليها قوله تعالى "ما ودعك ربك وما قلى" كما أن الموجود فى المصحف يبين لنا أن النبى(ص) نفسه سأل جبريل (ص) عن مواعيد نزوله فبين له أنه لا توجد مواعيد إلا ما أمره الله بها وهو قوله تعالى "وما نتنزل إلا بأمر ربك" ومن ثم ف النبى (ص)(ص) لن يقول للقوم تلك القولة المزعومة عن الإجابة غدا لأنه سال الملاك عن ذلك وعرف منه أنه لا يوجد وقت محدد للنزول ومن ثم فالنزول يكون فى أى وقت يختاره الله حسب أمره قال نصر: "وفى حالة النص القرآنى لابد أن يتزامن سبب النزول مع النص مع حكمه أو دلالته لكن علماء القرآن أحيانا ما يلغون علاقة التلازم والتزامن الضرورية هذه بين النص والدلالة وذلك بافتراضهم امكانية أن يسبق النص الحكم بمعنى أن ينزل النص أولا فى المرحلة المكية ثم يتقرر حكمه الشرعى أو الفقهى بعد ذلك فى المرحلة المدنية ص101 وقال نصر: "إن الحقائق الامبريقية المعطاة عن النص تؤكد أنه نزل منجما على بضع وعشرين سنة وتؤكد أيضا أن كل آية أو مجموعة من الآيات نزلت عند سبب خاص استوجب نزولها وأن الآيات التى نزلت ابتداء أى دون علة خارجية قليلة جدا ص109 الخطأ فى الفقرتين أن فى حالة النص القرآنى لابد أن يتزامن سبب النزول مع النص مع حكمه أو دلالته وهو كلام يخالف النص نفسه فهناك نصوص تنزل دون سبب نزول مطلوب بشرى أو حادث من البشر ومن أمثلتها معظم إن لم يكن كل النصوص التى تبين المعلومات عن ذات الله أو عن أحداث القيامة فمثل هذه الموضوعات لا يسأل عنها البشر إلا فى النادر لأن ما يهمهم هو أحكام العلاقات بينهم فى المقام الأول وقال نصر: "إن ما ترويه السيرة عن كيفية تعليم جبريل للنبى الوضوء والصلاة معا بطريقة عملية هو الأقرب إلى تصور مفهوم شامل للنص الدينى ذلك أن القرآن لم يتضمن كيفية الصلاة ولا عدد الركعات ولا تحديد الفروض من النوافل وإنما أشار إشارة مجملة إلى فرض الصلاة وإلى وجوبها وفى مثل هذا التصور لا يتخلف النص عن الحكم بل يكون النص مقارنا للحكم ومتزامنا معه ومع ذلك فآية سورة المائدة محل الخلاف ليست نص فى الوضوء بل هى نص فى التيمم بمعنى أن ذكر الوضوء فيها ليس مقصودا لذاته بلا جاء توطئة لذكر التيمم وهو محور الموقف الذى نزلت الآية استجابة له ص103 الخطأ هنا هو أن القرآن لم يتضمن كيفية الصلاة ولا عدد الركعات ولا تحديد الفروض من النوافل وإنما أشار إشارة مجملة إلى فرض الصلاة وإلى وجوبها وهو ما يناقض أن الصلاة فى القرآن موجودة بالتفصيل كما قال تعالى " وكل شىء فصلناه تفصيلا"والمصحف موجود به تفاصيل الصلاة ولكنها تخالف الصلاة المعروفة حاليا وقال نصر: "ومن السهل أن نحدد أن هذه الآية مدنية وليست مكية استنادا إلى طولها البالغ إذا قورن بقصر الآيات الأخرى فى السورة ذاتها لأن السورة كلها عشرون آية تتكون الآية الواحدة من بضع كلمات ولا تزيد عن ست كلمات بينما هذه الآية وحدها تكاد أن تبلغ أكثر من ثلث حجم السورة كلها هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فالسورة كلها باستثناء هذه الآية فيها حرص على الفاصلة وهى اللام الممدودة التى تتحول إلى ميم ممدودة فى الآيتين12و13ص105 الخطأ أن من السهل أن نحدد أن هذه الآية مدنية وليست مكية استنادا إلى طولها البالغ بالقطع الطول والقصر ليس مقياسا لكون الآية مدنية أو مكية فمن الآيات المكية ما هو طويل كما فى آيات من سور المصحف الأنعام والنحل ويونس ومنها : "ألم يروا كم أهلكنا من قبلهم من قرن مكناهم فى الأرض ما لم نمكن لكم وأرسلنا السماء عليهم مدرارا وجعلنا الأنهار تجرى من تحتهم فأهلكناهم بذنوبهم وأنشأنا من بعدهم قرنا أخرين" "وذر الذين اتخذوا دينهم لعبا ولهوا وغرتهم الحياة الدنيا وذكر به أن تبسل نفس بما كسبت ليس لها من دون الله من ولى ولا شفيع وإن تعدل كل عدل لا يؤخذ منها أولئك الذين أبسلوا بما كسبوا لهم شراب من حميم وعذاب أليم بما كانوا يكفرون" "ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو قال أوحى إلى ولم يوح إليه شىء ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله ولو ترى إذ الظالمون فى غمرات الموت والملائكة باسطوا أيديهم اخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير الحق وكنتم عن آياته تستكبرون"
وهو الذى أنزل من السماء ماء فأخرجنا به نبات كل شىء فأخرجنا منه خضرا نخرج منه حبا متراكبا ومن النخل من طلعها قنوان دانية وجنات من أعناب والزيتون والرمان مشتبها وغير متشابه انظروا إلى ثمره إذا أثمر وينعه إن فى ذلكم لآيات لقوم يؤمنون" "هو الذى يسيركم فى البر والبحر حتى إذا كنتم فى الفلك وجرين بكم بريح طيبة وفرحوا بها جاءتها ريح عاصف وجاءهم الموج من كل مكان وظنوا أنهم أحيط بهم دعوا الله مخلصين له الدين لئن أنجيتنا من هذه لنكونن من الشاكرين" "ولا تكونوا كالتى نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا تتخذون أيمانكم دخلا بينكم أن تكون أمة هى أربى من أمة إنما يبلوكم الله له وليبينن لكم يوم القيامة ما كنتم تختلفون" وقال نصر: "النص لا يتم عبر طفرة بلا هو تحول تدريجى لذلك قد نجد فى النصوص المكية ما يمكن أن يكون دالا على تطور لاحق فى المرحلة المدنية وفى هذا الصدد يشير العلماء إلى قوله تعالى " الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم" وهى آية مكية باتفاق لكنها تتضمن من الألفاظ ما صار ذا دلالة شرعية فى المرحلة المدنية مثل كبائر الإثم التى تعنى كل ذنب عاقبته النار ومثل الفواحش التى تعنى كل ذنب فيه حد واللمم وهو ما بين الحدين من الذنوب لكن هذه الدلالات الجديدة لم يكن يمكن اكتشافها فى النص إلا من خلال النص ذاته فى تفاعله مع حركة الواقع حيث يطور النص اللغة لكى تلائم هذه الحركة هذا بالإضافة إلى أن اكتشافها من النص لا يتم إلا من خلال القارىء والمفسر ص108 الخطأ ان فى النصوص المكية ما يمكن أن يكون دالا على تطور لاحق فى المرحلة المدنية وهو كلام يصدق على الأخبار وليس على الأحكام كما فى قوله تعالى " سيهزم الجمع ويولون الدبر" وأما الآية الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم" وهى آية مكية باتفاق لكنها تتضمن من الألفاظ ما صار ذا دلالة شرعية فى المرحلة المدنية مثل كبائر الإثم فلا علاقة لها بالمرحلة المدنية لأن آية عامة فى الكل مكى ومدنى فهى قاعدة عامة كما يقال وأما تفسير اللمم وهو ما بين الحدين من الذنوب فهى تفسير بعيد عن الواقع فالمراد باللم هو الذنوب القليلة التى يرتكبها المسلم فيتوب منها وليس ما بين الحدين من الذنوب وقال نصر: "والحقيقة أنه لم يكن ثمة نزول مجمل للنص من مكان إلى آخر وراء عالم الأرض عالم الوقائع والجزئيات وذلك أن مثل هذا التصور لا تعارضه الآية محور النقاش فقط بل يعارضه النسخ وإزالة حكم النص ومنطوقه وصيغة الماضى الواردة فى الآية محور النقاش صيغة دالة بحقيقتها من حيث ابتداء النزول أولا ومن حيث الموقف الاتصالى حال الاتصال كما ورد فى الفصل السابق ص115 وقال نصر: "لم يناقش العلماء ما تؤدى إليه ظاهرة نسخ التلاوة أو حذف النصوص سواء بقى حكمها أم نسخ أيضا من قضاء كامل على تصورهم الذى سبقت الإشارة إليه لأزلية الوجود الكتابى للنص فى اللوح المحفوظ وإذا كان "ما نزل من الوحى نجوما جميعه فى أم الكتاب وهو اللوح المحفوظ كما قال "فى كتاب مكنون لا يمسه إلا المطهرون" فإن نزول الآيات المثبتة فى اللوح المحفوظ ثم نسخها وإزالتها من القرآن المتلو ينفى هذه الأبدية المفترضة الموهومة"ص148 وقال نصر: "والذى لا شك فيه أيضا أن فهم قضية النسخ عند القدماء لا يؤدى فقط على معارضة تصورهم الأسطورى للوجود الخطى الأزلى للنص بل يؤدى أيضا إلى القضاء على مفهوم النص ذاته ص152 الفقرات الثلاثة تحتوى على خطأ مشترك وهو اعتبار وحى القرآن جملة واحدة من الله للسماء أسطورة اى فرية اى كذبة وهو ما يعنى تكذيب قوله تعالى" إنا أنزلناه فى ليلة القدر" وقوله تعالى " شهر رمضان الذى أنزل فيه القرآن" وقوله "إنا أنزلناه فى ليلة مباركة" فالنزول أو الوحى الكلى طبقا للنص موجود وقال نصر: "إن الوقائع لا نهاية لها والواقع فى حالة حركة مستمرة سيالة ولكن النصوص من جهة أخرى محدودة وإن كانت قادرة على استيعاب تلك الوقائع بحكم قدرة اللغة على التعميم والتجريد إن استيعاب النصوص للوقائع الجديدة لابد أن يستند على دوال أما فى بنية النص وأما فى السياق الاجتماعى لخطابه أى فى أسباب النزول وقد أدرك عمر بن الخطأ ب حكمة التشريع الذى يعطى للمؤلفة قلوبهم نصيبا من الزكاة لا من بنية النص نفسه بل من السياق العام للنص فأدرك أن حكمة هذا التآليف تقوية للإسلام الذى كان ضعيفا ومع قوة الإسلام وسيطرته على الجزيرة العربية وامتداده إلى ما ورائها لم يعد ثمة حكمة فى إعطاء جزء من الزكاة لمن لا يستحقها وداخل هذا الفهم يستقر فهم أخر للحكمة من فرض الزكاة على الأغنياء والقادرين واعطائها للفقراء والمحتاجين للفقراء والمحتاجين وبنفس الفهم من جانب عمر لحكمة فرض حد السرقة لم يقم هذا الحد على العبدين اللذين سرقا من سيدهما الذى كان يجيعهما وهدده ابن الخطأ ب السيد نفسه بقطع يده لو عاد العبدان للسرقة مرة أخرى ص117 الخطأ الأول هو أن المؤلفة قلوبهم الغرض من اعطاءهم الزكاة هو تآليف قلوبهم على الإسلام والمؤلفة قلوبهم ليسوا الكفار الذين أسلموا حديثا ويراد تآليف قلوبهم على الإسلام كما معروف وشائع فهذا التعريف ينكره النص القرآنى فمال الدنيا كله لا يؤلف قلبى على الإسلام كما قال تعالى "هو الذى أيدك بنصره وبالمؤمنين وألف بين قلوبهم لو أنفقت ما فى الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم" ومن ثم فالمؤلفة قلوبهم هم صنف أخر وهم المجانين أى المركبة نفوسهم تركيبا غير سوى والخطأ الثانى أن نصر فهم النص المروى فى حكاية السرقة فهما خاطئا فالعبيد لا يقطعون بل يقطع سيدهم لأنهم شضركاء لهم فى المال ومن ثم فهو من سرقهم لأنه سلبهم حقهم الذى أوجبه الله لهم فى المال فقال ""والله فضل بعضكم على بعض فى الرزق فما الذين فضلوا برادى رزقهم على ما ملكت أيمانهم فهم فيه سواء أفبنعمة الله يجحدون" فالسيد يرد أى يقسم المال بينه وبين ملك يمينه بالعدل وإذا لم يفعل فهو جاحد أى كافر حتى يتوب بقسمة المال بينه وبينهم بالعدل وقال نصر: "والمثال الذى يطرحه العلماء لهذا النمط هو خلاف رواية ابن مسعود عن رواية ابن عباس فى سبب نزول قوله تعالى "ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربى وما أوتيتم من العلم إلا قليلا" وقد سبقت لنا مناقشة هذا المثال فى المكى والمدنى وبينا هناك أن الصحيح ليس رواية ابن مسعود رغم أنه حسب روايته حضر نزول الوحى بالآيات وهو أمر أدى إلى افتراض نزول الآية مرتين مرة فى مكة ومرة فى المدينة ص126 مشكلة نصر هنا هو أن يعتمد فى الفهم على الروايات وليس على النص ذاته فالمفترض هو أن يحكم النص فى الروايات لا أن يطبق الروايات على النص لأن معظم الروايات تخالف النص القرآنى فى جزئية ما أو عدة جزئيات مما يعنى كونها رواية كاذبة لم تحدث ولم توجد وقال نصر: "ولعلنا من هذا السياق نفهم أن الآية فى النص السابق التى يقع عليها النسخ أو النسيان ليس من الضرورى أن تكون بمعنى الوحدة الأساسية فى النص الآية القرآنية ولعل المقصود بها المعنى اللغوى للآية بمعنى العلامة الدالة ويؤكد هذا الفهم من جانبنا الحديث عن ملك السموات والأرض أولا ثم الحديث عن طلب طلبه أهل الكتاب والمشركون ص132 الخطأ هنا هو أن الآية المذكورة فى آية الإنساء قد تكون بمعنى العلامة وليس الآية كلها وهو كلام بعيد عن الحقيقة فالإنساء يعنى الترك وليس المحو فالآيات على نوعين حيث بين الله لنبيه (ص)أن القرآن قسمين قسم منه منسوخ أى مبدل حيث يضع الله حكم مكان حكم أخر وكلاهما ثابت فى القرآن ومنه قسم منسى أى متروك دون تغيير أى تبديل وهذا هو معنى قوله تعالى "ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها" وقال نصر: "إن الأحكام الشرعية أحكام خاصة بالبشر فى حركتهم داخل المجتمع ولا يصح اخضاع الواقع لأحكام وتشريعات جامدة لا تتحرك ولا تتطور ص135
الخطأ أن الأحكام الشرعية أحكام خاصة بالبشر فى حركتهم داخل المجتمع والحق أن العديد من الأحكام الشرعية لا يتعلق بالمجتمع البشرى فالأحكام الخاصة بالله والرسل والغيبيات لا علاقة لها بالبشر ومعاملاتهم فهى معاملة داخل الفرد يعتقدها ويعمل بناء عليها أعمال لا تخص الآخرين مثل الصلاة الفردية والدعاء وقال نصر إن ما يقوله ابن خلدون هنا عن اتحاد الدليل والمدلول يمكن التعبير عنه أخرى بالقول أن صدق الوحى لا يحتاج على دليل أخر خارجه بل الوحى ذاته بتضمن الدليل على صدقه وإذا كانت الدعوات والرسالات السابقة احتاجت إلى دليل يؤكد صدق الوحى دليل خارجى يتمثل فى وقوع فعل خارق للعادة على يد النبى (ص)فإن الدعوة والرسالة فى حالة الإسلام لم تكن بحاجة لمثل هذا الدليل الخارجى ص156 الخطأ الأول أن الرسالات السابقة احتاجت إلى دليل يؤكد صدق الوحى دليل خارجى يتمثل فى وقوع فعل خارق للعادة على يد النبى (ص) فالرسالات لا تحتاج لمعجزات لأنها واحدة فى كل العصور كما قال تعالى "ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك" ومن ثم فنصوص الوحى ثابتة بنسبة تزيد على التسعة والتسعين فى المائة فى الأحكام ومن ثم فتشابه الرسالات بين كل الرسل (ص) يعنى أنها كلها لا تحتاج لشىء خارجى ولكنه حكم من الله قضى بأن يعطى الناس المعجزات ليصدقوا الرسل (ص) فكذبوا بها عدا قوم يونس(ص) ولذا رفع الله المعجزات فى عهد النبى (ص)(ص) فقال "وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون" الخطأ الثانى وقوع المعجزة أى الخارقة على يد النبى (ص)وهو كلام يخالف أن المعجزات كثير منها لم يكن النبى (ص)فى وقته مشاركا فيها فمثلا الغمام على بنى إسرائيل لا يد لموسى)ص) فيه وكذلك المن والسلوى ومثلا إبراد النار على إبراهيم(ص) لا يد لإبراهيم(ص) فيه وقال نصر: "الشاعر معبر عن القبيلة ومحمد (ص) مبلغ لرسالة والشعر نص يحقق مصالح القبيلة فى مهاجاة أعدائها ونصرة حلفاءها أو فى مدح رجالها وزعمائها والقرآن نص يستهدف اعادة بناء الواقع وتغييره إلى الأفضل من هنا كان التشديد على أن محمد (ص) ا ليس شاعرا أو كاهنا أو ساحرا وعلى أن القرآن ليس بشعر ص158 الخطأ أن الشعر نص يحقق مصالح القبيلة فى مهاجاة أعدائها ونصرة حلفاءها أو فى مدح رجالها وزعمائها وهو ما يخالف أن الشعراء كانوا يقولون ما لا يفعلون ويقولون فى أى موضوع وهو قوله تعالى""والشعراء يتبعهم الغاوون ألم تر أنهم فى كل واد يهيمون وأنهم يقولون ما لا يفعلون " فالشعر هو تعبير عن الشعراء وليس عن قبائلهم وهم متبوعون وليسوا تابعين للقبيلة لأن الغاوون ينبعون اى يطيعون كلامهم وقال نصر: "ولقد أدرك المسلمون الأوائل أن النص غير منعزل عن الواقع ومن ثم لم يجدوا حرجا فى فهم النص على ضوء النصوص الأخرى خاصة الشعر وكان المبدأ منذ المحاولات الأولى للتفسير إذا تعاجم عليكم شىء فى القرآن فعليكم بالشعر فإن الشعر ديوان العرب ص160 الخطأ أن المسلمين الأوائل عرفوا أن النص غير منعزل عن الواقع ومن ثم لم يجدوا حرجا فى فهم النص على ضوء النصوص الأخرى خاصة الشعر وهم كلام لا أساس لهم وهو مخالف للنص نفسه فالمسلمون الوائل فهموا النص بناء على الذكر وهو التفسير المنزل على النبى(ص) ليبين لهم المنزل الأول وهو القرآن وفى هذا قال تعالى "وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم" وعبر الله عن ذلك بأنه فصله لهم تفصيلا أى بينهم له تبيانا لا يحتاج لتوضيح فقال "وكل شىء فصلناه تفصيلا" ومن ثم فالأوائل لم يحتاجوا لشعر ور لغيره ليفهموا مراد الله وقال نصر: "لاشك أن من أهم الفروق الأسلوبية بين القرآن المكى والقرآن المدنى هو مراعاة الفاصلة بين الآيات وهى مراعاة تؤكد تماثل النص مع النصوص الأخرى فى الثقافة ص161 الخطأ أن أهم الفروق الأسلوبية بين القرآن المكى والقرآن المدنى هو مراعاة الفاصلة بين الآيات وهو كلام غير واقعى فمن يراجع بعض السور المكية كسورة الأنعام لا يجد مراعاة للفواصل كما فى الآيات 14و15و16و17 فالفاصلات ن م ن ر وهى: "قل أغير الله أتخذ وليا فاطر السموات والأرض وهو يطعم ولا يطعم قل إنى أمرت أن أكون أول من أسلم ولا تكونن من المشركين 14قل إنى أخاف إن عصيت ربى عذاب يوم عظيم15 من يصرف عنه يومئذ فقد رحمه وذلك الفوز المبين16وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يمسسك بخير فهو على كل شىء قدير وهو القاهر فوق عباده وهو الحكيم الخبير17" وأيضا الآيات 66و67 ل ن وهى : ""وكذب به قومك وهو الحق قل لست عليكم بوكيل66 لكل نبأ مستقر وسوف تعلمون67" والسور المكية الكبرى وغيرها لا نجد الفاصلة واحدة بل متعددة وإن كان الغالب هو أنها تنتهى بحرف النون ولكن تجد فواصل متنوعة كالميم وهى الأكثر بعد النون والراء وغيرهم وقال نصر: ولقد تم فهم المحكم على أساس أنه الواضح البين الذى لا يحتاج إلى تأويل كما فهم المتشابه على أساس أنه الغامض الذى يحتاج إلى تأويل ص200 الخطأ كون المحكم الواضح البين الذى لا يحتاج إلى تأويل والمتشابه الغامض الذى يحتاج إلى تأويل وهو يخالف منطوق الاية نفسها فالكل فيها واضح وهى : "هو الذى أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين فى قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون فى العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا" والسؤال كيف يفتن القوم الناس وهم لا يعرفون معنى المتشابه ؟ الفتنة غرضها الإضلال وكى تضل الناس عن المعنى الصحيح لابد أن تكون عارفا به حتى تبين للناس معنى غيره يبعدهم عن الحق وتفسير الآيات هو : قوله"هو الذى أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات"يفسره قوله تعالى بسورة الكهف"واتل ما أوحى إليك من ربك"فالكتاب يعنى ما أوحى الله والمعنى هو الذى أوحى لك القرآن وتفسيره منه أحكام مفروضات هن أصل الحكم وأحكام مماثلات،يبين الله لرسوله(ص)أنه هو الذى أنزل له الكتاب والمراد الذى أوحى إليه الوحى الذى ينقسم إلى آيات محكمات أى أحكام واجبات الطاعة هن أم الكتاب أى أصل الحكم وآيات متشابهات أى وأحكام مماثلات لها ليست واجبة الطاعة الآن وهى الأحكام المنسوخة ،وقوله"فأما الذين فى قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله"يعنى فأما الذين فى نفوسهم كفر فيقصدون الذى تماثل منه طلبا للوقيعة وطلبا لتفسيره،يبين الله أن الذين فى قلوبهم زيغ أى الذين فى نفوسهم مرض هو التكذيب لحكم الله يتبعون ما تشابه منه والمراد يطيعون الذى تماثل منه وهو المنسوخ وأسباب طاعتهم للمنسوخ هى ابتغاء الفتنة وابتغاء التأويل والمراد طلبا لإحداث الخلاف بين المسلمين وطلبا للتفسير الصحيح للوحى حتى يقدروا على قلب الحق باطلا ،وقوله"وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون فى العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا "يعنى وما يعرف تفسيره إلا الله والثابتون فى المعرفة يقولون صدقنا به الجميع من لدى الله ،يبين الله لنا أن تأويل الآيات وهو تفسيرها التفسير الصحيح لا يعلم به أى لا يعرفه سوى الله والراسخون فى العلم وهم الثابتون فى المعرفة أى أهل الذكر ولا يمكن أن يعلم الله وحده بالتفسير لأن الأمر لو كان كذلك فمعناه أن كل الرسل(ص)والفقهاء كانوا جهلة لا يعرفون تفسيره وهو ما لا يقول به عاقل وقال نصر: "وفى القرآن نجد مستويات لغوية مختلفة تتراوح بين الإعلام الخالص وهى نصوص قليلة جدا وبين اللغة الأدبية المكثفة الدلالة لآلياتها الخاصة ص212 حكاية المستويات تتعارض مع قوله تعالى "وكل شىء فصلناه تفصيلا"فالتفصيل التام لا يجعل هناك مستويات لأن الغرض منه أن يفهم الكل مراد الله واضحا والسبب فى القول فى المستويات هو أن التفصيل الإلهى الذى كان معروفا لدى الأوائل حرص الكفار الذين هدموا دولة المسلمين الأخيرة على إبعادنا عنه حتى يدخلونا فى متاهة التفسيرات المتعددة التى تجعل خلافنا لا ينتهى وقال نصر : "ولم تكن ظاهرة الغموض بالنسبة للجيل الأول من المسلمين قاصرة على الألفاظ الغريبة بل كانت تتجاوز ذلك إلى مستوى التراكيب ولذلك احتاج النص فى هذه المرحلة المبكرة إلى التفسير فى بعض أجزائه ص206 نفس الخطأ وهو وجود غموض بالوحى وهو ما يخالف قوله تعالى "وكل شىء فصلناه تفصيلا" وقال نصر : "والتمسك بهذا التفسير بوصفه التفسير الوحيد الصحيح استنادا إلى سلطة القدماء يؤدى إلى ربط دلالة النص بالأفق العقلى والإطار الثقافى لعصر الجيل الأول من المسلمين وهذا الربط يتعارض تعارضا جذريا مع المفهوم المستقر فى الثقافة من أن دلالة النص تتجاوز حدود الزمان والمكان ص251
حكاية التفسيرات المتعددة والتى تكون صحيحة كلها هو ضرب من الجنون والخطأ هو كون تفسير القدماء هو التفسير الصحيح فى تفسير صحيح إلا التفسير الإلهى المنزل على الرسول(ص) فهذا هو التفسير الذى يجب السعى للعودة لله مصداق لقوله تعالى "وما اختلفتم فيه من شىء فحكمه إلى الله " والطريق الوحيد لمعرفته هو الوصول للكعبة الحقيقية التى بها القرآن كاملا وتفسيره الإلهى الذى لا يدع شاردة ولا واردة إلا وفصلها تفصيلا لا يختلف عليه اثنين وإلا سنظل مختلفين حتى يوم القيامة