هنادة الحصري
في الحرب العالمية الثانية حاصر الألمان مدينة ليننجراد برا وبحرا وجوا وكانت هناك تعليمات صريحة بعدم الأقتراب من مدرسة الباليه .. المدرسة تضم 200 طفلة ..
وابتعد الألمان عن هذه المدرسة .. بل أن الألمان كانوا يحملون للتلميذات الصغيرات الفيتامينات و البطانيات التي ترسلها بريطانيا مع أنها حرب لا تعرف الرحمة ... ولكن هذه الحرب لا تقضي على الحضارة لا تقضي على الفن.
ففرنسا أعلنت باريس مدينة مفتوحة ، وايطاليا أعلنت روما مدينة مفتوحة "أي تدخلها القوات المعادية دون اطلاق رصاصة واحدة" وذلك خوفا على أثارها ومتاحفها في الشوارع والميادين .
وفي اثناء الحرب كان هناك اتفاقا بين بريطانيا وألمانيا على عدم قصف جامعتي أكسفورد وكمبرديج في انجلترا وجامعتي بتبجن و هميولت في ألمانيا وقد أحترم المتحاربون هذه الاتفاقيات التي تدل أنه رغم وخشية القتال فان أحدا لم يبلغ به الانحطاط أن يهدم مدرسة أو جامعة.
وانتهت الحرب وبقيت مدرسة الباليه وكذلك أعظم متحف في الدنيا متحف الأرميتاج والذي يضم 4 ملايين لوحة أصلية .. حتى أمريكا كانت تبعث عن طريق الصليب الأحمر طعاما وملابس لراقصات المستقبل.
ولم يتساءل أحد اثناء الحرب أو بعدها : لماذا أبقى الألمان على هذه المدرسة بمن فيها من مئات الفنانات الصغيرات ؟ لا أحد نطق بهذا السؤال لأنه من البديهيات احترام الفن وحضارة الانسان وروعة الطفولة وجمال الأداء .. ولم يتلق الألمان شكر من أحد على ذلك .. لأنه لا شكر على واجب انساني مقدس فليست الفتيات الفنانات طرفا في الصراع بين النازية والشيوعية.
أنهن فوق كل صراع .. ولذلك فقد أنهزم المتحاربون وانتصر الفن والجمال.
أحزنني حالنا ...............