معبر رفح والعدوان وقانون القومية/ مصطفى ابراهيم
مفارقة غريبة كيف تمكن الجيش المصري في حرب أكتوبر/ تشرين أول من عبور قناة السويس واجتياح خط بارليف الحصين وتدميره في أقل من ست ساعات، بينما رحلة سفر الفلسطينين من غزة الى القاهرة أو العودة اليها عبر معبر رفح تمتد من يومين الى أربعة ايام والمفروض ان تستغرق الرحلة في أسوء حالاتها 7 ساعات، هي طريق الآلام المسكوت عنها التي يسلكها الفلسطينيون على درب المسيح من قطاع غزة من غزة الى القاهرة والعكس في انتظار الفرج وفكفكة أزمات غزة السياسية والانسانية. المعاناة التي تصاحب المسافرين وجميعهم اصحاب حاجات من مرضى وطلاب حيث ان عدد المسافرين يوميا منذ فتح معبر رفح قبل ثلاثة اشهر لا يتجاوز الـ 250 مسافر يومياً والعائدين لا يتجاوز عددهم الـ 100، في أحسن الأحوال، أحاديث الناس في الصالونات المغلقة وما يلاقونه من معاملة قاسية وارهاق وخوف، والمبيت على المعدية والحواجز الأمنية.
طريق الآلام يسلكها الفلسطينيون يومياً وغزة لها النصيب الأكبر في السير في هذه الطريق ومن غير الواضح خط سيرها ونهايتها، فهي طويلة وقاسية بقسوة معاناتهم المستمرة منذ 70 عاما وتجلت فظاعتها منذ 12 عاما وهم معلقون بين الأرض والسماء، من حصار إسرائيلي وإنقسام فلسطيني بغيض، وعدوان إسرائيلي غاشم يأخذ أشكالاً مختلفة.
انتهت جولة التصعيد العسكري الإسرائيلي مساء الجمعة، ولم تنتهي هواجس الفلسطينيين في القطاع ويقينهم أن جولة جديدة قادمة، عدوان مستمر من دون أن تحقيق أو حسم الأهداف المرجوة منها سواء إسرائيليا أو فلسطينيتيناً إن كان هناك اهداف إستراتيجية اصلاً.
ودار سجال ولا يزال حول عدم اعتراف دولة الاحتلال بعدم وجود إتفاق حول التهدئة، وظلت تكابر بعناد وعنجهية الا انها اضطرت للاعتراف بالموافقة على قبول التهدئة ووقف إطلاق النار، على إثر وساطة مصرية وأممية، غير ان نتنياهو ووزراء ومسؤولين إسرائيليين ظلوا يرددوا انهم سيطلقون النار على أي حادث فلسطيني يقع على الحدود، يعني أن التهدئة لا تزال هشة وعودة التصعيد في كل لحظة، وفي انتظار المفاوضات التي تجريها حماس لتثبيت التهدئة وما تتناقله وسائل الاعلام عن المصالحة وتهدئة طويلة.
وعلى الرغم من النقد الشديد والتحريض والضغط الذي تمارسه المعارضة على نتنياهو وحكومته، الا ان الفصائل الفلسطينية في القطاع، لا تزال تراهن على التصريحات الاسرائيلية عدم رغبة نتنياهو وحكومته شن عدوان جديد خشية من تورطها في غزة.
الفلسطينيون مختلفون في السياسة وإدارة شؤونهم العامة، وغياب أي خطط واضحة بأهداف وشعارات محددة لمقاومة الاحتلال وسياساته، وهم مشتتون ومختلفين في برامجهم، وكل منطقة مهتمة أزماتها. غزة تعاني الحصار والانقسام والمشكلات والظواهر الاجتماعية السلبية من العنف وغيرها وهي للأسف اصبحت سمة في جميع مناطق التجمعات الفلسطينية في الضفة وغزة وبين فلسطيني الداخل الذين يقاومون على جميع الصعد وحدهم وجاء قانون القومية اليهودي ليكشف ساعة الحقيقة انهم وحيدين وغير موحدين وتركناهم يقاوموا وحدهم حت من تظاهرات تضامنية لم نساندهم، وإن تظاهروا بالألاف ضد القانون الا انهم مختلفون.
القيادة الفلسطينية والفصائل وكأنهم لا يركون خطر القانون وهو الأشد فتكاً بالفلسطينيين وتقرير مصيرهم، وتنفيذ خطط وعمليات التهجير والطرد والترانسفير، ونفيهم كجماعات كاملة واستبدالها بجماعات صهيونية مهاجرة، فهو قانون عنصري إحلالي يرسخ أهداف المشروع الاستعماري للقضاء على ما تبقى من هوية قومية عربية.
المقاومة الفلسطينية حق مشروع، والمعركة طويلة ومقاومتنا لا تتحقق بالضربة القاضية، مع الاحتلال فهي طويلة وليست ثأرية ورد الاعتبار مع انها اصبحت كذلك، الأهم هو كيف ومتى نتخذ القرار بالرد أو التوقف.
المقاومة في غزة لم تجرب مرة واحدة سياسة الغموض والصمت في التعامل مع الاحتلال كما يمارسه، وليس من المنصف ترديد مقولات وتصريحات على شاكلة الاحتلال هش وانه يعيش من حل من الارتباك والتخبط، وحياتنا على جميع الأصعدة سياسياً واجتماعياً واقتصادياً وكلها متخبطة وتتدحرج من بين أيدينا بفعل قراراتنا المتخبطة والمرتبكة، وصارت نمط وسلوك حياة نمارسه في جميع مناحي حياتنا ولم نتبع يوماً سياسة وطنية واضحة.