أشتات في النحو والصرف/2
(1)
نشرت مسائل ثمانية في الجزء الأول من هذا الموضوع المنشور في 3/7/2018م، على الرابط: http://www.alukah.net/literature_language/0/127842/.
وهنا أكمل بثمانية أخرى في الموضوع الذي نشر في 31/7/2018م على الرابط: http://www.alukah.net/literature_language/0/128399/
(2)
وهاكم مسائل هذا الجزء:
9- المشترك الصرفي
(المشترك اللفظي) مبحث من مباحث (فقه اللغة) تنهض عليه الاستراتيجية القرائية (المعاني المتعددة)، و(المشترك النحوي) سبق أن تحدثت عنه.
وحديثي هذه المرة عن (المشترك الصرفي)؛ فما المشترك الصرفي؟ المشترك الصرفي هو أن تدل الصيغة على أكثر من معنى صرفي أو تشترك بين أكثر من باب صرفي.
كيف؟
صيغة (فعيل) تشترك بين ستة أبواب صرفية؛ فهي تكون مصدرا كصهيل، وجمعا كحمير، وصفة مشبهة ككبير، وصيغة مبالغة كخبير، واسم مطلق كزفير، واسم مفعول كقتيل.

10- أخطاء تهدد أبوابا نحوية
إن أرادوا توكيد كلامهم فإنهم يكتبون ويقولون نتيجة الترجمة وغيرها: (بكل ما تعنيه الكلمة) و(بكل ما في الكلمة من معان) و(أعني ذلك حرفيا)، و...
ولا يعلمون أنهم يُميتون باب التوكيد الثري الذي يراعي أغراضهم المتوخاة عند إرادة التأكيد.
كيف؟
إن أرادوا رفع المجاز عن ذات أحدهم وأنهم يقصدونه فلهم أن يستخدموا (نفس، وعين)، وإن أرادوا رفع المجاز عن إرادة البعض وتأكيد إرادة العموم فلهم أن يستخدموا {(كلا وكلتا، للمثنى، (كل وجميع) للجمع}.
بل إن أرادوا تأكيد التأكيد فإن اللغة تمدهم بذلك، فلهم أن يحاكوا قوله تعالى: {فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ} [الحجر: 30]، بل إن أرادوا تأكيد التأكيد المؤكد فلهم أن يزيدوا فيقولوا: (أعني ذلك كله أَجْمَع أَبْصَع أَكْتَع أَبْتَع).
وهذه أمثلة لما يُستخدم ولما يجب أن يُستخدم:
** قل مستخدما التوكيد المعنوي: هو الوفاء نفسه أو عينه.
ولا تقل: هو الوفاء بكل ما تعنيه الكلمة، أو بكل ما في الكلمة من معان، أو حرفيا.
** قل مستخدما التوكيد اللفظي أو النعت بـ"كل" المؤذن بكمال الصفة: هو العالِم العالِم، أو العالم كل العالم.
ولا تقل: هو العالم بكل ما تعنيه الكلمة، أو بكل ما في الكلمة من معان، أو حرفيا.
11- معنى الفعل في: مفعول مطلق مؤكد لفعله
يقول الدكتور فاضل السامرائي في (معاني النحو): [يسمى النحاة المفعول المطلق في نحو (قمت بالأمر قيامًا) مؤكدًا لعامله، والعامل هنا الفعل. والحقيقة أنه في نحو هذا مؤكد لمصدر الفعل لا للفعل؛ لأن الفعل ما دل على حدث مقترن بزمن، أما المصدر فهو الحدث المجرد؛ فعندما تقول: (قمت قياما) تكون قد أكدت الحدث وحده، ولم تؤكد الحدث والزمن جميعا؛ فالمتكلم قد يحتاج إلى توكيد الفعل كله، فيكرره فيقول: قام قام محمد، فيكون قد أكد الحدث والزمن. وقد يحتاج إلى توكيد الحدث فقط، فيقول: قام محمدا قياما. وقد يؤكد الزمن الذي تضمنه الفعل دون الحدث فيأتي بالظرف المؤكد، فيقول: (قام محمد حينا)؛ فـ (حينا) مؤكد للزمن الذي تضمنه الفعل (قام)؛ لأن القيام لا بد أن يكون في حين...
قال الرضي: "المراد بتأكيد المصدر الذي هو مضمون الفعل بلا زيادة شيء عليه من وصف أو عدد، وهو في الحقيقة تأكيد لذلك المصدر المضمون، لكنهم سموه تأكيدا للفعل توسعًا؛ فقولك: (ضربت) بمعنى أحدثت ضربا، فلما ذكرت بعده (ضربا) صار بمنزلة قولك: أحدثت ضربا ضربا].
12- بين المفعول المطلق والمفعول به
(المفعول المطلق) هو المفعول الحقيقي، وكل المفاعيل عداه مفاعيل مجازا؛ لأنها مقيدة. يقول ابن هشام في (أوضح المسالك): {هذا باب المفعول المطلق أي: الذي يَصْدُقُ عليه قَوْلنُاَ "مفعول" صِدْقا غير مُقَيَّد بالجارِّ ... وأكثر ما يكون المفعول المطلق مَصْدَرا، والمصدر اسمُ الحدث الجاري على الفعل (أي المشتمل على حروفه) ...}.
لكن هناك سياقات تحتمل (المفعول المطلق) و(المفعول به) مع غلبة كفة (المفعول به) مثل "عملا" في الحديث: (إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه)، ومثل "صلاة العيد" في جملة: (صلى المسلمون صلاة العيد)؛ فهما مفعولان بهما؛ لأنهما جوابا سؤال: ماذا عمل؟ وماذا صلى؟ ولأن (المفعول المطلق) هنا لا معنى ظاهر له، لكن بعض المعربين يرونه احتمالا إعرابيا قائما؛ فهل تكون هذه السياقات من المواضع متعددة الأعاريب؟ أم هل تكون ذات وجه إعرابي واحد هو المفعول به؟ وهل هناك ضابط مرجح بينهما؟ أرى أن ما أتى في كتاب (شرح كتاب الحدود في النحو للفاكهي) للدكتور المتولي رمضان أحمد الدميري يعد ضابطا: [122 - حد {المفعول به}:هو {ما} - أى شئ - {وقع عليه فعل الفاعل} كضربت زيدا. فخرج: بقية المفاعيل؛ إذ المفعول المطلق نفس الفعل الواقع,...].
13- ترتيب مسائل بعض الأبواب النحوية
إن تعددت مسائل باب نحوي انشغل العلماء بمسألة ترتيبها كما يتضح من مسائل الأبواب الآتية:
أ- ترتيب المعارف من شرح الأشموني على الألفية
المضمر على الأصح، ثم العلم، ثم اسم الإشارة، ثم الموصول ثم المحلى، وقيل: هما في مرتبة واحدة، وقيل: المحلى أعرف من الموصول. وأما المضاف فإنه في رتبة ما أضيف إليه مطلقاً عند الناظم، وعند الأكثر أن المضاف إلى المضمر في رتبة العلم. وأعرف الضمائر: ضمير المتكلم، ثم المخاطب، ثم الغائب السالم عن الإبهام.
ب- ترتيب المفاعيل من حاشية الصبان على شرح الأشموني
فائدة: قال الصبان: قال الفارضي: إذا اجتمعت المفاعيل؛ قدم المفعول المطلق. ثم المفعول به الذي تعدى إليه الفاعل بنفسه، ثم الذي تعدى إليه بواسطة الحرف، ثم المفعول فيه الزماني، ثم المكاني، ثم المفعول له، ثم المفعول معه؛ نحو: ضربت ضربا محمدا بسوط نهارا هنا تأديبا وطلوع الشمس. والظاهر أن هذا الترتيب أولى لا واجب، ومن الخير أن يراعى تقديم الأهم والمقصود مهما كان.
ج- ترتيب التوابع من "شرح الرضى على الكافية"
واعلم أن التوابع إذا اجتمعت بدئ بالنعت، ثم بالتأكيد، ثم بالبدل، ثم بالمنسوق.
أما الابتداء بالنعت قبل التأكيد فلما مر في تعليل قولهم: إن النكرة لا تؤكد. وابن كيسان يقدم التأكيد على النعت؛ إذ النعت يفيد ما لا يفيده الأول بخلاف التأكيد.
وإنما يقدم التأكيد على البدل؛ لأن مدلول البدل غير مدلول متبوعه في الحقيقة، ومدلول التأكيد مدلول متبوعه.
وأما تقديم البدل على المنسوق فلأن البدل نسبة معنوية إلى المبدل منه، إما بالكلية أو بالبعضية أو بالاشتمال وأما بدل الغلط فنادر، والمنسوق أجنبي من متبوعه.
14- جملتا الشرط والجواب
أورد ذلك الكتاب السيار للثالث الثانوي الأزهري ص331 وص332 في باب (أنواع الشرط والجواب إن كانا فعلين) في إيضاح الأمثلة- أن جملة الشرط والجواب في محل جزم، وهذا غير صحيح؛ فجملة الشرط لا محل لها من الإعراب، وجملة الجواب لا محل لها إلا إن سبقت بالفاء أو إذا الفجائية وهناك من لا يرى جزمها في ذلك أيضا تمسكا بأنه لا يحل محلها مفرد. والذي يجزم فيهما هو الفعل إن كان مضارعا، ويكون في محل جزم إن كان ماضيا. يقول الكتاب عن المثال: (إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم): أحسن: فعل ماض مبني على السكون، والضمير فاعل، والجملة من الفعل والفاعل في محل جزم فعل الشرط. وكذلك قال عن الجواب. وكذلك كرر القول في بقية الأمثلة، لكنه في (نماذج الإعراب) ص 342 وص343 رجع عن ذلك إلى الصحيح المشار إليه في التعقيب.
15- أزمنة الفعل ونفيها
أورد الشيخ محمد أحمد عرفة في كتابه "النحو والنحاة بين الأزهر والجامعة" ص 49 في معرض تفنيده شبهة إبراهيم مصطفى التي أوردها في كتابه "إحياء النحو" عن قصور النحو في النفي- ما أورده سيبويه في كتابه في (هذا باب نفي الفعل): إذا قال: فعل- فإن نفيه "لم يفعل". وإذا قال: قد فعل- فإن نفيه "لما يفعل". وإذا قال: لقد فعل- فإن نفيه "ما فعل"؛ لأنه كأنه قال: والله لقد فعل، فقال: والله ما فعل. وإذا قال: هو يفعل أي هو في حال فعل- فإن نفيه "ما يفعل". وإذا قال: هو يفعل ولم يكن الفعل واقعاً- فنفيه "لا يفعل". وإذا قال: ليفعلن- فنفيه "لا يفعل"، كأنه قال: والله ليفعلن، فقلت: والله لا يفعل. وإذا قال: سوف يفعل- فإن نفيه "لن يفعل".
16- أزمنة الفعل من برنامج أشهى الموائد في مدينة القواعد
قدم المسلسل اللغوي (أشهى الموائد في مدينة القواعد) تأليف الدكتور مالك المطلبي- تصورا للزمن الماضي والمضارعي في الفعل العربي أورده؛ لعدم مصادفتي إياه فيما قرأت عن الزمن في الفعل العربي:
1- الماضي
أ- البعيد: كان فعل- كان قد فعل- قد كان فعل.
ب- المقاربي: كاد.
ج- غير المحدد: فعل.
الافتراضي: كان سيفعل.
د- الاستمراري: ظل.
هـ- القريب: قد فعل.
2- المضارع
أ- الحاضر المقاربي: يكاد يفعل.
ب- الحاضر الاستمراري: يظل يفعل.