حول تقليص خدمات “أونروا” والإحتجاح العاطفي الإنفعالي/ مصطفى إبراهيم
24/7/2018


استهداف وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين” أونروا” سياسي وهو استهداف للفلسطينيين وتشديد الحصار ليس في قطاع غزة فقط، إنما في جميع مناطق عملياتها الخمسة، ربما للقطاع خصوصية لأنه أكبر تجمع للاجئين الفلسطينيين و80% من سكان القطاع هم لاجئين وإسرائيل تفرض حصار مشدد عليها منذ 11 عاما، والأوضاع الانسانية في تدهور مستمر ويأتي الاستهداف في اطار ما يسمى صفقة القرن الذي يعمل على تنفيذها الرئيس الامريكي دونالد ترامب والمس بحق العودة وما تمثله اونروا من عنوان سياسي لحق عودة اللاجئين.


قضية أونروا سياسية بامتياز ويجب ان لا تقتصر الإحتجاجات علي موظفي برنامج الطوارئ المهددين بانهاء عقودهم الدائمة يعني تهديد لما يقارب الالف عائلة، وتقليص الدعم المالي لوكالة الغوث هو تشديد للحصار وتوقف برامج الطوارئ امعان في زيادة نسب البطالة وتجويع وإفقار الفلسطينيين الذين كعادتهم في مقاومة أزماتهم تقتصر على الفئات المتضررة وتبقى الاحتجاجات آنية وفئوية، بمعنى انها تعبير واحتجاج فئة بعينها من المجتمع، وكأننا في دولة نطالب فيها البلدية بتقديم خدماتها وبترقيع الشوارع ورصفها.
الإحتجاجات حتى الأن انفعالية وعاطفية ويتم تخصيص مقاومة أزمة وكالة الغوث، مع أن أزمة الوكالة أعمق من أن تكون أزمة فئات محددة خاصة وأن الموظفين تركوا وحدهم وكأنهم يدافعوا عن ازمة الوكالة برمتها ومواجهة قرار الرئيس الأمريكي بتقليص الدعم المالي لها.
توصيف ما يجري مع أزمة الوكالة هو توصيف لحالتنا الوطنية العامة وأزمتنا المستفحلة وقضيتنا الوطنية ومقاومتنا لكل ما يجري بشكل عاطفي انفعالي شعاراتي، في غياب العقلانية، وترك الموظفين يقودوا احتجاجاتهم والاستفراد بهم في محاولة من الوكالة تقليص برامجها الطارئة للخروج من ازمتها، كما حدث مع سابقاتها مثل ازمة المهندسين حتى نسي الناس ان هناك خدمات تم تقليصها خلال السنوات الماضية.
الاحتجاج السلمي الذي بدأه الموظفين المهددين بالفصل حق مشروع وما جرى بالأمس من احتجاج انفعالي عاطفي يعبر عن شعبوية الفصائل الفلسطينية العاجزة وإختبائها عن القيام بأي فعل وطني حقيقي لإنهاء ازماتنا وترك الموظفين يقودوا احتجاجهم وحدهم، والأدهى أن تقوم الفصائل والنقابات الممثلة للموظفين بقيادة حوار مع مدير عمليات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين ماتياس شمالي بعد إتخاذ القرار وكل ما قاموا به هو اصدار التهديد والوعيد وان شمالي شخص غير مرحب به في غزة ومنعه من مغادرة مكتبه.
المشكلة أن القيادة الفلسطينية والفصائل بما فيها حركتي فتح وحماس جميعهم يقودوننا من خلال شعارات شعبوية وردود عاطفية انفعالية وبخطاب غير عقلاني، من دون النظر للسياق التاريخي لأزمة أونروا في مخيمات لبنان البداوي ونهر البارد واليرموك في سورية، وتراجع الخدمات وتقليصها بشكل رهيب، وهي ليست مرتبطة بقرار ترامب تقليص الدعم المالي لها الذي جاء ليوضح حقيقة الخطر الذي لتصفية اونروا وتسعى إسرائيل لتصفيتها وهي مستمرة في السعي والمحاولات.
التعامل مع أزمة اونروا بوصفها أزمة بعض الموظفين وتقليص خدمات دون النظر للتحولات والمواقف التاريخية للدول المانحة وموقفها من القضية الفلسطينية استخفاف بخطورة اللحظة التاريخية، وتوجيه الاحتجاج على مدير عمليات اونروا وتحميله المسؤولية وحده عن التقليصات قصر نظر. من دون اتخاذ مواقف سياسية على مستوى القيادة الفلسطينية والفصائل ومواجهة القرارات التي تتخذها اونروا وهي قرارات مفصلية مستندة لقرار ترامب الخطير بتقليص دعم أونروا، والتعامل معه بالاحتجاج والخطابات والشعارات والادوات القائمة هو تعامل ديماغوجي وعاطفي بامتياز، وترك الموظفين يقودوا الاحتجاج وحدهم يثير الشك في مواجهة قرار تدمير اونروا وتصفيتها.