رئيسة كرواتيا والحماقة العربية – إياد دويكات


لم استغرب حجم الاهتمام العربي برئيسة كراوتيا منذ انطلاق المونديال، ولم استغرب أن الأمة العربية قاطبة من المحيط إلى الخليج وبعض المغتربين العرب تلقفوا أكذوبة ما قيل عن رئيسة كرواتيا أنها باعت طيارتها الخاصة وموكب السيارات وخفضت راتبها وحسنت الاقتصاد ولغت الضرائب عن الفقراء. هذه هي حال أمتنا، نكذب الكذبة ونصدقها ونريد للآخرين أن يصدقوها ونلعن جدهم الأول إن حاولوا مجرد التحقق من صحتها.


أحبتي أبناء أمتي المجيدة: لم أقرأ في وسط هذا الزحام والتسابق المحموم نحو نشر أكذوبة الرئيسة تعليقا واحدا أو ملاحظة انفعالية أو عقلانية تقول دعونا نتأكد من مصدر المعلومات. قررت أن أبحث عن الحقيقة فوجدت أن كل ما ذكر في هذا الموضوع هو مجرد هراء لا أساس له من الصحة. قرأت عن سيادة الرئيسة الكثير ولم أجد حرفا واحدا يرتبط بما قيل عن فضائلها! كل ما وجدته عن موضوع السيارات تحديدا أنها تعرضت للتحقيق من قبل وزارة الخارجية الكرواتية حين كانت سفيرة بلادها إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وكانت تهمتها وقتذاك تسهيل عملية استخدام زوجها لسيارة السفارة بدون مسوغ قانوني، استخدم زوجها سيارة السفارة الفارهة لأغراض شخصية واستخدمت هي سيارة السفارة من نوع تويوتا الشعبية لأغراض العمل. تمت إدانتها في لجنة التحقيق ودفعت تكاليف استخدام زوجها لسيارة الدولة وتم إغلاق الملف بهدوء.


فيما يخص الطائرة الرئاسية، فإن سيادة الرئيسة لا تملك صلاحية بيع طائرات الدولة ولا صلاحية شرائها، وما كتب عن صفقات بيع او شراء طائرات لكرواتيا هو فقط شراء كرواتيا سرب طائرات إف 16 مستهلكة من إسرائيل بداية هذا العام بمباركة أمريكية بريطانية بسعر نصف مليار دولار، الاتفاق النهائي على الصفقة تم في سويسرا على هامش منتدى دافوس بين نتانياهو ورئيس وزراء كرواتيا صاحب الصلاحية في هذا الأمر.


الانتعاش الاقتصادي والنمو البطيء نسبيا في السنوات الأخيرة في اقتصاد بلد الحسناء سببه انضمام كرواتيا للاتحاد الأوروبي في العام 2013 وما ترتب عليه من تحسن في البيئة التشريعية والاستثمارية والسياسية والقضاء على الفساد على طريقة الاتحاد الأوروبي المشهود لها بالحد الأقصى من الشفافية والنزاهة. نضيف إلى ذلك ما تتمتع به كرواتيا ورئيستها الجميلة من رضا امريكي بدأ قبل أكثر من ربع قرن بابتعاث رئيسة المستقبل لدراسة العلاقات الدولية في الولايات المتحدة على نفقة الحكومة الأمريكية وذلك مباشرة عقب تفكك الاتحاد اليوغوسلافي الذي كانت كرواتيا واحدة من مكوناته السبعة.


إعذروني إن افسدت عليكم نشوة التباهي بشعر ابنة خالتكم، فما ترونه لا يتعدى كونه "باروكة" صنعها "حشاش" وانتشرت على الفيس بوك كالنار في الهشيم. ومن يريد منكم أن يتحقق، لا بأس بساعة من القراءة من مصادر موثوقة بدل الاعتماد على "نفايات النصوص" من مواقع التواصل الاجتماعي.