أشتات في النحو والصرف
(1)
هذه نظرات في النحو والصرف أنتجها واقع لغوي متحرك هنا وهناك في نقاشات ومقررات لغوية- تصلح موضوعات لشرائح (باور بوينت)، هي:
1- الأمثلة الخمسة لا الأفعال الخمسة.
2- المفرد .. من المشترك النحوي.
3- إعراب الفعل الماضي.
4- الجمعُ بأَلف وتاءٍ مزيدتين.
5- انفراد المجمع العلمي العراقي بقطع همزة الوصل.
6- حول (إحياء النحو).
7- الإعراب على العارية.
8- الإعلال والإبدال .. المطبخ اللغوي.
وهاكم التفصيل:
(2)
1- الأمثلة الخمسة لا الأفعال الخمسة

يشتهر مصطلح "الأفعال الخمسة" على الرغم من عدم صحته علميا، ولا يشتهر مصطلح "الأمثلة الخمسة" أي الأوزان الخمسة على الرغم من صحته. لماذا؟ لأن دلالة الأول أن "الأفعال الخمسة" هي خمسة أفعال بعينها كالأسماء الستة المحصورة في ستة أسماء لا تتعداها إلى غيرها، وهذا غير صحيح؛ فهي أفعال لا حصر لها. أما "الأمثلة الخمسة" فهو المصطلح الصحيح؛ لأنه يحصر الحالات الخمس لكل فعل مضارع أسند إلى "ألف الاثنين أو الاثنتين" ذوَيْ الحالتين: المخاطب والغائب، وواو الجماعة ذات الحالتين: المخاطب، والغائب. وياء المخاطبة ذات الحالة الواحدة المخاطبة، وبذا تكتمل الحالات خمسة. مثال: الأمثلة الخمسة للفعل "يقصد": ** ألف الاثنين أو الاثنتين: أنتما تقصدان - هما يقصدان (1، 2). ** واو الجماعة: أنتم تقصدون - هم يقصدون (3،4). ** ياء المخاطبة: أنت تقصدين (5).

2- المفرد .. من المشترك النحوي
من أسباب (المشترك اللغوي) أن المعاني لا تتناهى وأن الألفاظ تتناهى؛ لذا يجب أن يوجد ألفاظ تدل على أكثر من معنى. لكن يَرُد هذا بعضَ ردٍّ وجود (المشترك الاصطلاحي) في العلوم التي يجب أن تتناهى معانيها؛ لأنها أمور اصطلاحية عرفية. مثل ماذا؟ مثل مصطلح (المفرد) الذي يرد في أكثر من باب نحوي، فيأخذ في كل باب معنى مختلفا. مثل ماذا؟ في أبواب الخبر والنعت والحال المفرد هو ما ليس جملة ولا شبه جملة، وفي باب اسم لا النافية للجنس المفرد هو ما ليس مضافا أو شبه مضاف، وفي بابي الإغراء والتحذير المفرد هو ما ليس مكررا أو معطوفاعليه، و...

3- إعراب الفعل الماضي
من مخطوطتي (إعراب الفعل الماضي) التي أدعو الله تعالى أن تطبع قريبا!

المحور الأول: قواعد إعرابه
تنحصر قواعد إعراب الفعل الماضي في الآتي: - الفعل الماضي مبني دائمًا. - الفعل الماضي لا محل له من الإعراب إلا غن كان شرطا أو جوابا لشرطي جازم ، أما هو مع فاعله فيكونان جملة تخضع للجمل التي لها محل أو ليس لها محل حسب السياق. - الفعل الماضي يُبنى أصالةً على الفتح الظاهر أو المقدر لتعذر الحركة إذا كان آخره حرف علة لا يتحمل الحركة، أو لعروض الضم عند الإسناد إلى واو الجماعة لمناسبتها، أو لعروض السكون عند الإسناد إلى الضمائر الرفع المتحركة منعًا من توالى أربع حركات فيما يشبه الكلمة الواحدة. - تُعرف حركة البناء بنطق آخر حروف الفعل ومعرفة حركته فتكون هي حركة البناء.

4- الجمعُ بأَلف وتاءٍ مزيدتين

قد يبدو أن هذا المصطلح لا فائدة منه، لكن من عرف أن الوهم يسود بعض المعلمين فيعلمون تلاميذهم أن "محلات، وحيوانات" وما ماثلهما من كل جمع مختوم بالألف والتاء المفتوحة لمفرد غير مؤنث يكون جمع تكسير- أدرك قيمته. ولقد صدمني ذلك، كما سيصدم كثيرا ممن سيقرأ هذه الكلمات. ولهذا البعض أنقل ما ورد بشأن هذا الجمع واسمه وأبوابه من "معجم القواعد العربية" للشيخ عبد الغني الدقر، لعله يقلع عن هذا الوهم ويعود إلى بدهيات النحو واللغة العربية. يقول الشيخ عبد الغني الدقر: الجمعُ بأَلف وتاءٍ مزيدتين: 1- هذا الجمعُ هُو الذي يُسميه أكثرُ النُّحاة "جمعَ المؤنَّثِ السَّالم" وسَمَّاه ابنُ هِشام: "الجمعُ بألِفٍ وتاءٍ مَزيدَتَيْنِ" ليَشْملَ ما جُمِعَ هذا الجمعَ منْ مُؤنَّثٍ ومُذكَّرٍ وما سَلِمَ فيه المُفْرد، وما تَغَيَّر. 2- المُطَّردُ في هذا الجَمْع: (أ) أَعلامُ الإناث من غَيْرِ تاءٍ كـ "سُعَادَ" و "مرْيَم" (إلاَّ بابَ "حَذَامِ" عند من بناه) و "هندٍ" (وتُجمع أيضاً على "هِنَد"). (ب) وما خُتِمَ بالتَّاءِ (يستثنى "امرأة وشاة وأمة وقُلة" لعبة للصبيان، وأمَّة، وشفة وملة، لعدم السماع) كـ "صَفِيَّة" و "جميلة". (ج) وما خُتِمَ بأَلِفِ التَّأْنِيثِ المَقْصُورَة أو المَمْدُودَة كـ "سَلْمى" و "صحْراء" (يستثنى فعلاء وفعلى مؤنثي أفعل وفعلان كـ "حمراء" و "غضبى". فلا يجمعان، كما لا يجمع مذكرهما جمع مذكر سالماً). (د) ومُصَغَّرُ غيرِ العاقل كـ "جُبَيل" و "جزَيء" تَقُول فيهما: جُبَيْلات وجُزَيْئات. (هـ) وَصْفُ غيرِ العَاقل كـ "شَامِخ" وصفُ جَبَل، جمعهُ شَامِخات ومَعْدُودُ وصْفِ يومٍ مثل: {أَيَّاماً مَعْدُودَات} (الآية "184" من سورة البقرة "2" ).

5- انفراد المجمع العلمي العراقي بقطع همزة الوصل

"معجم الأغلاط اللغوية المعاصرة" للأستاذ "محمد العدناني"

فوجئت بأنه في مادة فتو أجرى استفتاء أول برقم (1444) هذا نصه الممتد من ص498 إلى ص499: (... ننقل إليكم في أدناه موجز ما أقره مجلس المجمع العلمي العراقي في جلسته المنعقدة في 11/4/1972 حول كتابة همزة الوصل واقعة في أول الكلام: يفضل المجمع العلمي العراقي أن تعامل همزة الوصل حين ترد في أول الكلام معاملة همزة القطع في الرسم؛ أخذا برأي أكثرية علماء رسم الحروف، وتجنبا للوهم في النطق، فهي: أ- تنطق وتكتب تحت الألف ومن تحتها الكسرة في حالة الكسر، وذلك مثل: إِبتدأ العمل يوم كذا، إِستغفر الله، إِعلم زيد. ب- تنطق وتكتب فوق الألف وفوقها فتحة في حالة الفتح، وذلك مثل: أَل، وأَيمن. ج- تنطق وتكتب فوق الألف وفوقها ضمة في حالة الضم، وذلك في الأمر المضموم العين، مثل: أُكتب يا زيد، وفي الماضي المبني للمجهول، نحو: أُنْطلق به. ... مع مزيد التقدير. ثم وقع باسمه وصفته: الدكتور عبد الرزاق محيي الدين رئيس المجمع العلمي العراقي).

6- حول (إحياء النحو)

إن لم يسمع كلنا بكتاب "إحياء النحو" للأستاذ إبراهيم مصطفى وكاتب تصديره الدكتور طه حسين- فقد سمع جلنا بذلك نظرا إلى ترويجه من الكثيرين. وإن كان قارئو الكتاب قلة قليلة فإن قارئي الكتاب الذي صحّح خطأه وقوّم عوجه ندرة نادرة. ما هذا الكتاب؟ إنه كتاب "النحو والنحاة بين الأزهر والجامعة" للأستاذ محمد أحمد عرفة - الذي أنصح بقراءته- الذي تصدى لتوضيح الصواب ونفي الجهل، والذي قال فيه ص146: (جاء المستشرقون والأستاذ إبراهيم مصطفى فنظروا إلى العوامل والحركات الإعرابية فقط فلم يجدوا بينها مناسبة تقضي برفع أو نصب أو جر، فحكموا بتخطئة النحاة في نسبة العمل إليها؛ فقد بدءوا من حيث يجب ألا يبدءوا وانتهوا إلى حيث يجب ألا ينتهوا. ولو فعلوا ذلك لأدركوا سر نسبة العمل إلى هذه العوامل ولخففوا من هذه الحملة على النحويين، لو فعلوا ذلك لأدركوا تلك الوسائط من فاعلية موجبة للرفع ومفعولية موجبة للنصب ومن إضافة موجبة للجر، ومن أسباب محدثة لهذه المعاني هي الكلمات التي سموها عوامل، وهذا الارتباط هو الذي سوغ نسبة العمل إليه). وعلى الرغم من ذلك فإن من يتابع (فضائية العراق التربوية) في مقرر (قواعد اللغة العربية ) للسادس الإعدادي الذي يناظر الثالث الثانوي عندنا- يجد الأثر الواضح لكتاب (إحياء النحو) للأستاذ إبراهيم مصطفى الذي نادى بالترتيب على المعاني لا على نظرية العامل النحوي. كيف؟ تُضم كل جزئيات المعنى الذي يمثل الباب أي العنوان في مكان واحد بغض النظر عن عملها النحوي؛ فتحت معنى (النفي) تُجمع كل أدوات النفي الحرفية والاسمية والفعلية، وهكذا الاستفهام، و.... وهم بهذا أدخلوا مباحث (علم المعاني) في مسائل (علم النحو)؛ لذا سموا الفرع (قواعد اللغة العربية)، والصحيح الفصل حفظا لموضوع العلمين اللغويين.

7- الإعراب على العارية

نقلت في كتابي (معجم إعراب الاسم الموصول) الصادر في جمادى الأولى 1425هـ ويونية 2004م ص156- قول الشيخ يسن العليمي قائلا: (يقول الشيخ يسن العليمي في حاشيته على "شرح التصريح على التوضيح"، الجزء الأول ص137- عن سر ترك إعراب "أل الموصولة"، وهي الداخلة على المشتق كـ"أل" من "الضارب، والمضروب": (وأما "أل" قال اللقاني: قال الرضي: كان حق الإعراب أن يدور على الموصول، فلما كانت اللام الاسمية على صورة الحرفية نقل إعرابها إلى صلتها عارية). ويقول الدكتور محيي الدين درويش في (إعراب القرآن وبيانه) عند إعراب قوله تعالى: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ (22) } [الأنبياء: 22، 23]: [لو امتناعية، وكان فعل ماض ناقص، وفيهما خبر كان المقدم، وآلهة اسمها المؤخر، وإلا بمعنى غير صفة لآلهة ظهر إعرابها على ما بعدها]. أي عارية. وقد كتبت مقالا عنوانه (الإعراب على العارية) نشر على المجلس العلمي في 22/7/2009م جمعت فيه شواهد من الأعاريب التطبيقية على الإعراب على العارية.

8- الإعلال والإبدال .. المطبخ اللغوي

(الإعلال والإبدال) باب صرفي - أسميه المطبخ اللغوي؛ لما يحدث فيه من عمليات تفسر المستوى السطحي للغة- يظهر فيه أثر علم الأصوات وتطبيقاته المبنية على قانون تقليل الجهد العضلي بإلغاء الثقل الناشئ من التشابه بإحداث اختلاف، وإلغاء الثقل الناشئ من الاختلاف بإحداث التشابه. وقد قلت أهميته عندما تبنّى بعض أساتذة الجامعة المنهج الوصفي المعنيّ بالمستوى الظاهر في اللغة ويهمل ما عداه أو ما وراءه؛ فلا يعلل ولا ينقب. ثم عادت مرة أخرى عندما تبنّى أساتذة آخرون المنهج التحويلي التوليدي المعنيّ بما وراء المستوى الظاهر للغة الذي سماه البنية السطحية- الذي هو البنية العميقة.