منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 2 من 2
  1. #1

    من «ليالي الحلمية» إلى دراما «الكومباوندات» ......

    من «ليالي الحلمية» إلى دراما «الكومباوندات» ........ (مقال منقول)
    بقلم: د. أحمد مروان
    في عام 1991 أثناء عرض مسلسل ضمير ابلة حكمت هللنا وصفقنا فرحًا عندما انتصرت ابنة «بياع الكبدة» على ابنة الحوت الكبير ورجل الأعمال الذي تحكم بمقادير الأمور، وكان هذا الانتصار عن طريق «أبلة حكمت» وضميرها الذي أعاد الحق لأهله. وكأنه كان انتصار لنا الطبقة المتوسطة.
    كانت المسلسلات في ذلك الوقت في ماسبيرو تضع نصب أعينها دائمًا الطبقة المتوسطة، فكانت تصنع معظم البرامج والمنوعات وكل أعمالها الدرامية وفي الحسبان أن جمهورها المستهدف من الطبقة المتوسطة والذي يشكل أكثر من 80% من تعداد المشاهدين.
    ساعد على ذلك أنه وقت أن بدأت دراما ماسبيرو في الانتشار كان هناك أفضل «المؤلفين، الفنانين، الشعراء، الموسيقيين، ….». باختصار دراما الطبقة المتوسطة.
    كانت الدراما المنتجة في العقود الماضية يتخصص في كتابتها مجموعة واعدة من ألمع مؤلفي الدراما، مؤلفون خرجوا من حواري المحروسة وتشربوا أصالتها وأدركوا الفرق بين الغث والثمين ، تعبوا كثيرًا حتى استطاعوا أن يحجزوا لأنفسهم مكانًا بين عمالقة الأدب والتأليف وقتها، مؤلفون خرجوا إلى النور من عبق الطبقة المتوسطة المصرية ورأوا فيها كل الخير وكل الصلاح.كانت الأعمال تُكتب بهدف التسلية والتسرية و«الإصلاح» وإعطاء الهدف والقيمة، وإلا فإن كل ما يشاهده جمهورهم هو مجرد تضييع للوقت لا فائدة ولا طائل منه.أضف إلى ذلك أيضًا أجيالاً من الممثلين الذين خرجوا إلى النور من رحم الطبقة المتوسطة وكذلك مخرجين.من منا يستطيع أن ينسى مسلسل «أبنائي الأعزاء شكرًا» للمبدع الراحل عبد المنعم مدبولي والذي أُنتج وعُرض في عام 1979؟ والأثر الذي أحدثه في المجتمع المصري، بل أنه جسّد بقدر كبير روح الأسرة المصرية في سبعينيات القرن الماضي.
    ومن المفارقات الملفتة أن الرئيس الراحل أنور السادات كان أحد المتيّمين بهذا العمل التليفزيوني الرائع، وكان يقول: «كنت أتابع المسلسل وألغي أي ارتباطات لأشاهده في موعده، وكنت أسجله لأشاهده مرة أخرى قبل النوم».
    من منا ينسى ملحمة «ليالي الحلمية» والتي أُنتج وعُرض جزؤها الأول في عام 1987؟ من منا ينسى كيف سلطت الضوء على مجتمع الطبقة المتوسطة المصرية وأظهرتهم في شكل المثقفين، الثائرين، المحبين لوطنهم، المحركين الفعليين لكل الأحداث والثورات في التاريخ المصري؟ وكيف كان الموظف المصري البسيط له احترامه وكيانه؟ وكيف كان الطالب الجامعي له الدور الإيجابي المحرك لكل أبناء «حتته»؟ وكيف كان يحترم الناس مثقفيهم ومتعلميهم؟ هذه هي «ليالي الحلمية» التي صيغت في 5 أجزاء أبدع في كتابتها المبدع الراحل أسامة أنور عكاشة وأخرجها للنور المخرج الكبير الراحل إسماعيل عبد الحافظ، ناهيك عن كوكبة الممثلين والعاملين خلف الكواليس.من منا لم يتأثر بضمير «أبلة حكمت» النقي الذي فرض الحق والصلاح بأسلوبه وقوته، والتي استمدها من حب الناس وتقديرهم لصاحبته «أبلة حكمت» سيدة الشاشة العربية الراحلة فاتن حمامة.
    «ضمير أبلة حكمت» أُنتج وعُرض في عام 1991، طبعًا من تأليف الراحل أسامة أنور عكاشة. هذا المسلسل تحديدًا يرسخ لفكرة المُعلِّم الأب القدوة المثل، كيف صنعت «أبلة حكمت» القدوة لكل المعلمين وكانت حصن الأمان والملاذ لكل طلابها؟ كيف فرضت رأيها الصائب على من علاها من القيادات والمناصب بفضل حب واحترام طلابها وزملائها لها؟ هذا المسلسل تحديدًا يعتبر من العلامات في تاريخ الدراما المصرية.
    من منا يستطيع أن ينسى «الشهد والدموع» والذي أُنتج وعُرض في عام 1984، وكيف كان الصراع بين أبناء الأسرة الواحدة على الميراث؟ الأم الرائعة التي عنيت بتربية أبنائها حتى رأتهم في أفضل المراكز؟ كيف كان الصراع والكراهية بين أبناء العمومة، حتى استطاعوا في النهاية أن يؤلف الحب بين قلوبهم ويعودوا من جديد أسرة واحدة؟
    أعتبر هذا المسلسل نموذجًا من أروع الأعمال للطبقة المتوسطة بصراعاتها، بصبرها وجلدها، بالصمود وقت الشدائد، ببلوغ الهدف.
    وصاحبَ هذه الأعمالَ موسيقى وتترات غنائيةٌ راقيةٌ جدًا، جعلت العمل يحيا في قلوب من أحبوه لآماد بعيدة، حتى أن هذه التترات الغنائية ما زال الجميع يسمعها منفردة حتى وقتنا هذا، من فرط جمالها وروعتها.في الواقع، الذاكرة ممتلئة بالعديد والعديد من الأعمال الراقية في تلك الفترة وحتى بداية الألفية الثالثة ومعظمها موجه للطبقة المتوسطهلو ذكرنا بعض الأسماء على سبيل المثال، هناك مسلسلات: أرابيسك، زيزينيا، الضوء الشارد، ذئاب الجبل، سوق العصر، هو وهي، أوان الورد، بوابة الحلواني، العائلة والمال والبنون، وغيرها العديد من الأعمالساعدنا على ذلك أنه لم تكن هناك قنوات فضائية بالآلاف، ولا إعلام خاص كل همه الربح وكسب الأموال من جراء زيادة المشاهدات ولو في مقابل الجودة والأعراف والآداب العامة للمجتمع. كل الحكاية كانت عندنا قناتان وزادوا إلى ثلاث في نهاية الثمانينات.في نفس الوقت كان دور ماسبيرو في صناعة الدراما هو الأساس ولا مجال للإعلام الخاص إلا قليلًا، لذا فقد كانت جودة العمل وارتباطه بالمجتمع وقيمته وأهدافه، هي الأساس، وليس الربح و«الفرقعة» هو الهدف.عندما بدأ دور ماسبيرو يضعف وصناعته للدراما تكاد تختفي، مع انتشار الإعلام الخاص كالنار في الهشيم، بدأ عندها السقوط المدوي للدراما المصرية، وتغيرت المعادلة، من دراما هادفة تُصنع لتصل إلى السواد الأعظم من الشعب وهم أبناء الطبقة المتوسطة، والجودة عاملها الرئيس ومن بعد ذلك الربح، إلى دراما تُصنع لتجلب أكبر قدر من المشاهدات بغض النظر عن الهدف والجودة والمضمون.أصبحت الدراما الآن لا ترى في المجتمع إلا فئتين اثنتين لا ثالث لهما؛ فئة «البروليتاريا» المهمشين: «اللي بيكحوا تراب ومش لاقيين اللضة»، وفئة الناس «العلِّيوي» الأكابر الذين يملكون المال ويتقلدون أرفع المناصب ويحصدون كل الامتيازات. داخلها تجد الشباب الغني الذي لا يعاني من أي مشاكل في الحياة سوى أن حبيبته هجرته، أو يريد السفر لدراسة الإخراج في هوليوود ولكن «دادي» معترض ويريده معه لإدارة سلسلة شركاته.باختصار، دراما بعيدة كل البعد عن واقعنا وعن حياتنا مشاكلنا وهمومنا، بعيدة عن البيت المصري «اللي بجد»، بعيدة عن أفراحه وأتراحه، بعيدة عن الشارع والجمهور الذي يشكل الآن أكثر من 95% من تعداد هذا الشعب.عندما يأتي ذكر الطبقة المتوسطة في الدراما الآن تجد صورة الراقصة والبلطجي، المدمنين، تجار المخدرات، المهمشين، الحرامية، أي شيء مشين ومعيب.أصبحت الطبقة المتوسطة الآن في الدراما تخاطب المجتمع بأهداف على غرار: عيش بلطجي تكن محترمًا ولك هيبة، أو لازم يكون معاك فلوس ولو من السرقة أو من أي سكة حرام علشان تبقى محترم، أو الراقصة لازم تعمل كده علشان لقمة العيش، أو الشاب ده متعلم وبتاع كتب يبقى تافه وملوش قيمة ويبقى مضحكة الناس طوال المسلسل، وغيرها من الأفكار الهدَّامة الكارثية التي من شأنها هدم أي مجتمع.من أجل هذا أصبح اسمها دراما «الكومباوندات» لأنها تناسب طبقة من يسكنون بالـ «كومباوندات» ولا علاقة لها ب أبناء الطبقة المتوسطة.في النهاية، دعونا نتذكر بشيء من الحنين والخشوع زمنًا كنا فيه مبدعين بحق.كاتب الموضوع د. أحمد مروان
    تعددت يابني قومي مصائبنا فأقفلت بالنبا المفتوح إقفالا
    كنا نعالج جرحا واحد فغدت جراحنا اليوم ألوانا وأشكالا

  2. #2
    للرفع وأعاده القراءة وشكرا
    تعددت يابني قومي مصائبنا فأقفلت بالنبا المفتوح إقفالا
    كنا نعالج جرحا واحد فغدت جراحنا اليوم ألوانا وأشكالا

المواضيع المتشابهه

  1. دراما رَمضانِيّة
    بواسطة عدنان كنفاني في المنتدى فرسان الفني
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 07-29-2013, 10:09 AM
  2. الإضراب عن الطعام حلالا أم حراما؟
    بواسطة رضا البطاوى في المنتدى فرسان المواضيع الساخنة.
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 09-27-2011, 12:52 PM
  3. وليد سيف:كل عمل تاريخي هو دراما معاصرة
    بواسطة ملده شويكاني في المنتدى فرسان الفني
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 08-27-2011, 07:42 PM
  4. دراما الأطفال /هل توقفت عند كان يا ما كان..؟
    بواسطة ملده شويكاني في المنتدى دراسات في أدب الأطفال
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 05-07-2011, 01:39 PM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •