قبل سنوات كانت القصيدة إهداء للشاعر عبدالرشيد غربال ذكره الله بالخير :

ذهبية الآمالِ صرتِ حديدا
صدأ تآكلَ لا يعودُ جديدا

تنسينَ إحساني فلو أذنبْتُ ما
تنسين ذنبا لم يكنْ مقصودا

لا بلْ ذنوبي أن صببتُ مودّتي
ونثرتُ في فجّ الوداد ِ ورودا

لله ساحرةٌ أذمّ جحودَها
وأظلّ أحضُن طيفها الممدودا

صورٌ لها في خاطري عاينتها
وجهاً وإمّا شئتُ أبصرُ جيدا

وأظلّ أحسد عينها وخدودَها
(عجبًا خلقتُ لمن أحبّ حسودا)

ناريّة مائية حالاتُها
آهٍ بها أمسى الفتى معمودا

آماله قُتِلَتْ بجفوة ظبيةٍ
قد كان يهديها المساء نشيدا

منحَ الوداد لها وكان يظلّها
ويحوك من ماء القصيد عقودا

لا لا تظنّي إنني لك كارهٌ
ليس المحبّ إذا أحبّ حقودا

فإذا رحلتِ اليوم ضاحكة أنا
أرقي نحوسَك كي تكونَ سعودا

إنّي عشقتُك مثلما بنتي وما
أقسو عليك إذا أطلتِ صدودا

أنسيتِ لمّا شرّدتْكِ شدائدٌ
ولقيتِ أمراً لا يُطاقُ كؤودا

أسكنتكِ القلب الذي جافيتهِ
وقسمتُ أنفاسي عليكِ ودودا

فجحدتني والقلب راضٍ إنني
ما لمتُ جاحدةً ولا مجحودا !!

هذي سجايانا فأنت كفورةٌ
وأنا الذي أعطى الصفا جلمودا

لا بل ألومُ شمائلي وسجيّتي
حتى أُبدّلَ فاتكًا صنديدا !!

أنا لا أمنّ وإنّما عتبي عسى
لك ِ أوبةٌ لمّا غدوتِ حديدا !!

هذا هو الإنسان يجْحدُ ربَّهُ
لا غرو إن جحدَ العبيد ُعبيدا

دع ْ ذكرِ غانيةٍ ودعْ عبثاتِها
سحرتْكَ حتى لا تطيق وجودا

واجعلْ قصيدكَ في فتى ًأخلاقُهُ
ما كنتَ تحسبُ مثلهُ موجودا

كم قلتُ ماتَ الأوفياء وطبعُهُ
ردّ المقالة ...أحسنَ التفنيدا

أعني الفتى عبدالرشيد فما ترى
شرواهُ ذلكَ من أعدّ فريدا !!

كمْ دثّر الأشعارَ منْهُ قدِ اكْتستْ
تلك َ المعاني في السطورِ برودا

أنقٌ يزيّنُ مجلسًا بحضورهِ
هو جدولٌ يسقي الصفاء صريدا

ويظلّ مشتعلَ الفؤاد لغيرةٍ
إن يلحنِ الشعراء يُمسِ كميدا

فكأنّما لغةُ الأعارب أرضُهُ
ويودُّ فيها أن يموتَ شهيدا

قد هذّبَ الأرواحَ والأطباعَ والآ
دابَ والألحانَ والتغريدا

تهجو الملوك َقصائدي ولمثل منْ
ملكَ البيانَ أرى الثنا محمودا

إنّي لأفدي ماجدًا يعتامُهُ
شعري بهِ تلقى الرؤى تمجيدا