الدكتورة هزار مهايني، مقيمةٌ في كندا منذ عقدين ونصف من الزمن، أسست في مدينة الريحانية، في تركيا، مدرسة السلام منذ عامين لتستوعب 300 طفلة وطفل من أبناء اللاجئين السوريين القاطنين خارج مخيمات اللجوء. ثمة عبارة تعريفية صغيرة على صفحة المدرسة تقول "هذا المشروع هديةُ متواضعة من الجالية السورية في كندا لإخوانهم السوريين في تركيا ولإرجاع الحق الطبيعي بالتعليم والأمل والمستقبل لأبنائنا".يَدرس في هذه "الهدية المتواضعة" الآن قرابة ألفي طفلة وطفل وشابة وشاب من السوريين، تتم خدمتهم على خمس نوبات في اليوم، تبقى فيها المدرسة مفتوحةً لأكثر من 15 ساعة. التعليم في المدرسة مجانيٌ بالكامل، ويقوم بمهماته طاقمٌ يضم أكثر من 70 معلماً وإدارياً وعاملاً في مختلف المجالات. وإضافةً إلى تعليم المواد الدراسية، تُقدم المدرسة دورات حاسوب وتعليم لغات وتعليم مهني ونشاطات رياضية وترفيهية، فضلاً عن الرعاية الطبية وتأمين المواصلات، مع وجود فريق للدعم النفسي وتأمين الدعم الاستشاري لمساعدة الطلبة على الحصول على القبول والمنح الدراسة في الجامعات. كل هذا مع توفير قاعة حاسوب حديثة ومخبر للعلوم ومكتبة ومطبخ و.. حديقة حيوانات صغيرة!..هذه (معجزةٌ بشريةٌ صغيرة) في حقيقة الأمر.. وهي في نهاية المطاف حصيلةُ دعم وعطاء سوريين يقومون بمتابعة شؤون المدرسة ورعايتها لتستمر في القيام بمهمتها على الوجه الأكمل عن طريق مؤسسةٍ مسجلة في كندا باسم Syrian Kids Foundation. لكن (دينامو) المشروع، كما يقولون، هو الدكتورة مهايني التي يسكن قلبها وعقلها في المدرسة حتى حين تكون جسدياً في مونتريال. بل إن هذا النموذج المتميز للمرأة السورية لا تكتفي بذلك، فهي، حالَ وجودها في كندا، تبقى متابعةً للمدرسة من لحظة افتتاحها إلى وقت الإغلاق عن طريق خمسة حسابات (سكايب) تبقى مفتوحةً تتواصل من خلالها مع إدارة المدرسة طوال الليل، بسبب فارق التوقيت بين كندا وتركيا.رغم هذا، تضحك الدكتورة في لقائها مع مراسل قناة NBC الأمريكية وترفض توصيفهُ حين ذكرَ في التقرير بأنها (امرأةٌ غيرُ عادية). أذيع التقرير في واحدٍ من أشهر البرامج المسائية الإخبارية وأكثرها متابعةً في أمريكا NBC Nightly News، حيث لفتَ المشروعُ انتباه القناة فأرسلت طاقمها يتابع الدكتورة وعملها على أرض الواقع.. "تجد المهايني وقتاً للحديث مع كل طالب وطالبة بشكلٍ منفرد" يقول المذيع والشاشة تعرض مشاهد من المدرسة، ثم يتابع قائلاً: "لكنها لاتكتفي بهذا، بل تجد وقتاً لزيارات أماكن إقامة الطلبة بعد يوم عملٍ طويل لمتابعة أحوالهم وحث الأهل على الاستمرار في إرسال أبنائهم إلى المدرسة والاهتمام بالتعليم".