منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 2 من 2
  1. #1
    Moderator
    تاريخ التسجيل
    Feb 2011
    الدولة
    فلسطين - رام الله
    المشاركات
    355

    وسـوى الـرومِ خـلـف ظـهـرك رومٌ !

    ( وسوى الـرومِ خـلـفَ ظـهـرك رومٌ )

    الخـيانـة : وصـمة الـدهـر ، وطـعنـة في الظـهر !

    الخيانة ممقـوتة في كلّ شرعة وملّة ، منبوذة عند كلّ مَن فيه مسكة من عـقل ، أو وخـزة من ضمير ، أو نفحة من إنسانية ، أو شـوْب من كرامة آدمية ، أو عِـرق من سلالة بشريّـة !
    وإن رُمت على مقـت الخيانة برهاناً فهذا « أبو رغال » الدليل العربي لجيش أبرهة ، فما كان الأحباش يعرفون طريق مكّـة ومكان الكعـبة ، وكلما جاؤوا بدليل من العرب ليدلهم على طريق الكعبة رفض وامتنع مهما عرضوا عليه من مال ومتاع ، ولم يرتضِ لنفسه هذا العمل الخسيس إلا أبو رغال ، فخرق بذا شريعة العرب التي تـتسامى عن الخيانة وتـتعالى على الخائنين ، فكان جزاؤه من جنس عمله أن نُعِـت كلّ خائن من العرب بعده بأبي رغال ، فغدا أبو رغال رمز الخيانة العربية !
    من أجل ذلك : ظلت العـرب لسنين عديدة قبل الإسلام ترجم قـبر أبي رغال ؛ إفـصاحاً عن احـتقارها للخيانة والخائنين ، بل جعلوا رجم قـبره جزءًا من شعائر الحج وقـتـئذ .
    ذلك أنّ الخيانة : نهج النفوس الوضيعة الرخيصة التي تـشرى بأي ثمن ، فهي عارية من الديانة ، منسلخة عن الأعراق والأنساب.
    واذكر في هذا السياق ، سياق الخيانة والخائنين : ابنَ العـلقميّ ، اسْمٌ يَدُلُّ عَلَى الخِيَانَةِ وَالغَـدْرِ ، اسْمٌ يَدُلُّ عَلَى سُقُوْطِ الدَّولَةِ العَبَّاسِيَّةِ ، اسْمٌ يَدُلُّ عَلَى مُوَالاَةِ الكُفَّارِ ، اسْمٌ لاَ يَخْلُو مِنْهُ عَـصْرٌ أَو مِصْرٌ ، اسْمٌ لاَ يَخْلُو مِنْهُ كِتَابٌ سُـطر فِيهِ التَّارِيْخُ الإِسلاَمِيُّ .
    وملخصُ خيانة ابن العلقميّ أنه : كان وزيراً للخليفةِ العباسي المستعصمِ الذي كان فيه لينٌ وعدمُ تيقـظٍ ، فكان هذا الوزيرُ يخـططُ للقضاءِ على دولةِ الخلافةِ ، فاستغل منصبهُ وغـفلةَ الخليفةِ لتـنفيذِ مؤامراتهِ ضد دولةِ الخلافةِ ، فأضعف الجيش ، وكاتب التـتارَ ، وأطمعهم في أخذِ البلادِ ، وسهّـل عليهم ذلك ، وحكى لهم حقيقةَ الحالِ ، وكشف لهم ضعفَ الرجالِ [ البداية والنهاية : 13/202 ] ونهى العامة عن قـتالِ التـتارِ ، وعمد إلى تـثبيط الخليفةِ والناسِ [ منهاج السنة : 3/38 ] في الوقت الذي زيّـن فيه للتـتار قـتل الخليفة ، ولم يُر في الإسلامِ ملحمةٌ مثـلَ ملحمةِ المسمّين بالـتـترِ ! [البداية والنهاية : 13/203 ]
    وعلى شاكلة ابن العلقـميّ الوزير شاور بن مجير السعدي ، وزير مصر في عهد الحروب الصليبية ، كان رجلا خطيرا ، طلب مساعدة ملك دمشق نور الدين زنكي فـأرسل له أسـد الـدين شيركوه وصلاح الدين الأيوبي لإنقاذ مصر ، فـغدر بهما شاور بالتأمر مع الروم فقتلاه .
    وبالمقابل : اذكر في صفحات المجد : « سيف الدولة الحمداني » فـفي الوقت الذي أمضى فيه عمره يقاتل الرّوم وحده ، ويدافع عن الأرض ضد الغزاة الطامعـين ، كانت الرزيّـة تأتي مِن قِـبل مَنْ يكيدون له مِن وراء ظهره ، وحسبك قول المتـنبي الذي يمدح فيه سيف الدولة ويحذره قائلاً له :
    أنتَ طُولَ الحَـيَاةِ للرّومِ غــــــــازٍ
    فَمَتى الوَعْـدُ أن يكونَ القُـفـــــولُ ؟
    وَسِوى الرّومِ خَـلفَ ظَهـرِكَ رُومٌ
    فَعَــلَى أيّ جَانِبَيْــكَ تَمـِيــــــــــلُ ؟
    والروم الذين أمام سيف الدولة وأمامنا نـراهم ويرونـنا ، ونـعرفهم بسيماهم وأسمائهم ، فـنأخذ حِذرنا منهم واحتراسنا ، لكن ما ظنـك في «الروم» الذين يقـفون خـلف ظهرك ؟! يكيدون ضدّك ، ويمكرون لتشتيت أمرك ، وإبطال بأسـك ، وإخماد وهـجك ، وتمييع قيمك ، وتصفية قضيتـك ، ويرونك من حيث لا تراهم !!
    وما أمـقـتَ خائن اليوم مقارنـة بخائن الأمس ، وفي كلٍّ شـرّ وشِـقـوة وتـعْـس ، ورجس ودَنـس : فـقـد ودّع الناس عـصر «الخائن» التقـليدي ، وأطلّ علينا الخائن الأخطر ، الخائن ذو الحداثة ، الذي تصنعه دول وكيانات ، وتسوّقه مؤسسات ومنابر ومظلات ، الخائن الذي يأتيك بمسميات مختـلفة محفوفة بهالة إعلامية تسرّ الناظرين ، ليعـمل تحت الشمس بصفات وأسماء وشعارات مختـلفة.
    وبينما خائن الأمس الخائن التقليدي غاية أمره في بشاعة صُنـعه أن يدلّ الأعداء على الطريق ، أو يسلّمهم المقاليد ، أو يفتح لهم باب الحصون والقلاع ، أو يبصّـرهم بالـثغـرة ، ويزوّدهم بالمعلومة ، أو يحـدّثها ويجدّدها لهم ، في حين الخائن المعاصر هو مَن يصنع الثغـرة ويشق الطريـق ، ويزيّن أفعال العِـدى ، ويجمّـل مكرهم ، وربما جعل الناس يحـتفون بوجودهم !
    غير أنه ما من خائن إلا سيؤول أمره إلى افـتـضاح وفـضوح ولو بعـد حيـن ، وسيذكره التـاريخ وهو يحـفه باللعـنات ، ويُـتبعه بالـثبور والويلات !
    فكما كشف التاريخ أبا رغال ، أوّل عربيّ خان أمته قبل الإسلام ، كشف أولَ زعيم عربي خان أمته بعد الإسلام جهاراً نهاراً ، وتآمر عليها ، وقاتـل في صفوف الأعداء في الأندلس ألا وهو «سليمان بن يقظان القضاعيّ الأعرابي» حاكم برشلونة يومئذ ، فـتـبّـاً لهم وسـحـقـا !
    وخـتاماً : مَن أحبّ المكارم غار على المَحارم ، أمّـا من نزعَ جـلده ، وانسلخ من أصالـتـه ، وتـنكّر لقـضايا أمتـه ، ولـوّث معالم الهـوية ، من طـرف خـفيّ أو جـليّ ، وأصيبت غـيْرته على عـقيدته وأوطانه ومقدساته وأبناء وطنـه وملّتـه بخـدش أو مِقـراض .. فقد خان ، ومَن خان هان واستـكان ، وليرتـقـب بعـدها مَعـرّاتِ الانْحِـدار، وعـواقِـبَ البَوار.. ( وأنّ الله لا يهدي كيد الخائنين ) يوسف 52

  2. #2

    رد: وسـوى الـرومِ خـلـف ظـهـرك رومٌ !

    وماأكثرهم..لللأسف ، والأهم التيقظ والوعي.
    جزاك الله خيرا
    وكل عام وأنتم بخير دكتور
    من صد جازيته بصده وصديـت** ومن يتبع المقفي يقل احترامـه
    وكانك نويت تذل هالراس اخطيت** والله لتبطي مانزل مـن مقامـه
    انا ترى لاقفيت000 ياهيه اقفيت** ماعاد ارجع لو تقـوم القيامـه
    انا بشموخي عن غرامك تعليـت ***ولاخيرفي حـبٍ يـذل بغرامـه

المواضيع المتشابهه

  1. طريقة مبتكرة لزراعة الأراضي الصحراوية وسفوح الجبال
    بواسطة أبو فراس في المنتدى فرسان أخبار العلوم.
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 11-25-2011, 03:37 AM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •